الصهيونية تعبّر عن نفسها بقتل الأطفال جوعا
تاريخ النشر: 2nd, August 2025 GMT
بلغ عدد الشهداء الذين فقدوا حياتهم نتيجة التجويع الصهيوني الممنهج في قطاع غزة 159، بينهم 90 طفلا، بينما تهدد المجاعة أكثر من مليوني إنسان، بينهم 40 ألف رضيع مهددون بالموت الفوري، و60 ألف سيدة حامل، وهؤلاء يُسائلون الإنسانية جمعاء، والعرب والمسلمين على وجه الخصوص: أين هم من هذه الجريمة التي تجاوزت كل حد، ولم تعد الكلمات قادرة على وصف بشاعتها؟
ولعل النموذج الذي أستهل به هذه المادة يُفسر، ولا يُبرر، موقف الولايات المتحدة الأميركية من فكرة استخدام الغذاء والدواء كأداة للحرب، فالولايات المتحدة في النهاية هي شريان الحياة الوحيد لدولة الاحتلال، وهي الغطاء السياسي والمالي والعسكري لجيشه الوحشي في كل ممارساته، بما في ذلك التجويع.
إبان الحرب الأهلية الأميركية من 1861 إلى 1865، أقر الرئيس أبراهام لينكولن مبدأ "ليبر" (Lieber Code) الذي يجعل من المشروع للجيش الأميركي "تجويع العدو، سواء كان مسلحا أو غير مسلح"، حسب المادة 17 منه [It is lawful to starve the hostile belligerent, armed or unarmed]. ولم تتراجع أميركا عن هذه السياسة إلا بعد أكثر من 150 عاما على هذا التشريع اللاإنساني.
ولم تكن بريطانيا أقل وحشية في أحداث المجاعة الأيرلندية الكبرى (1845-1852) التي أودت بحياة أكثر من مليون شخص ودفعت مليونا آخرين إلى الهجرة. وكان الهدف واحدا: تسريع استسلام المقاومة وفرض الشروط الاستعمارية المُذلة، بعد انكسار المقاومين أمام مشاهد المدنيين والأطفال والمرضى وكبار السن، وهم يموتون جوعا جراء الحصار ومنع الغذاء والدواء.
أمام مشهد الجوع الذي ينهش حرفيا أجساد الناس في غزة، يُطيح الاحتلال بكل الأطر القانونية والإنسانية والدولية التي جرّمت هذا الفعل، ونتساءل عن مصير وجدوى اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية، وعن اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر حرمان المدنيين من متطلبات حياتهم، وعن البروتوكول الأول لعام 1977 الذي يحظر التجويع خلال الحروب، وعن أحكام القانون الدولي العرفي، وقرار مجلس الأمن 2417 الذي يُدين استخدام تجويع المدنيين كسلاح حرب، وعن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 الذي يُعدّ التجويع جريمة حرب.
إعلانيريد الاحتلال وداعموه، بالأخص الولايات المتحدة، من خلال هذا المشهد الوحشي، هندسة جديدة للوعي الجمعي الفلسطيني، والعربي المحيط بفلسطين تحديدا، وتكريس معادلة تقول: على الجميع الرضوخ والاستسلام، وإلا فإن القوة القاهرة التي استُخدمت في غزة، والضربات التي طالت داعميها، ستكون غدا في ديار من يفكر بالوقوف أمام "ما يُسمى دولة الاحتلال".
الكيان الصهيوني يعرف جيدا أن كل أدوات تنظيف الكون لا تستطيع غسل عاره المتراكم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يكن ليصل إلى خوض حرب التجويع والحصار لو أنه نجح خلال أكثر من 660 يوما في كسر المقاومة أو تركيع المقاومين، أو لو أنه نجح في تحرير أسراه بالقوة، أو كسر إرادة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة. لكنه، بعد هذا العجز، ذهب إلى أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الفكر الإجرامي المتجرد من كل القيم الإنسانية.
مشكلة الاحتلال وداعميه أنهم حتى الآن لم يستطيعوا قراءة النفس العربية المسلمة، ولا فهم طريقة تعاملها مع الأزمات، وموقفها من الاستسلام، وعزتها، وقيمة الكرامة عندها. وما زال مفكرو الاحتلال أعجز من أن يُدركوا معنى الانتماء للوطن.. وسيبقون كذلك.
