المجلس الإسلامي السوري.. صوت ضمير الثورة وأحد أعمدتها الراسخة
تاريخ النشر: 4th, July 2025 GMT
ما زالت الثورة السورية، بعد أكثر من عقد من الدم والعذاب، تثمر في قلوب أبنائها ووجدانهم معاني العزة والكرامة، وتسطّر صفحات خالدة من الصبر والثبات والإيمان بعدالة القضية. ومن بين مؤسسات الثورة التي بقيت شامخة كالمنارة وسط الكلام، المجلس الإسلامي السوري، الذي كان ولا يزال واحد من أبرز المعالم العلمية والروحيّة والفكرية للثورة السورية.
المجلس الإسلامي السوري: حضور مشرف ودور ريادي
حمل المجلس الإسلامي السوري منذ تأسيسه أمانة الكلمة والموقف، وكان المرجعيّة الشرعيّة والدعويّة التي اجتمعت حولها أطياف من العلماء والدعاة والمربيّن والمصلحين من داخل سوريا وخارجها. فلم يكن المجلس مجرد هيئة دعوية، بل كان ضميرا حيّا للأمّة السورية، وصوتا حرا للثورة، وحارسا أمينا لهويتها الإسلاميّة والوطنيّة..
فقد ساهم المجلس في:
- الفتوى والتوجيه في أدقّ المنعطفات، مثبتّا الناس في وجه الخوف والخذلان.
- التصدي لمحاولات التمييع والانحراف العقدي والاختراقات الطائفيّة والمذهبيّة.
- إغاثة المنكوبين ودعم مؤسسات التعليم الشرعي، وتأهيل العلماء والقرّاء والدعاة.
- مواجهة الظلم والاستبداد، وخاصة في فضح جرائم نظام المجرم بشار الأسد، والدعوة الصريحة لإسقاطه وجميع رموزه الخونة.
- تثبيت الخطاب الوسطي المعتدل، في وقت كانت الفوضى الفكريّة تكتسح الساحة السورية.
كما أصدر وثائق جامعة كـ"وثيقة المبادئ الخمسة" و"رؤية التوافق الوطني"، فكان صوته يجمع لا يفرّق، ويرشد لا يضلل.
قرار حلّه خسارة وطنية..
إنّ قرار حلّ المجلس الإسلامي السوري، وإن جاء في سياق بناء مؤسسات الدولة الجديدة، إلا أنّه يشكّل خسارة رمزية ومعنوية كبيرة لسورية ما بعد التحرير. فالمجلس لم يكن يوما ما عبئا على البلاد والعباد، ولم يعّطل مؤسسات الدولة، ولم يشكّل بؤرة صراع أو فرقة، بل كان ولا يزال عامل وحدة واستقرار وتوازن.
بل إنّ وجوده لا يزاحم أحدا، ولا يضادّ جهة رسميّة، بل يسدّ ثغرة بقيت لسنوات طويلة بدون مؤسسات رسميّة فاعلة، لا سيما في الشأن الشرعي والديني، وهو مجال لا يحتمل الفراغ، لأنه يمسّ عقيدة الناس، وتدينهم، وتعاملهم اليومي.
كما كان المجلس الإسلامي السوري وقف سدّا منيعا في وجه التمدد الطائفي، ففضح مخططات التغيير الديموغرافي، وواجه محاولات اختراق المجتمع السوري عقائديا. فأدى دورا حاسما في حماية الهوية السنيّة، وتعزيز الوعي بمخاطر المشروع الطائفي المدعوم خارجيا. وقدّم خطابا شرعيا وطنيا حازما حافظ به على وحدة الصف والمعتقد.
لماذا يُفكّك ما ثبت ويُهدم ما بُني؟
إننا اليوم أمام مشهد محيّر: مؤسسة شريفة، خدمت الدين والثورة والوطن، يُطلب منها أن تغيب، من غير أن يكون لبقائها ضرر، ولا لحلّها فائدة عمليّة واضحة. فهل من العقل والمنطق، بل من الحكمة الشرعيّة والوطنيّة، أن يُقصى من بَنى وثبت، ويُقال لمن نصر الحق في أحلك الظروف: "قد انتهى دورك، شكرا ووداعا"؟ أليس من الوفاء للدماء والدموع، أن نبقي على المؤسسات التي وقفت في وجه الطغيان، وحملت عبء المرحلة بكلّ صدق وإخلاص؟
رسالة إلى القيادة والدولة
نحن نُجلّ الدولة السورية الفتيّة، ونحترم مؤسسة الرئاسة والحكومة، ونقدّر جهود الجميع في بناء الدولة بعد التحرير، ولكننا في الوقت ذاته، نرفع نداء صادقا، ومطلبا عقلانيا محقّا: "أعيدوا النظر في قرار حلّ المجلس الإسلامي السوري".
