الصحافة العبرية تقر: لا ردع لصنعاء ولا مفر من وقف العدوان على غزة
تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT
يمانيون| تقرير تحليلي
في خضم حرب مفتوحة متعددة الجبهات، بات كيان الاحتلال الصهيوني يواجه واقعًا غير مسبوق، فالمعركة التي كان يأمل في حصرها داخل أسوار غزة، خرجت عن نطاق السيطرة وتوسّعت لتصل إلى عمق المجال الحيوي للعدو، من البحر الأحمر إلى مطار بن غوريون داخل الأراضي المحتلة.
ومع استمرار العمليات اليمنية من قلب صنعاء، لم يعد بالإمكان الحديث عن “معركة محلية”، بل عن تصدع استراتيجي شامل، بدأت ملامحه تتجلى بشكل صارخ في تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية اليوم، والذي حمل بين سطوره اعترافًا مؤلمًا بأن اليمن لم يعد مجرد لاعب داعم، بل محور ميداني فاعل يعيد تشكيل قواعد الاشتباك في المنطقة.
اليمن يغيّر قواعد اللعبة
وفق التقرير العبري، شنت القوات المسلحة اليمنية منذ 7 أكتوبر 2023 أكثر من 250 هجومًا صاروخيًا وجويًا على كيان الاحتلال، بمعدل عملية واحدة كل يومين..هذه الإحصائية ليست مجرد رقم، بل تعبير عن تحول نوعي في موقع اليمن ضمن خريطة المواجهة.
فالدعم لم يعد بيانًا سياسيًا ولا تسيير قوافل طبية، بل معادلة ردع نارية تضرب العمق في الأراضي المحتلة وتؤثر فعليًا في البنية الاقتصادية والنفسية للعدو.. وها هو صاروخ يمني واحد، يصيب طريق مطار بن غوريون، فيشل حركة شركات طيران عالمية، ويكشف هشاشة ما يُسمى بـ”الجبهة الداخلية”.
إنه التأثير المركب: خسائر اقتصادية مباشرة ترافقها هزة معنوية شديدة، حيث يُجبر ملايين المستوطنين مرارًا على الهروب إلى الملاجئ، في مشهد يُذكرهم يوميًا بأن “السماء لم تعد آمنة”، وأن غزة لم تعد وحدها في الميدان.
الضربات الصهيونية على اليمن.. العجز يسبق الإقلاع
لم يقف كيان الاحتلال مكتوف الأيدي، بل حاول إظهار “الردع” عبر شنّ غارات على منشآت يمنية في الحديدة وصنعاء.. لكن “هآرتس” نفسها تقر بأن هذه الغارات لم تُجدِ نفعًا، لأن اليمنيين باتوا يتقنون فن الإخفاء والتمنيع.
فالأهداف العسكرية – من قواعد إطلاق الصواريخ إلى مراكز القيادة – بُنيت داخل الجبال وفي أعماق الأرض، ما جعل تحديدها واستهدافها مهمة شبه مستحيلة.
وهنا يتكشف البُعد الأخطر: العدو لا يعاني فقط من فشل عملياتي، بل من عجز استخباراتي، إذ يفتقر إلى المعلومات الميدانية الدقيقة التي تمكّنه من توجيه ضربات حاسمة، وهو ما عبّر عنه حاييم تومر، المسؤول السابق في “الموساد”، بقوله إن “الضربات ليست حاسمة، ولن تكون كذلك دون بنية استخبارية داخلية”.
واشنطن تنسحب من الميدان.. وكيان الاحتلال يُترك لمصيره
وبينما تترنّح قيادة كيان الاحتلال، تزداد الأزمة عمقًا مع انكشاف الخذلان الأمريكي.. فقد كشفت “هآرتس” أن إدارة ترامب السابقة طلبت من كيان الاحتلال التوقف عن الرد على اليمن، متعهدة بأن تتولى واشنطن احتواء الهجمات اليمنية.
