البلاد (جدة)
تُواصل الإستراتيجية الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة في القطاع الرياضي، تحقيق نتائج نوعية تعزز من حضور المملكة على الساحتين القارية والعالمية؛ إذ لم تعد المؤشرات مجرد وعود مستقبلية، بل تحققت على شكل إنجازات بارزة في سجل الرياضة السعودية، كان من أبرزها تتويج النادي الأهلي بلقب دوري أبطال آسيا، والانتصار التاريخي الذي حققه نادي الهلال على مانشستر سيتي، بطل دوري أبطال أوروبا، في بطولة كأس العالم للأندية (2025)، في مواجهة وُصفت بأنها إحدى أهم لحظات التحول في كرة القدم العالمية، وتكمل هذه النجاحات الصورة الأوسع للمكاسب التي حققتها استثمارات الصندوق، بما في ذلك إعادة نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي إلى واجهة البطولات الكبرى بعد عقود من الغياب، كأحد النماذج الدولية التي تجسد أثر الرؤية السعودية حين تُدار بفاعلية واستدامة.

رؤية شاملة ومخرجات نوعية: لا تقف هذه النجاحات عند حدود الملاعب والنتائج، بل تمثل انعكاسًا مباشرًا لمدى التمكين المؤسسي الذي تقوده المملكة، عبر صندوق الاستثمارات العامة، من خلال رؤية شاملة جعلت من الرياضة أداة اقتصادية وإستراتيجية متكاملة، تُسهم في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز جودة الحياة، وتوفير فرص عمل، وتحقيق عوائد مستدامة، فضلًا عن دعم حضور المملكة في الساحات العالمية كلاعب رئيس في تشكيل مستقبل الرياضة. تعزيز مكانة المملكة كوجهة رياضية عالمية رائدة: في هذا السياق، يمضي صندوق الاستثمارات العامة بتنفيذ إستراتيجيته الطموحة التي تضع القطاع الرياضي ضمن أولوياتها الاستثمارية، من خلال مبادرات نوعية ومشاريع رائدة، تستهدف بناء قطاع رياضي سعودي حديث، قائم على أفضل الممارسات العالمية، ومؤهل للمنافسة الدولية، وتؤكد استثمارات الصندوق في الأندية السعودية، والرياضات الرقمية، ومنصات البث، وشراكات الاتحادات العالمية، التزامه الراسخ بتعزيز مكانة المملكة كوجهة رياضية رائدة، ومركز إقليمي وعالمي يستقطب البطولات والنجوم والمواهب، ويصدر كذلك النماذج والمعرفة والخبرات. تحولات جوهرية: شهدت الأعوام الأخيرة تحولات جوهرية بقيادة الصندوق، أبرزها إطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية في يونيو (2023) بالتعاون مع وزارة الرياضة، الذي أسفر عن تحويل أربعة من أكبر الأندية السعودية وهي الهلال، النصر، الاتحاد، والأهلي إلى شركات، تملك فيها الدولة ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة حصة قدرها (75%)، مقابل (25%) تمتلكها مؤسسات غير ربحية، هذا التحول مكّن الأندية من الاستفادة من الخبرات الاستثمارية والإدارية للصندوق، وتطبيق أفضل النماذج التشغيلية، بما يُعزز استمرارية الأداء ويُمكّن من استحداث تجارب رياضية فريدة للجماهير، إلى جانب زيادة التفاعل المجتمعي وتوسيع قاعدة الممارسين والمشجعين.
استثمارات دولية: لم تقتصر استثمارات الصندوق على الداخل، بل توسعت إلى الساحة العالمية عبر استحواذه على حصة الأغلبية في نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، وهو ما أسهم في استعادة النادي لهيبته التنافسية، وتُوج بتحقيقه لقب كأس رابطة المحترفين الإنجليزية للمرة الأولى منذ سبعين عامًا، كما يُعد الصندوق أحد المساهمين الرئيسيين في شركة LIV Golf العالمية، وهو ما يُبرز تنوع مجالات الاستثمار بين كرة القدم والجولف وغيرها من الرياضات.
التمكين المؤسسي:
وفي إطار التمكين المؤسسي المتسارع، أعلن الصندوق في أغسطس (2023) تأسيس شركة “سرج” للاستثمارات الرياضية، التي تهدف إلى دعم نمو القطاع الرياضي في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد بدأت الشركة منذ انطلاقتها بسلسلة من الشراكات البارزة، من بينها الاستحواذ على حصة أقلية في دوري المقاتلين المحترفين الأمريكي المتخصص في الألعاب القتالية المختلطة، إلى جانب شراكتها مع منصة “DAZN” العالمية الرائدة في مجال البث الرياضي والترفيهي، وذلك في خطوة تسهم في تعزيز محتوى البث وتوسيع قاعدة المشاهدة الجماهيرية حول العالم.
توسع إستراتيجي:
توسعت إستراتيجية الصندوق إلى الرياضات الرقمية، إذ أطلق في يناير (2022) مجموعة “ساڤي” للألعاب الإلكترونية، وهي شركة مملوكة بالكامل للصندوق، متخصصة في تطوير وتنمية صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية، وتطمح “ساڤي” إلى أن تصبح أكبر شركة ألعاب في العالم، والمستثمر الأول في هذا القطاع عالميًا، وذلك من خلال توسعها في عدد من المراكز العالمية، وسعيها إلى أن تكون العاصمة الرياض واحدة من أهم المراكز الدولية للرياضات الإلكترونية، وقد دخلت “ساڤي” في شراكات واستحواذات عديدة، أسهمت في تعزيز قدراتها وفتح آفاق جديدة لنمو القطاع الرقمي، وتمكين المملكة من استضافة فعاليات دولية، كان أبرزها تنظيم نهائيات بطولة الاتحاد الدولي لكرة القدم الإلكترونية “فيفا” في ديسمبر (2024).
شراكات نوعية:
وضمن رؤية الصندوق المتكاملة، التي ترتكز على مفاهيم الشمولية، والاستدامة، والابتكار، وتمكين الشباب، وقّع صندوق الاستثمارات العامة في عام (2024) شراكات نوعية مع اتحادي لاعبي ولاعبات التنس المحترفين، ليصبح شريك التسمية الرسمي لتصنيفات أفضل اللاعبين واللاعبات عالميًا، وتهدف هذه الشراكة إلى دعم مستقبل اللعبة وتوسيع دائرة الاستثمار في اللاعبين والمشاريع والمواهب. ودخل الصندوق في شراكة إستراتيجية مع اتحاد أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لكرة القدم (كونكاكاف)، لتعزيز رياضة كرة القدم في المنطقة وتوسيع برامجها لتشمل النشء والشباب، وهو ما يعكس حرص المملكة على الإسهام في نمو كرة القدم على مستوى العالم، وتوسيع فرص ممارستها في مختلف البيئات والبلدان. ويمثل انضمام صندوق الاستثمارات العامة مؤخرًا كشريك رسمي لبطولة كأس العالم للأندية “FIFA 2025” إحدى أبرز المحطات في هذه المسيرة، إذ تعكس هذه الشراكة الرؤية المشتركة بين الصندوق والاتحاد الدولي لكرة القدم لتعزيز قطاع الرياضة عالميًا، وتشجيع الابتكار، وفتح فرص أكبر للشباب، ودعم الفيفا في جهودها لإلهام الأجيال الجديدة وتعزيز مشاركتها، كما تُعد هذه الخطوة امتدادًا للدور المتنامي للمملكة في ساحة كرة القدم العالمية، وتجسيدًا لاستعدادها لتنظيم نسخة استثنائية من بطولة كأس العالم (2034). الاستثمار الرياضي كأداة لتحقيق رؤية (2030) وفي المجمل، تمثل الإستراتيجية الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة في القطاع الرياضي ركيزة أساسية في تحقيق أهداف رؤية المملكة (2030)، خصوصًا ما يتعلق برفع مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز حضوره كمجال اقتصادي مستدام، وتؤكد المبادرات المتنوعة، بدءًا من تحويل الأندية إلى شركات، وصولًا إلى بناء شركات رياضية متخصصة في البث والتقنية والألعاب، أن الصندوق لا يستثمر فقط في الرياضة كمنصة للترفيه، بل كمجال مؤثر في بناء الاقتصاد وتنمية الإنسان، وتحقيق موقع ريادي للمملكة في المشهد الرياضي العالمي.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الاستثمار الرياضي التأثير العالمي القطاع الرياضي صندوق الاستثمارات العامة صندوق الاستثمارات العامة فی القطاع الریاضی کرة القدم

