جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@00:19:28 GMT

رسائل العيد

تاريخ النشر: 7th, June 2025 GMT

رسائل العيد

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

1- صلاة السلطان مع أبناء الشعب

السلطان المعظم- حفظه الله تعالى- يُؤدي صلاة العيد بين أبناء شعبه، وهو تقليد اعتاد عليه أبناء عُمان مع سلاطينهم، ويُجسِّد نوع العلاقة بين السلطان وأبناء شعبه، هذه العلاقة الخاصة التي تجذَّرت على الودِّ والمحبة والمسؤولية والمشاركة، وبُنيت على التقارب الذي هو أساس العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتأتي هذه المشاركة في مثل هذا المشعر الديني وغيرها من المشاعر والمناسبات، كحالةٍ خاصة ميَّزت سلاطين هذا الوطن على مر التاريخ.

إنَّ المشاعر التي يحملها أبناء الشعب لسلطانهم المعظم هي مشاعر تقدير واحترام ومقام الكبير، والقائد الذي يسمع ويطّلع، والذي يُوكل له الأمر ويُسلَّم له زمام الأمور، ثقةً وإرادةً صادقةً وإيمانًا بسعيه للمصلحة العامة للوطن وأبنائه، ومعها يحمل السلطان مشاعر الأبوة لأبناء الشعب والمسؤولية التي يحملها ويضطلع بها تجاه الوطن والمواطن. ولذلك تكون هذه المشاركة الشعبية تجسيدًا للتلاحم والتقارب الذي يعيشه أبناء الوطن مع حُكَّامهم، وما يتبع ذلك من السلام عليه. هذا التقليد الذي استمر وسوف يستمر باذن الله تعالى من ولاية إلى ولاية.

2- السبلة في يوم العيد

لا مكان يُعلِّم السمت والسنع، كما تفعل السبلة في مجتمعنا العُماني؛ فالسبلة ليست بناءً مجردًا؛ بل هي سلسلة من القيم والمبادئ والتاريخ والعادات والتقاليد التي حفظت للمجتمع هُويته الثقافية والاجتماعية. والسبلة منذ القدم جمعت الكثير من الاحداث في المجتمع؛ فهي مكان كل مناسبة سعيدة كانت أم حزينة، كل التجمعات التي تُعزِّز أواصر المجتمع وتلاحُم أبناء القبيلة بالخصوص والمجتمع بالعموم. في السبلة يُشاهِد الأبناء دروسَ الحياة من الآباء والأجداد، تطبيقًا عمليًا، لا أقوال، وهناك تنتقل العادات والتقاليد الاجتماعية بين الأجيال.

وفي العيد تزدان السبلة لتُتَوِّج قمَّة فرحة العيد، عندما يجتمع أبناء القبيلة فيها، يتبادلون التهاني والتبريكات بمناسبة العيد السعيد، وينقلون عادات العيد للأجيال القادمة. وفي غمرة هذه الاحتفالات تُمارَس الطقوس العُمانية من فنون شعبية وتراثية، وعادات تتناسب مع المناسبة الدينية التي تجد التقدير والتقديس من أبناء هذا البلد المسلم. وهذه الشعيرة الدينية التي أمر الله تعالى بها وأوجب على المسلمين الاحتفال بها؛ تكريمًا ليوم الحج الأكبر وشعائره. ولأن السبلة هي مكان اجتماع أبناء القبيلة، كان لا بُد لها من أن تستمر في نقل هذه العادات والتقاليد والمشاعر بين الأجيال.

3- زيارات العيد

في هذه الأيام المُبارَكة يغتنمُ العُمانيون فرصة الاحتفال بالعيد، ليصلوا الأرحام، وإن كانت صلة الرحم مستمرة لا تنقطع إلّا أن هذه الأيام لها رونقها وطبيعتها الخاصة؛ ففي هذه الأيام تتجمع الأسر بكل أفرادها، وتفد إلى المدن والقرى في مشهد مُتفرِّد بكل خصوصياته في هذا البلد، ويكاد يكون مُميَّزًا عن غيرها من البلدان، ولا أظن أنني سمعتُ بهذا من قبل في أي بلد آخر. وفي العيد تكون زيارة المرضى وكبار السن مظهرًا مشهودًا يقوم به الجميع.

وهذه العادة مُستمرة وتتناقلها الأجيال من جيل إلى جيل، وهي ترسيخ لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف، ونهج قيمي استقرت عليه عادات أبناء الشعب العُماني الذي لا نستغرب عندما نشاهد كل هذه المظاهر في أيام العيد، وكيف اكتسب هذا الوطن التسامح والتعايش والتعاضد والتلاحم.

العيد بهجة وحالة خاصة في سلطنة عُمان يعيشها الغريب قبل القريب، والذي لا يكاد زائر أو مقيم أن يُدرِك كل ذلك من أول مناسبة يعيشها بين أبناء هذا البلد الطيب.

