لنطمئن.. رجال "الأحمر" قادرون
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
أحمد السلماني
وسط كل هذا الترقب والشغف الجماهيري، وبين الحسابات الفنية والفرص بالأرقام، نقولها بثقة: لنطمئن.. رجال الأحمر قادرون. فمنتخبنا الوطني الأول، بقيادة المدرب الوطني الكفء رشيد جابر، ليس مجرد مشارك في سباق التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم 2026، بل هو اليوم خصمٌ عنيد، ومنافس شرس على بطاقة التأهل المباشر.
لقد قدّم منتخبنا خلال الفترة الماضية مؤشرات مطمئنة، أبرزها جاهزيته البدنية والفنية، في ظل ختامٍ حديث للمسابقات المحلية، واستفادة قصوى من المعسكر الداخلي الذي تخلله مواجهتان وديتان ناجحتان، إلى جانب حضورٍ لافت لأسماء أثبتت جدارتها منذ كأس الخليج، حين عاد "الأحمر" من الكويت بوصافة بطعم الذهب أعادت الثقة للمدرجات.
المهندس رشيد جابر ليس مدربًا عاديًا. هو اسم من ذهب في سجل الكرة العُمانية. قاد السيب للقب آسيوي، ونجح في اختبارات محلية وخارجية مع منتخبات وأندية عديدة. يملك رؤية تتجاوز التصفيات، ويقود المجموعة بثقة واحترام للمنافس دون مبالغة. أحاديثه دائمًا موزونة، تعكس شخصية مدرب يعرف أين يقف، وماذا يريد، والأهم: كيف يصل، هو ايضا يريد أن يكتب لنفسه ولبلاده تاريخًا جديدًا.
قائمة المنتخب الحالية زاخرة بالأسماء التي تعرف الطريق إلى الشباك، وتفهم جيدًا متطلبات المرحلة. وما تعادلنا الثمين مع كوريا الجنوبية في سول، وفوزنا على الكويت خارج الديار، إلا دليل على قدرة الفريق على خوض المواجهات الصعبة بثبات وثقة.
إنها فرصة تاريخية للاعبينا ليس فقط لبلوغ المونديال، بل لكتابة فصل جديد في ملحمة الكرة العُمانية. وحتى لو لم يتحقق التأهل المباشر- لا قدر الله- فإن أبواب الملحق والدور الرابع في أكتوبر لا تزال مفتوحة، ومنتخبنا له باع طويل في البطولات المجمعة، ويجيد خوضها بالتخصص وعلينا أن نتعامل مع المرحلة الحالية والقادمة بهدوء واتزان.
لا يمكن تجاهل الجهود الكبيرة التي يبذلها الاتحاد العُماني لكرة القدم، ووزارة الثقافة والرياضة والشباب، من خلال حملة "كلنا معك"، وهي رسالة مباشرة للاعبين بأن خلفهم شعب كامل يؤمن بقدراتهم وامكانياتهم في اسعاد الأمة العُمانية.
الخميس.. الحلم يقترب. وبوشر تستعد. ويبقى الأمل أن نشهد زحفًا جماهيريًا مهيبًا، يقوده شباب عُمان، لمؤازرة منتخب يستحق الثقة.. فقط لنطمئن بأن رجال الأحمر قادرون.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مستثمر عراقي:العراق بيئة طاردة للاستثمار وانعدام الثقة بالدولة
آخر تحديث: 31 يوليوز 2025 - 12:04 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- لم يكن قرار المستثمر العراقي بإنشاء مصنع حديث لإنتاج المياه الصحية في الأردن بدلاً من العراق قرارًا اقتصاديًا بحتًا، بل تجسيدًا ملموسًا لفكرة “الهروب من بلد الفرص المعطلة إلى بلد القواعد الواضحة”.فالمصنع، الذي من المقرر أن يبدأ إنتاجه في آذار 2026، بمنتجات زجاجية تشمل البروبايوتك، المياه الغازية، والمياه المدعّمة بالفيتامينات، سيوجَّه معظمه إلى أسواق الخليج وأوروبا، فيما بقي العراق – بلد المنشأ – مجرد احتمال غير قابل للتنفيذ، في نظر صاحب المشروع.الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، الذي نقل هذه التجربة في تدوينة ، لم يقدّم مجرد قصة، بل أشار إلى خلل بنيوي أعمق، قائلاً: “بدأ أحد رجال الأعمال العراقيين بإنشاء مصنع حديث لإنتاج المياه الصحية والمعدنية في الأردن، بمختلف أنواعها، باستخدام علب زجاجية، تشمل البروبايوتك، والمولتي فايتمنز، والمياه الغازية والعادية ومياه بنكهات الفواكه، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج في آذار 2026، ومعظم الإنتاج محجوز للتصدير إلى الخليج وأوروبا”. وبحسب ما نقله المرسومي عن المستثمر، فإن قرار عدم تنفيذ المشروع في العراق يعود إلى ما وصفه بـ”البيئة الطاردة للاستثمار”، موضحًا: “قراري بعدم إقامة المشروع في العراق يعود إلى معوقات الصناعة والرُخص والتعقيدات البيروقراطية، إضافة إلى ضعف ثقة الأسواق الخارجية بالمنتج العراقي، وهو ما اعتبره عاملاً حاسماً في اتخاذ القرار”.وأضاف المستثمر: “حاولت سابقًا إضافة خط إنتاجي لأحد معامل المياه في العراق، وصارلي سنتين بالضبط بالمعاملات، خلوني أكفر باليوم الي فكرت بي أستثمر بالعراق”. تُظهِر قراءات اقتصادية مستقلة أن العراق يُعد من أكثر بلدان المنطقة ثراءً بالفرص الاستثمارية غير المستغلة: سوق استهلاكية واسعة، موقع جغرافي محوري، موارد طبيعية هائلة، وقطاع خاص طامح للنمو. ومع ذلك، فإن هذه المؤهلات لا تتحوّل إلى مشاريع قائمة إلا نادرًا، بسبب ما يُعرف بفجوة الثقة، أي الفجوة بين المستثمر والمنظومة المفترضة لحمايته وتمكينه. في بيئة تتداخل فيها صلاحيات المركز والمحافظات، وتتقاطع فيها سلطات الهيئات الرسمية، وتتكاثر فيها الجهات الرقابية بلا سند قانوني واضح، يتحوّل أي مشروع إنتاجي إلى معركة يومية، لا علاقة لها بالمنتج أو جدواه، بل بإرهاق الإجراءات.وتشير بيانات صادرة عن وزارة التخطيط العراقية إلى أن مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من 32.4٪ عام 2020 إلى نحو 39.5٪ عام 2024. لكن هذه النسبة، وإن بدت مشجعة على الورق، لا تعكس تحوّلًا حقيقيًا في فلسفة الدولة تجاه الاستثمار، بقدر ما تُظهر ضغوطًا على الدولة نفسها في ظل الأزمات المالية المتكررة وتقلص قدرة القطاع العام على استيعاب المزيد من التوظيف. في المقابل، تواصل دول الجوار – مثل الأردن وتركيا والإمارات – جذب المشاريع العراقية، ليس بامتيازات مالية استثنائية، بل بوضوح الإجراءات وثبات السياسات، وثقة الأسواق العالمية بأنظمتها القانونية والرقابية، وهو ما لا يزال العراق يفتقر إليه حتى اليوم.تجربة هذا المستثمر، كما نقلها المرسومي، لا تُعد استثناءً، بل تُجسّد نمطًا متكررًا، وفقًا لمتابعين للشأن الاستثماري العراقي، يمتد من قطاع الزراعة إلى الصناعة، ومن التكنولوجيا إلى الخدمات. المعاملات المرهقة، انعدام الشفافية، غياب التحكيم التجاري، وتضارب الصلاحيات؛ كلها تشكّل ما يمكن تسميته بـ”البيئة الطاردة الناعمة”، بيئة لا تطرد المستثمر بأمر إداري، بل تُنهكه حتى ينسحب طوعًا، مثقلاً بخيبة وتردد.ويذهب بعض الباحثين إلى أن السؤال لا يكمن في “لماذا فضّل الأردن؟”، بل في “لماذا لم يجد في بلده حافزًا للبقاء؟”.وحين تصبح الدول المجاورة أكثر جاذبية للمشاريع العراقية من العراق نفسه، فإن الخلل لا يكون في رأس المال، بل في البنية التي يُفترض أن تحتويه. وعندما يُبنى مصنع مياه بتمويل عراقي في عمّان، فإن المفارقة لا تكون في الموقع، بل في ما تكشفه من فجوة عميقة في الثقة بالدولة، لا بالمشروع.