الكتاب: جاك دريدا آخر اليهود: جاد دريدا وأوزار اليهودية
المؤلف: نصوص مختارة مترجمة عن الفرنسية وتقديم إبراهيم محمود
الناشر: تموز ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، الطبعة الأولى 2020.
(256 صفحة، قطع متوسط)


يقدّم كتاب "جاك دريدا آخر اليهود" قراءة معمّقة في فكر أحد أبرز مفكري القرن العشرين، الذي شكّل التفكيك منهجًا فلسفيًا وأداة نقدية للفكر التقليدي.

من خلال استكشاف علاقة دريدا باليهودية، نكتشف صراعًا مستمرًا بين الهوية والانتماء والعدالة، بين الموروث الثقافي والانفتاح على الآخر.

يبرز الكتاب اليهودية عند دريدا ليس كدين أو قومية مغلقة، بل كسلسلة من الأسئلة المفتوحة حول الهوية والذاكرة والعلاقة بالآخر والمسؤولية. ويكشف كيف أن تجربته الشخصية، بدءًا من طفولته في الجزائر تحت قوانين فيشي العنصرية، شكّلت وعيه النقدي تجاه كل أشكال الانغلاق الديني أو القومي، وجعلته يرى الهوية كعملية متحركة ودائمة الانفتاح.

على المستوى السياسي، يقدّم دريدا موقفًا نقديًا من الصهيونية، معتبرًا أن دولة إسرائيل لا تمثل جوهر اليهودية التاريخي، وأن نقد سياساتها ليس معاداة للسامية بل دفاع عن العدالة والإنسانية. بهذا، يقدم فكره نموذجًا لليهودية الأخلاقية المنفتحة على العالم، بدل الانغلاق وراء الدولة القومية، وهو موقف يعكس رؤيته لمستقبل العلاقات الإنسانية والسياسية في زمن تصاعد الهويات الضيقة.

دريدا.. المفكر المقلق والقلق

جاك دريدا (1930 ـ 2004) واحد من أهم الفلاسفة في النصف الثاني من القرن العشرين. وُلد في الجزائر لعائلة يهودية سفاردية، ثم انتقل إلى فرنسا حيث أصبح من أبرز مفكري ما بعد الحداثة.

اشتهر بطرحه الفلسفي المعروف باسم التفكيك، وهو منهج يقوم على إعادة قراءة النصوص والأفكار لكشف ما تخفيه من تناقضات. هذا الطرح جعله مفكرًا "مقلقًا" للنظام الفلسفي التقليدي، وفي الوقت نفسه إنسانًا يعيش قلقًا دائمًا تجاه هويته الخاصة، خصوصًا علاقته باليهودية.

على المستوى السياسي، يقدّم دريدا موقفًا نقديًا من الصهيونية، معتبرًا أن دولة إسرائيل لا تمثل جوهر اليهودية التاريخي، وأن نقد سياساتها ليس معاداة للسامية بل دفاع عن العدالة والإنسانية. بهذا، يقدم فكره نموذجًا لليهودية الأخلاقية المنفتحة على العالم، بدل الانغلاق وراء الدولة القومية، وهو موقف يعكس رؤيته لمستقبل العلاقات الإنسانية والسياسية في زمن تصاعد الهويات الضيقة.الكتاب "جاك دريدا آخر اليهود" لا يقدّم دراسة تقليدية عن اليهودية أو الصهيونية، بل يستكشف ما كان يسميه دريدا نفسه: «ما لم يُسمَّ بعد في اليهودي".

اليهودية عند دريدا لم تكن دينًا أو قومية فقط، بل سلسلة من الأسئلة المفتوحة عن: الهوية والذاكرة، العلاقة مع الآخر، الانتماء والمسؤولية. لهذا كان يتعامل مع اليهودية كتجربة مفتوحة على التفكيك، لا كجوهر ثابت أو تعريف جاهز.

الجرح المؤسس.. طفولة دريدا في الجزائر

في طفولته بالجزائر، عاش دريدا تجربة قاسية. فقد طُرد من المدرسة سنة 1940 بسبب القوانين العنصرية التي فرضتها حكومة فيشي الفرنسية ضد اليهود. هذا الطرد ترك في نفسه جرحًا عميقًا، إذ شعر أنه مرفوض من جهتين: من المجتمع الفرنسي الاستعماري الذي رآه "يهوديًا غريبًا"، ومن المدرسة اليهودية التقليدية التي لم يجد نفسه منسجمًا معها.

هذه التجربة جعلته يتبنى لاحقًا موقفًا نقديًا مزدوجًا: رفض الانغلاق الديني أو القومي، ورفض كل أشكال التمييز والإقصاء. ومن هنا انطلقت فكرته أن الهوية ليست شيئًا ثابتًا أو نقيًا، بل متحركة ومنفتحة دائمًا على الآخر.

التفكيك بين الذاكرة والحدث

كان دريدا يؤكد أن التفكيك ليس مجرد طريقة نقدية لقراءة النصوص، بل هو حركة حيّة تجري باستمرار داخل اللغة والفكر. فهو يجمع بين: الذاكرة: كشف ما تخفيه النصوص من معانٍ وطبقات منسية، والحدث الجديد: جعل النصوص تقول ما لم يُقل من قبل، ولذلك قال: "التفكيك دائمًا يعمل، حتى قبل أن نحاول نحن أن نفسره أو نطبقه."

