شهد اليوم الرابع من فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثانية والثلاثين، برئاسة الدكتور سامح مهران، ثاني جلسات محور “رد الجميل”، المخصّصة لتكريم المفكر والناقد المسرحي المغربي الكبير الراحل د. حسن المنيعي، في لفتة وفاء واعتراف بمسيرة فكرية وثقافية امتدت لعقود، الذي يُعدّ أحد أبرز مؤسسي النقد المسرحي العربي والمغربي، وأستاذ الأجيال وصاحب المشروع الفكري والنقدي المتكامل.

 

أدار الجلسة د. يوسف أمفزع من المغرب، وشارك فيها المسرحي المغربي حسن النفالي، د. سعيد الكريمي، ود. خالد أمين، الذين استعادوا في كلماتهم سيرة المنيعي الفكرية والإنسانية، وأبرزوا إسهاماته في إثراء المسرح والنقد العربي، معتبرين أن مسيرته تمثل علامة مضيئة في الثقافة العربية المعاصرة.

 

يوسف أمفزع: مؤسس الدرس المسرحي في الجامعة المغربية وأستاذ الأجيال


واستهل د. يوسف أمفزع الجلسة قائلًا: “اليوم نلتقي لتكريم ناقد فذ ومبدع كرّس حياته للدرس الجامعي والمسرحي، وكان أول من أدخل المناهج المسرحية إلى جامعة عبد الله بفاس، وأول مغربي ينجز أطروحة في الفن المسرحي بفرنسا بإشراف الناقد شارل بيلا.

 

وأوضح أن المنيعي لم يكن مجرد أكاديمي، بل كان مؤسسًا حقيقيًا للفكر المسرحي الجامعي بالمغرب، إذ رسّخ مفاهيم نقدية أصبحت ركائز أساسية في الدراسات المسرحية، من بينها مفهوم "أشكال ما قبل المسرح"، إلى جانب إسهامه الكبير في تأسيس المهرجان الوطني للمسرح بمكناس، وحرصه الدائم على مدّ جسور الحوار بين المسرحيين والنقاد في مختلف أنحاء الوطن العربي. وأضاف: “لقد مثّل المنيعي واسطة عقد بين المغرب وبقية الدول العربية في مجال النقد المسرحي، وكان أستاذًا للأجيال بحق، وها نحن اليوم نقف لنردّ له بعضًا من الجميل.

حسن النفالي: المنيعي صوت الحركة المسرحية المغربية بعد الاستقلال


من جانبه قال د. حسن النفالي: “أتقدم بالشكر لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي على هذه اللفتة الكريمة، فحسن المنيعي لم يكن مجرد اسم في النقد المسرحي، بل هو أحد ركائز الحركة المسرحية المغربية بعد الاستقلال.

 

وأشار إلى أن اسمه برز منذ مطلع السبعينيات بصدور كتابه المرجعي “أبحاث في المسرح المغربي” عام 1974، لكن مسيرته بدأت قبل ذلك بسنوات عبر مقالات ودراسات نقدية نشرتها مجلة “أقلام” المغربية في ستينيات القرن الماضي، مثل مقاله “أخطاء ترتكب في حق بريخت”.

 

وأضاف النفالي: “لم يكن النقد المسرحي وحده مجاله الأثير، بل كان مترجمًا ومثقفًا موسوعيًا أغنى المكتبة المغربية والعربية بنصوص مسرحية ونقدية عالمية، وفتح أبواب الحوار بين الثقافات، كما تابع الحركة المسرحية داخل المغرب وخارجه بوعي نقدي حاد ورؤية فكرية متكاملة.

 

وأكد النفالي أن المنيعي ترك إرثًا نقديًا وفكريًا ممتدًا، ولم يكن مجرد أكاديمي أو ناقد، بل كان أبًا ومعلمًا وصوتًا ثقافيًا ملتزمًا بقضايا مجتمعه، مؤمنًا بأن المسرح ليس ترفًا بل فعلًا إنسانيًا وحضاريًا.

سعيد كريمي: معركة فكرية من أجل إدخال المسرح إلى الجامعة


بدوره استعاد د. سعيد كريمي تجربته الشخصية مع المنيعي قائلًا: “كنت واحدًا من طلابه وأعتبر نفسي ابنًا أكاديميًا له؛ فقد علّمنا أن المسرح ليس مجرد فن، بل رؤية للحياة وأداة لفهم المجتمع وتغييره.

 

وأوضح أن المنيعي خاض معركة فكرية حقيقية لإدخال المسرح إلى الجامعة المغربية في وقت كان فيه تدريس المسرح أمرًا مثيرًا للجدل، لكنّه أصرّ على أن يجد المسرح مكانًا داخل المقررات الجامعية، ليؤسس لجيل جديد من الباحثين والأكاديميين. 

