مراعاة العمل الهندسي المتطور في مرحلة إعادة الإعمار واستخدام الكودات العالمية… أهم محاور ملتقى اليوم العالمي للسلامة 2025
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
دمشق-سانا
تركزت مناقشات ملتقى اليوم العالمي للسلامة 2025 الذي عقد اليوم تحت عنوان “بالسلامة سوريا” على ضرورة مراعاة العمل الهندسي المتطور في مرحلة إعادة الاعمار، واستخدام الكودات العالمية لضمان معايير الصحة والسلامة، وتعزيز الثقافة في علوم السلامة، لتحقيق بيئات عمل آمنة، تتوافق مع المعايير الدولية.
وأكد المشاركون في الملتقى الذي نظمه المعهد العربي لعلوم السلامة، بالتعاون مع وزارة الطوارئ والكوارث، ونقابة المهندسين فرع دمشق، على مدرج جامعة دمشق، أهمية تعزيز علوم السلامة، وتزويد المتخصصين، وأصحاب الأعمال بالمعلومات اللازمة للحد من المخاطر في مواقع العمل.
واستعرض المشاركون في الملتقى تجارب منظمة الدفاع المدني السوري في مجال الطوارئ والكوارث، والبيئات الخطرة التي عملت بها، والظروف التي واجهتها، خلال السنوات الماضية، كما تم عرض تجارب نقابة المهندسين السوريين والمصريين، وكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، وبعض الشركات السورية، في مجال استخدام معايير السلامة خلال مرحلة إعادة الإعمار، وكيفية إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية، وتحليل مخاطر المشاريع، وتقديم حلول فعالة لمشكلات الهندسة والبرمجيات، ونظم المعلومات.
وفي كلمة له أوضح وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، ضرورة تعزيز مفاهيم الوقاية والسلامة، في ظل التحديات المعقدة التي تواجه المجتمعات بعد الحرب وخلال فترة التعافي، معرباً عن أمله أن يسهم الملتقى في دعم جهود السلامة وإدارة المخاطر، وفق أعلى معايير السلامة والمهنية، وبما يلبّي حاجات المرحلة المقبلة في سوريا، والمنطقة خلال مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.
وأشار الصالح إلى أن الوزارة تعمل حالياً لبناء الإطار التنظيمي والسياسات الوطنية، التي تضمن استجابة متكاملة وفعالة في مواجهة الطوارئ والكوارث سواء الطبيعية أو البشرية، ووضع معايير السلامة بالتنسيق مع المؤسسات والوزارات، مع العمل على إحداث نظام وطني للإنذار المبكر، وربطه بغرف العمليات المركزية والمحلية، بهدف تقليص زمن الاستجابة وتحسين القدرة على اتخاذ القرار، وإعداد الخطة الوطنية للطوارئ، بالتنسيق مع الوزارات المعنية والمجتمع المدني والشركاء الفنيين، وإعادة هيكلة المعهد الوطني للزلازل ليصبح المعهد الوطني للطوارئ والكوارث، لتأهيل كوادر محلية قادرة على التعامل مع سيناريوهات مختلفة ومعقدة.
وأكد الوزير الصالح أنه سيتم إطلاق تطبيق إلكتروني مجيب لنداءات الاستغاثة من السكان، وتحديد مواقع المتضررين وتوجيه الفرق الميدانية بشكل آلي وفوري، مع السعي إلى دمج الذكاء الصناعي والأدوات الرقمية في بيئة العمل، بما يسهم في تحسين السلامة وتقليل المخاطر، وتطوير إجراءات السلامة، في المنشآت العامة ومشاريع البنية التحتية وتحديث معايير الإخلاء وإدارة مخاطر المواد الخطرة بالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة.
