كوب قهوة يُغيِّر كل شيء؟!
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
ريم الحامدية
ليست العطايا الثمينة وحدها ما يصنع الفارق في أيامنا، وليس من الضروري أن تكون الحياة مُعقَّدة حتى نشعر بالسعادة، تمُر بنا الأيام سريعةً نركُض بين التزاماتنا وازدحام مسؤولياتنا، نلتقي بأهلنا وأحبتنا وزملائنا وننسى- أو بالأحرى نتناسى- أن اللفتات الصغيرة تترك أثرًا لا يُنسى، وفي زحام الأيام لا نحتاج إلّا للحظة دافئة وصادقة وهادئة تنتشلنا من تِيه الركض إلى حضن السكون.
نعيش في مجتمعات لا تزال ترى التعبير عن الود والمحبة نوعًا من الكماليات! رغم أنه من أبسط وأروع الصور الإنسانية، في حين أن البعض يراها تصرفات لا داعي لها. بينما في حقيقة الأمر، هذه التصرفات وحدها هي التي تُعمِّق العلاقات وتُخفِّف الضغوط وتُشعِر الآخر بأنه مُقدَّر ومحبوب. ليس كوب القهوة بحد ذاته الذي يصنع الفارق؛ بل ما يُرافق هذا الفعل من كلمة صادقة ويد مُدَّت للمصافحة أو حتى صمت مُطمئِن، لا يطلب تبريرًا. وهذا الفعل قد لا يُغيِّر حياةً بأكملها، لكنه قادر على أن يُغيِّر يومًا في حياة أحدهم، وقد لا يصلح العالم، لكنه قد يُرمِّم قلبًا مُرهفًا أو يُضيء عتمة مرَّت على إنسانٍ دون أن يشعر.
لا نعلم كم من البشر ينهضون من نومهم مُثقلين ويعملون بصمت، يتحدثون وهم يُخفون خلف الكلمات شيئًا من الانكسار، وقد يبتسمون وهم مُنهكون. تخيَّل أن يُطرق بابك شخص، بينما أنت مُنهك في عملك، ويحمل كوب قهوتك المُفضَّلة ويتحدث معك بابتسامةِ ودٍّ ويقول "مريت على بالي".. ألا يكفي ذلك لتغيير نظرته تجاه يومه ونبض قلبه ونظرته لما تبقى من ساعات يومه؟
أتساءل متى تأخذ هذه الثقافة مكانتها في مجتمعنا؟ وأجيبُ في الوقت ذاته، أنَّ ذلك سيحدث عندما نُدرك أن اللُطف لا يؤجَّل، وأن النيّة الطيبة كافية لتجعلنا أُناسًا أجمل وأورع. والبداية ستحِل عندما لا ننتظر الوقت المناسب، ونتعامل مع اللحظات وكأنَّها الفرصة الأخيرة.
إنَّنا لا نفتقر إلى القدرة على العطاء؛ بل نفتقر إلى ثقافة العطاء البسيط، ونربط الحب بالهدايا الكبيرة، والامتنان بالكلمات الرسمية، والمودَّة بالمواقف العظيمة، بينما في الحقيقة الإنسان يحتاج إلى لفتة.. لمسة.. كوب قهوة.. وردة.. رسالة مكتوبة بخط اليد، وربما نظرة اهتمام. هذه التفاصيل التي نمُر عليها مرور الكرام قد تكون طوقَ النجاة لشخصٍ ما.
نحتاج لأن نُراجع أنفسنا، ونسأل: كم مرة في الأسبوع فكَّرنا في شخص نُحبه دون أن يكون هناك سبب مباشر؟ كم مرة أسعدنا أحدهم فقط لأننا نُريده أن يكون سعيدًا؟ في زحام الروتين اليومي تُصبح العلاقات باهتةً إن لم تُسق بماء الاهتمام، وهذه المبادرات لا تتطلب وقتًا طويلًا؛ بل فقط تحتاج إلى قلبٍ حيٍّ وإلى حسٍ إنسانيٍ بسيط.
ما الذي نخسره لو أسعدنا الآخرين؟
يجب علينا أن نُدرك أن ثقافة إسعاد الآخرين لا تحتاج ثراءً، ولا حتى مناسبة، أننا لا نُكلِّف أنفسنا الكثير بهذا الفعل؛ بل على العكس نحصدُ سلامًا داخليًا لا يُشترى، ولو تبنَّينا هذه الثقافة دون انتظار مناسبة ودون مقابل، كيف سيكون شكل علاقتنا؟ بيوتنا؟ بيئة العمل؟ حتى الشوارع التي نسير فيها؟ كم من الخلافات ستختفي؟ وكم من القلوب ستَلِين وتودع القسوة؟ وكم من الأرواح ستُشفى من التعب؟
الفرحة لا تُشترى، لكنها تُمنَح، والقلوب لا تُفتح بالعِظات؛ بل بالإحساس، فما أجمل أن نُعيد بناء ثقافة البساطة في إسعاد الآخر، أن نحمل معنا كوب قهوة لا لنتناوله نحن؛ بل لنُقدِّمه لمن يستحق لحظةَ فرحٍ في خِضَمِّ يومه المُزدحم.
