أصدرت المحكمة العليا في ليبيا، الإثنين، حكمًا نهائيًا بحسم النزاع على رئاسة المجلس الأعلى للدولة، قضت فيه بإعادة خالد المشري إلى منصبه، واعتبار انتخاب مفتاح تكالة مخالفًا للإجراءات القانونية المعمول بها، في خطوة قد تعيد ترتيب أوراق المشهد السياسي الليبي المأزوم، وسط ترحيب من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بالقرار القضائي.



وحكمت "الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا ببطلان جلسة انتخاب مفتاح تكالة رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة، لوجود مخالفات للإعلان الدستوري والنظام الداخلي، معتبرة أن المشري يبقى الرئيس الشرعي للمجلس إلى حين انتخاب رئيس جديد وفق الإجراءات المعتمدة".

عقيلة صالح يرحّب بالحكم

وفي أول رد فعل رسمي من مجلس النواب، رحّب رئيسه عقيلة صالح بالحكم الصادر عن المحكمة العليا، معتبرًا إياه "خطوة مهمة نحو إنهاء حالة الانقسام المؤسساتي وتعزيز سلطة القانون". وأكد صالح في بيان صحفي أن "احترام القضاء واجب على الجميع، وأن المرحلة تتطلب مزيدًا من التوافق السياسي تمهيدًا لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

ويأتي موقف صالح على خلاف التوقعات، إذ كان يُعتقد أن البرلمان لن يتعامل مجددًا مع المشري، في ظل الخلافات المتكررة بين الطرفين. إلا أن هذا الترحيب قد يعكس محاولة لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين مجلسي الدولة والنواب، برعاية أممية.



هل يقبل تكالة بالحكم؟

في المقابل، لم يصدر عن مفتاح تكالة أي موقف رسمي بعد، فيما نقل مقربون منه أنه "يستغرب صدور الحكم رغم وجود طعون قانونية عالقة"، مشيرين إلى أن بعض الأعضاء المؤيدين له داخل المجلس يدرسون خطوات تصعيدية، مثل عقد جلسة جديدة أو التوجه إلى الطعن مجددًا.

وكان تكالة قد انتُخب رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة في أغسطس 2023، في جلسة مثيرة للجدل قاطعها أكثر من ثلث الأعضاء، وهو ما شكّك في شرعيتها القانونية.

تداعيات سياسية محتملة

وقد يسهم الحكم بإعادة المشري في إعادة التوازن للمشهد السياسي إذا استُغلّ لدفع مسار الحوار السياسي، خاصة أن المشري شريك أساسي في الحوارات السابقة، ويتمتع بدعم قوى دولية. إلا أن بقاء الانقسام داخل المجلس، ووجود كتلة داعمة لتكالة، قد يؤدي إلى تصعيد داخلي جديد يربك المسار المؤسسي.

كما يُخشى أن يؤدي استمرار الخلافات داخل "الأعلى للدولة" إلى إضعاف أي جهود مشتركة مع مجلس النواب، ما قد يؤخر الاتفاق على القاعدة الدستورية، وبالتالي يؤجّل تنظيم الانتخابات التي ترعاها البعثة الأممية والمجتمع الدولي.

البعثة الأممية تتابع

من جهتها، تتابع بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) هذه التطورات، دون صدور تعليق رسمي حتى الآن. وكانت البعثة قد شددت في أكثر من مناسبة على ضرورة احترام قرارات القضاء، واعتماد الشفافية والشرعية المؤسسية لحل النزاعات بين الأطراف.

نبذة عن الشخصيات والمؤسسات

خالد المشري: رئيس المجلس الأعلى للدولة منذ 2018، وقيادي في حزب العدالة والبناء، شارك في عدة جولات حوارية مع مجلس النواب، ويُعد من أبرز الشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي الغربي.

مفتاح تكالة: رئيس سابق للمجلس الأعلى للقضاء، تم انتخابه رئيسًا للمجلس الأعلى للدولة عام 2023 في جلسة مثيرة للجدل، ويُنظر إليه كمقرّب من تيارات رافضة لهيمنة الإسلاميين على المجلس.

عقيلة صالح: رئيس مجلس النواب الليبي منذ 2014، يمثل التيار الشرقي المدعوم من الجيش بقيادة خليفة حفتر، وله دور أساسي في صياغة القوانين ومناقشة خارطة الطريق الانتخابية.

المجلس الأعلى للدولة: هيئة استشارية ناتجة عن اتفاق الصخيرات، مقرها طرابلس، تقوم بدور رقابي واستشاري في العملية السياسية، وتشارك مجلس النواب في صياغة القوانين الدستورية والانتخابية.

مجلس النواب: السلطة التشريعية الرئيسية في ليبيا، مقره طبرق، ويتولى مناقشة واعتماد القوانين، ويشارك في اختيار الحكومات وتعديل الإعلان الدستوري.

