اختبار حقيقي.. ما مصير نفوذ إيران بالعراق بعد حربها مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
أثارت الحرب التي استمرت 12 يوما بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، العديد من التساؤلات عن مستقبل النفوذ الإيراني في العراق، بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها طهران سواء في استهداف القادة العسكريين، أو ضرب المنشآت النووية.
وتأتي الأزمة الحالية لإيران، في وقت يقترب فيه العراق من إجراء انتخابات برلمانية من المقرر أن تجري في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، الأمر الذي طرح سؤالا محوريا عن مدى استمرار تأثير إيران في المشهد العراقي بعد خروجها من الحرب.
اختلاف الموازين
وعن مدى تراجع النفوذ الإيراني في العراق، قال أوس الخفاجي الزعيم السابق لفصيل "أبو الفضل العباس"، المنضوي ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية، إن "موازين القوى التي أفرزتها الحرب ستجعل إيران لا تتدخل في اختيار رئيس الوزراء العراقي القادم".
ومنذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، تسيطر إيران على المشهد السياسي في العراق بشكل كامل، وتتحكم باختيار شخص رئيس الحكومة، إضافة إلى رئيسي الجمهورية والبرلمان.
وعقب انتخابات عام 2018، صرّح قائد الحرس الثوري الإيراني السابق، اللواء محمد علي جعفري، بالقول: إن إيران انتصرت على أمريكا في العراق بنتيجة "ثلاثة– صفر"، في إشارة إلى اختيار مقربين منها لتولي الرئاسات العراقية الثلاث، الجمهورية والحكومة والبرلمان.
وأعرب الخفاجي خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، عن اعتقاده، أن الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة ستحمل تغييرا كبيرا، متوقعا تعرض "الأحزاب الهرمة" إلى هزيمة سياسية في هذه الانتخابات.
وأكد القيادي السابق في الحشد الشعبي، أن "الحرب (الإيرانية- الإسرائيلية) ستلقي بظلالها على الوضع السياسي في العراق"، مرجحا "اقتراب موعد محاكمة قتلة أبناء ثورة تشرين، وزجهم في السجون".
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2019، شهد العراق احتجاجات شعبية عُدت الأكبر في تاريخه الحديث، طالبت بمحاكمة الأحزاب الحاكمة منذ عام 2003، لكنها جوبهت بقمع شديد من الحكومة، أدى إلى مقتل نحو800 متظاهر وإصابة 35 ألفا آخرين.
تحولات جديدة
من جهتها، رأت مستشارة مركز "المورد" للدراسات والإعلام السياسي، الباحثة العراقية نوال الموسوي، أن "القوانين الأمريكية، وقرارات إدارة ترامب ومنها العقوبات القصوى ضد إيران كلها من شأنها أن تتسبب بتراجع نفوذ الأخيرة في المنطقة وليس في العراق فقط".
وقالت الموسوي لـ"عربي21" إن "النفوذ الإيراني في الساحة العراقية أتوقع أنه سيتراجع بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، لأن هناك تحولات جديدة بالمنطقة وعلى العراق ألا ينخرط فيها ويكون ضمن أي محور".
وأشارت إلى أن "قضية السلاح خارج نطاق الدولة يجب حلها، وهذا الأمر جرى مناقشته قبل مدة وتم تخويل الحكومة العراقية لإدارة هذا الملف، وأن عدم انخراط هذا السلاح في المواجهة بين إيران وإسرائيل يعد مؤشرا إيجابيا لصالح العراق".
وأوضحت الموسوي أنه "متى ما كان السلاح غير مؤثر خارج حدود العراق، فإن الجانب الأمريكي لن يتعامل معه بالقوة، وإنما سيحث على دمجه في منظومة الدولة العراقية".
ولفتت إلى أن "دخول الأطراف الحليفة لإيران في الانتخابات البرلمانية المقبلة، هو بالتأكيد أمير غير مرفوض، لكن السلاح الذي تمتلكه مسألة يجب أن تواجه من الداخل العراقي، لأنه ثمة بند دستوري ينص على وجوب نزع سلاح الأحزاب كافة".