لكن ما حدث فعليًا هو إبرام تفاهم بين أمريكا وصنعاء: توقّف اليمنيون عن استهداف السفن الأمريكية، مقابل وقف الغارات الأمريكية على اليمن.
وبذلك، وجدت قيادة الاحتلال نفسها وحيدة في الميدان، تواجه تصاعد الهجمات اليمنية دون غطاء سياسي أو عسكري دولي.. لقد كانت هذه اللحظة نقطة تحوّل، إذ تعرّت هشاشة الكيان أمام قرار يمني مستقل، لا يخضع للابتزاز ولا يُردع بالتهديدات.
الشركات الدولية تغلق أجواء الأراضي المحتلة
وفي مشهد لا يقل دلالة، أعلنت شركة لوفتهانزا الألمانية، واحدة من أكبر شركات الطيران الأوروبية، وقف جميع رحلاتها من وإلى الأراضي المحتلة، بسبب التهديد اليمني المتصاعد.. وعلى الرغم من محاولات العدو طمأنتها عبر جولات أمنية في مطار بن غوريون، إلا أن الشركة لم تقتنع، وقررت عدم العودة، ليتبعها لاحقًا إعلان مماثل من شركة ITA الإيطالية.
هذا القرار لم يكن مجرد إجراء تقني، بل صفعة دبلوماسية وتجارية تؤكد أن صورة “الملاذ الآمن” التي لطالما حاول كيان الاحتلال تسويقها، قد تآكلت تحت وطأة الصواريخ اليمنية.
وباتت السماء – التي كانت تُدار يومًا بالكامل من مراكز الرقابة الجوية الصهيونية – ملغّمة بالخوف، تخضع لقرار يُتخذ في صنعاء.
استخبارات العدو تلهث خلف أوهام..
وبينما يعجز العدو عن اختراق البنية العسكرية اليمنية، تلجأ بعض دوائر المخابرات الغربية إلى سيناريوهات عبثية، كان أبرزها اقتراح استهداف مزارع القات بزعم أنها ستثير غضب المواطنين على القوات المسلحة اليمنية.
هذا الطرح الساذج يعكس حالة إفلاس فكري واستراتيجي، إذ ظنّ العدو أن اليمنيين سيفرّطون في سيادتهم ومواقفهم من أجل محصول نباتي!
والأدهى أن هذه الطروحات التي تستحق السخرية فعلا .. لاتعرف طبيعة الشعب اليمني الذي يتعامل مع القات كجزء من حياته اليومية، ولكنه لا يساوي عنده شيئًا حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو السيادة الوطنية.. فاستهداف القات لن يُنتج “ثورة داخلية”، بل مزيدًا من التماسك الشعبي خلف القوات المسلحة.
الاعتراف الأصعب: وقف الحرب على غزة هو الحل الوحيد
ومع انسداد الأفق العسكري والفشل السياسي، تصل “هآرتس” إلى الخلاصة التي حاول العدو تجاهلها طويلًا: إن الطريق الأقصر لوقف الهجمات اليمنية هو وقف العدوان على غزة.
فصنعاء قالتها منذ اليوم الأول، وتُكررها بعد كل صاروخ: “إذا توقفت الحرب، سنتوقف”، ومع ذلك، تواصل قيادة الاحتلال عنادها، متمسكة بـ”النصر الكامل” الذي بات مجرد وهم قاتل.
يقول حاييم تومر بوضوح: “الجميع يدرك أن الاستراتيجية الحالية محكوم عليها بالفشل، فكبار المسؤولين في كيان الاحتلال يعلمون أنهم لا يستطيعون إخضاع الحوثيين وحدهم”، بل ويطالب بأن تدرج الهجمات اليمنية ضمن أي اتفاق نووي أو تفاهم مستقبلي مع واشنطن، في اعتراف بأن صنعاء باتت رقمًا لا يمكن تجاهله في أي صيغة توازن قادمة.
