مفترق طرق نووي بين واشنطن وطهران وسط خلافات أمريكية إسرائيلية
تاريخ النشر: 11th, June 2025 GMT
في أروقة السياسة الدولية، حيث تُنسج الخيوط الدقيقة بين الدبلوماسية والتهديد، تعود الأزمة النووية الإيرانية إلى واجهة الأحداث لتفرض إيقاعها على أجندات العواصم الكبرى. وبينما تشهد المنطقة حالة غليان متصاعدة، تتقاطع فيها الحسابات العسكرية مع الرهانات التفاوضية، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام معادلة دقيقة: بين رغبتها في تجنب حرب شاملة، وضغوط الحلفاء وفي مقدمتهم إسرائيل، التي ترى في الوقت الراهن فرصة أخيرة للردع.
وبينما تتجه الأنظار إلى مسقط، حيث يُنتظر أن تستضيف الجولة السادسة من المحادثات الأمريكية الإيرانية، تكشف المواقف المتباينة داخل التحالف الأمريكي الإسرائيلي عن انقسامات قد تؤثر على مستقبل الملف النووي بأكمله.
بينما تواصل طهران وواشنطن التحضير لجولة جديدة من المفاوضات النووية، كشف مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون عن تصاعد الخلافات بين البلدين بشأن كيفية التعامل مع إيران. فبينما تُصر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعطاء المسار الدبلوماسي فرصة أخيرة، تزداد المخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهة عسكرية قد تُشعل المنطقة بأكملها.
وفي تطور لافت، أكد قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال مايكل كوريلا، خلال جلسة استماع في الكونغرس، أن البنتاغون قدّم للبيت الأبيض مجموعة واسعة من الخيارات العسكرية لاحتواء البرنامج النووي الإيراني، مشددًا على أن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة" إذا فشلت الجهود الدبلوماسية. وجاء ذلك ردًا على استفسار من رئيس لجنة القوات المسلحة، النائب الجمهوري مايك روجرز، حول مدى الاستعداد للرد بقوة ساحقة على إيران.
الرد الإيراني المرتقب وتعقيد المشهدبالتوازي، أعلنت طهران أنها بصدد تقديم عرض مضاد على المقترح الأمريكي الأخير، واصفة إياه بأنه "غير مقبول". وأفادت مصادر دبلوماسية بأن الرد الإيراني سيحمل رفضًا رسميًا في غالبية بنوده، مما يقلص فرص التوصل إلى توافق قريب، ويزيد من الضغوط على الأطراف المعنية قبل استئناف الجولة الجديدة من المفاوضات.
ومن المقرر أن تستضيف سلطنة عمان الجولة السادسة من المحادثات، حيث سيجتمع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، وسط توقعات متشائمة بإمكانية تحقيق اختراق حاسم في هذه الجولة.
ترامب يراهن على الحوار رغم الضغوطورغم تعقد المشهد، أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي بأنه لا يزال يفضل المسار التفاوضي مع إيران، معتبرًا أن "هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق". وأكدت مصادر مطلعة أن ترامب أبدى تحفظه على أي خيار عسكري في الوقت الراهن، رغم شعوره بالإحباط من المواقف الإيرانية.
كما شدد ترامب على أن مسار التفاوض مع طهران يرتبط ارتباطًا وثيقًا بجهود التهدئة في قطاع غزة، معتبرًا أن الأزمات المتشابكة في الشرق الأوسط تتطلب معالجة استراتيجية شاملة وليس تحركات منفردة.
نتنياهو يحذر من المماطلة الإيرانيةفي المقابل، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي إقناع ترامب بأن إيران تمارس سياسة المراوغة لكسب الوقت، وأن استخدام القوة هو السبيل الوحيد لدفعها نحو تقديم تنازلات حقيقية. غير أن البيت الأبيض أكد أن الرئيس الأمريكي حذر نتنياهو من اتخاذ خطوات أحادية قد تُفشل المحادثات، في إشارة واضحة إلى التقارير التي تفيد باحتمال تنفيذ إسرائيل ضربة استباقية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
وبحسب ما نُقل عن ترامب، فإنه خاطب نتنياهو قائلاً: «أريدك أن تُبقي الحرب النووية خارج الطاولة»، في رسالة مباشرة تعكس رفض واشنطن لأي تصعيد مفاجئ من جانب إسرائيل.
انقسام واضح في الرؤى بين واشنطن وتل أبيبيعكس هذا التباين في المواقف فجوة متزايدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن كيفية التعامل مع التهديد الإيراني. ففي حين تراهن واشنطن على إمكانية التوصل إلى تسوية عبر التفاوض، ترى تل أبيب أن الوقت يداهمها، وأن الردع العسكري يجب أن يكون هو الخيار الأول.