وأخيرًا.. أود أن أهمس في قلوبكم، بأن القلوب مُرهفة والحياة قصيرة، وكُلُنا نحتاج إلى من يلتفت إلينا في لحظة غير متوقعة، لا تنتظر مناسبةً لتكون لطيفًا ولا تُؤجِّل فعل الخير لحين فراغك، ولا تنتظر أن ينهار أحدهم كي تُواسِيه.. قدِّم شيئًا بسيطًا وأنت لا تعرف كم ستحمل معه من نور، ربما يتذكَّر أحدهم هذا الكوب بعد أعوام، وربما لا ينساه أبدًا.
كوب قهوة يُغيِّر كل شيء.. فلنكن نحن هذا الشيء الجميل في يوم أحدهم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الإعدام لشقيقين ونجل أحدهم استعرضوا القوة وقتلوا شخصا بأسلحة نارية بشبرا الخيمة
قضت محكمة جنايات شبرا الخيمة، الدائرة الأولي، برئاسة المستشار أيمن فؤاد فهمي، وعضوية المستشارين أيمن حسين حمدان، وحسام همام العادلي، وهيثم حلمى علي، ومحمد علي حموده، وأمانة سر إيهاب سليمان، بالإعدام شنقا لشقيقان ونجل آحدهم، بعد ورود رد فضيلة مفتي الجمهورية، وإبداء الرأى الشرعي في إعدامهم علي ما اقترفوه، لاتهامهم باستعراض القوة وترويع المواطنين، وقتل شخص عمدا مع سبق الإصرار، إثر خلافات عائلية بينهما، وحيازة أسلحة نارية وذخائر وأسلحة بيضاء دون ترخيص، بدائرة قسم أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.
وتضمن أمر الإحالة الخاص بالقضية رقم 7578 لسنة 2025 أول شبرا الخيمة، والمقيدة برقم 1239 لسنة 2025 كلى جنوب بنها، أن المتهمين "سيد أ ا"، 20 سنة، عامل، و"أحمد ا ن"، و"محمد ا ن"، وجميعهم مقيمين شارع المهدي صادق من شارع أحمد عرابي أول شبرا الخيمة، لأنهم في 11 - 1 - 2025، بدائرة أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف قبل المجني عليه فودة محمد السعيد حسن، وقبل قاطني شارع محمود العطار بمنطقة بيجام، بقصد ترويعهم وتخويفهم وسلب أموالهم.
وتابع أمر الإحالة، أن المتهمين تشاجروا مع المجني عليه وأحرزوا أسلحة نارية وذخائر وأسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص، وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب في أنفسهم وتكدير أمنهم وسكينهم وتعريض حياتهم للخطر على النحو المبين بالتحقيقات.
وأوضح أمر الإحالة، أنه قد وقعت بناء علي تلك الجريمة الجنايات والجنح التالية وهو انه في ذات الزمان والمكان أنف البيان قتلوا المجني عليه فودة محمد السعيد عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدوا العزم علي ذلك وبيتوا النية وأعدوا لهذا الغرض سلاح ناري فرد خرطوش وأسلحة بيضاء، وتوجهوا إلي حيث أيقنوا تواجده إثر خلافات زوجية وعائلية سابقة استعري فيما بينهم فما أن ظفرا به حتي تكالابا عليه، وانهالا عليه الأول بسلاح ناري فرد خرطوش بأنحاء متفرقة بجسده حال تواجد الثاني والثالث علي مسرح الواقعة للشد من أزره والحول دون إغاثة المجني عليه.
وأشار أمر الإحالة، إلي أنه ما أن ظفر المتهمون بالمحني عليه أطلق الأول صوبه عياراً نارياً قاصد من ذلك قتله، حتى سقط أرضاً مضرجاً بدمائه ولم يكتفوا من ذلك بل كالوا له عدد ضربات وطلقات أخري للتيقن من وفاته فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياته علي النحو المبين بالتحقيقات.
واستطرد أمر الإحالة، أن المتهمين حازوا بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخنا سلاح (فرد خرطوش)، كما حازوا ذخيرتين (طلقتين) مما تستعمل في السلاح الناري أنف البيان دون أن يكون مرخصاً له حيازته أو إحرازه، كما حازوا بغير ترخيص سلاحاً أبيض مطواة وأداة مما تستخدم في الاعتداء علي الأشخاص عصا خشبية دون مسوغ قانوني أو من الضرورة المهنية أو الحرفية.