وهنا أكرر أبيات الشعر التي قالها الشهيد القائد محمد الضيف في تسجيله المصور:
كما أنت هنا، مزروعٌ أنا
ولي في هذه الأرض آلافُ البُذور
ومهما حاوَل الطُغاةُ قلعَنَا
ستنبتُ البذور
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات أکثر من الذی ی
إقرأ أيضاً:
أبو الغيط: 55 مليون عربي يعانون نقص الغذاء… وإسرائيل استخدمت التجويع كسلاح في غزة
أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن المنطقة العربية تواجه «واحدة من أخطر لحظات الأمن الغذائي» في تاريخها الحديث، في ظل اتساع الفجوة الغذائية وتفاقم آثار التغير المناخي، واستمرار النزاعات المسلحة في عدة دول عربية.
وجاءت تصريحات أبو الغيط خلال كلمته في افتتاح المؤتمر العام الثالث لممثلي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والذي استضافته القاهرة اليوم، بمشاركة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ومدير عام الفاو شو دونيو، وعدد من المسؤولين العرب والدوليين.
وأوضح الأمين العام أن الدول العربية تستورد أكثر من نصف احتياجاتها من الغذاء، بينما تصل هذه النسبة في بعض الدول إلى 90%، محذراً من أن «الفقر المائي يمثل التحدي الأخطر» في المنطقة.
ووفق بيانات الجامعة العربية، فإن 19 دولة عربية تقع ضمن الدول التي تعاني من ندرة المياه، و13 دولة تواجه شحاً مائياً مطلقاً، بما يقيد قدرة المنطقة على رفع الإنتاج الزراعي.
وأشار أبو الغيط إلى أن أكثر من 55 مليون عربي يعانون من نقص التغذية، وهو رقم يواصل التصاعد مع اشتداد الأزمات الاقتصادية والنزاعات.
وسلّط الأمين العام الضوء على الأوضاع «الكارثية» في اليمن، حيث يعاني 80% من السكان—أي نحو 24 مليون شخص—من انعدام الأمن الغذائي بعد سنوات الحرب الممتدة.
وفي السودان، قال إن الحرب المستمرة منذ أبريل 2023 تسببت في انهيار مشروعات زراعية رئيسية، بينها مشروع الجزيرة، مما دفع ملايين السودانيين نحو الجوع الحاد.
أما في الصومال، فأوضح أن موجات الجفاف الممتدة منذ 2020 أدت إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية وتلف المحاصيل، مهددة حياة 4.4 مليون شخص بسوء التغذية الحاد.
وأكد أبو الغيط أن إسرائيل «استخدمت التجويع كسلاح ضد أكثر من مليوني فلسطيني في غزة»، وذلك بعد عامين من الحرب التي دمّرت كل مصادر إنتاج الغذاء في القطاع، في ما وصفه بأنه «مخطط يستهدف جعل غزة غير قابلة للحياة».
وطالب الأمين العام بتأمين دخول المساعدات الغذائية والإنسانية «بشكل مستدام ودون عوائق»، ورفع جميع القيود المفروضة على دخول المواد الأساسية إلى القطاع.
وشدد أبو الغيط على أن الأزمات العالمية الأخيرة—من جائحة كورونا إلى الحرب في أوكرانيا—أظهرت أن الأمن الغذائي بات «أولوية للأمن القومي العربي»، ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال تكامل قطاعات الغذاء والمياه والطاقة.
واستعرض الأمين العام عدداً من المبادرات العربية في هذا المجال، أبرزها مبادرة الغذاء والزراعة للتحول المستدام (FAST Partnership) التي أطلقتها مصر خلال قمة المناخ COP27، إلى جانب الاستراتيجية العربية للأمن الغذائي التي أُقرّت في القمة التنموية بالعراق منتصف هذا العام.
كما دعا الفاو إلى تعزيز دعمها لتنفيذ هذه الاستراتيجية، لافتاً إلى عقد الاجتماع الأول لفريق متابعة التنفيذ بمشاركة منظمات عربية وإقليمية ودولية.
وأشاد أبو الغيط بالتعاون القائم بين الجامعة العربية والفاو في مجالات الحد من مخاطر الكوارث في الزراعة، واستخدام الموارد المائية غير التقليدية، وتطوير سياسات تخصيص المياه، والبرنامج الإقليمي لندرة المياه.
واختتم الأمين العام بالتأكيد على أن مواجهة التحديات الغذائية «تتطلب عملاً جماعياً سريعاً وفعالاً»، داعياً إلى تعزيز التكامل العربي - الدولي «لضمان مستقبل أكثر استدامة للأمن الغذائي في المنطقة».