والمولى أسأل أن يحفظ هذا الوطن وقيادته وشعبه، وأن يُعيد هذه المناسبات بالخير والبركات.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الرد على رسائل القراء

في هذه الزاوية الأسبوعية، التي سارت منذ بدايتها على نهج ثابت في تناول القضايا التربوية والتعليمية والإرشادية، أحرص على تقديم رؤى تتفاعل مع الواقع التعليمي وتفهم تحوّلاته وتحدياته، بلغة علمية مسؤولة، تنشد العمق دون تعقيد، والتأمل دون انفعال.
وقد التزمت أن تظل هذه الزاوية قريبة من نبض الميدان، تستمد مادتها من الطلاب، وأولياء الأمور، والمعلمين، والعاملين في الحقل التربوي، وتعيد تشكيل هذه الأصوات في إطار تحليلي هادئ يركّز على الفهم العميق.
ولم تكن هذه الزاوية يومًا منبرًا لصوت واحد، بل تأسّست على التفاعل والانفتاح، واستقبلت على الدوام رسائل القرّاء؛ بما فيها من آراء، واستفسارات، وتساؤلات، وملاحظات نقدية بنّاءة تستحق التأمل.
وقد آثرت الرد على هذه الرسائل عبر هذه الزاوية لتكرار مضامينها أو تشابه طلباتها، فرأيت أن يكون الجواب هنا أعم نفعًا وأوسع فائدة.
وفي هذا العدد، أقدّم ردودًا مختصرة ومباشرة على عدد من الرسائل التي وصلتني مؤخرًا، وذلك على النحو الآتي :
ــــ عبدالرشيد تركستاني: ما حدث لابنك من تجاوز من أحد المعلمين يستوجب تدخلًا رسميًا، فلا تربية دون احترام.
ــــ محمد همّام: ارتفاع رسوم المدارس الأهلية غير المبرر يستدعي رقابة حازمة ومراجعة تنظيمية.
ــــ أحمد آدم: التقنية التعليمية وسيلة داعمة، لا بديل عن دور المعلم والعلاقة الإنسانية.
ــــ فيصل السلمي: كثافة الواجبات لا تعني جودة، والأجدر التركيز على نوع المهمة لا عددها.
ــــ عبدالمحسن المطيري: شعور طالب الدراسات العليا بالإحباط لا يعني الفشل؛ خذ خطوة هادئة، وواصل بحثك بثقة.
ــــ د. محمد العتيبي: موضوع التقاعد الأكاديمي تناولته سابقًا في مقال يمكن الرجوع إليه.
ــــ سعد القحطاني: القبول في الدراسات العليا يجب أن يُبنى على الكفاءة، وليس على المعدل وحده.
ــــ حسين خليفة: القيمة الحقيقية لعودة المشرفين التربويين للميدان تكمن في وضوح الأدوار وجودة الممارسة، لا في الحضور الإداري وحده.
ــــ خلف الثبيتي: إعادة هيكلة إدارات النشاط والموهوبين خطوة موفقة، لكن الأثر الحقيقي مرهون بمدى تفعيلها عمليًا داخل المدارس.
ــــ علي الشريف: النظر في آلية نقل أعضاء هيئة التدريس بين الجامعات قضية تستحق التفكير الجاد في تطويرها، لما فيها من تعزيز للكفاءة وتبادل الخبرات.
ــــ د. أحمد سليمان: مشاركة عضو هيئة التدريس في المؤتمرات العلمية، المحلية والدولية، ضرورة علمية ومهنية، لا ينبغي أن تُقابل بعوائق إدارية أو تهميش للجدوى.
ــــ د. فهد الأحمدي: طرحك جدير بالاهتمام، وقد لامس فكرة سبق أن راودتني، وستكون- بإذن الله- محورًا لأحد الموضوعات القادمة في هذه الزاوية.
ـــ مشعل الزهراني: مقترح تخصيص حصة أسبوعية لتعليم مهارات الحياة والتعامل مع الضغوط مقترح مهم، فالتربية الحديثة لا تكتفي بالمحتوى العلمي، بل تهتم ببناء الشخصية المتزنة.
ـــ فيصل الغامدي: الصعوبة في التواصل مع أعضاء هيئة التدريس خارج وقت المحاضرة، قد يعزى إلى تعدد مهام عضو هيئة التدريس، ويبقى من حق الطالب الحصول على وقت كافٍ للإرشاد الأكاديمي، ويُستحسن تنظيم ساعات مكتبية معلنة لذلك.
ـــ صالح اليامي: عدم اكتشاف مشكلة ابنك القرائية إلا في الصف الرابع، قد تعزى مسؤوليته إلى المدرسة والأسرة معًا، ويجب تعزيز أدوات التشخيص في الصفوف الأولى.
وختامًا، فإن تنوع الرسائل واختلاف الأصوات يعكس وعيًا تربويًا حيًا، وحرصًا صادقًا من فئات المجتمع التعليمي على تطوير الميدان. وبين تساؤلات، وتأملات، وهموم، تتكوّن صورة أوضح للمشهد التربوي، ويُفتح المجال لفهم أعمق وحوار مستمر. فالتربية مشروع تشاركي لا ينهض إلا بتكامل الرؤى واستمرار الإصغاء.

مقالات مشابهة

  • نهيان بن مبارك: رئيس الدولة حريص على تمكين أبناء وبنات الوطن
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • حماة الوطن يدعو أبناء مصر بالخارج للمشاركة بإيجابية في انتخابات مجلس الشيوخ 2025
  • العماد هيكل في أمر اليوم بمناسبة العيد الثمانين للجيش: سنبقى الضامن لجميع اللبنانيين
  • الرد على رسائل القراء
  • إطلاق فعاليات احتفالية العيد القومي لمحافظة الإسكندرية الـ73
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • الملك محمد السادس يهنئ رئيسة جمهورية البيرو بمناسبة العيد الوطني لبلادها
  • سليمان: حصرُ السلاح في يد الجيش هو العيدُ الحقيقي
  • وزير الإعلام الدكتور حمزة المصطفى: نأمل بكل صدق ألا تُعرقل هذه القوافل من الجهة الخارجة عن القانون التي تسعى لتوظيف معاناة أهلنا لأهدافها الانعزالية