تقليص المساعدات يفاقم أزمة اليمن الإنسانية
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
صنعاء- قلصت الأمم المتحدة خططها لتقديم الدعم الإنساني في اليمن خلال السنوات الأخيرة، كما تضاءل حجم الدعم الذي يقدمه المانحون الدوليون لهذا البلد بشكل كبير، خاصة خلال العامين الماضيين، الأمر الذي يهدد بعواقب جسيمة قد يتعرض لها السكان الأكثر ضعفاً في البلاد.
ويأتي ذلك رغم استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لملايين اليمنيين.
وبعد أن كان حجم خطط الأمم المتحدة السنوية يتجاوز 4 مليارات دولار عام 2019 لتقديم الدعم لأكثر من 21 مليون شخص من أصل أكثر من 24 مليونا هم بحاجة للحصول على المساعدات، وضعت الخطة الأممية للعام الحالي في هدفها تقديم الدعم لـ10.5 ملايين شخص، بموازنة 2.5 مليار دولار. لكنها حتى منتصف العام، لم تتلق سوى 10.7 ملايين دولار من التمويل المطلوب من المانحين الدوليين.
وقال مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن إن التراجع الكبير في التمويل أجبر المنظمة على صياغة خطة طارئة تركّز على الأولويات القصوى من أجل مواصلة إنقاذ الأرواح.
وأضاف المكتب في إجابة عن أسئلة من الجزيرة نت أن الخطة المعدّلة تدعو لتوفير مبلغ 1.4 مليار دولار للوصول إلى 8.8 ملايين شخص من الفئات الأشد ضعفًا، مقارنة بالخطة الأصلية التي استهدفت 11.2 مليون شخص بتمويل قدره 2.4 مليار دولار.
قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جويس مسويا إن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يعانون من جوع حاد، وهو ما يقارب نصف سكان البلاد، مشيرة إلى أن سوء التغذية يؤثر على 1.3 مليون حامل ومرضعة، إضافة إلى 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة.
وأضافت مسويا في إحاطة خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في اليمن الشهر الجاري أنه "من دون دعم إنساني مستدام، قد ينتهي الأمر بنحو 6 ملايين شخص آخرين إلى مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي".
إعلانوكانت 116 وكالة بالأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية ومحلية يمنية قالت -في بيان مشترك أصدرته في مايو/أيار الماضي- إن اليمنيين يواجهون "ما يمكن أن يكون أصعب عام بالنسبة لهم حتى الآن".
وقد انعكس استمرار الانقسام النقدي والتدهور الاقتصادي في اليمن على الوضع المعيشي لملايين الأشخاص الذين تأثروا بشكل مباشر بفقدان العملة المحلية في مناطق سيطرة الحكومة لأكثر من نصف قيمتها خلال عامين ونصف العام، مما أدى لارتفاع أسعار السلع ومشتقات الوقود، إذ زادت تكلفة سلة الغذاء بنسبة 33% خلال عام.
نقص المساعداتومع استمرار تخفيضات المانحين رغم تقليص الأمم المتحدة خطتها الطارئة في اليمن للعام الحالي، تحذر المنظمة الدولية من أنه إذا لم تلب المتطلبات التمويلية العاجلة فستدهور حالة الأمن الغذائي في جميع أنحاء اليمن، وسيعاني ما يقرب من 6 ملايين شخص إضافي من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، كما سيفقد حوالي 400 ألف من صغار المزارعين الضعفاء مصدرهم الرئيسي للغذاء والدخل على الفور.
وأشارت الأمم المتحدة إلى أن جزءًا كبيرًا من النظام الصحي في اليمن سيقترب من الانهيار من دون التمويل اللازم، وسيتوقف 771 مرفقًا صحيًا عن العمل، مما يعني أن 6.9 ملايين شخص لن يتلقوا خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية المنقذة للحياة، كما ستتعرض القدرة على الاستجابة لمنع تفشي الأمراض والأزمات البيئية لعراقيل صعبة، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض والوفيات التي يمكن تجنبها.
وبدأت تأثيرات نقص تقديم المساعدات تظهر جليًا، وقال تقرير صادر عن 6 وكالات أممية ودولية إن أكثر من 88 ألف طفل دون سن الخامسة دخلوا المستشفيات نتيجة سوء التغذية الحاد الوخيم، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى أبريل/نيسان من العام الجاري.
ويرى مدير مركز قرار للدراسات الإنسانية سليم خالد أن الأزمة الإنسانية في اليمن تُعد واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً من حيث الحجم والمدة والتحديات التشغيلية، مشيراً إلى أن العملية الإنسانية تواجه تأثيرات مختلفة ومركبة على مستوى جميع القطاعات الرسمية والأهلية مع تراجع التمويل الدولي.
