في اتفاق سلام حماس- إسرائيل
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
تعتبر الحرب الإسرائيلية- الفلسطينية 2023 أهم حدثٍ في القرن الحادي والعشرين، فهي الأطول بعد الحرب الروسية الأوكرانية، والأكثر وحشية وإبادة والأقل التزاماً بقواعد الحرب والاشتباك، ما أكسبها طابعاً إنسانياً، وجعل العديد من الأطراف والدول تقحم لها دوراً في اتفاق السلام أكتوبر 2025 بين حماس وإسرائيل بدعم الرئيس الأمريكي وبرعاية مصرية وحضور تركي وقطري، ولهذا فقد وجب تحديد الأطراف الفاعلة للوصول لحل تلك المعضلة الإنسانية:
الشعب الفلسطيني:
استأثر الشعب الفلسطيني بالفاعلية الأولى في الوصول إلى مفاوضات السلام تلك، فقد أسفر هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل حسب الإحصائيات المعلنة عن مقتل 1538 قتیلاً وأسر 248 شخصاً آخرين، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى بدء الحرب معمياً، ومن ثم بدأت إسرائيل هجوماً انتقامياً، غرضه التنكيل بكل ما هو فلسطيني، وخلال اشتداد الهجوم الإسرائيلي ومعاناة الفلسطينيين لمعت فكرة تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، ومن هنا اشتدت الإبادة الجماعية والتنكيل من قتل وتجويع وتدمير للمستشفيات ودور العبادة طوال عامين كاملين.
كذلك كانت حماس خصماً عنيداً للنظام الصهيوني، عجز عن إخضاعه طوال عامين، ولم يستطع كسر عزيمته، وعجز حتى عن الوصول إلى مكان احتجاز الرهائن لديهم رغم كل الإمكانات الاستخباراتية الإسرائيلية والأمريكية.
رد الفعل العالمي:
لم تُجدِ الطرق والقنوات الدبلوماسية والسياسية المعلنة على المستوى الإقليمي سواء عن طريق الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي في وضع حد للإبادة الإسرائيلية، ولم يستجب نتنياهو لجهود الوساطة العربية والإسلامية لإنهاء الصراع.
أما على المستوى العالمي فلا بد من التفريق بين رد فعل الأنظمة العالمية وبين رد الفعل على المستوى الشعبي العالمي، فقد رفض العديد من الشعوب في العالم التنكيل والإبادة الجماعية بحق المدنيين، وتمثلت ردود الأفعال في خروج العديد من التظاهرات في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الداعمة لإسرائيل، إضافة إلى قوافل فك الحصار بدءًا من أسطول الحرية وصولاً إلى أسطول الصمود.
على المستوى الرسمي فمع طول أمد الحرب ووحشيتها وضغط القوى الشعبية بدأ تراجع الأنظمة عن الدعم المعلن لدعم إسرائيل- عدا الأمريكي ترامب، ثم مع فشل إجماع الدول على وقف الحرب نتيجة الدعم والفيتو الأمريكي، تصاعدت نبرات الرفض وطالت طلبات المحاسبة الرئيس الأمريكي أيضاً، وضرورة مراجعة سياسات مجلس الأمن، ثم بدأت تظهر ردود فعلٍ غير تقليدية من انسحاب الوفود من كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2025، ومطالبة الرئيس الكولومبي غوستاف بيترو في 25 سبتمبر 2025 بمحاكمة الرئيس الأمريكي، ودعوته إلى تكوين جيش عالمي للدفاع عن فلسطين. كل ذلك أجبر الرئيس الأمريكي أن يتخذ موقفاً بإجبار نتنياهو على وقف الحرب، ويعلن خطته للسلام بين حماس وإسرائيل.
مصر:
تتمثّل فاعلية مصر إلى جانب رفضها لعمليات التهجير- بالإضافة للجهود الدبلوماسية على المستوى الإقليمي والدولي لحل القضية- في استضافتها لمفاوضات السلام وإدارتها البارعة للمفاوضات والتوفيق بين الأطراف شديد التنافر (إسرائيل- حماس) وصولاً إلى توافق مبدئي ووقف إطلاق النار والتحضير لتبادل الأسرى، وإرجاء نقاط الخلاف إلى المراحل التالية، وهو ما جعلها الطرف الأكثر فاعلية في اقتناص المفاوضات والوصول إلى اتفاق.