وفي كلمة له أوضح مدير عام منظمة الدفاع المدني السوري منير مصطفى، أن الظروف التي واجهت فرق الدفاع المدني، خلال السنوات الماضية كانت استثنائية بكل المقاييس، وبجهود آلاف المتطوعين، تم إنقاذ 128 ألف إنسان من تحت الأنقاض في مواقع الهجمات، مشيراً إلى أنه في ظل التغيرات أصبح من الممكن التوجّه نحو العمل الوقائي، وتعزيز بيئة السلامة عبر تطبيق المعايير المهنية في مختلف المرافق والمنشآت والمساكن، ورفع الوعي المجتمعي بأسس الوقاية والتصرف السليم.
بدوره أعرب رئيس المعهد العربي لعلوم السلامة الدكتور عمار المغربي، عبر تقنية الزوم عن سعادته لإطلاق باكورة أعماله في دمشق، من خلال تنظيم هذا الملتقى، مبيناً أن المعهد أول جهة علمية عربية متخصصة في نشر الوعي وتعزيز الثقافة، في علوم السلامة على مستوى العالم العربي، وستكون هناك أعمال مقبلة في سوريا تسهم بدعم مرحلة إعادة الإعمار.
وذكر المغربي أن المعهد يقدم مجموعة متنوعة من البرامج والخدمات، ولديه شبكة واسعة من الخبراء والشركاء، ومهمته تأهيل الكوادر العربية المتخصصة في مجالات السلامة المختلفة، بمعايير عالمية.
من جهته نقيب المهندسين السوريين مالك الحاج علي أشار في كلمته إلى تشكيل لجنة تعمل بإشراف وزارة الطوارئ والكوارث، والنقابة، لصناعة كود سلامة يناسب المرحلة القادمة في إعادة الإعمار، يراعي معايير السلامة، ولفت إلى أن النقابة تتطلع لتعزيز العلاقات مع المعهد العربي لعلوم السلامة، بهدف الاستفادة من خبراته وإمكانياته.
وفي كلمة مماثلة بين نائب رئيس جامعة دمشق الدكتور تيسير زاهر، أن الدفاع المدني تحول منذ اللحظة الأولى للتحرير من فكرة ثورية إلى مشروع لبناء الدولة، وبدأ بوضع الخطط والبرامج لإعادة الإعمار، والتدخل السريع في الكوارث والطوارئ، وتطوير الخدمات المجتمعية، حتى أصبح مثالاً يحتذى في المواطنة والانتماء وخدمة المجتمع.
تابعوا أخبار سانا علىالمصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: الطوارئ والکوارث معاییر السلامة الدفاع المدنی إعادة الإعمار مرحلة إعادة
إقرأ أيضاً:
من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
صراحة نيوز ـ بقلم: جمعة الشوابكة
في العاشر من حزيران من كل عام، لا يمرّ اليوم على الأردنيين مرور الكرام، بل ينبض التاريخ في وجدانهم من جديد. إنه اليوم الذي تختصر فيه الأمة مسيرتها المجيدة بين سطرين خالدين: الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن علي عام 1916، ويوم الجيش العربي الأردني، حين توحّدت البندقية بالراية، والعقيدة بالوطن.
لم تكن الرصاصة الأولى التي انطلقت من شرفة قصر الشريف في مكة مجرد إعلان تمرّد على الحكم العثماني، بل كانت البيان التأسيسي للسيادة العربية الحديثة، وبداية مشروع تحرر قومي لا يعترف بالتبعية، ولا يرضى بأقل من الكرامة. قاد الشريف الحسين بن علي هذا المشروع بوعي تاريخي عميق، وسلّمه لابنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك، الذي جاء إلى شرقي الأردن مؤمنًا بأن الثورة لا تكتمل إلا ببناء الدولة، وأن الدولة لا تنهض إلا بجيش عقائدي يحمل راية الأمة ويحميها. وهكذا، وُلد الجيش العربي، من رحم الثورة، ومن لبّ الحلم القومي، لا تابعًا ولا مستوردًا، بل متجذرًا في الأرض والهوية.
كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه أكثر من مجرد تشكيل عسكري، كان المؤسسة التي اختزلت روح الوطن. شارك في معارك الشرف على ثرى فلسطين، في باب الواد والقدس واللطرون، ووقف سدًا منيعًا في وجه الأطماع والعدوان، حتى جاءت اللحظة المفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حين وقف الجندي الأردني بصلابة الرجولة خلف متاريس الكرامة، وردّ العدوان، وسطّر أول نصر عربي بعد نكسة حزيران، بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – ليُثبت أن الكرامة لا تُستعاد بالخطب، بل تُنتزع بالدم. لقد كان هذا النصر عنوانًا حيًا للعقيدة القتالية الأردنية، القائمة على الانضباط، والولاء، والثبات، وفهم عميق للمعركة بين هويةٍ تُدافع، وقوةٍ تُهاجم.
وفي قلب هذه المسيرة، وقف الشهداء، الذين قدّموا دماءهم الزكية ليظل هذا الوطن حرًا شامخًا. شهداء الجيش العربي الأردني لم يكتبوا أسماءهم بالحبر، بل خلدوها بالدم، في فلسطين، والجولان، والكرامة، وفي كل ميدان شريف رفرف فيه العلم الأردني. لم يكونوا أرقامًا في تقارير، بل رسل مجدٍ وخلود، يعلّموننا أن السيادة لا تُمنح، بل تُحمى، وأن كل راية تُرفع، تحمل في طياتها روح شهيد.
ومن بين هؤلاء، كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – أول القادة الذين ارتدوا البزة العسكرية بإيمان وافتخار. تخرّج من الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وخدم جنديًا في صفوف جيشه، ووقف معهم في الخنادق، لا على المنصات. كان القائد الجندي، الذي يرى في الجيش رمزًا للسيادة، وركنًا من أركان الدولة، وظل يقول باعتزاز: “إنني أفخر بأنني خدمت في الجيش العربي… الجيش الذي لم يبدل تبديلا.” فارتقى بالجيش إلى مصاف الجيوش الحديثة، عقيدةً وعتادًا، قيادةً وانضباطًا، ليبقى المؤسسة التي لا تتبدل ولا تساوم.
واليوم، يواصل المسيرة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – الملك الممكِّن والمعزّز – الذي تربّى في صفوف الجيش، وتخرّج من الميدان قبل أن يعتلي عرش البلاد. يرى جلالته في الجيش العربي الأردني شريكًا استراتيجيًا في بناء الدولة، لا مجرد مؤسسة تنفيذية. ولهذا، شهدت القوات المسلحة في عهده قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، والتحديث، والتسليح، والتعليم العسكري، حتى أصبح الجيش الأردني عنوانًا للانضباط والسيادة الإقليمية والإنسانية، وصوت العقل في زمن الفوضى.
ويأتي تزامن يوم الجيش مع ذكرى الثورة العربية الكبرى تتويجًا لهذه المسيرة، ليس كمجرد مصادفة تاريخية، بل كتجسيد حي لوحدة الرسالة، واستمرارية المشروع الهاشمي، من الشريف الحسين بن علي، إلى الملك المؤسس عبد الله الأول، إلى الملك الباني الحسين بن طلال، إلى جلالة الملك الممكِّن والمعزّز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم. فهذه ليست محطات منفصلة، بل خط سيادي واحد، يبدأ بالتحرر، ويُترجم بالجيش، ويُصان بالسيادة. لقد بقي الجيش العربي منذ نشأته على العهد، حاميًا للوطن، وحارسًا للهوية، ودرعًا للشرعية، لا يُبدّل قسمه، ولا يخون ميثاقه.
في العاشر من حزيران، لا نحتفل فقط، بل نُجدد القسم: أن هذا الوطن لا يُمس، وأن هذه الراية لا تُنكّس، وأن هذا الجيش لا يُكسر. من مكة إلى الكرامة، الرصاصة أصبحت جيشًا، والجيش أصبح عقيدة، والعقيدة أصبحت وطنًا لا يُساوم على كرامته، ولا يُفرّط بذرة من ترابه.