من القضايا التي تعكس مخططات الحركة الصهيونية في إسرائيل للسيطرة على أراض في الضفة الغربية والقدس، والتي يتحرك فيها بقوة من خلال اليمين الإسرائيلي القابض على السلطة في إسرائيل، من خلال حزب الليكود، وتحالفه مع الأحزاب المتطرفة دينيا، ولا شك أن هذا التوجه ليس جديدًا، فمنذ عقود ومسألة الاستيلاء طويلة، للسيطرة على الضفة الغربية بشكل معد وممنهج، ويتم من خلال حملات المداهمة وطرد السكان، والسيطرة على بعض المناطق المدنية، التي يسكنها الفلسطينيون، بحجج الأمن وإقامة مستوطنات جديدة لتركيز هذا الاحتلال، دون الالتفات لما متفق عليه، وما أقرته الأمم المتحدة، ومنذ أسابيع بدأت حملات عسكرية مكثفة ومتواصلة في العديد من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، وقامت هذه القوات بالسيطرة الفعلية على الكثير من المواقع السكنية، وطرد سكانها من هذه المناطق، تمهيدًا للاستيلاء الفعلي عليها، ولم تأبه بالتحذيرات والانتقادات من الكثير من الدول الغربية ومن المنظمات الدولية، وهذا ما يؤكد أن المخططات الصهيونية، ماضية في طريق الضم ضمن التوجهات التي أعدتها الحكومة الإسرائيلية الحالية، بموافقة نتنياهو كما تؤكد العديد من المصادر من داخل إسرائيل.

ولذلك هي تعد العدة بنشاط واسع، لضم الضفة الغربية رسميا، والمحاولات قائمة للحصول على التأييد الأمريكي في حكومة الجمهوريين وبالأخص الرئيس ترامب، متجاهلة اتفاقيات أوسلو عام 1993، التي جعلت الضفة الغربية أرضا محتلة من إسرائيل، وتمهد هذه الاتفاقية لدولة فلسطينية قابلة للحياة بحسب التطمينات الأمريكية! لكن يبدو أن الرؤية الصهيونية لم تعد قابلة بأي اتفاقات تعرض المخططات الصهيونية.

فمن خلال حزب الليكود والجماعات المتطرفة المتحالفة مع هذه الجماعات المتطرفة، فالأمور كما يبدو متجهة لضم الضفة الغربية وبعض الأراضي في القدس الشرقية، بعد ما تم جعل القدس كلها عاصمة أبدية لإسرائيل، ووجدت لهذا الضم تأييدا أمريكيا، لكن أوروبا رفضت ضم أي أراض فلسطينية أقرتها الأمم المتحدة، وترفض أي اعتداء على الأراضي الفلسطينية بموجب القرارات الدولية مثل محاولات السيطرة على الضفة الغربية. ويبدو أنهم أعدوا العدة لإماتة هذه الاتفاقية، وتجريد السلطة الفلسطينية، من كل ما قيل أنها سلطة تمهد لدولة فلسطينية مقبلة.

وقد بدأ التحرك الإسرائيلي للسيطرة على أراض فلسطينية في الضفة الغربية، وبعض الأراضي في القدس العربية، فيما عُرف عنه بأنها بحسب بعض التقارير، أتت وفق مخطط مدروس تمت تسميته بـ(السور الحديدي)، الذي أطلقته القيادة السياسية، لكن من مخططات المجموعة المتمثلة بالمتطرفين في الحكومة الإسرائيلية، ونفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، منذ عدة أسابيع، ولا تزال الانتهاكات مستمرة في العديد من المدن الفلسطينية بالضفة الغربية بوتيرة توسعية متصاعدة، شملت مخيمات جنين وطولكرم، وامتدت إلى محافظة طوباس، وخاصة طمون ومخيم الفارعة، وجاءت العملية بعد قرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية الكابينت، بإضافة بند تعزيز الأمن في الضفة الغربية إلى أهداف الحرب.

وفي ظل تصريحات وزراء في الحكومة الإسرائيلية بأن العام الحالي هو عام ضم الضفة الغربية وفرض السيادة عليها، ونفذ جيش الاحتلال في سعيه لتحقيق هذا الهدف، سياسات عقاب جماعي عدوانية عنيفة على كل الصعد، شملت القتل والتهجير والاعتقالات والاقتحامات اليومية وتدمير البنى التحتية والمنشآت العامة، ما شكل تهديدا خطيرا للوجود الفلسطيني في تلك المناطق.

