القدس المحتلة - صفا اقتحم مستوطنون، صباح يوم الأحد، المسجد الأقصى المبارك من باب المغاربة، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي. وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة بأن عشرات المستوطنين اقتحموا الأقصى، وتجولوا في باحاته، وأدوا طقوسًا وصلوات تلمودية. وشددت شرطة الاحتلال من إجراءاتها على دخول الفلسطينيين للمسجد، ودققت في هوياتهم الشخصية، واحتجزت بعضها عند بواباته.

وتتواصل الدعوات المقدسية الواسعة لأهالي القدس والداخل الفلسطيني المحتل للحشد والنفير والرباط في المسجد الأقصى، إفشالًا لمخططات الاحتلال ومستوطنيه. وشددت الدعوات على ضرورة الحشد والنفير، والتصدي لقرارات الاحتلال التي تحاول تخفيض أعداد المصلين. وأكدت على أهمية التوجه المكثف إلى الأقصى، وأداء الصلوات فيه، باعتبار ذلك خطوة عملية لمواجهة إجراءات الاحتلال، وكسر محاولاته لعزل المسجد عن محيطه الشعبي والديني. وذكر الناشطون أن الرباط بالأقصى في هذا التوقيت الحرج يمثل صمودًا شعبيًا في وجه التصعيد الاحتلالي، ورسالة واضحة بأن المسجد الأقصى خط أحمر لا يمكن تجاوزه، مهما كانت الظروف والتحديات. ويشهد المسجد الأقصى اعتداءات واقتحامات متواصلة من قبل المستوطنين وشرطة الاحتلال، في محاولة لتغيير الواقع الديني والتاريخي القائم فيه، وفرض وقائع تهويدية عليه.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الأقصى مستوطنون اقتحام الأقصى المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

ماذا تبقى من الوضع الراهن مع مخططات الهيكل الثالث وإسرائيل الكبرى؟

يأتي مخطط "إي 1 - E1" الإسرائيلي، الذي يقع بين مستوطنتي "معاليه أدوميم" و"بسجات زئيف" ضمن مناطق (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ويمتد على مساحة نحو 12 كيلومترًا مربعًا بين بلدات عناتا والعيساوية والزعيم والعيزرية وأبو ديس في القدس، بهدف تغيير الأوضاع بشكل كامل ونهائي لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي.

ويُعد المخطط جزءًا من إستراتيجية التوسع الاستيطاني الإسرائيلي التي تهدف إلى فرض السيطرة على القدس ومنع تأسيس دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.

وجاء القرار بعد أيام قليلة من اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، رفقة مجموعة ضخمة من 4000 مستوطن للمسجد الأقصى، وإقامة صلاة وطقوس دينية يهودية كاملة داخله، وهو أمر غير مسبوق.

ويُعد ذلك بمثابة الكسر الرسمي لاتفاقية "الوضع الراهن" المستمرة منذ العهد العثماني، التي تنص على أن المسجد الأقصى حكر على المسلمين فقط.

الوضع الراهن
مصطلح يشير إلى التفاهمات التاريخية والقانونية التي تحدد الحقوق والسلطات المتعلقة بالمقدسات المسيحية والإسلامية في مدينة القدس، وبخاصة في المسجد الأقصى.

ويُعرف هذا الوضع باللاتينية باسم "الستاتيكو - Status Quo"، الذي يعني حرفيًا "بقاء كل شيء كما هو"، ونشأ في العهد العثماني عام 1757، ويهدف إلى الحفاظ على التوازن بين الطوائف الدينية المختلفة في القدس، خاصة فيما يتعلق بالمسجد الأقصى.


ويُعتبر هذا المفهوم واحدًا من أهمّ الأعمدة القانونية التي يعتمد عليها الجانبان الأردني والفلسطيني أمام القانون الدولي في مسألة الحفاظ على المسجد الأقصى.

ويعود ذلك إلى عدم اعتراف العالم بالاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس والضفة الغربية وغزة في نكسة 1967، ولذلك فإنَّ الواجب حسب القانون الدولي أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه في المناطق المحتلة.

وكان الأردن المسؤول عن الأماكن المقدسة في القدس حتى احتلال شرقيها في 7 حزيران/ يونيو 1967، فإنَّ الواجب قانونيًا أن تُحافظ "إسرائيل" على الوضع القائم في تلك الأماكن بحيث تبقى تحت إدارة وسيادة الأردن، ولذلك ما زالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس تتبع لوزارة الأوقاف الأردنية.

وقد تم تأكيد هذا الوضع بعد احتلال "إسرائيل" لشرق القدس عام 1967، حيث تم الاعتراف به من قبل الأردن وفلسطين والمجتمع الدولي كمرجعية قانونية لإدارة الأماكن المقدسة.

ونشأ هذا الترتيب في القرن التاسع عشر نتيجة صراعات متكررة بين الطوائف المسيحية حول إدارة الأماكن المقدسة، فصدر السلطان العثماني عبد المجيد الأول عام 1852 مرسومًا يحفظ الوضع القائم للمقدسات بلا تغيير.

وعملت معاهدة باريس عام 1856 على تعزيز هذا المرسوم الذي جاء بعد اتفاق، وهو ما تكرر أيضًا في معاهدة برلين عام 1878، حيث نصّت المادة 62 منها على "عدم تعديل الوضع الراهن في الأماكن المقدسة".

ويتضمن اتفاق الوضع القائم أو الراهن ثلاثة مواقع مقدسة رئيسية في القدس وهي: المسجد الأقصى والحرم القدسي الممتد على 144 دونمًا، وحائط البراق وهو جانب من سور الأقصى الغربي، وكنيسة القيامة.

وبلَوْر العثمانيونُ الوضع القائم لإدارة المقدسات المسيحية أولًا في القدس، ثم شملته الصكوك الدولية للقدس القديمة عامة. ومع انتهاء الانتداب البريطاني وانقسام القدس، استلم الأردن رسميًا الوصاية على الأقصى ومقدساته.

وبعد احتلال "إسرائيل" لكامل القدس بعد حرب النكسة عام 1967، التقى وفد أوقاف القدس آنذاك مع وزير الحرب الإسرائيلي موشيه ديان، وأكد الأخير أن "الوضع سيستمر على ما كان عليه سابقًا".

وبعد الاحتلال أعلنت "إسرائيل" شكليًا التزامها بالوضع القائم لتجنب أي ردّ فعل دولي، لكن الممارسات على الأرض لم تلبث أن خرقت أحكام الاتفاق، بهدف تقسيم المسجد زمانيًا ومكانيًا، وصولًا إلى الاقتحامات والطقوس التلمودية الكاملة غير المسبوقة.


كيف تعاملت "إسرائيل"؟
مع احتلال القدس تولّت "إسرائيل" السيطرة الفعلية على المسجد الأقصى، وكانت أولى إجراءاتها رفع العلم الإسرائيلي والسيطرة على مفاتيح باب المغاربة وهو أحد أبوابه الرئيسية، ومن ثم منع الفلسطينيين من استخدامه.

واستولت قوات الاحتلال على حائط البراق (المسمّى بحائط المبكى بحسب المعتقد اليهودي)، وفي ذلك الوقت هدمت حارة المغاربة بالكامل وطردت سكانها رغم كونها وقفًا إسلاميًا.

وبعد الاحتلال أعادت الأردن وصايتها الدينية على الأقصى رسميًا، لكن "إسرائيل" تجاهلت تلك الوصاية مرارًا، فأغلقت المسجد بقرار فردي أحيانًا مثل إغلاقه في 2017 أثناء انتفاضة الأقصى، ومنعت أعمال الترميم والإعمار عبر عرقلة دخول المواد اللازمة ومطابقة حجوزات الأوقاف الإدارية.


وضيّقت سلطات الاحتلال الدخول على المصلين المسلمين إلى الأقصى خلال ساعات اقتحامات المتطرفين اليهود وأيّدت صلواتهم، حتى بلغت عمليات التفتيش ومنع الدخول ذروتها بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إذ مُنع معظم المصلين من الضفة وغزة من الوصول.

ورغم ذلك، تصرّ الرواية الرسمية الإسرائيلية على "الحفاظ على الوضع القائم". وعقب تصريحات متطرّفة لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بإقامة كنيس يهودي داخل الأقصى في آب/ أغسطس 2024، أعلن مكتب رئيس وزراء الاحتلال أنه "لا تغيير" سيطرأ على الوضع القانوني في الأقصى.

وتصاعدت اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى منذ التسعينات، وأصبحت يومية منذ 2003 (باستثناء يوم الجمعة وأحيانًا السبت)، وتتم بتوفير حماية شرطة الاحتلال لفرق اقتحام تنفذ فيها الصلوات والطقوس التلمودية اليهودية في باحات الأقصى.

وخلال هذه الاقتحامات نفّذ المتطرفون طقوسًا مثل "السجود الملحمي" ونفخ البوق ورفع الأعلام الإسرائيلية، ولجأت "إسرائيل" إلى سياسة التقسيم الزماني، حيث أجبرت المصلين المسلمين على الخروج من ساحات الأقصى خلال ساعات الصباح عند إدخال آلاف اليهود للصلاة، مما خفّض أعداد المصلين بشكل ملحوظ.

الهيكل الثالث
يُعد "الهيكل الثالث" أحد أبرز المعتقدات الدينية والسياسية في الفكر اليهودي المعاصر، إذ يرمز إلى إعادة بناء "هيكل سليمان" الذي يعتقد اليهود أنه كان قائمًا في المسجد الأقصى. ووفقًا للعقيدة اليهودية، فإن إقامة الهيكل الثالث تمثل تحقيقًا للنبوءات التوراتية وبداية لعصر الخلاص المسيحاني.

في المعتقد اليهودي، يُطلق على المعبد المتوقع والمزعوم في القدس لقب "الهيكل الثالث"، ويُصوِّر العهد القديم هذه الفكرة على أنها تحقق لوعود الأنبياء في عصر مسياني مستقبلي، حيث حثّ بعضهم على بنائه قبل مجيء "الماشيخ" (المخلِّص بحسب ذات المعتقد) أو بالتزامن معه.