فالدولة التي تتسع لعودة النازحين، وتفتح ذراعيها لكلّ مخلص، قادرة أن تتسع لصوتٍ دعويٍّ معتدل، وقف مع الحق يوم عزّ الناصر، وكان سندا للدولة والشعب معا.
إنّ المجلس الإسلامي السوري ليس مجرد مؤسسة، بل شاهد حيّ على مرحلة عظيمة من تاريخ سورا، وبصمة في مسار الثورة والهوية، وإن بقاءه لا يضرّ أحدا، بل ينفع الأمة ويغني الساحة ويُطمئن المجتمع. فليكن في الحكمة متّسعٌ، وفي الدولة أفقٌ، وفي القرار إعادة نظر.. "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".
والله من وراء القصد، أسأل الله أن يحفظ سوريا وأهلها وقيادتها وعلمائها الصادقين ورموزها المخلصين..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الثورة المجلس الإسلامي سوريا سوريا ثورة المجلس الإسلامي سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة السوریة
إقرأ أيضاً:
"القومي لحقوق الإنسان" يجدد التزامه بمواصلة دوره المستقل
أكد المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن العالم يواجه منظومة معقدة من التحديات، مشيرًا إلى أن التوترات الجيوسياسية، واتساع الفجوات الاقتصادية، والتحولات التكنولوجية المتسارعة، جميعها أثرت بصورة مباشرة على قدرة الدول والمجتمعات على حماية حقوق الأفراد وضمان كرامتهم، ومع هذه التحولات، يتراجع الإحساس بالأمان في بعض المناطق، وتبرز الحاجة إلى تعزيز قيم العدالة والإنصاف والحماية القانونية بصورة أشد وضوحا من أي وقت مضى.
وأوضح المجلس في بيان أصدره اليوم، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان والمتفق عليه يوم 10 ديسمبر من كل عام، أنه في ظل هذا المشهد العالمي، تعتبر حماية الحقوق والحريات ليست مجرد التزام قانوني، بل هي حجر أساس لاستقرار أي مجتمع وقدرته على التقدم. فالمعايير الدولية لحقوق الإنسان بما تحمله من مبادئ عدم التمييز، وسيادة القانون، واحترام الكرامة الإنسانية ليست دعوات نظرية، وإنما ضمانات عملية تُترجم إلى سياسات وتشريعات وممارسات تؤثر في حياة المواطن اليومية.
وأشار المجلس في بيانه، أن مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة جهودا مهمة على مستوى تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتوسيع مساحات الحوار بين الدولة والمجتمع، ويعتبر المجلس أن هذه التطورات تمثل خطوة نوعية في اتجاه ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان بوصفها جزءًا من مشروع وطني أشمل لبناء دولة قادرة على الاستجابة لتحديات العصر، ورغم ما تحقق، فإن المجلس يدرك أن مسار حقوق الإنسان هو مسار تراكمي يحتاج إلى متابعة دقيقة، ومراجعة مستمرة، واستعداد دائم لتصحيح المسارات.
وأفاد المجلس، أنه وفقا لاختصاصاته القانونية، يواصل أداء دوره في متابعة حالة حقوق الإنسان عبر أدوات متعددة تشمل تلقي الشكاوى، وزيارة السجون وأماكن الاحتجاز، وإعداد التقارير، ودراسة مشروعات القوانين والسياسات العامة التي تمس الحقوق والحريات، ويهدف هذا العمل إلى تعزيز مبادئ المحاسبة، وإزالة أسباب الانتهاكات، ودعم المؤسسات الوطنية في تنفيذ التزاماتها الدستورية والإنسانية.
وأضاف: وحرص المجلس على التأكيد أن الحقوق المدنية والسياسية لا تنفصل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فتمتع المواطن بفرص عادلة في التعليم والعمل والصحة والسكن اللائق جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان، وتحقيق التوازن بين مختلف فئات الحقوق يعد ضرورة لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية، بما يعزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
وجدد المجلس القومي لحقوق الإنسان، التزامه الكامل بمواصلة دوره المستقل والمهني، وتعزيز شراكته مع مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام والجامعات، والعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان باعتبارها مسؤولية جماعية. كما يعيد التأكيد على أن الكرامة الإنسانية بكل ما تحمله من معانٍ للحرية والاحترام والمساواة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي نظام ديمقراطي حديث، وهي الغاية التي يعمل المجلس على دعمها وحمايتها.