جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-09@16:07:16 GMT

ملتقى العمل.. منصة حوار

تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT

ملتقى العمل.. منصة حوار

 

 

 

حمد الصبحي

 

حين نتأمل ماهية الملتقيات، بجميع أشكالها، نجد أنَّ جوهرها يتجسد في قدرتها على دفع الزمن نحو مرحلة جديدة. فهي بطبيعتها فضاء للتشاور والنقاش، كما تشير دلالتها اللغوية المأخوذة من اللقاء، وما أجمل اللقاء، في سؤاله ولذّة وقته، وفي العمل يكتمل اللقاء ويحدث تداول الرأي وبحث مفاصل القضايا.

والملتقيات أو المؤتمرات لا تقوم إلّا على الحوار، ووضع النقاط على الحروف، خاصة عندما تكون الأسئلة حادة، وتبحث عن مرآة تعكس ملامح النهاية في زمن يموج بالتحولات والمتغيرات، ويصفّر إلى كل ما هو جديد في إيقاع متسارع.

وفي عالم اليوم؛ حيث تتسارع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، يصبح من الضروري مواكبة هذه التحولات بتفكير جماعي، يُنتِج مخرجات جديدة تسهم في تجديد حياة الإنسان على مختلف المستويات. ومن هذا المنطلق، جاء "ملتقى العمل"- الذي انعقد مؤخرًا في صلالة- ليكون جزءًا من هذا السياق، في طقسها المنعش، ومكانتها السياحية التي أضحت جاذبة للملتقيات والمؤتمرات النوعية، فاختيار صلالة لم يكن مجرد صدفة، بل بوصلة مدروسة نحو ترسيخ موقعها كوجهة للقاءات والمؤتمرات ذات الطابع المعرفي والسياحي معًا.

وقد أراد معالي الأستاذ الدكتور محاد بن سعيد باعوين وزير العمل، لهذا الملتقى أن يكون أكثر من مناسبة رسمية.. أن يكون مرآةً للواقع، ومنصة للحوار العميق في ظل التحولات الراهنة، ومساحة لطرح الأسئلة الكبرى، ومناقشة التحديات التي تفرضها الظروف، بمشاركة أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومة، أصحاب الأعمال، والعمال، وإبراز ملامح العمل الوطني التواق إلى نهضة جديدة تأخذ بالأرض إلى أفق أعمق ورؤية ترشد الطريق إلى جهة الهدف والغاية.

لقد أظهر الملتقى قدرًا كبيرًا من الوعي بما يحمله المستقبل من احتمالات، وسعى إلى إعادة قراءة واقع العمل في ضوء الأسئلة الجديدة، مقدمًا أوراقًا ومداخلات شكلت سردية معرفية متكاملة، استحضرت قضايا العمل ومفرداته، بلغة تلامس العمق وتبحث عن المعنى وفلسفته.

وتكمن أهمية ملتقيات ومؤتمرات العمل، التي تُعقد بين الحين والآخر، في كونها تربة خصبة لبذر الأحلام وتحويلها إلى واقع. إنها منصات لصياغة مستقبل العمل، تشارك فيها النخب وتناقش قضايا مصيرية كحقوق الموظفين، وسوق العمل، وتشريعاته، وتوازناته، وكل ما من شأنه حماية الإنسان في زمن التحول.

وقد استطاع هذا الملتقى، أن يكون أكثر من مجرد حدث؛ حيث كان منعطف أفكار، وخرج بحزمة من الرؤى التي تصب في صالح صناعة مستقبل العمل، وتنسجم مع الرؤية العُمانية الجديدة؛ سواءً على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي.

لم يكتف الملتقى بعرض المشكلات؛ بل اتجه نحو بناء التوافقات وصياغة حلول قابلة للتطبيق، من شأنها تحفيز السياسات، ورفع كفاءة الأداء المؤسسي، وتعزيز ثقافة العمل القائم على الابتكار والتميّز. وكان منفتحًا على المستقبل، ينظر إليه بعيون ترى التغيير فرصة، وتتعامل معه كأداة لصياغة نهضة جديدة.