ومنذ استلام الأحزاب الإسرائيلية من الاتجاهات السياسية اليسار أو اليمين داخل إسرائيل، ومن يتحالف معهم، فحزب الليكود بالأخص مع تحالف المتطرفين الصهيونية، كانت فكرة المستوطنات قائمة شبه سنويا من أي حكومة جاءت، لكن الأشد خطورة في التمادي في إقامة المستوطنات، فهو من اليمين المتطرف، فلم تتوقف في الأراضي العربية الفلسطينية، منذ احتلالها، سواء في الضفة الغربية أو القدس الشرقية عام 1967، فقد قامت إسرائيل منذ سنوات قليلة، باقتطاع ما نسبته 42% من أراضي الضفة الغربية ومن القدس، وكذلك الاستيطان في غلاف غزة التي تم اقتطاعها من هذه المدينة بعد حرب عام 1967 وما تزال.

صحيح أن الاستيطان بدأ منذ احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية، قبل ذلك بكثير، لكنه لم يكن بذلك التوسع والتكاثر في الأراضي الفلسطينية بالمقارنة بما حدث بعد اتفاقية أوسلو، ولكنه بدأ محدودا، ومع تعاقب الحكومات الإسرائيلية، بدأت بتقديم الكثير من التسهيلات والحوافز والدعم، خاصة للمستوطنين بإقامة العديد من البؤر الاستيطانية الجديدة ، لكنها ازدادت بصورة كبيرة في كل عام، والغريب أن استمرار إقامة المستوطنات في الضفة الغربية، غير القانونية في القانون الدولي من خلال قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة، وحتى في القانون الإسرائيلي الذي كان يمنع إقامة مستوطنات في الضفة والقطاع ! لكن هذه القوانين مجرد قوانين فارغة من الإلزام، وكل القوانين الدولية ترمي بها إسرائيل عرض الحائط! ولا تُطبق إلا على الدول التي تختلف مع الغرب الليبرالي؛ فالولايات المتحدة تعلن دائما أنها ضد إقامة المستوطنات التي تقام في الضفة الغربية والقدس الشرقية، لكنها لا تتخذ موقفا قويا قانونيا يتناسب مع هذا الرفض، وتستعمل عشرات القرارات من حق النقض (الفيتو)، ضد أي قرار دولي يطالب بمعاقبة إسرائيل، أو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ومنها منذ أكثر من قرار لوقف الحرب في قطاع غزة ووقف الانتهاكات المستمرة، أو معاقبة مجرمي القتل في غزة، من أمثال نتنياهو وبعض القيادات العسكرية بحسب محكمة العدل الدولية الذي صدر بحقهم منذ عدة أشهر.

وقبل عدة سنوات صدر قرار من مجلس الأمن، بأغلبية ساحقة على قرار يطالب إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يعتبر قرارا مهما، وهو امتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت، وعدم استخدامها لحق النقض (الفيتو)، وهي سابقة ولافتة منها، وهذا القرار جاء واضحا وقويا من الناحية القانونية، إذ أكد على عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل، كما جاء في القرار الدولي، كما طالب القرار «بوقف فوري، لكل الأنشطة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأوضح أن أي تغييرات على حدود عام 1967، لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين. وأكد القرار على التمييز في المعاملات بين إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967.

وبهذا القرار يعتبر المجتمع الدولي كل المستوطنات، غير قانونية سواء أقيمت بموافقة الحكومة الإسرائيلية أو لا، وعقبة كبيرة أمام تحقيق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ إن هذا البناء يجري على أراض يمكن أن تصبح جزءا من دولة فلسطينية مقبلة». وقد دافع جون كيري عن موقف الولايات المتحدة، في امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن بخصوص المستوطنات الإسرائيلية، وقال عن الموقف الأمريكي اللافت «إنّ واشنطن لا يمكنها تقديم دعمها فيما يمنع التوسّع الاستيطاني المستمرّ واحتمال التوصّل إلى حلّ الدّولتين». وأضاف كيري في دفاعه عن هذا الموقف في كلمته بوزارة الخارجية الأمريكية «للأسف، يبدو أنّ البعض يعتقد أنّ صداقة الولايات المتّحدة مع دولة معيّنة تعني أنّ الولايات المتّحدة عليها القبول بأيّ سياسة، بغضّ النّظر عن مصالحنا الخاصّة. على الأصدقاء أن يخبروا بعضهم بالحقائق المرّة، والصّداقات تتطلّب احترامًا متبادلا».

