هل يسعى ترامب لجائزة نوبل بقراره وقف الحرب بين إيران وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 26th, June 2025 GMT
واشنطن- جاء احتفاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب -بالإعلان عن اتفاق كامل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران- ليطرح الكثير من الأسئلة حول طبيعة حساباته وأهدافه وتقديراته السياسية.
وقال ترامب إن هذه الحرب كان من الممكن أن تستمر سنوات وأن تدمر الشرق الأوسط بأكمله، ووجه تهنئة إلى إسرائيل وطهران على ما وصفه بامتلاكهما القدرة على التحمل والشجاعة والذكاء لإنهاء الحرب.
وتمثل تجربة هذه الحرب القصيرة، والتدخل الأميركي "الجراحي" والقصير فيها -بشن هجمات جوية على منشآت البرنامج النووي الإيراني– دليلا جديدا على أنه لا يمكن التنبؤ بخيارات ترامب السياسية. ومع ذلك، وبالنظر إلى سجله العام، يبدو حسب زعم خبراء أنه لا يزال ضد الصراعات الطويلة أو حروب الاستنزاف التي لا تنتهي وتُدفع إليها بلاده في الشرق الأوسط، وهو ما انتقده في الماضي.
قرارات ترامبمن هنا يمكن تفسير قرار ترامب بمهاجمة إيران، وتراجعه السريع من أجل منع صراع أكبر. وفي هذا السياق، يمكنه أن يقدّم نفسه على أنه مؤيد لإسرائيل رغم انتقاده اللاحق لها. وفي الوقت ذاته، أرضى تراجعه السريع قواعده الجمهورية المتشككة في الصراعات الخارجية وجدواها، بما وازن معه بين المعسكرات المختلفة داخل حزبه.
ويكشف التاريخ الحديث أن النجاح العسكري لا يترجم دائما إلى نجاح سياسي. وجاءت قرارات ترامب غير عاكسة لمداولات وطنية عامة، أو قرارات للكونغرس، بل كانت ترجمة لما يراه فقط بصفته الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة.
وفي الأيام الأخيرة، أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية الشعب الأميركي، بما في ذلك غالبية مؤيديه، عارضوا خوض حرب مع إيران. وجاء قرار ترامب بإصدار أوامر بشن قاذفات "بي-2" هجمات على 3 مواقع نووية إيرانية، مخالفة لوعده الانتخابي بتجنب الكوارث التي تورطت فيها بلاده في العراق وليبيا وأفغانستان.
إعلانكما جاء ترامب إلى منصبه معتقدا أن مجرد وجوده سيحل الصراعات العالمية في أول 24 ساعة، حرب روسيا وأوكرانيا، أو العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وخلال زيارته للسعودية الشهر الماضي، ألقى ترامب خطابا "غير عادي" انتقد فيه بشدة التدخلات العسكرية ومغامرات بناء الدولة في الشرق الأوسط. وقال "في النهاية، دمر ما يسمى ببناة الأمة دولا أكثر بكثير مما بنوه وكانوا يتدخلون في مجتمعات معقدة لم يفهموها حتى". واعتبر بعض المراقبين أنه أُعجب بالهجمات الإسرائيلية، وأراد أن يربط نفسه بما رآه نجاحا كبيرا.
وبعدما نشرت الولايات المتحدة مجموعات حاملات الطائرات بالقرب من الخليج العربي، وفشل التنسيق الأميركي الإسرائيلي لإيقاف تهديد إيران الصاروخي، اتجه ترامب لوقف القتال.
أهداف ترامبفي حديث للجزيرة نت، يرى السفير ديفيد ماك، المساعد السابق لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، أن "أهم شيء لترامب هو استخدام ما يسمى حرب 12 يوما للحصول على جائزة نوبل للسلام. في الوقت ذاته، يعرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، كيف يستخدم غرور ترامب لجذبه إلى تلبية حاجة إسرائيل إلى شريك إستراتيجي".
في حين أشار أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيراكوز بولاية نيويورك، إلى أن أهداف ترامب تجاه إيران ضاقت إلى حد كبير وكان على استعداد للاكتفاء بمجرد وقف إطلاق النار مدعوما بالتهديد بالقوة الإضافية.
في حين قالت باربرا سلافين، خبيرة الشؤون الإيرانية بمعهد ستيمسون بواشنطن -للجزيرة نت- إن ترامب أدرك أن القتال كاد يخرج عن السيطرة، وإنه على استعداد لشن هجمات قصيرة لكنه لا يتحلى بالصبر على حرب أطول. بالإضافة إلى أنه يتمتع بسلطة كبيرة (يغدق) بها على إسرائيل ليمنحها ضوءا أخضر للهجمات ثم يطالبها بإنهائها.
واعتبر خليل -في حديث للجزيرة نت- أن "الضربة الإيرانية على قاعدة العديد الجوية في قطر كانت استعراضية إلى حد كبير. وكانت القاعدة شبه فارغة ونسقتها طهران مع الدوحة وواشنطن لضمان ألا تؤدي إلى تصعيد، لكنها ستسمح لإيران بحفظ ماء الوجه والقبول بوقف إطلاق النار".
