«العالمي لحماية الطبيعة» يستشرف حلولاً تمويلية وابتكارات علمية للاستدامة
تاريخ النشر: 13th, October 2025 GMT
هالة الخياط (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتواصلت فعاليات المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة 2025، وسط مشاركة لافتة من قادة الفكر والخبراء والعلماء وممثلي المؤسسات الدولية.
في يوم انعقاده الرابع، ناقش المشاركون التحديات البيئية العالمية من زوايا التمويل الأخضر، والتقنيات الحديثة، والإدارة المستدامة للموارد البحرية والبرية.
وتميز اليوم الرابع بحوارات معمقة ركزت على الابتكار في آليات الحفظ، والتحول نحو اقتصاد إيجابي للطبيعة، وتعزيز الشراكات العابرة للحدود لتحقيق أهداف الاستدامة العالمية.
وافتتحت جلسات أمس بندوة بعنوان «تدفقات التمويل: دعم تحول أنظمة الغذاء من خلال الزراعة الإيكولوجية»، والتي بحثت في كيفية إعادة توجيه رؤوس الأموال والاستثمارات نحو الزراعة المستدامة وأنظمة الغذاء العادلة بيئياً واجتماعياً.
وأكد المتحدثون أن الزراعة الإيكولوجية تمثل اليوم أحد أهم الحلول لتعزيز الأمن الغذائي ومقاومة آثار التغير المناخي.
وأشار عدد من الخبراء إلى أن التحول الحقيقي في قطاع الغذاء يبدأ من التمويل المستدام، الذي يربط بين الإنتاج المسؤول واستعادة النظم البيئية الزراعية.
وفي محور التكنولوجيا، أثارت جلسة «ما وراء الضجيج: تداعيات الذكاء الاصطناعي على جهود الحفظ» نقاشاً غنياً حول دور التقنيات الرقمية في دعم علوم البيئة وحماية الكائنات المهددة بالانقراض.
مخاطر أخلاقية
قال الدكتور كريس ساندبروك، مدير مركز كامبريدج لحوكمة البيئة، إن «الذكاء الاصطناعي يفتح أمامنا فرصاً غير مسبوقة لمراقبة النظم البيئية وفهم ديناميكياتها بدقة، لكنه في الوقت ذاته يتطلب منا أن نكون أكثر وعياً بمخاطره الأخلاقية واستخدامه المسؤول».
فيما أضاف أليكس دهغان، المدير التنفيذي لشركة كونسيرفيشن لاب، أن «الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة قوية في العمل الميداني، خاصة في تحليل الصور والأصوات لتتبع الأنواع، غير أن النجاح الحقيقي يتحقق عندما يُدمج العلم بالتقنية في منظومة واحدة تخدم الطبيعة».
الروحانية
ومن الزوايا الثقافية، قدّم الباحث شبهام أغراوال، المؤسس المشارك لمبادرة فايث فور إيرث، في جلسة «التقاطع بين الروحانية، وحماية الطبيعة، والعمل المناخي في مهرجان مهاكومب ميلا»، رؤية جديدة تربط بين المعتقدات الروحية والحركة البيئية، مؤكداً أن «التقارب بين القيم الثقافية والدينية والممارسات البيئية قادر على إلهام المجتمعات للتحرك بشكل جماعي نحو حماية الكوكب».
أما في المجال البحري، فكانت جلسة «إفساح المجال لأسماك القرش: إلى أين نتجه من هنا؟» من أبرز محطات اليوم، حيث استعرضت الدكتورة ريما جبّاضو، أحد أحدث البيانات حول حالة هذه الأنواع في المنطقة والعالم.
وقالت: «ما زلنا نشهد تراجعاً مقلقاً في أعداد أسماك القرش، وهي مؤشرات خطيرة تهدد توازن النظم البيئية البحرية، ما يستدعي إجراءات أكثر جرأة من قبل الحكومات والمؤسسات البحثية».
وأضافت سارة فاولر أن «التعاون الإقليمي في الأبحاث والسياسات هو الطريق الأمثل لحماية هذه الأنواع؛ لأن المحيطات لا تعرف الحدود الجغرافية».