وبحسب الباحثة، فإن "الحفاظ على المصالح الأمريكية ولاسيما الاقتصادية هذه أولوية بالنسبة لإدارة ترامب، بالتالي الجانب الأمريكي سيستمر في تحرير ملف الطاقة العراقي عن سيطرة إيران، وهذا الأمر بدأ منذ عهد الرئيس السابق جو بايدن".
وتوقعت الموسوي أن "الجانب الأمريكي سيضغط أيضا على العراق من أجل تعزيز علاقاته الإقليمية مع دول المنطقة، وخصوصا العربية منها، مشددة على أن "تراجع النفوذ الإيراني لا يعني القبول بغيره سواء لأمريكا أو حلفائها بالمنطقة".
اختبار حقيقي
وعلى الصعيد ذاته، قال المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، إن "السياسة التي مارستها حكومة، محمد شياع السوداني، منذ اندلاع أحداث السابق من أكتوبر 2023، اتسمت بالحياد والذهاب إلى إنتاج قرار سيادي عراقي على كل المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية".
وأضاف الهلالي لـ"عربي21" أن "العراق بحاجة اليوم إلى إعطاء دور أكبر للمستوى الدبلوماسي، وذلك تدعيم المؤسسة الأمنية، التي عانت من انتهاكات صارخة من طرفي الحرب (إيران وإسرائيل)، لأن سماء البلاد كانت مستباحة للجانبين".
وأشار إلى أن "الحكومة الحالية جنبت العراق الانخراط في المعركة، ومن هنا فإن المؤشرات تؤكد أن البلد ذاهب إلى إنتاج حكومة ومؤسسات دولة مختلفة عن الحكومات السابقة".
وأكد الهلالي أن "العراق أمام اختبار حقيقي في الانتخابات البرلمانية المقبلة لإظهار مدى تمكنه من إنتاج قرار سياسي وطني بعيدا عن النفوذ الخارجي".
وتابع: "الحكومة العراقية حاولت في الفترة الماضية أن تمسك العصا من المنتصف وألا تذهب للانخراط في محاور غربية أو شرقية، وبالتالي تريد خلق مساحة للتحرك من خلالها لتدعيم مؤسساته".
وخلص الهلالي إلى أن "العراق عانى بشكل كبير جدا من قضية التبعية لهذا الطرف أو ذاك، بالتالي نحن بحاجة إلى أن يكون لدينا خطاب على مستوى الكتل السياسية يدعم خطوات الحكومة، لأن حالة التشظي لا تمنحنا الفرصة الكاملة في اختيار القرارات".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية إيران العراق الاحتلال ترامب العراق إيران الاحتلال خامنئي ترامب المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النفوذ الإیرانی فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا التزمت المليشيات العراقية الصمت إزاء الضربة الأميركية لإيران؟
عندما قصفت الولايات المتحدة 3 منشآت نووية داخل إيران مطلع الأسبوع الجاري، سرى القلق بين سكان العراق المجاور، ولاح في الأفق لفترة وجيزة احتمال أن تنتقم المليشيات الموالية لإيران هناك من تلك الهجمات، حسبما ورد في تقرير بصحيفة واشنطن بوست.
وذكرت الصحيفة أن عدة آلاف من الجنود الأميركيين يتمركزون في قواعد عسكرية منتشرة في جميع أرجاء العراق، إذ ليس ثمة مكان آخر في العالم العربي بهذا القرب يضم مصالح أميركية وإيرانية في آنٍ معا.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2محللون إسرائيليون: هذا ما يجعل جنودنا صيدا سهلا في غزةlist 2 of 2موقع تركي: القبة الفولاذية باتت ضرورة ملحة لتركياend of listوعلى الرغم من أن المليشيات العراقية الموالية لإيران في العراق تتمتع بنفوذ كبير، فإنها -وفقا للصحيفة- حافظت على هدوئها بشكل لافت بعد قصف أميركا المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، وبدت أكثر حذرا من التورط في صراع خارجي وأكثر استقلالية عن داعميها الخارجيين.
أسباب وتبريرات
وعزت الصحيفة هذا الموقف من جانب تلك المليشيات إلى تأثرها بالصراعات السابقة على النفوذ في العراق بين الولايات المتحدة وإيران. كما أنها أصبحت مكوناً أساسيا في الحكومة العراقية، حيث تجني مليارات الدولارات من خزائن الدولة، وتدير شبكات أعمال واسعة النطاق، وتملك سلطة أكبر من أي وقت مضى، حسب الصحيفة الأميركية.