نتنياهو:
لم تنتهِ الحرب من الناحية السياسية كما بدأت؛ ففي بداية الحرب كان هناك تقارب في الموقف السياسي بين الطرفين الفلسطيني- الإسرائيلي على المستوى الدولي؛ حيث كان هناك اختلاف ما بين رافضٍ للحرب ومبررٍ لها، ولكن مع اقتراب الحرب من نهايتها، خسرت إسرائيل سياسياً وأصبحت شبه معزولة لأول مرة منذ 1973م، ويخطئ من يظن أن إسرائيل لم تكن تريد إنهاء الحرب هي الأخرى، فقد فشلت إسرائيل طوال عامين من القصف المستمر في تحقيق أهداف الحرب، سواء القضاء على حركة حماس، أو تهجير الفلطسينيين، أو حتى عودة الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، وبات رئيس الوزراء الإسرائيلي في موقع المفعول به، الذي ينتظر خروجاً يحفظ ماء وجهه من مستنقع الحرب، ويستعيد به رهائنه المحتجزين لأكثر من عامين.
أستاذ الدراسات الإيرانية- كلية الآداب- جامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ر الحرب الإسرائيلية الفلسطينية 2023 الرئیس الأمریکی الشعب الفلسطینی على المستوى
إقرأ أيضاً:
أغلقت معبر رفح وقلصت المساعدات.. إسرائيل تصعد في غزة رغم اتفاق السلام
البلاد (غزة)
على الرغم من اتفاق السلام الذي رعته الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة، أعلنت إسرائيل، أمس (الثلاثاء)، تقليص دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع واستئناف إغلاق معبر رفح، متهمةً حركة حماس بخرق بنود الاتفاق عبر “عدم تسليم جميع جثامين الرهائن الإسرائيليين”.
وذكرت القناة 13 الإسرائيلية أن القيادة السياسية وافقت على توصية المؤسسة الأمنية بفرض عقوبات جديدة على الحركة، بعد أن سلّمت الأخيرة رفات أربعة رهائن فقط من بين عدد أكبر تحتجز جثامينهم منذ الحرب. وقال مسؤولون إسرائيليون: إن هذه الإجراءات ستُنفذ ابتداءً من اليوم، وإن معبر رفح سيظل مغلقاً حتى إشعار آخر، في خطوة وُصفت بأنها تصعيد سياسي وأمني يهدد الهدنة القائمة.
في المقابل، أكدت حماس التزامها الكامل باتفاق وقف إطلاق النار وبخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، مشيرة إلى أن تسليم الجثث المتبقية يواجه صعوبات ميدانية بسبب ضياع أماكن الدفن تحت أنقاض الحرب. وقال المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم، إن الوسطاء الدوليين على علم بذلك، وإنهم “تفهموا طبيعة التحدي الإنساني”.
من جانبه، أوضح المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر كريستيان كاردون أن عملية استعادة الجثامين في غزة “معقدة للغاية”، بسبب الدمار الواسع وصعوبة الوصول إلى مواقع الدفن.
ورغم التوتر، تشير تقارير أممية إلى أن المرحلة الأولى من خطة السلام نُفذت جزئياً، إذ أُفرج عن جميع الرهائن الأحياء وعدد من الأسرى الفلسطينيين، وبدأ تدفق المساعدات عبر المعابر قبل قرار الإغلاق الجديد. إلا أن الملفات العالقة — وعلى رأسها نزع سلاح حماس، ومستقبل الحكم في غزة، وآلية إعادة الإعمار— لا تزال تُهدد استقرار الاتفاق.
وتستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لتنسيق المساعدات خلال الأسابيع المقبلة. وبينما يرى مراقبون أن الخطة الأمريكية فتحت”نافذة أمل” نحو تهدئة دائمة، فإن القرارات الإسرائيلية الأخيرة قد تعيد التصعيد إلى المربع الأول، ما لم تنجح الجهود الدولية في إعادة الطرفين إلى مسار التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق.