في عالم تتسارع فيه وتيرة التطورات التكنولوجية، ظهرت منصات بحثية ذكية تعيد تعريف كيفية حصولنا على المعلومات.

وأحدثت "بيربليكسيتي" (Perplexity) نقلة نوعية في سوق الذكاء الاصطناعي بإطلاقها ميزة "البحث العميق" (Deep Research).

وكما يوحي اسمها، فإن هذه الميزة تنتج تقارير بحثية شاملة في دقائق، وتتيح للمستخدمين إمكانيات ذكاء اصطناعي متقدمة بتكلفة زهيدة مقارنة بتكاليف الشركات التقليدية.

وتهدف هذه الميزة إلى تقليل وقت المستخدم في إجراء الأبحاث وإجراء التحليلات بشكل مستقل، وهي تجمع بين النماذج اللغوية الكبيرة وقدرات البحث الفوري وقدرات البرمجة ووظائف الاستدلال المنطقي.

وتقدم ميزة "البحث العميق" إجابات دقيقة مدعومة بمصادر موثوقة من خلال تحسين البحث بشكل متكرر، وهي تحاكي بذلك الباحثين البشريين الخبراء ولكن بسرعة الآلة.

وتعتمد هذه الميزة على بنية تقنية معقدة تهدف إلى تبسيط عمليات البحث الأكاديمية والمهنية، مما يفتح آفاقًا جديدة لتسريع الابتكار في مجالات البحث العلمي والتطوير التقني.

أوجد الذكاء الاصطناعي للمؤسسات فجوة رقمية بين الشركات المدعومة ماليًا وغيرها من الشركات (شترستوك) كيف تعمل ميزة "البحث العميق"

تسعى "بيربليكسيتي" إلى أن تصبح خبيرة في أي مجال من خلال ميزة "البحث العميق"، التي تجمع بين التفكير الذاتي والمعالجة السريعة لتقديم تقارير شاملة حول مواضيع متخصصة.

إعلان

وتستطيع الميزة إجراء عمليات بحث متعددة وقراءة مئات المصادر للحصول على المعلومات التي يحتاجها المستخدم وعرضها في تقرير شامل.

وعندما تطرح سؤالا من خلال ميزة "البحث العميق"، تجري "بيربليكسيتي" عشرات عمليات البحث، وتقرأ مئات المصادر، وتستدل من خلال المواد لتقديم تقرير شامل بشكل مستقل.

وتستخدم الميزة في جوهرها إطار عمل خاصا يسمى "توسيع نطاق الحوسبة في وقت الاختبار" (TTC)، الذي يسمح بالاستكشاف المنهجي للمواضيع المعقدة.

وعلى عكس محركات البحث التقليدية التي تسترجع نتائج ثابتة، تحاكي بنية إطار العمل الخاص العمليات المعرفية البشرية من خلال تحسين فهمها بشكل متكرر من خلال دورات التحليل.

ويبدأ النظام بتحليل الاستعلام إلى مكونات فرعية، ومن ثم يجري بشكل مستقل عشرات عمليات البحث على الويب، ويقيم مئات المصادر، ويجمع النتائج من خلال نماذج الاستدلال الاحتمالي.

ويتيح هذا النهج المتعدد الطبقات للذكاء الاصطناعي التوفيق بين المعلومات المتناقضة، وتحديد الأنماط الناشئة، وتحديد أولويات المصادر الموثوقة.

وبفضل إمكانيات البحث والترميز، فإن بإمكان الميزة البحث بشكل متكرر، وقراءة المستندات وتحليلها، ودراسة الأسباب وراء الخطوات التالية، مما يحسن خطة البحث مع ازدياد معرفتها بمجالات البحث.

وبعد أن تقيم الميزة المواد المصدرية تقييما كاملا، تنشئ تقريرا يلخص جميع الأبحاث بوضوح وشمولية.

وبمجرد إنشاء التقرير، يمكن للمستخدمين تصديره كملف أو مستند، أو حتى تحويله إلى صفحة لمشاركته مع الزملاء والأصدقاء.

وتشبه طريقة عمل الميزة الطريقة التي يبحث بها الإنسان عن موضوع جديد، محسنا فهمه طوال العملية.

وتستخدم ميزة "البحث العميق" استيعاب البيانات بالتوازي وتقنيات التلخيص الهرمي لتقديم تقارير بمستوى الخبراء خلال ما بين دقيقتين و4 دقائق، في حين قد يقضي الباحث البشري ساعات على نفس الطلب.

إعلان

وتقدم الميزة ملخصا مفيدا لأي موضوع تطلبه، كما أن الاستشهادات المضمنة تسهّل التحقق من المعلومات.