بهذا يصبح التفكيك سؤالًا فلسفيًا وأخلاقيًا وسياسيًا في آن واحد، يرتبط بالعدالة، والعيش المشترك، والمسؤولية تجاه الآخر.

اليهودية والانتماء الملتبس

وصف دريدا نفسه أحيانًا بأنه "اليهودي الأخير". والمقصود أنه في الوقت نفسه "الأكثر يهودية" لأنه يحمل الذاكرة والمعاناة، و"الأقل يهودية" لأنه يرفض الهوية المغلقة أو الموروث القائم على الدم. فاليهودية بالنسبة له ليست دينًا منغلقًا أو قومية عرقية أو مشروعًا سياسيًا، بل هي قبل كل شيء: مسؤولية أخلاقية وانفتاح كوني على الآخر.

بهذا المعنى، اقترب فكره من مفكرين مثل جوديث باتلر، الذين اعتبروا أن نقد الصهيونية لا يتناقض مع اليهودية، بل هو دفاع عن جوهرها القيمي.

دريدا والصهيونية.. القطيعة الضرورية

في آخر مقابلة له مع لوموند (آب/أغسطس 2004)، قبل وفاته بأسابيع قليلة، قال دريدا بوضوح: "إسرائيل لا تمثل اليهودية أكثر مما يمثلها الشتات. إنها مشروع انتحاري."

كان يرى أن إسرائيل: آخر دولة استعمارية في العالم الحديث. وتناقض جوهر اليهودية التي عاشت تاريخها في الشتات والانفتاح، لا في الانغلاق القومي. لذلك لم يتردد في دعم القضية الفلسطينية، وأكد أن نقد سياسات إسرائيل ليس معاداة للسامية، بل دفاع عن العدالة.

يهودية بلا صهيونية

خلاصة فكر دريدا أن اليهودية لا يمكن اختزالها في الصهيونية أو في دولة قومية مغلقة. إنها بالنسبة له التزام أخلاقي ومسؤولية كونية تجاه الآخر.

ولهذا، فإن إرث دريدا الفلسفي يقدم في زمن صعود الهويات الضيقة أفقًا آخر: أن تكون يهوديًا يعني أن تنفتح على العالم، لا أن تنغلق خلف جدار قومي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب سوريا كتاب عرض نشر كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دفاع عن أن نقد

إقرأ أيضاً:

الدقهلية .. انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية غدا

أعلن اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية، عن انطلاق فعاليات الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية بلقاح sat1، إعتبارا من يوم غدا السبت الموافق 16 من الشهر الجاري، وأكد أن الحملة تشمل جميع القرى والمراكز وأسواق الماشية وفي كافة الأنحاء.

وأكد محافظ الدقهلية على تضافر كافة جهود الأجهزة التنفيذية لتقديم أوجه الدعم لإنجاح حملات التحصين بمراكز ومدن المحافظة، وتوعية أصحاب رؤوس الماشية بحملات التحصين حفاظا عليها من الأمراض، وأضاف أن الدولة تعمل للحفاظ على الثروة الحيوانية في مصر من خلال التحصين ضد أي أمراض أو فيروسات وتوفير كافة اللقاحات المطلوبة

محافظ الدقهلية يتفقد سوق اليوم الواحد ويشدد على الإلتزام بالأسعار المخفضة والمعلنة وجودة المنتجاتمحافظ الدقهلية: لا تهاون مع المقصرين..وتحقيق فوري مع المتغيبين بمستشفى تمى الأمديدمحافظ الدقهلية يتفقد عددا من المخابز بمركز المنصورةمحافظ الدقهلية يشهد ختام مهرجان جمصة الصيفي ويتفقد معرض الفنون التشكيلية

. وأوضح الدكتور السيد الحسنين، مدير مديرية الطب البيطري بالدقهلية، أن الحملة تستهدف تحصين رؤوس الأبقار والجاموس، بجميع المراكز والقرى والعزب والكفور والأسواق والكمائن الحدودية، كما تقوم المديرية بمراقبة أسواق الماشية وتطهيرها بالتعاون مع الإدارات والوحدات المحلية، وتقوم لجان الإرشاد بالمديرية بتوعية المواطنين ضد الأمراض الوبائية، ويناشد المربين وأصحاب المزارع بضرورة التحصين.

طباعة شارك الدقهلية محافظ تحصين حمله

مقالات مشابهة

  • الدقهلية .. انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية غدا
  • غدا.. بدء الحملة القومية للتحصين ضد الحمي القلاعية بالأقصر
  • الخطيب يدعم فريق الأهلي في مرانه الأخير قبل مواجهة فاركو- صور
  • الأهلي يخوض مرانه الأخير قبل مواجهة فاركو .. صور
  • أحمد آدم: الطبلاوي أبكى المسيحيين بهذه السورة.. وأمي قرأت القرآن لابنة جارتنا اليهودية
  • المظلومية اليهودية وقتل الصحافيين
  • مكتبة الإسكندرية تناقش دور القوى الناعمة في تشكيل الهوية المصرية
  • الشفشفة: التشليع العاقب التفكيك
  • سفير إسرائيل في بروكسل: التكتل سيخسر إذا عاقبنا بسبب غزة ولم يعد اليهودي آمنا في أوروبا