واستشهدت واشنطن بوست في تقريرها بآراء محللين في الشرق الأوسط يحذرون فيها من خطر استهداف تلك الجماعات الموالية لإيران. وقالت لهيب هيغل، كبيرة محللي مجموعة الأزمات الدولية في العراق، إن التوترات قد تصل إلى نقطة تتحول فيها الجماعات المسلحة إلى العنف، لكنها مع ذلك تتوقع منها أن تلتزم الهدوء لأطول فترة ممكنة.
وعلى عكس حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، فإن المليشيات العراقية قد تعلمت بالفعل دروسا من المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، كما يقول الخبراء، مشيرين إلى اغتيال أبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي وقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أميركية قرب مطار بغداد في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020.
إعلانوقال سجاد جياد، الباحث في مؤسسة سينشري إنترناشونال في نيويورك، إن اغتيال سليماني والمهندس أزال أداتين قويتين من أدوات النفوذ والسيطرة التي كانت تتمتع بها إيران، مضيفا أن عدم وجود "العرّاب" يعني أن تلك الجماعات اختطت لنفسها مسارا خاصا بها.
ووفق واشنطن بوست، فقد تغلغلت هذه الجماعات في مؤسسات الدولة وأصبحت اليوم قوة اقتصادية وسياسية نافذة للنظام السياسي الحاكم في العراق.
ويرى محللون في شؤون الشرق الأوسط ومسؤولون محليون أن العراق ظل تقريبا بمنأى عن الصراع الذي يؤلب إسرائيل والولايات المتحدة ضد إيران.
وأشارت الصحيفة إلى أن كتائب حزب الله -وهي مليشيا عراقية سبق أن استهدفت القوات الأميركية- اكتفت بإصدار بيان يفتقر إلى الحماس بعد أن استهدفت القاذفات الأميركية -التي عبرت المجال الجوي العراقي- المنشآت النووية الإيرانية. وقالت المليشيا إن عدم قدرة العراق على السيطرة على مجاله الجوي جعلت البلاد عرضة للخطر.
هيغل: رد فعل المليشيات "المخفف" يعكس عدم رغبتهم في الانجرار إلى نوع الصراع الذي سلب حزب الله في لبنان قوته، ولهذا فهي لا تريد أن تواجه نفس المصير.
واعتبرت هيغل أن رد فعل الميليشيات "المخفف" يعكس عدم رغبتهم في الانجرار إلى نوع الصراع الذي سلب حزب الله في لبنان قوته، ولهذا فهي لا تريد أن تواجه نفس المصير.
وطبقا لها، فإنه إذا تلقت هذه المليشيات ضربة فقد تُعرّض للخطر رواتب عناصرها وأشكال الدعم الأخرى المخصصة لها من ميزانية الدولة والتي تقدرها المالية العراقية بنحو 3. مليارات دولار أميركي.
حالة ترقبونقلت الصحيفة -عن باحثين في مركز تشاتام هاوس البريطاني للشؤون الدولية- القول إن العراق أصبح الرئة الاقتصادية التي تتنفس بها إيران في ظل العقوبات المفروضة عليها.
ويرى هؤلاء أن العراق لم يعد شريكا تجاريا رئيسيا لإيران فحسب، بل إن الأخيرة ظلت تستخدم بورصات العملة والموانئ العراقية لتحويل الأموال والتمويه في نقل المنتجات النفطية الخاضعة للعقوبات وإعادة تصنيفها، مما وفر لطهرن منفذا ثمينا إلى الاقتصاد العالمي.
ولكن هناك من ينفي عن تلك المليشيات ركونها إلى الدعة والهدوء. فقد نسبت واشنطن بوست إلى مسؤول في جماعة "عصائب الحق" المشاركة في حكومة بغداد والموالية لإيران، القول إن الفصائل المسلحة العراقية لا تزال على أهبة الاستعداد، و"في حالة ترقب" مضيفا أن فصائل المقاومة لا ترغب في الانجرار إلى الحرب لكنها مستعدة للرد اعتمادا على مسار الأحداث ومدى تأثيرها على العراق.