في خطوة أثارت موجة استياء عارمة، أوقفت السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإيرانية، في صنعاء، تقديم خدمات العلاج المجاني في المستشفى الجمهوري، أحد أبرز المستشفيات الحكومية التي كانت تشكّل الملاذ الأخير للفقراء وذوي الدخل المحدود.

 القرار المفاجئ جاء بعد سنوات من تقديم المستشفى لخدمات طبية مجانية أو شبه مجانية للفئات الأشد فقرًا، ما يزيد من معاناة المواطنين في ظل تردّي الأوضاع المعيشية وغياب مصادر الدخل، نتيجة توقف الرواتب منذ أكثر من عشر سنوات.

وكان المستشفى الجمهوري، منذ بدء تقديم خدماته الطبية المجانية، مقصدًا للفقراء والمستضعفين من مختلف مديريات العاصمة وضواحيها، حيث ظل آلاف المرضى يصطفّون يوميًا في طوابير طويلة أمام بواباته، أملًا بالحصول على خدمة طبية تحفظ كرامتهم وتنقذ حياتهم. إلا أن قرار وقف الدعم المجاني، حوّل هذا الملاذ إلى عبء ثقيل، يعجز معظم المواطنين عن تحمّل تكاليفه.

وتقول مصادر طبية في المستشفى إن الخدمات المجانية أُوقفت بشكل مفاجئ دون إعلان رسمي، وإن التوجيهات جاءت من مسؤولين حوثيين في وزارة الصحة، في إطار توجه أوسع لتحويل القطاع الصحي إلى مورد ربحي خاضع لسيطرة نافذين من الجماعة، بينهم تجار أدوية وأصحاب مستشفيات خاصة، يجنون أرباحًا ضخمة من تدهور النظام الصحي العام.

ويؤكد عاملون في القطاع الصحي أن القيادات الحوثية المسيطرة على وزارة الصحة والقطاع الدوائي تتعامل مع الخدمات الطبية كفرصة استثمارية، لا كحق من حقوق المواطنين، إذ يتم التلاعب بموازنات الدعم الصحي وتحويل الأدوية والمستلزمات المجانية إلى السوق السوداء أو استخدامها في مستشفيات خاصة تابعة لنفوذ الجماعة، في وقت تتزايد فيه أوجاع اليمنيين تحت وطأة الفقر والجوع والبطالة.

وبات المشهد داخل المستشفيات الحكومية، بما في ذلك المستشفى الجمهوري، مأساويًا، حيث يُجبر المرضى على شراء الدواء من خارج المستشفى، ودفع رسوم باهظة مقابل الفحوصات والعلاجات، رغم أن هذه الخدمات كانت تُقدّم مجانًا حتى وقت قريب.

يقول أحد المواطنين أمام بوابة المستشفى الجمهوري: "كنا متفائلين، نعتقد أن الخدمات ستتوسع وتنتشر لتشمل مستشفيات أخرى في صنعاء وبقية المحافظات، لكننا اليوم نُفاجأ بأنها توقفت حتى هنا... لماذا يُراد هدم الشيء الوحيد الذي كان يمنح الفقراء الأمل؟". وتساءل آخر: "هل هوامير القطاع الطبي، وتجار الأدوية، تضايقوا من هذه الخدمة البسيطة، فقرروا حرماننا منها؟ هل أصبحت صحتنا وموتنا مجرد ورقة في صراع النفوذ والربح؟".

ويخشى مراقبون أن يكون قرار وقف العلاج المجاني مقدمة لخطوات أوسع لإفراغ المستشفيات الحكومية من دورها الخدمي، وتحويلها إلى منشآت مدفوعة فقط، تُدار من قبل نافذين حوثيين يسعون لاحتكار الرعاية الصحية ضمن مصالحهم التجارية، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا.

اللافت أن هذا التدهور يجري في ظل غياب تام لأي رقابة أو محاسبة، وتحت سطوة ميليشيات تتعامل مع صحة الناس باعتبارها ملفًا سياسيًا وتجاريًا، لا إنسانيًا، وفق ما تؤكده مصادر طبية مستقلة.