وليس غريبًا أن تكون مثل هذه الملتقيات أشبه بالمياه المتحركة التي تغذي العمل بوصفه مفصل حضاري/ إنساني يتعمق في الروح البشرية. والحديث عن العمل ليس مجرد نقاش حول وظائف ومهن؛ بل هو نقاش في عمق الوجود الإنساني، في علاقة الإنسان بالزمن، وبالإنتاج، وآلية المستقبل؛ لذلك فإن الملتقيات أو المؤتمرات التي تتناول هذا الشأن تأخذ بُعدًا حضاريًا؛ لأنها تُعنى ببناء الإنسان وصياغة علاقته بالمجتمع، وترسيخ قيم المسؤولية والمشاركة.

إنَّ ملتقى العمل لا ينفصل عن هذه الرؤية؛ بل جاء ليعيد ترتيب الأولويات ويؤكد على أن مستقبل الشعوب يبدأ من صياغة عقلية جديدة تجاه العمل، تقوم على الإبداع لا التلقين، وعلى الإنجاز لا الانتظار، وعلى أن يكون الأمل كخيط شفيف أمام أي خطوة تحرث جسد العمل بكل مفاهيمه.

وتسعى سلطنة عُمان، ممثلة في وزارة العمل، إلى تطوير منظومة العمل لتواكب متطلبات العصر، وتسهم في بناء اقتصاد مرن ومستدام؛ لذلك فإنَّ مؤتمر العمل لا يُقرأ كحدث مستقل؛ بل كجزء من مشروع وطني أكبر، يعيد النظر في التشريعات، ويحفّز فرص التوظيف، ويؤسس لبيئة عمل أكثر كفاءة وعدالة. فالمؤتمر محطة من محطات التحّول العُماني نحو اقتصاد المعرفة، ونحو سوق عمل ديناميكي يعترف بالكفاءة ويكافئ الجهد ويحتضن الطموحات.

ومن يراقب هذا البعد المتحرك في الأفق، سيجد أن الشباب هم المولد الحقيقي؛ فالبُعد الشبابي في المؤتمر، يتخلق منه الكثير من الفرص، قد تكون غائبة عن الآخر؛ لأن هؤلاء الشباب هم صنّاع اللحظة وقادة المستقبل المتحصن بالمعرفة الإنسانية الجديدة، وفق أشكالها المعاصرة.

ومن أبرز ملامح الملتقى، تلك المشاركة الواسعة للشباب؛ سواءً من خلال أوراق العمل أو عبر الحوارات الجانبية أو الحضور التفاعلي. لقد كان الشباب حاضرين لا كمستمعين فقط؛ بل كصانعي رأي ومبادرات، يحملون معهم همومهم وتطلعاتهم، ويبحثون عن مواقعهم في خارطة العمل الجديدة. وقد شكّلت هذه المشاركة نقطة ضوء، تؤكد أن المؤتمر كان منفتحًا على الأجيال القادمة، يستمع إليهم كما يستند إليهم في بناء المستقبل.

وفي عالمٍ يزداد تعقيدًا، لم تعد الحلول الفوقية المجردة مجدية. بل إن الحوار هو السبيل الأنجع لصياغة القرارات وصناعة التحولات. ولذا يُمكن القول إن ملتقى العمل كان نموذجًا لهذا المنهج؛ حيث التقت الآراء وتقاطعت الأفكار وتعددت وجهات النظر، وجميعها اجتمعت على مبدأ أساسي: أن الإصلاح لا يأتي إلّا من خلال التفاهم، وأن العدالة في العمل لا يمكن أن تتحقق دون الإنصات للجميع.