وقال خالد -في حديث للجزيرة نت- إن عدداً من المنظمات المحلية التي تعتمد على الشراكات والتمويل من المنظمات الدولية أغلقت أبوابها بسبب تراجع التمويل، مما يمثل ضربة قاسية للقدرة المحلية على الاستجابة للاحتياجات، ويقلل من الوصول إلى المناطق المتضررة.
وأشار مدير مركز قرار إلى أن التدخلات الإنسانية التي لا تشرف عليها وكالات الأمم المتحدة ليست أحسن حالاً، فقد شهدت كثير من المنظمات المحلية تقليصاً كبيراً في مشاريعها بسبب تراجع التمويلات القادمة من الجاليات اليمنية في الخارج أو من الهيئات الخيرية والإغاثية العربية.
ويتضح من خلال بيانات الأمم المتحدة أن نسبة تمويل العمليات الإنسانية في اليمن كانت مرتفعة خلال الأعوام الماضية التي كانت تشهد ذروة المعارك، إذ حصلت خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2019 على تمويل مرتفع بنسبة تقترب من 87% من أصل نحو 4.2 مليارات دولار طلبتها الأمم المتحدة.
إعلانوقال مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية باليمن للجزيرة نت إن أبرز عوامل نقص التمويل قرار بعض الجهات المانحة الرئيسية، بما في ذلك قرار الوكالة الأميركية للتنمية الدولية "يو إس إيه آي دي" (USAID) تعليق أو تقليص تمويلها، إضافة إلى التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، إلى جانب تعدد الأزمات الإنسانية بأماكن أخرى مثل أوكرانيا وجنوب السودان وغزة.
وكانت الولايات المتحدة مانحاً رئيسياً للعمليات الإنسانية في اليمن خلال السنوات الماضية، إذ قدمت بمفردها نصف قيمة التمويل الذي حصلت عليها خطة الأمم المتحدة عام 2024، عبر برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب -فور توليه المنصب مجددا في يناير/كانون الثاني الماضي- بإيقاف المساعدات الخارجية للوكالة الأميركية، الأمر الذي حرم اليمن من جزء من المساعدات.
وحسب بيانات المكتب الأممي الإنساني باليمن بين عامي 2021 و2024، ذهبت أكثر من نصف نفقات خطط الاستجابة الإنسانية تلك الفترة على توفير الغذاء الآمن والمنقذ لحياة الأسر الأكثر ضعفاً، بمتوسط بلغ 54% من إجمالي المساعدات.
وأنفقت الأمم المتحدة -خلال الأعوام الأربعة الماضية- ما نسبته أكثر من 10% من خططها لتقديم التغذية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والحوامل والمرضعات، بينما خصصت نحو 9% من مساعداتها لصالح القطاع الصحي الذي تأثر بشكل كبير بسبب عقد من الصراع في البلاد.
وقد تفرقت المساعدات الأخرى لقطاعات أخرى مثل التعليم والنازحين وتقديم المأوى والمواد غير الغذائية، وآليات الاستجابة السريعة، والخدمات لصالح اللاجئين والمهاجرين، وكذلك المياه والصرف الصحي والنظافة الشخصية، إضافة إلى تقديم مساعدات نقدية.
ودفعت تخفيضات المانحين منظمة اليونيسيف لإيقاف مشروع التحويلات النقدية الطارئة، والذي استفادت منه أكثر من مليون و400 ألف أسرة يمنية خلال الفترة من 2017 وحتى أواخر 2024، بعد 19 دورة صرف.
وقال مسؤول الإعلام بمكتب اليونيسيف في اليمن كمال الوزيزة للجزيرة نت إن هناك مشروعاً آخر يجري الإعداد له حالياً يستهدف تقديم الدعم لنحو 500 ألف أسرة من الأسر الأشد فقراً، مشيراً إلى أن المشروع الجديد سيشمل جميع المديريات في اليمن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإنسانیة فی الیمن الأمم المتحدة تقدیم الدعم ملایین شخص أکثر من إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: قرار إسرائيل بتوسيع الحرب على غزة وحرمان المدنيين من الغذاء جريمة حرب
أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا وآسيا الوسطى والأمريكتين ميروسلاف ينتشا، أن قرار إسرائيل المحتمل بتوسيع الحرب على قطاع غزة وأخذ الرهائن وحرمان المدنيين عمدًا من الغذاء يعد جريمة حرب، وقال إن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة يتفاقم وإن معاناة المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين تتواصل بمن فيهم الرهائن المتبقون في غزة.
