في غزة.. الجوع يتكلم والمأوى حلمٌ مكسور
تاريخ النشر: 9th, June 2025 GMT
في شوارع قطاع غزة، لم يعد أكثر ما يُسمَع هو ضجيج الحياة، بل أنينها. كلمات بسيطة، موجعة، تتردد على ألسنة الكبار قبل الصغار: «أنا جائع.. أنا بلا مأوى». هذه العبارة، التي ربما تُقال في لحظة تعب أو ألم، باتت اليوم في غزة حالةً وجودية، تصف واقعًا قاسيًا تعيشه الغالبية الساحقة من السكان منذ شهور طويلة.
الجوع.
الجوع في غزة ليس عارضًا، ولا أزمةً مؤقتة، بل هو الصوت الأعلى، يتحدث من بطون خاوية، ومن وجوه شاحبة، ومن نظرات الأطفال التي فقدت بريقها. مئات الآلاف باتوا لا يملكون قوت يومهم، ولا قدرة لهم على شراء ما يسدّ رمقهم. المخابز تُغلَق أو تُقصَف، والمساعدات شحيحة ومتقطعة، وأسعار المواد الغذائية – حين تتوفر- تفوق قدرة أيّ عائلة متوسطة أو فقيرة.
في زمن الحرب الممتدة، والحصار المستمر، لم يعد الجوع صدمةً طارئة، بل أصبح رفيقًا دائمًا، يجلس على موائد خاوية، لا يبرحها، ويُحدث في النفوس أثرًا لا يندمل.
المأوى.. صار حلمًا بعيدًا
الشق الثاني من العبارة لا يقلّ فداحة: «أنا بلا مأوى»، مئات آلاف النازحين في غزة فقدوا بيوتهم تحت ركام القصف. منازل تحوّلت إلى ذكريات، وأحياء بأكملها أُزيلت من الخارطة. يعيش الناس اليوم في خيام ممزقة، أو مدارس مكتظة، أو بين الجدران المحطمة، بلا خصوصية، ولا أمن، ولا أمل.
أن تكون بلا مأوى لا يعني فقط فقدان البيت، بل يعني فقدان الاستقرار، وتآكل الإحساس بالأمان، وضياع المستقبل. إنها حالة من الانكشاف الكامل أمام البرد، والحر، والخوف، والمرض، والمجهول.
كلمات تلخّص المأساة
«أنا جائع.. أنا بلا مأوى» ليست مجرد كلمات، بل شهادة حيّة على واقع إنساني كارثي. عبارة تخرج من فم الطفل كما من فم الجريح، من المرأة الثكلى كما من الشاب الذي حُرم من أبسط حقوق الحياة. إنها تلخّص أزمة مركّبة من حرب، وحصار، وفقر، ونزوح، وخذلان عالمي.
ورغم بساطتها، فإن هذه العبارة تطرق أبواب الضمير الإنساني بقوة. فهل من أحدٍ يسمع؟ هل من ضميرٍ يتحرّك؟ أم أن الاعتياد على مشاهد الألم جعل حتى الجوع والنزوح مشهدًا عاديًا؟
غزة لا تطلب المستحيل
لا تطلب غزة الكثير. تطلب فقط أن تأكل، أن تسكن، أن تعيش بكرامة. تطلب ألا يسمع العالم صراخها فحسب، بل أن يستجيب. تطلب أن تكون الطفولة طبيعية، لا معركةً من أجل البقاء. أن تكون البيوت بيوتًا، لا أهدافًا. أن يكون الخبز متوفرًا، لا أمنية.
لكن في ظل عالمٍ أصمّ، تبقى هذه العبارة تتردد كل يوم، كل لحظة:
«أنا جائع.. أنا بلا مأوى».
وتبقى غزة تنتظر… أن يسمعها من لا يريد أن يسمع.
*صحفي فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
باكستان تطلب تدخلًا دوليًا لردع التصعيد الهندي
دعت باكستان إلى تدخل من جانب القوى العالمية لحل القضايا الرئيسية مع الهند، في خضم التوترات المستمرة بينهما، وفقًا لما صرح به أعضاء وفد رفيع المستوى يطرح موقف إسلام آباد، اليوم الأحد، عقب وصولهم إلى لندن.
وكانت باكستان قد أطلقت، في وقت سابق من هذا الشهر، حملة تواصل واسعة النطاق في الولايات المتحدة لعرض وجهة نظرها بشأن النزاع الأخير مع الهند، ولمواجهة تنامي نشاط جماعات الضغط التابعة لنيودلهي هناك.
وكجزء من تحركها العالمي، وصل الوفد إلى لندن، ومن المقرر أن يزور أيضًا بروكسل، وفقًا لصحيفة "دون" الباكستانية.
ويتألف الوفد وزراء الخارجية السابقين بيلاوال بوتو زرداري، وحنا رباني خار، وخرم داستجير، وأعضاء مجلس الشيوخ شيري رحمن، ومصدق مالك، وفيصل سوبزواري، وبشرى أنجوم بوت، إلى جانب المبعوثين رفيعي المستوى جليل عباس جيلاني وتهمينا جانجوا.
وقال داستجير لقناة "جيو نيوز" الباكستانية، بعد وصوله إلى المملكة المتحدة، إن "المقاومة التي واجهناها تمثلت في اعتقاد الأمريكيين بأنه بما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توسط في وقف إطلاق النار، فلا حاجة إلى مزيد من التدخل، وكانت مهمتنا تحديدًا هي: أن نجعلهم يدركون أن التدخل ضروري."
وأكد داستجير أن الوفد الدبلوماسي حقق أهدافه.
وأضاف داستجير، العضو السابق في الجمعية الوطنية الباكستانية (مجلس النواب: "لقد طرح وزراؤنا أيضًا هذا الموقف، والذي تمثل في أنه إذا لم تأت الهند إلى طاولة المحادثات مجددًا، فإن الحرب في شبه القارة ستكون حتمية بسبب قضية المياه، وسلوك الهند غير المسؤول، الذي يتمثل في قولها إنها لا تحتاج إلى أدلة على اندلاع حرب.