ولأن الملتقى انعقد في صلالة- المدينة التي تجمع الناس في خريفها الساحر، وتساعدهم على الهدوء في تأمل الطبيعة- فإنَّ الحوار عن العمل، لا يتوقف عند حدود اللحظة؛ بل يمتد نحو أفق أبعد، نحو عُمان التي تحلم وتخطط وتصنع، وربما تتفرخ الأفكار من مسرح انعقاد المؤتمر الذي لم يكن اختيار انعقاده في صلالة، إلّا لشرعية المكان وأهميته ولينضح بنهر حكاياته الإنسانية.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"قوى" و"مساند" تحققان نتائج متقدمة في مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025

يُمثّل مؤشر نضج التجربة الرقمية أحد أهم أدوات قياس جودة الخدمات الحكومية الرقمية في المملكة، إذ يصدر سنويًا عن هيئة الحكومة الرقمية؛ ليرصد مستوى نضج المنصات والخدمات الإلكترونية في أربعة جوانب رئيسة: رضا المستفيدين، وتجربة المستخدم، ومعالجة الشكاوى، والتقنيات والأدوات.

وكشفت نتائج المؤشر لعام 2025 عن وصول نسبة النضج الرقمي في المملكة إلى 86.71% بمستوى "متقدم" بعد تقييم شامل لـ50 منصة حكومية، مما يعكس تفوّقًا وطنيًا في رقمنة الخدمات.

وفي هذا السياق، برزت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية كإحدى الجهات الرائدة التي حققت نتائج متقدمة في هذا المؤشر، مؤكدةً نجاح إستراتيجيتها المتنامية في التحول الرقمي وتركيزها على تحسين تجربة المستفيد.

ويعكس تصدّر منصات الوزارة الرقمية مراكز متقدمة على مستوى المملكة أهمية المؤشر بوصفه معيارًا لتقييم رضا المواطنين والمستفيدين، ودافعًا لمواصلة التطوير والابتكار في الخدمات الحكومية، حيث نجحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر منصتيها الرقميتين "قوى" و"مساند" في تحقيق نتائج لافتة ضمن مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025، فقد جاءت هذه المنصات ضمن فئة الأعلى تقييمًا "متقدم"، وحجزت مكانها بين أفضل المنصات الحكومية أداءً على مستوى التجربة الرقمية.

ووفق نتائج المؤشر، حققت منصة "قوى" نسبة نضجٍ بلغت 91.06%، لتكون بذلك من ضمن أعلى (5) منصات رقمية تحقيقًا للمؤشر على مستوى المملكة، أما منصة "مساند" فقد واصلت تأكيد مكانتها الريادية في جانب رضا المستفيد تحديدًا، حيث حققت المركز الأول في منظور رضا المستفيد بالقياس السابق بنسبة "متميز" بلغت 95.86%، مما يدل على المستوى الاستثنائي لتجربة المستخدم التي تقدمها، ويعكس التطور الملحوظ لمنصات الوزارة؛ إذ قفزت منصة "قوى" (ثلاث) مراتب إلى الأمام مقارنةً بنتائج القياس السابق للمؤشر، مما يؤكد النمو المستمر والتحديث الدائم الذي تقوم به الوزارة على خدماتها الرقمية.

وأطلقت الوزارة منصة قوى في عام 2019 واجهة موحدة لخدمات قطاع الأعمال في المملكة؛ لتوفر بيئة رقمية محفزة وآمنة وسهلة الاستخدام لتنفيذ جميع تعاملات سوق العمل إلكترونيًا، وتجمع المنصة بين أصحاب الأعمال والأفراد والجهات الحكومية في فضاءٍ رقميٍ شاملٍ؛ يهدف إلى تنظيم وإدارة التعاملات بالكامل دون الحاجة إلى معاملات ورقية أو زيارات حضورية.

