دم الشهيد حنتوس لايرثى، بل يبايع
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
قتلوك لأنك قلت “لا” في وجه الطغيان، ولأنك كنت تعلّم الناس كتاب الله، لا كتاب السلالة والكهنوت.
هدموا بيتك وأحرقوه، لأنه لا يشبه كهف مرّان، ولا يُرفع فيه شعار الولاية، بل يُتلى فيه القرآن ويعلًم للناس كافة، دون تمييز ولا اصطفاء.
قتلوك لأنك كنت النقيض التام لمشروعهم العنصري، ولأنك رفضت أن يكون القرآن وسيلة لتكريس الإمامة، أو غطاءً دينيًا لحكم السلالة.
ويا للمفارقة المؤلمة والمخزية! قتلوك بتهمة أنك تُعلّم القرآن الكريم، بينما هم يدّعون أنهم “حماة المسيرة القرآنية”. في الواقع، كنت أنت من يحفظ كتاب الله في صدور الناس، وهم من يقتلون أهله باسمه!
لم يكتفوا بقتلك، بل داهموا منزلك، ودمّروه وأحرقوه، كما يفعل الاحتلال الإسرائيلي في غزة – بينما هم يتاجرون باسم فلسطين ويدّعون نصرتها!
إن استشهادك فضح زيفهم، وأسقط قناعهم. فمن يقتل اليمنيين باسم فلسطين، لا يدافع عن فلسطين، بل يسعى لتكريس الاحتلال الإيراني لليمن، عبر رايات زائفة وشعارات مخادعة.
ندرك أنك لم تكن قائدًا لمقاومة مسلّحة، بل كنت حامل مصحف ومعلّمًا للقرآن. لكن دمك الطاهر لاشك أنه قد أطلق اشارة لمقدم مقاومة شعبية باسلة، من حيث لا تحتسب أنت ، ولا تحتسب الجماعة التي قتلتك.
لقد هزّ استشهادك وجدان أبناء ريمة، بل وجدان اليمنيين قاطبة، وأيقظ فيهم ما خفت طويلاً، فدمك لم يكن مجرد حدث، بل بعث فكرة المقاومة في ضمائر الناس، لا بوصفها خيارًا سياسيًا، بل كحاجة وجودية وواجب أخلاقي لا يمكن التراجع عنه.
تحوّلت، يا شهيد القرآن، من معلّم بسيط في حياتك، إلى رمزٍ وطني جامع، وملهمٍ لمقاومة يمنية جديدة تتخلق الآن، وقد باتت على موعد مع التاريخ، ولن تخلفه زمانًا ومكانًا بأذن الله .
لم يعد دمك حكرًا على ريمة، بل صار جزءًا من سجل الشرف الوطني في مقاومة المشروع الحوثي، ومن لحظة استشهادك تَحددت مسؤولية الجميع.
استشهادك ليس ختام سيرة، بل بداية لمسار. ومن الوفاء لدمك، أن يُحسن اليمنيون قراءة رسالتك، وأن يحوّلوا رمزيتك إلى قوة فعل مستمرة، تنمو في الميدان، وتكبر في الوعي، وتنتصر في النهاية، مهما طال ليل الظلم.
لا نرثيك، ولا نراك محلًا للرثاء، بل نراك عهدًا متجددًا، وبيعة جديدة، ألا يذهب دمك هدرًا، وألا تُنسى تضحيتك.
ذكراك ستكون محطة يُشد فيها العزم، ويُجدد فيها القسم، وتُرفع فيها رايات المقاومة في كل شبرٍ من أرض اليمن.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن جرائم الحوثيين كتابات يمن مونيتور
إقرأ أيضاً:
أقوى رد من كاتب فلسطيني معروف على حشر الحوثيين قضية فلسطين في جريمة تصفية الشيخ حنتوس.. ''ابتذال وإساءة لقضيتنا''
توالت درود الفعل الغاضبة والمستنكرة لجريمة الحوثيين بحق الشيخ والداعية والمربي، صالح حنتوس، مدير دار القرآن الكريم بمديرية السلفية بمحافظة ريمة شمال اليمن، الذي أغلقه الحوثيون قبل خمسة أعوام، وأقدموا على قتل الشيخ حنتوس مساء يوم الثلاثاء الفائت.
صدى الجريمة تجاوز المحيط المحلي، ليتناولها، عدد من الكتاب والناشطين العرب، وفق ما رصده محرر مأرب برس.
ومن أبرز من كتب عن الجريمة الحوثية، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة، الذي أكد أن الشيخ حنتوس مات شهيدا، يدافع عن بيته وأسرته.
وقال الزعاترة عن ''قتل الحوثيين للشيخ صالح حنتوس، وحفيد أخيه: ''لا أسوأ من الجريمة غير تبريرها، إذ زعم بيان لشرطتهم أمس أن "المدعو"، كما وصفته! كان "يعمد إلى الدعوة للفوضى والتمردّ، ورفض مواقف الدولة والشعب اليمني الداعمة للقضية الفلسطينية".
واعتبر الزعاترة حشر فلسطين في السياق ضرب من الابتذال والإساءة لقضيتها، فهي ليست موضع خلاف بين اليمنيين، ولم تكن كذلك يوما، فضلا عن أن يصدر ما ذُكر عن شيخ جليل نذر نفسه لتعليم القرآن الكريم، وهو شهيد، بإذن الله، لأنه قضى دون بيته وأسرته.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور الشهيد حنتوس وبطولته في مواجهة الكهنوت الحوثي، كما صدرت بيانات رسمية عن الحكومة اليمنية وحزب الإصلاح وهيئة علماء اليمن، وجهات أخرى، جميعها ادانت هذه الجريمة النكراء.
وقاوم الشيخ صالح حنتوس، الرجل الثمانيني، مليشيات الحوثي المدججة بالسلاح الثقيل والمتوسط، بسلاحه الشخصي لأكثر من 12 ساعة، قبل أن يرتقي شهيدا واقفا شامخا على سطح منزله، الذي تعرض لقصف عنيف ومتواصل اصيبت فيه زوجته التي كانت مع أمها داخل المنزل.