وحققت الميزة دقة قدرها 93.9% في معيار "سيمبل كيو إيه" (SimpleQA)، وهو بنك أسئلة يضم آلاف الأسئلة التي تختبر صحة البيانات.

وأحرزت الميزة 20.5% في معيار الذكاء الاصطناعي المسمى "الاختبار الأخير للبشرية" (Humanity’s Last Exam)، وهو بمنزلة تقييم دقيق للنماذج اللغوية الكبيرة مكون من أكثر من 3 آلاف سؤال حول أكثر من مئة مادة، بما في ذلك الرياضيات والعلوم والتاريخ والأدب.

بخلاف مزايا البحث العميق من "غوغل" و"أوبن إيه آي" التي تستخدم نماذج لغوية كبيرة خاصة تستخدم "بيربليكسيتي" إصدارًا مخصصًا من "ديب سيك آر وان" (شترستوك) كسر حواجز التكنولوجيا المتقدمة

بالاستعانة بالمصادر المفتوحة، أحدثت الشركة ثورة في أسعار أدوات البحث المتقدمة للذكاء الاصطناعي من خلال توفير وصول مجاني إلى "البحث العميق"، وإن كان ذلك مع حدود يومية للاستعلامات.

وبخلاف مزايا البحث العميق من "غوغل" و"أوبن إيه آي" التي تستخدم نماذج لغوية كبيرة خاصة، تستخدم "بيربليكسيتي" إصدارًا مخصصًا من "ديب سيك آر وان" (DeepSeek R1)، وهو نموذج لغوي مفتوح المصدر.

وتواصل الشركة سعيها لجعل الميزة أسرع وأقل تكلفة، إذ يجب أن تكون المعرفة متاحة للجميع ومفيدة، مع عدم حصرها في باقات الاشتراك المؤسسية المكلفة.

وأسهم الذكاء الاصطناعي المنخفض التكلفة من الشركة في كسر حواجز التكنولوجيا المتقدمة، حيث تتجاوز الآثار مسألة التسعير.

وأوجد الذكاء الاصطناعي للمؤسسات فجوة رقمية بين الشركات المدعومة ماليًا وغيرها من الشركات، وحرم الشركات الصغيرة والباحثين والمهنيين الذين لا يستطيعون دفع اشتراكات بآلاف الدولارات من قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

ويغير نهج "بيربليكسيتي" هذا الأمر، إذ تعالج الميزة مهام معقدة، من التحليل المالي وأبحاث السوق إلى الوثائق التقنية ورؤى الرعاية الصحية.

إعلان

ويستطيع المستخدمون تصدير التقرير إلى ملف "بي دي إف" (PDF) أو "صفحة بيربليكسيتي" (Perplexity Page)، مما قد يغني عن اشتراكات البحث المكلفة والأدوات المتخصصة.

ويمكن للمستخدمين المتقدمين تحسين جودة النتائج من خلال الخيارات التالية:

صياغة الاستعلام: صغ الأسئلة بمعلمات نطاق واضحة. ترجيح المصدر: حدد أولويات المجالات من خلال التلميحات. توجيهات التنسيق: حدد الاحتياجات الهيكلية.

ويحصل المشتركون المحترفون على ميزات إضافية، مثل إنشاء قوالب مخصصة والوصول إلى واجهة برمجة التطبيقات لمعالجة الدفعات.

وتخطط الشركة لتوسيع نطاق ميزة "البحث العميق" لتشمل أنظمة "أندرويد" و "آي أو إس" و "ماك"، مما قد يسرع من اعتمادها بين المستخدمين الذين كانوا يعتبرون سابقًا أدوات الذكاء الاصطناعي بعيدة المنال.

وقد يكون هذا الوصول الواسع أكثر قيمة من أي تقدم تقني، إذ يضع قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في أيدي المستخدمين الذين هم في أمس الحاجة إليها.

كيف تفيد الميزة البشرية؟

لا شك في أن الطبيعة المستقلة للميزة تقدم مجموعة واسعة من الفوائد للمستخدمين، إلى جانب توفير الوقت في البحث عبر مصادر لا حصر لها.

وتستطيع الميزة تقليل الوقت اللازم لإجراء بحث معمق بشكل كبير، مما يسمح للمستخدمين بالتركيز على تحليل المعلومات أو تطبيقها.

ونظرا إلى قدرة الميزة على استكشاف مجموعة واسعة من المصادر ومعالجة الأسئلة الفرعية بشكل منهجي، فإن بإمكانها العثور على معلومات قد تغفلها عمليات البحث التقليدية.

