اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟
تاريخ النشر: 16th, October 2025 GMT
حيث كشف تقرير صادر عن "مركز موارد مكافحة الفساد" (U4)، وهو مركز بحثي وأكاديمي مستقل مقره النرويج، عن وجود حالات واسعة النطاق من الفساد والاختلاس داخل هياكل منظمة الصحة العالمية أثناء عملها في اليمن.
التقرير أشار إلى أن التحقيقات الداخلية للمنظمة نفسها أظهرت ممارسات مشبوهة، منها اتهام أحد الموظفين في مكتب المنظمة باليمن بتلفيق كشوف رواتب وموظفين وهميين.
ولم تكن هذه الحالة منفردة، فقد لاحظت المنظمة الدولية نفسها وجود مشكلات هيكلية تتعلق بنقص الرقابة على عمليات المشتريات والتوظيف، بالإضافة إلى ضوابط مالية غير مرضية.
وفقاً للوثائق الداخلية التي اطُلِع عليها، اتسمت الإدارة المالية في بعض الفترات بعدم الوضوح والشفافية.
ويشير المراقبون إلى أن غياب الرقابة الصارمة على كيفية إنفاق هذه الأموال قد فتح الباب أمام سوء الاستخدام.
وأظهرت التحقيقات صعوبة في تتبع وجهة ملايين الدولارات التي تم تخصيصها للمهام الإنسانية لمنظمة الصحة العالمية، مما أثار تساؤلات جدية حول مصير أموال المانحين المخصصة لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة.
التحقيقات الأولية كشفت عن نموذج مثير للقلق في إدارة الموارد المالية، حيث تشير التقديرات والمتابعة الميدانية إلى أن الجزء الأكبر من الأموال التي تحصل عليها المنظمة من المانحين الدوليين لا يصل إلى حاجة السكان المستحقين على الأرض.
فبدلاً من توجيه التمويل لشراء الأدوية وتأهيل المرافق الصحية، يُستهلك ما يقارب 90% من إجمالي التبرعات في نفقات تشغيلية باهظة، تتنوع بين رواتب الموظفين – خاصة أولئك الذين يشغلون مناصب عليا بمكافآت مالية كبيرة – وإيجارات المقرات الفاخرة، وتكاليف لوجستية مبالغ فيها تشمل تأمين حراسة وسيارات مُدرعة.
في المقابل، لا يتجاوز ما يصل فعلياً إلى الجهات الصحية المحلية والبرامج الميدانية المخصصة أصلاً لها 10% من إجمالي الأموال، مما يعني أن العملية الإغاثية تحوّلت إلى آلة تخدم موظفي المنظمة بشكل أكبر مما تخدم الهدف الإنساني الذي أُنشئت من أجله، وسط غياب تام للرقابة الفعالة على هذه الصرفيات الباهظة.
غير أن تداعيات هذه الشبهات بدأت تظهر على أرض الواقع. فقد بدأ المانحون الرئيسيون، الذين قدموا مجتمعين مليارات الدولارات لليمن، بالتعبير عن قلقهم العميق.
وبدأت أصوات تعلو بينهم تنادي بإعادة تقييم و"إعادة تركيز" للمساعدات، بل وحتى خفضها، في ظل المخاوف المتصاعدة من أن تدفقات المساعدات لا تخضع لرقابة كافية، وأنها قد تساهم، عن غير قصد، في إطالة أمد المعاناة بدلاً من حلها.
على الجانب الآخر، يطالب نشطاء يمنيون ومؤسسات مجتمع مدني بالشفافية التامة في إنفاق المساعدات. وقد أطلقت حملات شعبية، أبرزها حملة "أين المال؟"، لتسليط الضوء على انعدام الشفافية في توزيع وإدارة المساعدات الدولية، ومطالبة المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها وعدم إخفاء نتائج تحقيقاتها الداخلية.
وتواجه منظمة الصحة العالمية، كواحدة من أبرز أركان النظام الإغاثي في اليمن، اختباراً حقيقياً لمصداقيتها. فالشبهات التي تحيط بعملها لا تهدد فقط بضياع الموارد المالية، بل تقوض ثقة المجتمع الدولي والمجتمع المحلي على حد سواء، وتخاطر بتحويل المساعدات الإنسانية من أداة للإنقاذ إلى عامل إطالة للأزمة.
وكشف الحقيقة والمساءلة أصبحا ليس مجرد خيار، بل واجب إنساني وأخلاقي في بلد يحتاج كل دولار من مساعداته لإنقاذ الأرواح.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
إقرأ أيضاً:
«الصحة العالمية»: 15.000 مريض في غزة بحاجة لإجلاء عاجل
غزة (الاتحاد)
أخبار ذات صلةقالت منظمة الصحة العالمية، أمس، إن أكثر من 15 ألفاً و600 مريض في قطاع غزة بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لتلقي العلاج خارج القطاع، في ظل التدهور الحاد الذي تعانيه المنظومة الصحية بعد عامين من الحرب.
وذكرت المنظمة في بيان، أن المستشفيات العاملة داخل القطاع تواجه انهياراً متسارعاً نتيجة النقص الكبير في الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود، مؤكدة أن إعادة فتح الممرات الطبية بات ضرورة ملحة لإنقاذ الأرواح وتمكين المرضى من الحصول على العلاج المناسب في الخارج.
وأشارت المنظمة إلى أن أكثر من 15 ألف شخص فقدوا أطرافهم نتيجة إصابات بالغة خلال الحرب، ما يمثل تحدياً غير مسبوق أمام النظام الصحي والخدمات التأهيلية في غزة.
كما حذرت المنظمة من تفاقم المخاطر الصحية بسبب تلوث المياه، وتكدس النفايات وانهيار البنية التحتية للصرف الصحي، داعية إلى تعزيز مراقبة تفشي الأمراض المعدية.
وطالبت منظمة الصحة العالمية المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتوفير الإمدادات الطبية والوقود والدعم اللوجستي اللازم لاستمرار عمل المرافق الصحية، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني يبقى بالغ الخطورة رغم الهدنة المعلنة.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة في غزة جاهزية طواقمها الطبية لتسلم جثامين الضحايا الذين يتوقع تسليمهم من قبل الجانب الإسرائيلي، مؤكدة استعداد لجنة إدارة الجثامين وفرق الطب الشرعي والإسعاف والتشريح للتعامل مع الحالات وفق البروتوكولات الطبية المعتمدة.