شرعية منقوصة ومشهد مأزوم

يأتي قرار المحكمة في وقت بالغ الحساسية، وسط حالة من التآكل الشرعي في المؤسسات السياسية الليبية، وانقسام متجدد يعرقل الوصول إلى خارطة طريق واضحة للانتخابات. ومع تمسّك كل طرف بمواقفه، يبقى الحل مرهونًا بمدى قبول الأطراف بالحكم القضائي، واستعدادها لإعادة إحياء المسار السياسي وفق توافقات دستورية تضمن تجديد الشرعية عبر صناديق الاقتراع.


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية ليبيا القضاء الخلافات الحكم ليبيا قضاء حكم سياسة خلافات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس ا للمجلس الأعلى للدولة مجلس النواب عقیلة صالح

إقرأ أيضاً:

«الأعلى للثقافة»: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس

قال الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الكشف الأثري الأخير يعيد فتح صفحة مهمة في تاريخ عبادة الشمس، ويحتاج إلى دراسات متخصصة، خاصة فيما يتعلق بأهمية جبانة منف ووظيفة معبد الوادي، إضافة إلى ما كشفه من دلالات لغوية وأثرية مثل لعبة «السنت».

صحح مفاهيمك.. أوقاف كفر الشيخ تنظم ندوة حول التحذير من التشاؤم وآثاره السلبيةطبيب عروس المنوفية: لم يوجد اثار دماء علي جسد المجني عليها.. ووالدة المتهم: الدكتور زقني من التوك توك

وأوضح ريحان، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "هذا الصباح"، على شاشة "إكسترا نيوز"، أن جبانة منف مُدرجة على قائمة التراث العالمي الاستثنائي بمنظمة اليونسكو منذ عام 1979، وتشمل المنطقة الممتدة من أهرامات الجيزة حتى دهشور، وسُجلت وفق عدة معايير باعتبارها شاهدًا فريدًا على المعتقدات والعمارة الجنائزية في مصر القديمة، واستثنائية حضارة المصريين القدماء بصفة عامة.

وأشار إلى أن مدينة منف كانت عاصمة مصر من عام 2700 حتى 2150 قبل الميلاد، ولعبت دورًا محوريًا حتى العصر الروماني، لدرجة أن تتويج الإسكندر الأكبر تم فيها، موضحًا أن اليونسكو وصفت المنطقة بأنها في حالة حفظ جيدة وتمثل مصدرًا سياحيًا مهمًا، خاصة مع مشروع «ممر وجهة الأهرامات» الذي يربط مدينة منف بالمناطق الأثرية المحيطة عبر أكثر من 2000 عام من التاريخ.

وتحدث عضو لجنة التاريخ والآثار عن معبد الوادي في الحضارة المصرية القديمة، موضحًا أنه كان يُبنى دائمًا على شاطئ النيل بالقرب من الأهرامات، وتتمثل وظيفته في تحنيط جسد الملك ونقله عبر «طريق المواكب» إلى المعبد الجنائزي بجوار الهرم، وفق طقوس دينية دقيقة، مشيرًا إلى أن معابد الوادي ظهرت منذ عهد سنفرو وامتد نشاطها في عصور لاحقة.

وأضاف ريحان أنه جرى العثور على قطعتين خشبيتين للعبة «السنت»، واصفًا إياها بأنها لعبة لوحية مصرية قديمة تشبه الشطرنج، ومرتبطة بالمعتقدات الدينية المصرية مثل أسطورة الخلق والحساب، مطالبًا بتسجيلها كتراث لا مادي في اليونسكو، لافتًا إلى أنها منقوشة على جدران المعابد والمقابر، وعُثر عليها داخل مقبرة توت عنخ آمون.

طباعة شارك الآثار عبادة الشمس جبانة منف اليونسكو

مقالات مشابهة

  • المجلس الأعلى للدولة يؤكد دعمه للمشاريع الثقافية والحضارية
  • الأعلى للثقافة: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس
  • «الأعلى للثقافة»: كشف أثري جديد يعيد فتح ملف عبادة الشمس
  • سلطان بن أحمد القاسمي يترأّس اجتماع مجلس القضاء
  • وكيلا مجلس النواب والأمين العام للمجلس ينعون النائب أحمد جعفر
  • بن حبتور يعزّي في وفاة المناضل سيف صائل القطيبي
  • المستشارة أمل عمار تتفقد سير العملية الانتخابية من داخل الغرفة المركزية للمجلس القومي للمرأة
  • برلماني: دولة التلاوة مشروع يعيد لمصر ريادتها في فن الترتيل ويؤسس لنهضة قرآنية جديدة
  • القضاء يتراجع عن قراره بتكميم الأفواه وحرية التعبير بعد الرفض الشعبي لكونه مخالف للدستور وحمل موظف “مسوؤلية”الكناب
  • القضاء الأعلى يوبخ مسؤولًا بعد كتاب عن إسقاط النظام السياسي في العراق