الحلول البحرية
في جلسة محورية بعنوان «100% تحالف: توسيع نطاق الحلول البحرية لتحقيق تأثير عالمي»، دعا المشاركون الدول الساحلية إلى الالتزام الكامل بإدارة مياهها الإقليمية بنسبة 100% وفق مبادئ الاستدامة.
وقدم البروفيسور مات فروست، رئيس المكتب الدولي في مختبر بليموث البحري، عرضاً شاملاً حول مفهوم الخطط البحرية المستدامة (SOPs) وأهميتها في ربط التنمية الاقتصادية بالأهداف البيئية.
وقال فروست: «تحقيق إدارة مستدامة للمحيطات يتطلب تضافر الجهود العلمية والدبلوماسية والاقتصادية في آنٍ واحد، فالمحيطات ليست ملكاً لدولة بعينها، بل مسؤولية مشتركة تجاه الأجيال القادمة».
وأضاف: «من خلال التحالف 100% نسعى إلى تحويل الالتزامات البيئية من شعارات إلى خطط عمل ملموسة تعزز قدرة الدول على حماية مواردها البحرية، وتحقيق عائد اقتصادي مستدام».
الحفاظ على البيئة
من جانبه، أكد تورستن تيله، مؤسس مؤسسة جلوبال أوشن تراست، أن التمويل هو الركيزة الأساسية لتحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة، مشيراً إلى أن «التحول نحو الاقتصاد الأزرق يتطلب أدوات مالية مبتكرة مثل السندات الزرقاء، والتمويل من أجل الطبيعة، لتشجيع القطاعين العام والخاص على الاستثمار في الحلول البيئية طويلة الأمد».
وأضاف: «التمويل الأخضر للمحيطات لا يحافظ فقط على البيئة البحرية، بل يخلق فرص عمل جديدة، ويعزز الاستقرار الاقتصادي في المجتمعات الساحلية».
وشهد أمس إطلاق جلسة «تقرير الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة: كيف يمكننا إطعام العالم مع الحفاظ على الطبيعة؟» التي تطرقت إلى تحدي تحقيق الأمن الغذائي مع استعادة النظم البيئية.
وخلصت النقاشات إلى ضرورة اعتماد سياسات شاملة تدمج بين الزراعة الذكية مناخياً والممارسات الإيكولوجية لضمان إنتاج غذاء كافٍ ومستدام في آن واحد.
وأكد الخبراء أن «إطعام العالم لا يجب أن يكون على حساب البيئة، بل عبر أنظمة غذاء تعمل بانسجام مع الطبيعة».
الطاقة المستدامة
في محور الطاقة المستدامة، نظمت جلسة «الشمس كمحرك أساسي للانتقال إلى اقتصاد إيجابي للطبيعة»، برعاية بنك أبوظبي الأول، حيث عرضت نماذج لمشاريع الطاقة الشمسية ودورها في تحقيق الحياد الكربوني.
وأجمع المتحدثون على أن «الطاقة المتجددة أصبحت القلب النابض للتحول نحو اقتصاد أخضر، وأن الاستثمار في الطاقة الشمسية يمثل أحد الحلول الأكثر جدوى لتحقيق التنمية دون الإضرار بالبيئة».
وفي قاعة أخرى، استعرضت جلسة «ARCHIPEL» تجربة فريدة لإطلاق أول أرصدة كربون معتمدة لمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح المتحدثون أن المشروع يشكل خطوة متقدمة في دمج آليات السوق بجهود خفض الانبعاثات وتعزيز الاقتصاد منخفض الكربون.
وبينوا أن المبادرة تعكس توجهاً عالمياً نحو «تسليع الحلول البيئية» بطريقة مسؤولة ومبنية على الشفافية العلمية.
الأراضي الرطبة
كما استمرت الاجتماعات التقنية لمجموعات العمل الخاصة بمقترحات المؤتمر (Motions)، لمراجعة التوصيات التي من شأنها دعم أجندة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في السنوات المقبلة، بما في ذلك السياسات المتعلقة بإدارة الأراضي الرطبة، والتنوع البيولوجي في المناطق الحضرية، وتمويل المجتمعات المحلية المتأثرة بالتغير المناخي.