ولا تزال الصلوات اليهودية اليومية تدعو الله أن "يعيد بناء الهيكل" كما كان عليه الحال في المعبد الأول والثاني. وبحسب العقيدة اليهودية التقليدية، فإن بناء الهيكل الثالث يرتبط بعودة رمزية للشعب اليهودي إلى خدمة الله بتقديم القرابين، ما يجعل الموضوع مقدسًا.

منذ احتلال القدس عام 1967، تبنّت جماعات "الهيكل" في "إسرائيل" فكرة العمل على إعادة بناء هذا الهيكل، وبدأت في تأسيس جمعيات دينية ومؤسسات تعليمية تروّج للفكرة، وتدرّب حاخامات على ما يُعرف بـ"الطقوس الكهنوتية"، بل وأعدّت أدوات وملابس طقسية لاستخدامها في الهيكل المزعوم. وقد وثقت تقارير عدة، منها تقارير معهد الهيكل في القدس، هذه الاستعدادات التفصيلية.

واتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسة مزدوجة تجاه هذه القضية؛ فمن جهة تُعلن التزامها بـ"الوضع القائم" في المسجد الأقصى لتجنب انفجار ديني وسياسي إقليمي، ومن جهة أخرى تغضّ الطرف عن نشاطات جماعات "الهيكل" التي تعمل بحرية متزايدة داخل القدس القديمة وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية.


وسمحت السلطات خلال السنوات الأخيرة بزيادة اقتحامات المستوطنين لباحات الأقصى، والتي يُنظر إليها كخطوة رمزية نحو تكريس "السيادة الإسرائيلية" على الموقع.

"إسرائيل الكبرى"
يكمل نتنياهو بإعلانه رؤية "إسرائيل الكبرى" مشروعًا توراتيًا يستحضر الموروث التلمودي لتبرير سياساته التوسعية، خاصة وأنه توعّد قبل أعوام بقيادة "إسرائيل" إلى ما سماه "قرنها المئوي"، وفاجأ الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 أيلول/ سبتمبر 2023 بعرضه "خريطة إسرائيل الكبرى".

والمشروع يتبناه اليمين الإسرائيلي المتشدد المتحالف مع نتنياهو، طرحه زعيم حزب "البيت اليهودي" المتطرف بتسالئيل سموتريتش عام 2016، وكان حينها عضوًا في الكنيست، مشيرًا إلى أن "حدود إسرائيل يجب أن تمتدّ لتشمل دمشق، إضافة إلى أراضي 6 دول عربية هي: سوريا ولبنان والأردن والعراق وجزء من مصر ومن السعودية، لتحقيق الحلم الصهيوني من النيل حتى الفرات".

وجدد سموتريتش، الذي تولى حقيبة المالية عن حزب "الصهيونية الدينية" في حكومة نتنياهو، تلك الطروحات في آذار/ مارس 2023، خلال خطاب في باريس وكان على المنصة التي يقف عليها خريطة تشمل "أرض إسرائيل"، في إشارة إلى أن "إسرائيل" تتكون من فلسطين التاريخية والأردن.

وطرح حزب "الليكود" مشروع "إسرائيل الكبرى" منذ وصوله بزعامة مناحيم بيغن إلى السلطة في إسرائيل عام 1977، وحوّله إلى برنامج سياسي بُني على أفكار وُلدت قبل ذلك بكثير، وتبعتها التغييرات باستخدام الاسم التوراتي للضفة الغربية "يهودا والسامرة" والترويج للاستيطان اليهودي.

يستند داعمو اليمين المتطرف، الذين يتبنون هذه المعتقدات التوراتية، إلى نصوص أهمها ما ورد في سفر التكوين، إضافة إلى أصوات داخل الحركة الصهيونية تدعو إلى توسيع حدود "إسرائيل" لتشمل أجزاء واسعة من الشرق الأوسط.

وكان أحدث ما حصل في هذا المخطط، هو تأكيد نتنياهو بشكل صريح في مقابلة مع قناة "i24" أنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى"، وذلك ردًا على سؤال عن شعوره بأنه في "مهمة نيابة عن الشعب اليهودي".

مقالات مشابهة

  • عشرات المستوطنين يدنسون الأقصى بحماية شرطة العدو الصهيوني
  • ماذا تبقى من الوضع الراهن مع مخططات الهيكل الثالث وإسرائيل الكبرى؟
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • الاحتلال يفرج عن ناشط مقدسي بشرط الإبعاد عن الأقصى
  • 40 ألفا يؤدون الجمعة في المسجد الأقصى رغم عراقيل العدو الإسرائيلي
  • 40 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • دعوات للحشدِ والرباط في المسجد الأقصى للتصدي لمخططات الصهاينة
  • دعوات مقدسية واسعة للنفير والرباط في الأقصى رفضًا لمخططات الاحتلال
  • دعوات للحشدِ والرباط بالأقصى للتصدي لمخططات المستوطنين