من قلب صنعاء.. تُكتب معادلات جديدة للمنطقة
في زمن تُعاد فيه صياغة الجغرافيا السياسية للمنطقة، يفرض اليمن نفسه كفاعل استراتيجي لا يمكن تجاهله، لا بصفته داعمًا عاطفيًا لمحور المقاومة، بل كصانع معادلات وقوة ميدانية تكتب واقعًا جديدًا من قلب صنعاء حتى عمق الأراضي المحتلة.
لقد تجاوزت صنعاء دور المناصرة لتؤسس من موقعها الجغرافي وقدراتها السيادية منصة استراتيجية توازن كفة الصراع مع كيان الاحتلال، مثبتة أن الإرادة الحرة، حين تقترن بالوعي الشعبي والسلاح الوطني، قادرة على زلزلة موازين القوى وتفكيك أوهام الردع.
واليوم، لم يعد أحد يملك رفاهية تجاهل المعادلة اليمنية، التي باتت تنصّ بوضوح على أن الأمن في الأراضي المحتلة يمر أولًا بوقف العدوان على غزة، وأن السلام الحقيقي يبدأ من احترام خيارات الشعوب، أما الاستكبار والعدوان، فلن يكون حصاده سوى صواريخ صنعاء التي لن تهدأ ما دام هناك طفل فلسطيني يذبح أو أرض تُغتصب أو كرامة تُنتهك.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الأراضی المحتلة الهجمات الیمنیة کیان الاحتلال على غزة لم یعد
إقرأ أيضاً:
مسيرة حاشدة في جامعة صنعاء انتصارا لغزة
ورفعت الجماهير المشاركة في المسيرة الشعارات الرافضة للإبادة الجماعية والتجويع في غزة، ومرددة الهتافات الحماسية الداعية للحرية والاستقلال بالإضافة إلى الشعارات المناهضة للسياسيات الامريكية والصهيونية والحصار الذي يعيشه سكان القطاع.
وبارك المشاركون إعلان القوات المسلحة اليمنية تدشين المرحلة الرابعة من التصعيد اليمني إسنادا وانتصارا للأشقاء في فلسطين المحتلة.
وخلال المسيرة ألقيت عدد من الكلمات التي نددت باستمرار جرائم العدو والإبادة الجماعية في غزة على مرأى ومسمع العالم أجمع، مؤكدة على ثبات الموقف اليمني واستمراره في دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية وتحرير الأرض من الاحتلال الصهيوني.
واستنكر بيان صادر عن المسيرة الصمت العربي والإسلامي تجاه المجازر وسياسة التهجير الصهيونية التي يتعرض لها المواطنون في فلسطين المحتلة.
وأشاد البيان بالبطولات التي تسجلها المقاومة الفلسطينية والعمليات العسكرية التي جعلت العدو في حالة من الصدمة والإرباك.
وجدد الدعوة إلى كل العرب إلى الوقوف والانتصار للإشقاء في فلسطين وإيقاف المذابح الصهيونية في غزة، محذرة من الخذلان العربي والإسلامي أمام آلة القتل الصهيونية.
وأشار البيان إلى أن المطبعين العرب مع العدو الإسرائيلي والمتفرجين هم من دفع الصهاينة إلى الغي والفجور فيما يجري في غزة، مناديا العلماء والأكاديميين في جميع الجامعات إلى تحمل المسؤولية الدينية والوطنية.
ودعا أحرار الأمة العربية والإسلامية إلى المواصلة في أعمال والأنشطة والتعبئة العامة في كل مرافق الدولة ومؤسسات العسكرية والعلمية والدينية استجابة لدعوة السيد القائد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي للإسناد والانتصار للقضية الفلسطينية.
وبارك البيان كل الخيارات التي اتخذتها القيادة العسكرية والسياسية والعمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة.