الجزيرة:
2025-07-31@10:13:16 GMT

من هو النبي المفقود روبين؟

تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT

من هو النبي المفقود روبين؟

افتقرت المصادر التاريخية لتفاصيل كافية عن المقام الذي يقع في قرية النبي روبين الواقعة جنوبي غرب الرملة، وعلى بعد 14 كيلو مترًا تقريبًا من مدينة يافا، على الضفة الجنوبيَّة لنهر روبين، والذي عرف في مواضع عدَّة من الوثائق الفلسطينية باسم وادي صرار أو سوريك، ويبدأ النَّهر مسيرته من منطقة القدس، حيث تتجمَّع مياه الأمطار فتشكّل مجموعة من الأودية، وتسير حوالي ستة وعشرين كيلو مترًا حتى تصب في البحر الأبيض المتوسط، وإلى الشرق من المقام هناك بعض المباني التابعة لوزارة الأوقاف العثمانيَّة.

روبين النبي المفقود!

يُعتقد أن في القرية قبر النبي روبين الابن البكر ليعقوب من زوجته ليئة، أول من ذكر ذلك هو الرحّالة المسلم المعروف في القرن الثاني عشر، أبو حسن الهروي، الذي ذكر أثناء مروره في مدينة الرملة عام 1173: "خارج مدينة الرملة، غرب البحر الميت وعلى مقربة منه، يقع قبر روبين".

ومن الصعب فهم كيف ولدت هذه القناعة لدى الهروي؛ بأن روبين النبي هو الذي يرقد في القبر! إذ من غير المعروف من أين نبع مصدر التقليد فيما يتعلق بمكان دفن روبين.

علاوة على ذلك، فقد قدمت بعض المصادر الإسلامية عددًا من الاحتمالات لمكان دفن النبي روبين، من بينها أنه دُفن في جنوب يافا، مكان وجود المقام، والاحتمال الثاني أنه دُفن في قرية كابول في الجليل الغربي، والاحتمال الثالث أنه دُفن في مقبرة في جبل المقطم بمصر.

إعلان

على أي حال، فقد تبنى اليهود المقام وأعلنوه مكان دفن روبين، على الرغم من عدم وجود تقليد يهودي يتضمن أي ذكر لموقع دُفن فيه روبين.

كما أنه لم تظهر في الحفريات الأثرية أي دلائل قادرة على تحديد مكان معين واعتباره مكان دفن روبين، أيضًا فقد وجد الباحثون صعوبة في الاتفاق بينهم على الفترة الأثرية التي تتوافق وتربط بين جغرافية فلسطين، وشخصيات «الكتاب المقدس». ما دفع عالم الآثار الأميركي المتخصص بالتاريخ «الكتابي»، وليم ج. ديفر (William G. Dever)، إلى القول دون مواربة: "لقد تخلينا عن الآباء، فتلك أصبحت قضية ميتة".

مصدر التقليد

من الصعب فهم كيف وُلدت القناعة فيما يتعلق بمكان دفن روبين، دون الرجوع إلى التراث المحلي الذي كان يقدس بعض الأماكن قبل الإسلام، ومع انتقال السكان المحليين من معتقداتهم الوثنية إلى التوحيد، نقلوا معهم القدسية الملازمة للمقامات المقدسة القديمة؛ كي تتكيّف مع الأوضاع الاجتماعية والسياسية والدينية المتغيّرة.

فمن المُعتقد أن مقام النبي روبين أقيم في موضع هيكل كنعاني، وبقي السكان يحملون لهذه البقعة التقديس والاحترام، بعد أن استبدلوا ديانتهم، إلا أنهم حولوا ذلك التقدير بما يناسب معتقداتهم الدينية الحديثة.

فقد تبنَّى الإسلام الشعبي شخصيات "الكتاب المقدس" سياسيًا، عندما أدرك الحكام المسلمون أنها يمكن أن تساعد على حشد الدعم الشعبي الكبير الذي يحتاجون إليه في الحرب ضد الفرنجة.

ضمن هذه السياسة، أصدر الأشرف خليل بن قلاوون أوامره بين العامين 1291- 1293 إلى حاكم غزة تمراز الأشرفي لإقامة مبنى فوق ضريح النبي روبين.

ويشير د. محمود يزبك، كبير المحاضرين في جامعة حيفا، إلى أنه تم العثور على نقش، في سنة 1933، كان متضررًا جدًا، على لوح رخام مثبت فوق باب المدخل في المقام، ونقرأ فيه ما يلي: «سعادة سيف الدين… تمراز المؤيدي الأشرفي، حاكم غزة، الآمر ببناء هذا القبر المبارك لنبي الله، رو[بين]، ع[ليه] السلام… ».

إعلان "يا بتروبني، يا بتطلقني"!

أصبح المقام، على مر الأجيال، موقع زيارة موسمية للسكان المسلمين في السهل الساحلي الفلسطيني، بما في ذلك للمدن القريبة مثل: يافا، والرملة، واللد، ويبدأ موسم النبي روبين مع بداية الشهر القمري بين أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول، ويستمر شهرًا كاملًا.

كان السكان يتوافدون إلى المقام من يافا، واللد، والرملة، ومن قرى المنطقة. وكانوا ينشدون الأناشيد الدينية والدنيوية الشعبية، ويرقصون الدبكة، ويقيمون الأذكار، ويشاهدون سباقات الخيل والألاعيب السحرية، ويستمعون إلى الوعاظ أو إلى الزجالة.

وكان المشاركون في هذه الأنشطة يقيمون في خيام يضربونها حول الموقع، وتقدّم لهم المرطبات من مقاهٍ ومطاعم مؤقتة. وكانوا يشترون البضائع من أكشاك تقام هناك لهذه الغاية.

ولموسم النبي روبين شهرة بين النساء اللواتي يركزن على ارتياده، حيث تطلب المرأة من زوجها وبإلحاح زيارة المقام وتخيره بين الذهاب والطلاق إذا رفض. فيقلن لأزواجهن "يا بتروبني، يا بتطلقني".

استمر موسم النبي روبين كل عام حتى نكبة عام 1948، فقام العدو الصهيوني بالاستيلاء على الموقع والقرية الصغيرة المجاورة له. ويذكر المؤرخ الصهيوني بِني موريس أن سكانها طُردوا في 1 يونيو/ حزيران 1948، قبل ثلاثة أيام من إجبار سكان يبنة المجاورة على مغادرة منازلهم.

وكانت عمليات الطرد هذه تنسق مع ممارسات لواء غفعاتي بقيادة شمعون أفيدان، ومع خطة دالت التي وضعتها الهاغاناه.

في سنة 1949، أنشأ الصهيونيون "كيبوتس بلماحيم" على أراضي القرية المحاذية للساحل، جنوبي مصب نهر روبين. كما أنشؤُوا على أراضي القرية مستعمرة "غان سوريك" في سنة 1950، على بعد 3 كيلومترات تقريبًا إلى الغرب من المقام.

تبنى الكيان الصهيوني المقام، وأعلنه مكان دفن روبين، بناء على هوية الاسم دون النظر إلى تاريخ تشييد البناء، وأسباب التشييد، ومن هو الراقد بداخله!

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات روبین ا د فن فی

إقرأ أيضاً:

بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع حنظلة

عاد مراسل قناة الجزيرة في باريس محمد البقالي إلى مطار شارل ديغول، بعد أن أبعدته سلطات الاحتلال الإسرائيلي إثر اعتقاله ضمن طاقم السفينة "حنظلة" التي أبحرت في محاولة لكسر الحصار عن قطاع غزة.

الرحلة التي بدأت من ميناء غاليبولي الإيطالي كان من المفترض أن تنتهي على شواطئ غزة، لكنها اعتُرضت في المياه الدولية، وسيطرت عليها البحرية الإسرائيلية بالقوة، قبل أن تبدأ رحلة قاسية من التحقيق والاحتجاز.

ويصف البقالي لحظة الاقتحام بأنها كانت متوقعة، إذ استعد الطاقم بارتداء سترات النجاة، وأعلنوا فورا الإضراب عن الطعام، احتجاجا على "حملة العلاقات العامة" التي عادة ما ينفذها الجيش الإسرائيلي بتصوير توزيع الماء والطعام على المعتقلين لإضفاء طابع إنساني زائف.

ويؤكد البقالي -في حديثه للجزيرة نت- أن الرحلة لم تكن محاولة لاختراق الحدود، بل كانت نداء أخلاقيّا لكسر جدار الصمت، مشيرا في هذا السياق إلى أن ما حمله المشاركون لم يكن سلاحا بل "رواية تُدين الحصار وتفضح صمت العالم عن الإبادة في غزة".

ووفق الصحفي المغربي، رافق "حنظلة" ما بين 8 إلى 10 زوارق حربية طوال الرحلة التي استمرت قرابة 12 ساعة إلى ميناء أسدود، حيث كان في استقبالهم جهاز الشرطة وممثلو الأمن الإسرائيلي، الذين تعاملوا بفظاظة ظاهرة ومهينة منذ اللحظة الأولى.

وعند الوصول، ردد النشطاء شعار "الحرية لفلسطين" بصوت واحد، وهو ما أثار حنق الجنود الإسرائيليين، وتحول الغضب الرسمي إلى غضب شخصي ضد النشطاء، تجلى في التهديدات المباشرة والحرب النفسية في أثناء الاستجواب والاحتجاز.

