جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-12@01:04:23 GMT

وداع العيد ومرافئ الأخلاق

تاريخ النشر: 10th, June 2025 GMT

وداع العيد ومرافئ الأخلاق

 

 

د. ذياب بن سالم العبري

يمضي العيد، ويبقى السؤال: هل حفظنا من العيد روحه، أم اكتفينا بفرحه؟

رحل عيد الأضحى كما يرحل النسيم الخفيف، يترك خلفه في القلب أثرًا لا يُمحى من البهجة والسكينة. وقد شهدتُ مع الناس تكبيراتهم المدوية في الساحات، وملامحهم التي أضاءتها أنوار الطاعة والإيمان. هناك، في ذلك الجمع الطيب، جاءت خطبة العيد هذا العام في عُماننا الحبيبة لتوقظ فينا معنى أعمق من الفرح الظاهري؛ معنى يربط بين العيد وبين أخلاقنا في مُعاملاتنا اليومية.

كانت الخطبة دعوة واضحة للرجوع إلى المبادئ الثابتة: الصدق، والأمانة، والعدل، والرحمة. وقد أدركتُ، وأنا أستمع، أن هذه القيم ليست ترفًا أخلاقياً، بل هي أساس لا تقوم حياة إنسانية من دونه.

وكم تذكرتُ حينها ما أشار إليه علماء الاجتماع منذ القدم، وعلى رأسهم ابن خلدون، حين ربطوا بقاء الدول والمجتمعات بحسن الأخلاق وحفظ الحقوق. فقد كتب في مُقدمته أن العمران يفسد حين تضعف الثقة بين النَّاس، وأن القيم إذا خَبَتْ، تراجعت الأمم مهما بدت قوية في ظاهرها.

وقد تأملتُ، وأنا أرى تلك الصفوف البيضاء تصطف خاشعة، كيف أن العيد لم يكن مجرد مناسبة للفرح، بل كان مدرسة لتجديد العهد مع الله، ولتصحيح مسار تعاملاتنا مع بعضنا البعض. كنَّا بحاجة أن نتذكر أن العيد فرصة للعودة إلى مبادئ التسامح والصدق والعدل.

ورأيتُ في أيام العيد نماذج مشرقة لدور الهيئات الخيرية في مجتمعنا. فقد كانت جسور التلاحم تمتد، تردم الفوارق بين طبقات المجتمع، وتؤكد معنى التكافل الذي دعا إليه ديننا الحنيف. كانت أيادي الخير تصل المحتاج، وتجبر خاطر الضعيف، وترسم في ملامح الجميع صورة المجتمع الواحد الذي لا يتخلى عن أبنائه، ولا يترك أحدًا خلفه.

لقد أيقنتُ أنَّ الأخلاق ليست جزءًا من حياتنا، بل هي حياة متكاملة. العدل لا يكتمل إلا بالرحمة، والكرم لا يكون إلا بالتواضع، والعلم لا ينفع إلا بصدق صاحبه. وقد علمنا التاريخ، أنَّ المجتمعات التي تحفظ أخلاقها تحفظ قوتها، وأن من رام عزًا بلا خُلق، فقد رام المستحيل.

وفي وداع العيد، حين خفَتَ التكبير في الساحات، وأقبلت الليالي تتوالى بهدوء، حملتُ معي رسالة لا تغادر القلب: أن الأخلاق هي ما يبقى، وهي ما يمنح الحياة طعمها الأصيل. فإن أردنا لعماننا دوام العزة، ولأمتنا بقاء الهيبة، فعلينا أن نعيد للمعاملة شرفها، وللكلمة صدقها، وللقلوب صفاءها.

وداعًا أيها العيد، وداعًا أيها النور الذي يذكرنا في كل عام أن في الأخلاق حياة، وفي التمسك بها مستقبل يليق بنا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الركراكي: التغييرات في المباراة مع البنين كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين

قال مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم، وليد الركراكي، أمس الاثنين بفاس، إن التغييرات في المباراة الودية ضد المنتخب البنيني، كانت مهمة وضرورية من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين، مضيفا أن التغيير دائما ما يؤثر على الأداء.

وأوضح الركراكي، في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة التي فاز بها الأسود بهدف دون رد، في المركب الرياضي بالعاصمة العلمية، أن اللاعبين الذين دخلوا لأول مرة تعاملوا بشكل جيد مع المباراة واستطاعوا تحقيق الفوز ومنع الخصم من خلق فرص حقيقية للتسجيل.

وأضاف أن المباراة كانت فرصة مواتية من أجل منح الفرصة للعديد من اللاعبين الذين خاضوا أول مباراة لهم كأساسيين، مشيرا إلى أن بعض العناصر كانت مستعجلة من أجل إبراز علو كعبها رفقة المنتخب « ما يتسبب بارتكاب بعض الأخطاء ».

وتابع « ما يهم في مباريات نهاية الموسم هو تحقيق الفوز بصرف النظر عن الأداء، لا سيما بعد موسم مليء بالمنافسات »، لافتا إلى أن المباريات لا تتشابه وهناك تفاصيل تجعل كل مباراة تختلف عن الأخرى.

وأشار إلى أن بعض المباريات تستحق المغامرة من أجل تجريب بعض اللاعبين في مراكز معينة، مؤكدا « هناك العديد من النواحي التي يجب تطويرها وهذا ما سنعمل عليه في المباريات المقبلة لتعزيز الحصيلة الإيجابية للمنتخب الوطني ».

وكان المنتخب الوطني المغربي تفوق على نظيره التونسي، بهدفين دون رد، في المباراة الودية التي جمعتهما الجمعة الماضي، على أرضية ملعب فاس الكبير.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: المذاهب الفقهية كانت موجودة على عهد النبي
  • الأخلاق الناعمة في المجتمع العمانيّ
  • نجل الشهيد خالد عبد العال: مواقف والدي كانت دائمًا بطولية.. وربانا على التضحية
  • ترامب: لوس أنجلوس كانت ستحترق بالكامل إذا لم نرسل قوات
  • وداعًا أيها البطل.. مصر تودع خالد رمز الشهامة والتضحية
  • الركراكي: التغييرات في المباراة مع البنين كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين
  • وزير الداخلية: دعم وتوجيهات القيادة سر نجاح خطط الحج.. منى.. قصة وداع لا تنسى
  • أحمد الشرع يتحدث عن والدته: كانت تشعر أنني على قيد الحياة دون خبر عني لـ7 سنوات
  • إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