في حين يرى السفير ماك أن "القيادة الإيرانية كان عليها أن تظهر لشعبها أن إيران لن تكون هدفا سهلا لإسرائيل والولايات المتحدة. من هنا كانت الضربة على قاعدة العديد وسيلة للقيام بذلك، خاصة في ضوء التقارير التي تشير إلى أن طهران قد نبهت بالفعل الحكومة القطرية قبل الهجمات".
درس الحرب
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت عسل راد الخبيرة بالمركز العربي بواشنطن إن الهجمات الإيرانية "تذكرنا بضرباتها الانتقامية عام 2020 بعد اغتيال القائد قاسم سليماني. وجاء الهجوم رسالة وردا على العدوان الأميركي، ولكن بطريقة محسوبة لتجنب صراع أو مواجهة أكبر مع واشنطن".
وبرأي خليل، فإن الدرس الأهم لترامب والخبراء الأميركيين أن استخدام القوة، وخاصة الجوية، له قيود حقيقية. واعتبر أن الاغتيالات والضربات الجوية الإسرائيلية فشلت في ردع إيران عن الانتقام، وفي الوقت الذي بدا فيه أن الدفاع الصاروخي الإسرائيلي أثبت أنه يسهل اختراقه، أدرك ترامب أنه من الأفضل تجنب التصعيد حتى لا تندلع أزمة اقتصادية عالمية.
إعلانوأكد أن "ترامب أدرك أن القوة العسكرية الأميركية لا تضمن النجاح، وآمل أن يكون أكثر تحفظا في استخدامها في المستقبل".
واعتبرت الخبيرة راد أن "على الإستراتيجيين الأميركيين أن يأخذوا في الاعتبار استعداد طهران للرد على العدوان الإسرائيلي بالمثل، وعلى عكس الانتقام الإيراني السابق ضد إسرائيل العام الماضي، فقد رأينا بوضوح أن إيران يمكن أن تصيب أهدافا داخل إسرائيل إذا اختارت ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشرق الأوسط للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
زعيم دروزي: دعم ترامب وإسرائيل كان حاسمًا في حماية الطائفة بالسويداء
دعا أحد زعماء الطائفة الدرزية في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، إلى إجراء تحقيق دولي مستقل في الاشتباكات العنيفة التي شهدتها محافظة السويداء، جنوب البلاد، خلال تموز/ يوليو الماضي، والتي أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص من الطرفين.
وجاءت تصريحات الهجري خلال خطاب متلفز، مساء أمس السبت، حيث عبّر عن امتنانه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك لدولة الاحتلال الإسرائيلي ودول الخليج العربي، على ما وصفه بالدعم والمساعدة التي ساهمت في وقف العنف، قائلًا: "شكرًا لكل من وقف إلى جانب الحق".
وتشهد محافظة السويداء جٍملة توتّرات متكررة بين الطائفة الدرزية، التي ينتمي إليها الشيخ الهجري، وقبائل بدوية سنية محلية، حيث تصاعدت الأزمة في تموز/ يوليو عندما اندلعت مواجهات دامية بين جماعات درزية وقبائل سنية، استمرّت لأيام، قبل تدخل قوات النظام السوري لإعادة الأمن.
وفي تطور غير مسبوق، تدخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى جانب الدروز، حيث شنّت ضربات جوية استهدفت قوافل لمقاتلين موالين للنظام السوري، وبلغت حدًا غير مسبوق باستهداف مقر وزارة الدفاع السورية في دمشق، ما اعتبرته دولة الاحتلال الإسرائيلي "عملية إنسانية" ترمي لحماية الأقلية الدرزية.
الرئيس الروحي للموحدين الدروز في سوريا حكمت الهجري:
- نثمن موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الواضح في دعم الأقليات
- نثمن موقف دولة إسرائيل حكومة وشعباً لتدخلها الإنساني للحد من المجازر بحق أهل السويداء
- نشكر الإدارة الذاتية لمنطقة شمال وشرق الفرات على دعمها للسويداء
-… pic.twitter.com/ufpgGrAyfF — Rudaw عربية (@rudaw_arabic) August 9, 2025
إلى ذلك، يذكر أن الطائفة الدرزية في دولة الاحتلال الإسرائيلي تشكّل أقلية مهمة ومميزة، حيث يخدم كثير من أفرادها في جيش الاحتلال الإسرائيلي ويُنظر إليهم باعتبارهم "حلفاء داخل البلاد".
وطالب الشيخ حكمت الهجري بإنشاء لجنة تحقيق دولية ومستقلّة تضم ممثلين من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لتقصي الحقائق حول الأحداث، مشددًا على ضرورة إحالة المسؤولين عن الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما دعا إلى نشر بعثات مراقبة دولية في مناطق التوتر لحماية المدنيين.
وأبرز الهجري في خطابه دعم دول الخليج العربي للطائفة الدرزية، معتبرًا أنّ: "هذا الدعم هو: رسالة تضامن وإنسانية" مع أقلية تعرّضت لما وصفه بـ"مجازر مروعة" خلال الاشتباكات.
تأتي هذه الدعوات وسط تصاعد الانقسامات في سوريا، حيث تلعب الأقليات دورًا حيويًا في الصراع المستمر، بينما تبقى محافظة السويداء نموذجًا صارخًا لتشابك الصراعات الطائفية والمناطقية، مع تأثيرات دولية واضحة على الأرض.