وقال «ينتشا» بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، إن القانون الدولي واضح في أن أخذ الرهائن محظور ويعد جريمة حرب، وأن المحرومين من حريتهم يجب أن يُعاملوا بإنسانية وكرامة وأن يُسمح لهم بتلقي زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وألا يتعرضوا لإساءة المعاملة أو الانتهاكات أو الإهانة. وجدد دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لحماس للإفراج فورًا وبدون شروط عن جميع الرهائن.
وأضاف مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا وآسيا الوسطى والأمريكتين، أن الوضع في غزة مروع ولا يُطاق، وأن الفلسطينيين يواجهون ظروفا مزرية وغير إنسانية بشكل يومي، مشيرًا إلى مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني منذ بداية الصراع.
وتابع: أكثر من 1200 فلسطيني قُتلوا وأصيب أكثر من 8100 منذ نهاية مايو أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء، بما في ذلك في محيط المواقع العسكرية لتوزيع المساعدات.
وأكد أن إسرائيل تواصل فرض قيود مشددة على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأن ما يُسمح بدخوله لا يكفي الاحتياجات على الإطلاق. وقال: الجوع في كل مكان في غزة، يظهر باديا على وجوه الأطفال ويأس الآباء الذين يخاطرون بحياتهم من أجل الوصول إلى الاحتياجات الأساسية.
وجدد إدانة الأمين العام للعنف الدائر في غزة، بما في ذلك إطلاق القوات الإسرائيلية النار وقتل وإصابة الناس الذين يحاولون الوصول إلى الغذاء لأسرهم. وقال إن القانون الدولي واضح في ضرورة احترام المدنيين وحمايتهم وعدم استهدافهم أبدا أو حرمانهم عمدا من الغذاء أو الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة، وإن فعل ذلك يعد جريمة حرب.
وشدد المسؤول الأممي على ضرورة أن تسمح إسرائيل وتُيسر فورا المرور العاجل بدون إعاقات لكميات كافية من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين، لمنع تفاقم المعاناة وخسارة الأرواح.
وأشار ينتشا إلى قرار محتمل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن توسيع العملية العسكرية الإسرائيلية في جميع أنحاء قطاع غزة، وقال إن ذلك إن كان حقيقيا- يثير القلق البالغ. وأضاف: سيخاطر ذلك بحدوث عواقب وخيمة على ملايين الفلسطينيين وقد يُفاقم الخطر على حياة الرهائن المتبقين في غزة.
وأكد أن القانون الدولي واضح في هذا الشأن، قائلا إن غزة جزء ويجب أن تظل جزءا من الدولة الفلسطينية المستقبلية. وأشار إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في يوليو 2024 بشأن الالتزام الذي يقع على عاتق إسرائيل بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية وإخلاء كل المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة ووضع حد لوجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، بأسرع وقت ممكن.
وقال "ينتشا"، إن الأمم المتحدة كانت دائما واضحة بشأن وجود سبيل واحد فقط لإنهاء العنف والكارثة الإنسانية في غزة وهو الوقف الكامل والدائم لإطلاق النار، مشددا على ضرورة الإفراج الفوري وبدون شروط عن جميع الرهائن، وتدفق المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة على نطاق واسع وبدون عوائق، والسماح للمدنيين بالوصول الآمن بدون إعاقات إلى المساعدات. وأكد عدم وجود حل عسكري للصراع في غزة أو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأوسع.
وشدد على أهمية إنشاء أطر عمل سياسية وأمنية تُخفف الكارثة الإنسانية في غزة وتبدأ التعافي وإعادة الإعمار، وتعالج المخاوف الأمنية للإسرائيليين والفلسطينيين، وتنهي الاحتلال غير القانوني وتحقق حل الدولتين- إسرائيل ودولة فلسطينية مستقلة بالكامل وديمقراطية ومتصلة جغرافيا وقادرة على البقاء وذات سيادة، تكون غزة جزءا لا يتجزأ منها، تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن داخل حدود آمنة ومعترف بها على أساس خطوط ما قبل 1967، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين.
اقرأ أيضاًالأمم المتحدة: الجوع يهدد حياة آلاف الأطفال بغزة.. والمساعدات الحالية «قطرة في بحر»
«الأمم المتحدة» تدعو إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة والإفراج عن المحتجزين
الأمم المتحدة تحذر من مخاطر الإنزال الجوى على النازحين فى غزة