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد الدولي يقر المراجعة الرابعة ويُتيح للأردن 240 مليون دولار دعمًا للبرنامج الاقتصادي

صراحة نيوز- أقرّ المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الجمعة، المراجعة الرابعة ضمن تسهيل الصندوق الممدد والمراجعة الأولى ضمن مرفق الصلابة والاستدامة مع الأردن، ما يتيح وصولًا فوريًا إلى نحو 130 مليون دولار ضمن التسهيل الممدد، و110 ملايين دولار ضمن مرفق الصلابة والاستدامة لدعم البرنامج الاقتصادي الوطني.

وأكد الصندوق أن النمو الاقتصادي في الأردن تسارع إلى 2.7% خلال النصف الأول من عام 2025، فيما بقي التضخم مستقرًا عند نحو 2%، مشيرًا إلى أن ذلك يعكس فعالية سياسات البنك المركزي في الحفاظ على الاستقرار النقدي وثبات سعر الصرف رغم التحديات الخارجية.

وأشار إلى أن البرنامج الاقتصادي الممول عبر التسهيل الممدد يسير وفق المخطط، بفضل التزام الحكومة بسياسات اقتصادية كلية منضبطة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تستهدف تعزيز الصمود الاقتصادي، ودعم النمو بقيادة القطاع الخاص، وخلق فرص العمل. كما استكملت السلطات إجراءات الإصلاح المرتبطة بالمراجعة الأولى لمرفق الصلابة والاستدامة، بما يسهم في تعزيز الآفاق الاقتصادية واستقرار ميزان المدفوعات.

وقال الصندوق إن الاقتصاد الأردني “لا يزال يتمتع بقدرة قوية على الصمود”، متوقعًا ارتفاع النمو إلى 3% خلال السنوات المقبلة مدعومًا بمشاريع استثمارية كبرى، وتعميق التكامل الإقليمي، واستمرار الإصلاحات الهيكلية. كما يُتوقع أن ينخفض عجز الحساب الجاري إلى أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط، في ظل قوة الاحتياطيات واستقرار القطاع المصرفي.

وأكد الصندوق أن الأداء المالي للبلاد يتماشى مع مستهدفات البرنامج، بفضل تحصيل إيرادات أفضل وانضباط واضح في الإنفاق، مع التزام الحكومة بخفض الدَّين العام إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028، عبر ضبط مالي تدريجي وخفض خسائر المرافق العامة، مع الحفاظ على الإنفاق الاجتماعي والتنموي

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد يوافق على صرف 130 مليون دولار ويشيد باستقرار الأردن المالي
  • صندوق النقد الدولي يقر المراجعة الرابعة ويُتيح للأردن 240 مليون دولار دعمًا للبرنامج الاقتصادي
  • القطاع الخاص يقود دفة النمو
  • وزير الشباب والرياضة يثمن جهود وكيل وزارة الجيزة في تطوير منظومة الإستثمار الرياضي
  • سيف بن زايد يكرم داعمي صندوق الفرج
  • وزير الشباب والرياضة يثمن جهود وكيل وزارة الجيزة في تطوير منظومة الاستثمار الرياضي
  • اقتصاد كرة القدم بالسعودية.. ما التأثير المحتمل للصفقات العالمية المنتظرة؟
  • هدى يس: مصر مركز إقليمي لجذب الاستثمارات الأجنبية
  • مؤتمر التمويل التنموي 2025 ينطلق في الرياض
  • الصين.. تريليون دولار فائض وتهديد الإصلاح المؤجل