 

وأضاف: “تميّز المنيعي باهتمامه بما أسماه أشكال ما قبل المسرح، ورأى في التراث الفرجوي المغربي مكوّنًا أساسيًا للهوية الثقافية ينبغي الاحتفاء به أكاديميًا وفنيًا، كما كان حداثيًا يؤمن بقيم الحرية والانفتاح والحوار، ويعتبر العالم العربي فضاءً ثقافيًا واحدًا بلا حدود.

 

وختم كريمي بالقول إن المنيعي لم يكن أستاذًا فحسب، بل كان إنسانًا بسيطًا ومتواضعًا، يفتح بيته ومكتبته لطلابه، ويمنحهم وقته وجهده ومحبة خالصة.

 

خالد أمين: مشروع نقدي متكامل وإرث ثقافي خالد

أما أ.د خالد أمين، فوصف المنيعي بأنه “الأب الروحي للنقد المسرحي العربي والمغربي”، مشيرًا إلى أنه نأى بنفسه عن المناصب والمطامح المادية، وكرّس حياته للمعرفة والفكر والإبداع. وقال: “مشروعه النقدي تجاوز حدود المسرح إلى الأدب والفنون التشكيلية والترجمة، وكان يؤمن بوحدة الفنون وتكاملها، ويرى أن الترجمة فعل ثقافي أصيل يعيد إنتاج النص في سياق عربي جديد.”

 

وأضاف أن كتابه “أبحاث في المسرح المغربي” منح المسرح المغربي شرعية أكاديمية ومعرفية، وأسس لحوار متواصل بين التراث والحداثة، مؤكدًا أن المنيعي ترك إرثًا فكريًا متينًا وقلقًا معرفيًا يدفع الأجيال إلى طرح الأسئلة ومواصلة البحث والإبداع.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي المشروع الفكري القاهرة الدولي للمسرح التجريبي القاهرة الدولي للمسرح مهرجان القاهرة مهرجان القاهرة الدولي مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الدكتور سامح مهران مهرجان المسرح التجريبي المسرح التجريبي مهرجان المسرح مهرجان القاهرة الدولى للمسرح فعاليات مهرجان القاهرة النقد المسرحی بل کان لم یکن

إقرأ أيضاً:

من هو الراحل "أحمد عمر هاشم" رائد خدمة الدعوة الإسلامية والحديث الشريف ؟

أحمد عمر هاشم.. قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن الدكتور الراحل أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، له مسيرة رائدة في خدمة الدعوة الإسلامية والحديث الشريف.

مسيرة الدكتور أحمد عمر هاشم:

ولد فضيلة العلَّامة المُحدّث الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم  في السادس من فبراير لعام 1941م، في قرية بني عامر بمركز الزقازيق، محافظة الشرقية، ونشأ في عائلة كريمة ينتهي نسبها إلى الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما.

وتربى فى الساحة الهاشمية بمحل ميلاده، والتى كانت ولا زالت تحمل اسم عائلته، حيث التقى فيها بالعلماء والصالحين المُصلِحين، وحضر حلقاتها القرآنية والعلمية منذ نعمومة أظفاره.

وبدأ الدكتور أحمد عمر هاشم مسيرته العلمية بحفظ وتجويد القرآن الكريم في العاشرة من عمره، ودرس الإبتدائية بالأزهر الشريف، واستمر في دراسته الأزهرية إلى أن تخرج في كلية أصول الدين عام 1961م.

ثم حصل على الإجازة العالمية عام 1967م، وعُيِّن معيدًا بقسم الحديث وعلومه بكلية أصول الدين، ثم حصل منه على الماجستير عام 1969م، ثم على الدكتوراة في التخصص ذاته.

وقد عمل الدكتور أحمد عمر هاشم أستاذًا للحديث وعلومه عام 1983م، إلى أن عُين عميدًا لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987م.

ثم شغل فضيلته منصب رئيس جامعة الأزهر الشريف عام 1995م، ثم عضوية هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

كما شغل فضيلته عضوية مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ورئاسة لجنة البرامج الدينية بالتليفزيون المصري، وعضوية مجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والمجلس الأعلى للطرق الصوفية، واتحاد الكتاب، والمجلس الأعلى للصحافة، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجلس الأعلى للجامعات، ورئاسة المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية.

مشاركات الدكتور أحمد عمر هاشم في البرلمان المصري

وله مشاركات نيابية رصينة وموفقة في البرلمان المصري بغرفتيه، ومشاركات في العديد من المؤتمرات والندوات المحلية والعالمية في دول كثيرة منها: (السودان - المملكة العربية السعودية -  الجزائر - المغرب - ماليزيا - باكستان - الإمارات العربية المتحدة - الكويت - الأردن - العراق - المانيا - الولايات المتحدة الأمريكية - بلجيكا - إيطاليا - فرنسا .. وغيرها).

سيرة العالم الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم

وللعلامة الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم مكانة حديثية مرموقة في أنحاء العالم كافة، ومؤلفات متميزة في علم الحديث وغيره من فروع العلوم الإسلامية، منها: (الإسلام وبناء الشخصية - من هدي السنة النبوية - الشفاعة في ضوء الكتاب والسنة والرد على منكريها - الإسلام والشباب - قصص السنة - القرآن وليلة القدر - التضامن في مواجهة التحديات).

وله موسوعة معاصرة فى علم الحديث، تعد أول موسوعة لشرح الأحاديث الصحيحة، وترتيبها ترتيبًا موضوعيًّا، وتبويبها تبويبًا فقهيًّا.

وكذلك برع فضيلته في فنِّ الخطابة، حيث ظهر نبوغه وطلاقة لسانه منذ صغره؛ فقد خطب أول خطبة جمعة له وهو في الحادية عشرة من عمره في شهر رمضان الكريم، كما برع في نظم القصائد؛ سيما في مدائح سيد الخلق ﷺ وله ديوان شعري تحت عنوان: نسمات إيمانية.
ومن ذلك قوله:

حبيبي يا رســول الله هــــذا    
ضياؤك مشرِقٌ فــي مقلتيـا

وقلبي لاهبُ الآهات ينعَـى    
على الدنيا ظلاما عنجهيـا

وليلا تائه النجمات غامتْ    
بــه آفــاقه تَهــمي عــليَّــا

وقفتُ حيالها والظلم عاتٍ    
يُدَمْدِم يخنق النور البــهيّا

ودينك خالد الإشعاع ثبْــتٌ    
يصــارع ذلك البـغْيَ البغيّا

وبين مسامع الدنيا ترامـت    
نداءات ســمعْتُ لها دويّــا

وباسم حضارة بَلْها تمطَّت    
بليــلٍ فــاغرٍ أمــسى عييّا

وهاهم حفنة الأشرار راحوا    
يشِيعون الهُـــراء البــربريـا

عقيدتهم، شريعتهم، أكانــت    
شريعـة ربنا ظلـــمًا وغـــيَّا

أكانــت فلسـفــاتٍ مغلقــات    
لتغلق ذلك الفــجر الوضـيّا

لقد فطر الإله الخلْق طــرًا   
عليهـما باعثًا هدْيًــا نديّــا

وأرسل رسـله رَكْبًا فـرَكْبًا    
ليبتعثــوه دينًـــا عالميَّــــا

وكان ختامهم خير البرايا    
مـحمداً الــنبيَّ الهاشميَّــا

جوائز الدكتور أحمد عمر هاشم العلمية

وقد حصل العلامة المحدث الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1992م، وتقلد وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

كما كرمه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية عام 2022م تقديرًا لمسيرته العلمية والدعوية الرائدة، ومكانته العلمية في مصر والعالم أجمع.

وفاة الدكتور أحمد عمر هاشم

وفي يوم 7 أكتوبر 2025م، الموافق 15 ربيع الآخر 1447هـ، انتقل هذا العالم الجليل إلى جوار ربه، وصليت عليه صلاة الجنازة في الجامع الأزهر الشريف، وشيَّعَ جنازته جماهيرٌ غفيرة على رأسها فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقيادات الأزهر الشريف، وعلماء وقيادات مصرية وعربية وإسلامية، وطلاب ومحبون من شتى البلدان.

 

مقالات مشابهة

  • من هو الراحل "أحمد عمر هاشم" رائد خدمة الدعوة الإسلامية والحديث الشريف ؟
  • الكويتية "غصة عبور" تتألق في مهرجان بغداد المسرحي الدولي
  • مهرجان القاهرة للعرائس يختتم دورته الأولى بتوصية هامة
  • نديم الجميل: هذا القرار دمّر لبنان
  • سام ألتمان رائد أعمال أميركي ترك الجامعة وقاد تطوير الذكاء الاصطناعي
  • إعلان نتائج مسابقة نور الشريف للفيلم العربي الطويل في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته الـ41
  • دعمًا للفنون المسرحية.. «أوسبو» يرعى مهرجان المهن التمثيلية في دورته الثامنة
  • زيادة يحصل على برونزية جولة الملكية المغربية ويلقب بفخر فرسان العرب
  • رئيس التوحيد والإصلاح المغربية: هذا موقفنا من الاحتجاجات في البلاد
  • المؤلف محمد سيد بشير عضو لجنة تحكيم مهرجان نقابة المهن التمثيلية المسرحي