وهذا يعني أن الولايات المتحدة، ضاقت ذرعا بمواقف إسرائيل تجاه المستوطنات التي تشيد إلى الآن في أراض فلسطينية منذ 1967. ولا شك أن هذا القرار صدم إسرائيل من موقف الولايات المتحدة، لعدم دعم موقف إسرائيل من قضية المستوطنات، وهذا الاستيطان صار تحركا دائما في ظل حكم اليمين الإسرائيلي، ثم أضعف محاولات إقامة الدولة الفلسطينية حسب الوعد الأمريكي في عهد الرئيس بوش الابن، ويقول هرتزل في كتابه -الأرض القديمة الجديدة- «إن اليهود لن يفعلوا شيئا للأرض القديمة الجديدة (فلسطين) سوى نقلهم المؤسسات المتحضرة إليها». ومثل هذه المزاعم وجدت صداها في الغرب، ليس فقط لاتساقها مع الفكر الذي دأب على التهوين من شأن الآخرين، وإنما أيضا لأن الغزوة العنصرية الصهيونية جزء ضئيل من الذين أنتجوا هذا الفكر.

مؤدى ذلك، أن العنصرية الأوروبية وصعود الدارونية الاجتماعية، كانت الموجه الفكري للمد الاستعماري وحركة التوسع الاستعماري. وقد ارتبطت الصهيونية بهذا المد ارتباطا حميما، فالصهاينة الأوائل كانت لهم نوايا لا تقل عنفا عن النازيين في ألمانيا، وهم الذين جعلوا قضية المحارق ضدهم، قضية القضايا، وهم يفعلون بالفلسطينيين ما فعله النازيون، إن صحت كل الأقوال التي أصبحت خطوطا حمراء، بدعاوى كراهية السامية! وإذا رجعنا للتاريخ قليلًا والبحث عن الرؤى الأساسية للصهيونية العنصرية في هذه المقولات، نجد أن ممارساتها العنصرية واضحة وغير خفية عن العالم أجمع، وهذا ما جعل تنظيف المدن الفلسطينية من الإنسان الفلسطيني، لا يختلف عن تنظيف الأمكنة الوعرة من الهوام والحشرات السامة.

وعلى هذا فإن الصراع لا يدور بين خصمين أو قوتين تنتميان إلى عالم واحد، بل بين عالمين مختلفين أو بين تاريخين مختلفين، يقول بيغن: «ينبغي أن ندرك أنه لا مكان في هذه البلاد لشعبين، إن الحل الوحيد هو فلسطين بلا عرب، وليس هناك سبيل غير طرد العرب إلى البلدان المجاورة، طردهم جميعًا بلا استثناء»، وهذا ما يتم التحرك فيه الآن وبقوة، من خلال الاستيلاء على الأراضي العربية في جنين وفي بعض المدن وطرد السكان من أجل هذا المخطط الصهيوني المتزايد في الأشهر الماضية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الحکومة الإسرائیلیة الأراضی الفلسطینیة الولایات المتحدة فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة القدس الشرقیة فی الأراضی العدید من من خلال عام 1967

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تدين هجمات العدو الصهيوني على الضفة

الثورة نت/..

قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، إن الهجمات المتواصلة التي تشنها القوات “الإسرائيلية” على مدن الضفة الغربية تتسبب في دمار هائل وتفاقم الوضع الإنساني بشكل كبير.

وأوضح المكتب في تقريره اليومي، أن الاعتداءات “الإسرائيلية” ترفع من حجم الاحتياجات الإنسانية، وتُضعف آمال آلاف العائلات الفلسطينية النازحة في العودة إلى منازلها.

وأشار التقرير إلى أن هجمات المستوطنين ومضايقاتهم ضد السكان الفلسطينيين باتت واقعا يوميا، مسلطاً الضوء على هجوم وقع في 3 يوليو أدى إلى تهجير تجمع المعرجات الشرقي البدوي وسط الضفة الغربية، طبقاً لوكالة “قدس برس”.

وأكدت “أوتشا” أن هذا التجمع يُعد التاسع الذي يُهجّر بالكامل في منطقتي رام الله وأريحا منذ يناير 2023، نتيجة هجمات المستوطنين “الإسرائيليين” المتكررة.

مقالات مشابهة

  • لافروف يشير إلى تزايد المخاطر التي تهدد احتمالات إقامة الدولة الفلسطينية
  • الأمم المتحدة تدين هجمات العدو الصهيوني على الضفة
  • العدو الصهيوني يقتحم بلدات وقرى في الضفة الغربية
  • المقاومة الفلسطينية تنفذ 15 عملاً مقاوماً في الضفة الغربية 
  • الأحرار الفلسطينية تدين المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني بدير البلح
  • الأحرار الفلسطينية وفتح الانتفاضة تباركا العملية البطولية في مدينة الخليل
  • "أبو عبيدة" يوجه رسالة للشباب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس
  • المقاومة تنفذ 20 عملاً مقاوماً ضد العدو الصهيوني في الضفة الغربية
  • تقرير: إسرائيل تكرر في شمال الضفة الأساليب القتالية التي اتبعتها في غزة