وحمّل ناشطون جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن هذا الانهيار، مطالبين المنظمات الأممية والدولية بفتح تحقيق عاجل في أسباب وقف الدعم المجاني، والضغط من أجل إعادة تشغيل المستشفيات الحكومية وفقًا لمبدأ الرعاية الصحية المجانية، خاصة في ظل استمرار الجماعة في قطع رواتب موظفي الدولة منذ عام 2016.

وعلّق الناشط الحقوقي جمال جميل على صفحته في موقع فيسبوك، متسائلًا عن الجهات المستفيدة من هذا القرار، ومنددًا بحرمان الفقراء من أبسط حقوقهم الصحية.

وقال جميل في منشوره: "توقف العلاج المجاني في المستشفى الجمهوري... من المستفيد من ذلك؟!". وأضاف: "منذ أن بدأ المستشفى الجمهوري بتقديم العديد من الخدمات الطبية مجانًا، أصبح الملاذ الأول للفقراء والمستضعفين. كانوا يقفون في طوابير طويلة، يتزاحمون بأعداد كبيرة، وينتظرون لساعات في سبيل الحصول على بعض الخدمات المجانية التي كانت تقدمها المستشفى".

وتابع بنبرة مؤلمة: "لا أعلم لماذا كنا متفائلين... كنا ننتظر أن تتوسع تلك الخدمات المجانية لتشمل مستشفيات ومحافظات أخرى، لكننا اليوم نُفاجأ بأخبار تتحدث عن توقف تلك الخدمات في المستشفى نفسه".

وتساءل الناشط الحقوقي في منشوره: "لماذا يُراد هدم هذا الشيء البسيط الذي كان يُقدّم للبسطاء وحرمانهم منه كأبسط حقوقهم؟ هل هوامير وتجار القطاع الطبي تضررت أعمالهم من هذه الخدمات فبدأوا ب…

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: المستشفیات الحکومیة المستشفى الجمهوری فی المستشفى

إقرأ أيضاً:

الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة

نجحت دولة الإمارات عبر جهودها الإنسانية ومساعداتها الإغاثية للأشقاء الفلسطينيين ضمن" عملية الفارس الشهم 3"، في مد شريان الحياة للقطاع الصحي داخل قطاع غزة وإنقاذه من الانهيار التام والخروج النهائي من الخدمة.
وبرهنت دولة الإمارات خلال تدخلها السريع لمواجهة التحديات الطبية الناجمة عن الوضع المتفاقم في قطاع غزة، عن جاهزية قصوى واحترافية عالية ظهرت جليا من خلال التواجد على أرض الواقع سواء عبر المستشفى الإماراتي الميداني داخل القطاع أو المستشفى العائم الذي أرسلته إلى مدينة العريش المصرية، وكذلك عبر نقل الحالات الصعبة والحرجة إلى مستشفيات الدولة لتقديم العلاج والرعاية الطبية، إضافة إلى إرسال المساعدات والإمدادات الطبية بمختلف أنواعها لتعزيز قدرات القطاع الصحي داخل غزة.
ويواصل المستشفى الميداني الإماراتي المتكامل داخل قطاع غزة، منذ تدشينه في ديسمبر 2023 تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع، عبر كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، بالإضافة متطوعين طبيين.وبلغ عدد الحالات التي تلقت العلاج في المستشفى الميداني الإماراتي حتى أبريل الماضي أكثر من 51 ألف حالة شملت الإصابات الحرجة والعمليات الجراحية الدقيقة.وأطلقت دولة الإمارات، من خلال المستشفى، مبادرة إنسانية نوعية لتركيب الأطراف الصناعية للمصابين ممن تعرضوا للبتر، بهدف دعم إعادة تأهيلهم وتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية.
وتبلغ سعة المستشفى 200 سرير، ويضم غرفاً للعمليات الجراحية مؤهلة لإجراء أنواع الجراحات المختلفة، وعلى سبيل المثال نجح فريق الأطباء في المستشفى في استئصال ورم يزن 5 كيلوجرامات من بطن مريض عانى لسنوات من آلام حادة ومضاعفات صحية شديدة الخطر.
وأرسلت دولة الإمارات في فبراير 2024 مستشفى عائما متكاملا إلى قبالة سواحل مدينة العريش المصرية لتقديم الدعم الطبي اللازم إلى الأشقاء الفلسطينيين.
ويضم المستشفى العائم طاقما طبيا وإداريا من مختلف التخصصات تشمل التخدير والجراحة العامة والعظام والطوارئ، إضافة إلى ممرضين ومهن مساعدة، وقد نجح المستشفى حتى أبريل الماضي بالتعامل مع نحو 10370 حالة.
وتبلغ سعة أسرة المستشفى 100 سرير، ويضم غرف عمليات وعناية مركزة وأشعة ومختبرا وصيدلية ومستودعات طبية.
وعملت دولة الإمارات في موازاة ذلك، على نقل الحالات الطبية الحرجة إلى أراضيها للعلاج وتقديم الرعاية المطلوبة لهم، وذلك تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الإمارات.. كما وجه سموه باستضافة ألف طفل فلسطيني أيضاً برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم.
وفي 14 مايو الماضي وصل العدد الإجمالي للمرضى والمرافقين الذين تم نقلهم إلى الإمارات إلى 2634، ما يجسد حرص الدولة على توفير الرعاية العلاجية اللازمة للأشقاء الفلسطينيين في مستشفياتها.وتستحوذ الإمدادات الطبية والصحية على نسبة كبيرة من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تواصل الإمارات تقديمها إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة منذ بدء الأزمة.
وتتضمن المساعدات الطبية التي تقدمها الإمارات إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة، مختلف أنواع الأدوية والمعدات طبية مثل أجهزة غسيل الكلى وجهاز الموجات فوق الصوتية "التراساوند" وأجهزة إنعاش رئوي وكراسي متحركة وأقنعة تنفس صناعي، إضافة إلى سيارات الإسعاف.
وبعد مرور 500 يوم على إطلاق "عملية الفارس الشهم 3"، قدمت الإمارات أكثر من 1200 طن من المواد والمستلزمات الطبية دعما للمستشفيات المحلية في قطاع غزة، كما تم تعزيز المنظومة الصحية بـ17 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث المعدات.
ونفذت دولة الإمارات حملة تطعيم شاملة ضد شلل الأطفال لأكثر من 640 ألف طفل، ضمن جهود وقائية لحماية الأجيال القادمة من الأمراض المعدية.
وفي السياق ذاته، أرسلت دبي الإنسانية خلال الفترة من الأول من يناير حتى 24 أبريل 2025 ثلاث شحنات إغاثية إلى مطار العريش المصري دعما للأشقاء الفلسطينيين في غزة، نقلت على متنها حوالي 256 طناً مترياً من الإمدادات الطبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وتعزيزا للصحة العامة والوقاية من الأمراض السارية، تسهم الإمارات عبر مشروعات ومبادرات نوعية في توفير المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة، كما تنفذ مجموعة من مشروعات إصلاح شبكات الصرف الصحي بهدف الحد من التلوث ومنع انتشار الأوبئة والأمراض المعدية.

 

 

أخبار ذات صلة ركنة تسجل أدنى درجة حرارة في الإمارات الإمارات تواصل إنزال المساعدات جواً لإغاثة سكان غزة

 
 
 

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • ضمن 100 يوم صحة.. 25 مليون و192 ألف خدمة طبية مجانية خلال 16 يومًا
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في قطاع غزة
  • مركز صماد الصحي بدرعا يعود للخدمة ويقدم رعاية مجانية لأكثر من 20 ألف نسمة
  • 100 يوم صحة : 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15يوماً
  • الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة
  • ضبط 5 مخالفات وإتلاف كمية من الأسماك الفاسدة في سوق الجمهوري بصنعاء
  • ضبط خمس مخالفات وإتلاف كمية من الأسماك الفاسدة في سوق الجمهوري بصنعاء
  • 1586 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية المستعمرة الشرقية بالدقهلية
  • مؤسسة النفط تدعم «مستشفى أوباري» بأدوية وتجهيزات طبية لتعزيز الرعاية الصحية
  • مساعدات طبية نوعية تعزز القطاع الصحي بدير الزور بدعم من مؤسسة إغاثية