فظاظة وعدائية

ويشير مراسل الجزيرة إلى أن التعامل مع النشطاء، خاصة المشاركين من جنسيات غير عربية، كان عدائيا، وخص بالذكر أميركيا من أصل أفريقي تعرض لمعاملة قاسية، مؤكدا أن جميع المعتقلين واجهوا ظروفا متردية داخل الزنازين.

إعلان

وكان المعتقلون محرومين من أي اتصال بالعالم الخارجي، حسب البقالي، ولم يكن يُسمح لهم بدخول الحمام إلا تحت المراقبة، وكان عليهم إبقاء الأبواب مفتوحة أمام الكاميرات، حتى في الزنزانة ضيقة المساحة.

ويكشف عن أن لائحة الاتهامات التي وُجهت للمحتجزين كانت عبثية، إذ اتُهموا زورا بحيازة مخدرات والارتباط بتنظيمات إرهابية، رغم أن المهمة كانت إنسانية واضحة، وفق ما شدد عليه النشطاء أمام سلطات الاحتلال.

ورغم الإفراج عن بعض النشطاء -ومنهم البقالي، والنائبة الفرنسية غابرييل كاتالا، ومصور الجزيرة، ومواطنان من أميركا وإيطاليا– فإن مصير 14 ناشطا آخرين لا يزال مجهولا، في ظل انقطاع المعلومات وتضارب الروايات.

وفي هذا السياق، ناشد البقالي مجددا ضرورة إطلاق سراح زملائه الذين ما زالوا قيد الاحتجاز في سجن "جفعون"، مؤكدا أن بعضهم يواصل الإضراب عن الطعام، احتجاجا على إجراءات الترحيل القسري وممارسات الاحتلال.

ورأى أن التعامل الإسرائيلي منذ لحظة الاعتراض وحتى الترحيل يعكس رغبة واضحة في إسكات الشهود ومنع الرواية من الوصول إلى الرأي العام، مشددا على أن القصة أقوى من الحصار، وأنها ستصل للعالم رغم محاولات الطمس.

الرحلة لم تنته

وعن لحظة المغادرة، قال البقالي إن ما حدث "ليس نهاية الرحلة، بل بداية لسرد جديد"، مؤكدا أن سفينة "حنظلة" وإن لم تصل إلى غزة، إلا أنها قرّبت العالم خطوة من معاناة سكانها، وكشفت للعالم حقيقة ما يجري في ظل التعتيم.

في هذه الأثناء، لا تزال تداعيات احتجاز سفينة "حنظلة" تتفاعل، في وقتٍ يستعد فيه تحالف "صمود" لإطلاق إحدى أكبر القوافل البحرية المدنية، بمشاركة زوارق من 39 دولة، في محاولة رمزية جديدة لفك الحصار عن القطاع.

وتحمل هذه المبادرة طابعا إنسانيّا ومدنيّا، وتهدف إلى فضح صمت الحكومات إزاء جرائم الحرب المستمرة في غزة، والتأكيد أن التضامن الشعبي العالمي ما زال قادرا على تجاوز الجدران البحرية والسياسية في آن.

يُذكر أن مركز "عدالة" الحقوقي أكد -في بيان له- أن جميع النشطاء الموقوفين رفضوا إجراءات الترحيل السريع، وأصروا على تقديم مرافعات قانونية تثبت مشروعية تحركهم الإنساني، كما واصلوا إضرابهم عن الطعام داخل المعتقل.

وشدد البقالي على أن المعركة اليوم لم تعد فقط من أجل كسر الحصار البحري، بل من أجل كسر جدار التواطؤ الدولي، وإعادة الاعتبار لصوت الشاهد والإنسان، في وجه منظومة احتلال لا تقبل أن تُفضَح جرائمها.

مقالات مشابهة

  • الجزيرة يتفق مع سبورتينغ براغا لضم سيمون بانزا
  • دارسة: الجسم يستعيد الوزن المفقود بعد أسابيع من وقف أدوية التنحيف
  • دعاء بعد صلاة الوتر .. كان يردده النبي ثلاث مرات
  • عاجل | مراسلة الجزيرة: إغلاق 3 محطات مترو وإجلاء مواطنين في بروكسل بعد إنذار الشرطة بوجود قنبلة
  • الجزيرة بطل كأس الإمارات لكرة القدم الإلكترونية
  • أذكار الصباح الواردة عن النبي.. اغتنم ثوابها ورددها الآن
  • بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع حنظلة
  • 4 سنن مهجورة عن النبي قبل النوم.. تعرف عليها
  • رغم أنف الحرب.. زراعة مليون فدان في مشروع الجزيرة
  • عاجل | الجزيرة تعرض بعد قليل مشاهد حصلت عليها لكمين خان يونس الذي نفذته كتائب القسام مؤخرا