وتمكنت "قوى" بتقديم ما يزيد عن 130 خدمة رقمية متكاملة، وحلول مبتكرة لأطراف سوق العمل؛ فمن خلال المنصة يمكن استقطاب الموظفين وإدارة المنشآت وتقييم أدائها، وإجراء خدمات مكتب العمل المتنوعة، إلى جانب خدمات مخصصة للعاملين في القطاع الخاص مثل: توثيق العقود، وشهادات الخبرة وحاسبة نهاية الخدمة، وإصدار رخص العمل وغيرها، في منظومة رقمية متكاملة تأتي رافدًا في تحسين جودة بيئة العمل، ورفع الكفاءة، وتحقيق مستهدفات وطنية مثل: زيادة نسب التوطين في عدة قطاعات حيوية، وجاء الأداء المتقدم لمنصة "قوى" في مؤشر نضج التجربة الرقمية تأكيدًا لنجاحها في تقديم تجربة مستخدم مميزة تلبي احتياجات أصحاب الأعمال والعاملين بسرعة وشفافية.

وتُجسّد منصة مساند نقلة نوعية في خدمات استقدام العمالة المنزلية عبر تجربة رقمية متكاملة، فمنذ إطلاقها، جاءت "مساند" لتسهيل إجراءات الاستقدام وضمان حفظ حقوق جميع الأطراف بمن فيهم أصحاب العمل والعمالة المنزلية، من خلال تعريف كل طرف بحقوقه وواجباته بوضوح، إذ تقدم المنصة رحلة إلكترونية موحدة تغطي كافة مراحل الاستقدام من البداية إلى النهاية، وتعالج التحديات السابقة بآليات ذكية وآمنة وإجراءات مؤتمتة بالكامل.

وتتيح "مساند" للمستفيد اختيار المهنة والجنسية ومكتب الاستقدام المناسب ومتابعة الطلب في كل خطوة، وصولًا إلى وصول العاملة المنزلية، كما توفر باقة واسعة من الخدمات الإلكترونية من أبرزها: إصدار التأشيرات الجديدة والبديلة، وتأشيرات الأشخاص ذوي الإعاقة، وإلغاء التأشيرات عند الحاجة، ونقل خدمات العامل بين المنشآت والأفراد، وحتى توثيق العقود إلكترونيًا بين مكاتب الاستقدام وأصحاب العمل، ولمزيد من السلاسة في التعاملات المالية، تم ربط المنصة مع محافظ رقمية متعددة لتسهيل دفع أجور العمالة المنزلية إلكترونيًا، ضمن حزمة من الخطوات الرامية إلى إحداث توازن في سوق خدمات العمالة المنزلية عبر تبسيط الإجراءات ورفع مستوى الشفافية، مما انعكس إيجابًا على رضا المستفيدين، وتأتي نتائج منصة "مساند" لتؤكد نجاح الوزارة في تصميم خدمات تتمحور حول المستفيد، وتلبي توقعاته بكفاءة عالية.

منصة قوىوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعيةوزارة الموارد البشريةمنصة مساندمؤشر نضج التجربة الرقميةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • طرح فيلم إسعاف علي نتفلكس في هذا الموعد
  • الغردقة تحتضن «ملتقى البيئة الساحلية الـ13».. شباب العرب في مواجهة خطر البلاستيك
  • ملتقى الخريف يستعرض مسارات التعليم العالي والتخصصات الأكاديمية بصلالة
  • استراتيجيات جديدة نحو نظام صحي متكامل خلال «الملتقى الوطني الأول»
  • المراكز الصيفية بمحافظة ظفار.. مناشط ريادية لتنمية مهارات المستقبل
  • ملتقى أجواء الأشخرة يثري الحديقة ببرامج تراثية ومسابقات تفاعلية وفرص استثمارية واعدة
  • "قوى" و"مساند" تحققان نتائج متقدمة في مؤشر نضج التجربة الرقمية لعام 2025
  • لمواكبة متطلبات سوق العمل ووظائف المستقبل.. 6 برامج دراسية متميزة بالإنجليزية في زراعة بنها|صور
  • «التنمية الأسرية» تنظم ملتقى حوارياً مع كبار المواطنين