تلاحم الرؤى
اختُتم اليوم الرابع بالتأكيد على أن العمل البيئي العالمي يحتاج إلى تلاحم الرؤى وتبادل الخبرات بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
وأجمع المشاركون على أن التحول من التعهدات إلى التنفيذ الفعلي هو التحدي الأبرز في المرحلة المقبلة، وأن الاستثمار في المعرفة والتكنولوجيا والشراكات هو السبيل لتحقيق التغيير المنشود.
اليوم الخامس
بينما يستعد المؤتمر ليومه الخامس، يترقب المشاركون استمرار الحوار حول التمويل البيئي، وحوكمة المناخ، وحلول الطبيعة المستندة إلى العلم، تأكيداً على التزام دولة الإمارات بدورها الريادي في دعم الجهود الدولية لبناء مستقبل أكثر استدامة للطبيعة والإنسان.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة أبوظبي الحفاظ على الطبيعة الإمارات الاستدامة الذكاء الاصطناعي الحفاظ على البيئة النظم البیئیة
إقرأ أيضاً:
فاو :مليون دولار سنويا فجوة تمويلية في قطاع المياه
أشاد المدير العام المساعد والممثل الإقليمي لإقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو" الدكتور عبدالحكيم الواعر، بالنجاح المتواصل لأسبوع القاهرة للمياه عاما بعد عام.. مؤكدا أن هذا الحدث يجسد الإرادة القوية لدينا في تعظيم الموارد المائية والحفاظ عليها.
جاء ذلك خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه، والذي افتتح فعالياته الرئيس عبدالفتاح السيسي بكلمة مسجلة، بحضور عدد من الوزراء والمحافظين ووزراء وسفراء ورؤساء وفود عدد من الدول العربية والأفريقية والأجنبية.
وأكد الواعر أن منظمة "فاو" تسعى بشكل محوري للمساعدة في معالجة مشكلات الندرة والإجهاد المائي بالمنطقة، عبر ابتكارات متنوعة تهدف إلى ترشيد استخدام المياه والحفاظ على الموارد المائية.
وأشار إلى وجود فجوة تمويلية في قطاع المياه تقدر بمليون دولار سنويا، تمثل العقبة الأولى أمام التقدم في مواجهة تحديات الموارد المائية.. موضحا أن 58 في المائة من الدول تظهر كفاءات منخفضة في استخدام المياه، خصوصًا الدول التي تعتمد على الزراعة.
وأضاف أن مستويات الإجهاد المائي ارتفعت منذ عام 2015؛ حيث وصلت المستويات في أفريقيا إلى نحو 120 في المائة، ما يعكس أن المنطقة باتت في قلب أزمة ندرة المياه، وهو ما دفعنا في الإسراع في تبني حلول مبتكرة مثل تحلية المياه وإعادة استخدامها.
وشدد الواعر على أن الزراعة تُعدّ أكثر القطاعات تسببا في الندرة المائية، وفي الوقت نفسه الأكثر تأثرا بها، ما يتطلب إعادة تصميم آليات تمويل قطاع المياه لجذب الاستثمارات وتعزيز الحوكمة، بما يضمن التعاون والتنسيق بين القطاعات المختلفة.
يشار إلى أن أسبوع القاهرة الثامن للمياه يعقد هذا العام تحت عنوان "حلول مبتكرة لتعزيز القدرة على الصمود المناخي واستدامة الموارد المائية"، بحضور عدد كبير من المسئولين والخبراء وصناع القرار من مختلف دول العالم.
ويأتي تنظيم أسبوع المياه في القاهرة سنويا، لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون من أجل تحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة عالميا، فضلا عن دفع الأجندة المشتركة في مجال المياه.
وتركز أجندة أسبوع المياه في نسخته الثامنة هذا العام على خمسة محاور رئيسية هي: التعاون، العمل المناخي، الابتكار، الحلول المعتمدة على الطبيعة، والبنية التحتية المستدامة.