وبسبب قدرتها على استخلاص المعلومات من مصادر مختلفة، فإن فرص إنتاجها لإجابات دقيقة خالية من التحيز تزداد، وتقدم منظورا أكثر توازنا للمستخدمين.

كما أنها تجعل الأبحاث المعقدة في متناول الجميع، حتى أولئك الذين لا يمتلكون الخبرة أو الموارد الكافية لإجراء بحث معمق بشكل مستقل.

إعلان

وتستطيع ميزة "البحث العميق" توليد نتائج عمل في مجالات متنوعة، بما في ذلك المالية والتسويق والتكنولوجيا وغيرها، بطريقة تضاهي أي مستشار شخصي آخر في مجال الصحة وأبحاث المنتجات وتخطيط السفر.

وتشمل مجالات عمل هذه الميزة جميع القطاعات، مثل البحث الأكاديمي والصحافة وأبحاث السوق وتحليل المنافسين والبحث القانوني والبحث الطبي وكتابة الرسائل العلمية وحتى التعلم الشخصي في مواضيع متنوعة.

ختامًا، تفتح ميزة "البحث العميق" آفاقًا جديدة فيما يتعلق بتجميع المعلومات، حيث يتيح الذكاء الاصطناعي للأفراد التعمق في مجموعة واسعة من المواضيع واكتساب رؤى ثاقبة.

وبالرغم من استمرار التحديات، مثل الاعتبارات الأخلاقية، والموثوقية والدقة، والمعلومات المضللة، فإن فوائدها قد تكون كبيرة في العمليات التجارية وكذلك في الحياة الشخصية.

ومع تقدمنا ​​نحو المستقبل واستمرار تطور الذكاء الاصطناعي، قد تزداد قوة وكفاءة هذه الميزة في إجراء البحوث وتغيير كيفية تفاعلنا مع المعلومات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج الذکاء الاصطناعی عملیات البحث البحث العمیق هذه المیزة بشکل مستقل من خلال

إقرأ أيضاً:

احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل

الرياض

أثار مقطع فيديو تم إنشاؤه عبر تقنية Veo 3 للذكاء الاصطناعي جدلًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، بعدما ظن كثيرون أنه يصور مشهدًا حقيقيًا لفتاة من الواقع، قبل أن يتبين لاحقًا أنه مجرد إنتاج رقمي دقيق لا علاقة له بالحقيقة.

المقطع، الذي نشره أحد الحسابات المهتمة بالتقنيات الحديثة، صور فتاة تتحرك في مشهد طبيعي للغاية من حيث الإضاءة، وتفاصيل الوجه، ولغة الجسد، ما دفع بعض المتابعين لمحاولة البحث عنها والتفاعل معها على أساس أنها شخصية حقيقية، دون إدراك أنها من صنع خوارزميات.

الفيديو أعاد تسليط الضوء على التحديات الأخلاقية والمخاطر المحتملة المرتبطة بتطور أدوات الذكاء الاصطناعي، خاصة في قدرتها على خلق محتوى واقعي بالكامل لأشخاص لا وجود لهم، مما يفتح الباب أمام الاستخدامات الخاطئة مثل التضليل، الابتزاز، أو التلاعب بالمعلومات.

ومن جهتهم، شدد خبراء التقنية على ضرورة التحقق من مصادر المحتوى قبل تصديقه أو تداوله، داعين إلى تعزيز الوعي الرقمي بين المستخدمين في ظل تسارع تطور أدوات إنشاء الصور والفيديوهات الذكية.

كما علق أحد المتخصصين قائلًا: “في عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد كل ما تراه عينك حقيقة، كن واعيًا ولا تقع في الفخ”.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/06/oZfq2Hzr0o1X6UDr.mp4

مقالات مشابهة

  • جامعة القاهرة تتصدّر أبحاث الذكاء الاصطناعي في مصر بـ2,191 بحثًا
  • «شرطة دبي» تنظم ورشة تعريفية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • خلال محاكمة.. الذكاء الاصطناعي يحيل إلى مرجع غير موجود
  • الفيفا تعلن إعتماد نظام جديد لكشف التسلل بإستخدام الذكاء الاصطناعي
  • واتساب يطلق ميزة لإنشاء روبوتات دردشة بالذكاء الاصطناعي دون برمجة
  • تعليم نماذج الذكاء الاصطناعي ما لا تعرفه
  • واتساب يختبر ميزة إنشاء مساعد مدعوم بالذكاء الاصطناعي
  • نقابات العمال الأمريكية تبدأ معركتها ضد الذكاء الاصطناعي
  • احذر فخ الذكاء الاصطناعي: مشهد وهمي بتقنية Veo 3 يثير الجدل