وتشير تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن إيران باتت على بُعد أسابيع فقط من بلوغ العتبة النووية العسكرية، وهو ما تعتبره تهديدًا وجوديًا يستدعي تحركًا عاجلًا.
خيارات محدودة ومعوقات متشابكةوتسعى إدارة ترامب إلى إحياء اتفاق نووي أكثر صرامة من اتفاق 2015 الذي انسحبت منه عام 2018، غير أنها تواجه تحديات داخلية وخارجية كبيرة، من بينها تشدد المواقف الإيرانية، والانقسامات السياسية داخل الكونغرس، بالإضافة إلى اختلاف الأولويات مع الحلفاء، وعلى رأسهم إسرائيل.
ويحذر مراقبون من أن فشل جولة عمان المقبلة قد يدفع بالأطراف إلى حافة التصعيد، لا سيما إذا أقدمت إسرائيل على خطوة عسكرية منفردة أو إذا وقعت حادثة أمنية على الأرض تؤدي إلى انفجار الوضع.
لحظة الحقيقة تقتربوبينما يقترب موعد الرد الإيراني المنتظر، وتلوح في الأفق احتمالات لتدخل عسكري أمريكي، تبدو المنطقة أمام لحظة حاسمة: فإما أن تثمر الجهود الدبلوماسية عن اتفاق يضع حدًا للتوتر النووي، أو تنزلق الأحداث إلى مواجهة مفتوحة قد تكون الأكثر خطورة في الشرق الأوسط منذ سنوات. وبين تفضيل واشنطن للحوار، وإصرار تل أبيب على التصعيد، يقف العالم مترقبًا نتائج معركة كواليس قد ترسم ملامح الأمن الإقليمي لعقود قادمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة إيران إسرائيل طهران وواشنطن
إقرأ أيضاً:
الخارجية الإيرانية: الجولة التالية للمحادثات النووية مع واشنطن بسلطنة عمان الأحد
قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن الجولة المقبلة من المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة ستُعقد في سلطنة عمان يوم الأحد، وفقًا لتصريحات نقلتها وكالة رويترز اليوم
وتأتي هذه الجولة في سياق عدم رضا طهران عن العرض الأمريكي الأخير، الذي وصفته بـ"غير المقبول" لافتقاده حلولاً حاسمة في نقاط خلافية عدة، بينها: السماح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وشحن مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب خارج البلاد، وخطوات تضمن رفع العقوبات الأمريكية بشكل واضح ومضمون
وأكد بقائي أن بلاده ستقدم "مقترحًا معقولًا منطقيًا ومتوازنًا" عبر عمان، وذلك بعد الانتهاء من صياغته، مطالبًا الولايات المتحدة باستغلال هذه الفرصة والرد بالموقف الإيجابي. كما دعا المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل نزع السلاح النووي الإسرائيلي، معللاً أن هذا التوجه يأتي من منطلق أن إسرائيل تحاول "عرقلة" المفاوضات
دبلوماسي أمريكي: إيران تدعي امتلاك وثائق عن النووي الإسرائيلي دون دليل
بنك أهداف الصهاينة.. إيران: قادرون على قصف المنشآت النووية الإسرائيلية
وأشار بقائي إلى أن طهران تشترط قبل رفع العقوبات أن تستفيد فعليًا اقتصادياً، وأن تعود علاقاتها المصرفية والتجارية إلى طبيعتها، مؤكدًا أن التطورات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم "هي جزء لا يتجزأ من حق إيران النووي"
من جانبه، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن المحادثات ستتواصل، مشيرًا إلى أنه لا سبيل للسماح بتخصيب إيران
وأضاف أمام الصحفيين "إنهم يطلبون فقط ما لا يمكن فعله... يسعون إلى التخصيب. لا يمكننا السماح بالتخصيب"
وتشكل الجولة الاختبار الأول لرد طهران الرسمي عبر وساطة عمانية، بعد خمسة جولات تفاوضية سابقًا بين الطرفين بوساطة سلطنة عمان.
وتميز المسار التفاوضي الأخير بتباين واضح حول الأساسيات النووية وشروط رفع العقوبات، إضافة إلى مطالبة إيران بتعويضات اقتصادية وجوائز مالية لضمان استفادتها الحقيقية من أي اتفاق قادم .
وعلى الصعيد الدولي، يتابع المجتمع الدبلوماسي هذه الجولة بترقب بعد أن أثارت تصريحات إيران بخصوص المقترحات الأمريكية انتقادات واسعة، وكشف النقاب عن رغبة طهران في توازن مصالحها النووية مع المكاسب الاقتصادية.
وينتظر أن تعكس الجولة المقبلة مستوى التوافق المحتمل بين الجانبين، خاصة في ظل ضغط أمريكي لمنع امتلاك طهران سلاحًا نوويًا، وضغوط إيرانية لتأكيد حقها في تخصيب محدود وظروف رفع العقوبات.