قدّمت الدكتورة جيهان عبد الله، استشاري الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، تحليلًا عميقًا للجوانب النفسية والاجتماعية التي قد تكون دفعت الطفل المراهق، الذي قتل زميله وقام بتقطيعه بمنشار كهربائي في الإسماعيلية، موضحة أن الجريمة تمثل مزيجًا خطيرًا من عدة عوامل نفسية وسلوكية، متجاوزةً فكرة أن الانفصال الأسري هو السبب الوحيد.

وقالت «عبد الله» في تصريحات تليفزيونية، إن الحالة تحمل جميع العوامل التي تُسهم في اضطرابات السلوك، مشيرةً إلى أن هذا السن يعاني من اضطرابات سلوكية وهرمونية وعصبية تجعل الفرد في حالة عدم اتزان طبيعي، فضلًا عن الانفصال الأسري وعدم الاستقرار، إلى جانب قضاء الطفل وقتًا طويلًا بمفرده، متوحدًا مع محتوى الإنترنت دون رقابة، وتحمله مسؤولية إخوته في هذا العمر، مما يزيد الضغط النفسي عليه، بالإضافة إلى استخدامه الجانب الأسوأ من وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاهدته أفلامًا تحتوي على مشاهد عنف، ومحاولته تنفيذ ما يشاهده.

وشدّدت على أن أبرز سمات هذه المرحلة العمرية هي الرغبة في إثبات الذات والعند ومحاولة تأكيد الكيان، وهي صفات قد تُستغل بشكل سلبي في ظل العوامل الضاغطة الأخرى.

كما كشفت عن الإطار العام لتعامل المجتمع والإعلام مع مثل هذه الجرائم، مشيرةً إلى نقطتين في غاية الخطورة؛ أولهما بطء الإجراءات القضائية، معربةً عن أسفها الشديد للبطء في إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام في الجرائم التي تهز الرأي العام، مثل قضية المتهم بقتل داليا الحوشي، الذي نجا من العقوبة بسبب قانون الطفل. وانتقدت بشدة طريقة معالجة الإعلام والدراما لقصص الجرائم، حيث يتم تقديم القاتل أو المجرم بصورة البطل أو «الجدع القوي»، بمصاحبة موسيقى تصويرية تُثير التعاطف، مما يجعل المشاهد يتعاطف معه طوال العمل، دون التركيز على بشاعة الجريمة والعار الذي لحق بأسرته والندم الحقيقي.

وأكدت أن مشاهدة الجرائم علنًا عبر وسائل الإعلام تخلق نوعًا من التطبيع النفسي والبرمجة اللاواعية للأفراد، تجعلهم يتقبلون مشاهد الدم والعنف تدريجيًا، مشيرةً إلى رواية متداولة على لسان أحد الجيران حول قيام المراهق بأكل لحم السمان والتعليق على طعمه، مؤكدةً أن صحة المعلومة غير مؤكدة، ولكن إن صحت، فهي دليل على درجة العنف والانتقام التي وصل إليها، موضحةً أن ذلك لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج خلفية مركّبة من العوامل النفسية والاجتماعية.

واختتمت حديثها بتوجيه رسالة إلى الأسر بضرورة تعزيز الرقابة الأسرية، داعيةً بالرحمة للطفل الضحية، ومعربةً عن أسفها الشديد لوقوع مثل هذه الحوادث المأساوية.

طباعة شارك العلاقات الأسرية جيهان عبد الله استشاري الصحة النفسية

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: العلاقات الأسرية جيهان عبد الله استشاري الصحة النفسية

إقرأ أيضاً:

مستشفى الأمراض النفسية بكسلا يطلق صيحة غاضبة في يومه العالمي

تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، احتفت أسرة مستشفى الطب النفسي بولاية كسلا باليوم العالمي للصحة النفسية، في احتفالٍ كشف عن معاناة المنظومة الصحية تحت وطأة إهمال مزمن. الفعالية، التي حضرها أهالي المرضى، شهدت تحول كلمات المسؤولين إلى جلسة اعتراف صادمة ونداء استغاثة عاجل.
صعد ممثل السلطة القضائية ومشرف السجون بالولاية، مولانا منتصر سر الختم ميرغي، ليلقي كلمة هزت الحضور. ووصف نعمة الصحة بأنها “نعمة كبيرة”، مؤكداً أن هذا الاحتفال “مهم جداً لكل أفراد المجتمع السوداني مع جميع الشركاء في تقديم الدعم النفسي”.
وأعرب عن حزنه العميق “عندما أرى فرداً من أفراد المجتمع قد خرج بفعل المخدرات أو يصاب بمرض نفسي”، معتبراً ذلك “اختباراً من عند الله لابد من الصبر على الابتلاء”.
وتوجه بـ”تحية إجلال لكل القوى التي تعمل في هذا الحقل”، قائلاً: “نحن كقضاة نعمل بعلم اليقين في المعاناة التي يعانيها أفراد هذا الدار”.
في لحظة صادمة، اعترف ميرغي صراحة بأنهم “مقصرين اتجاه هذه الشريحة المهمة”، داعياً: “نسأل الله أن يعفو عنا”. وأكد أن “هذه الشريحة تحتاج منا إلى وقفة عظيمة حتى نعيدها مرة أخرى إلى المجتمع معافاة كريمة تتمتع بإنسانيتها”.

وشدد على أن “العبرة في سدة حلقة من يتعامل مع المرضى فهو عمل إنساني وهو طريق إلى الجنة”. ووعد بأن “ما سمعه من مشاكل واحتياجات لأقسام المصحة سوف يعكسه للرئيس القضاء”، مؤكداً أنهم “أول الداعمين في مسألة الصرف الصحي وغيرها من المشاكل”.
من جانبه، كشف مقدم شرطة/ طبيب أبو هريرة حسن عمر، مدير المستشفى، النقاب عن الكارثة التي يعيشها المرضى والعاملون. وأوضح أنهم يحتفلون باليوم العالمي للطب النفسي الذي يوافق 10 أكتوبر من كل عام، مشيراً إلى أن أول احتفال به كان في العام 1992 بمبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية.
وأشار إلى أن الاحتفال هذا العام يأتي تحت شعار “الصحة النفسية في ظل الأزمات والطوارئ”، بهدف تخفيف آثار الكوارث على العقول، مؤكداً أن “حالات الطوارئ لا تدمر المباني والمنازل فحسب، وإنما تدمر وتعطل لعقول والعواطف والمجتمعات”.

وكشف مدير المستشفى عن جملة من المشاكل الخطيرة التي تواجه المستشفى:
إشكالية الصرف الصحي متعطل تماماً
مشكلة مياه الشرب
· انقطاع الإنارة
· أزمة الإمداد الدوائي
· مشاكل في الصيانة العامة بدأ العمل فيها ولكن لم تكتمل
وأشار الدكتور أبو هريرة إلى أن هذا اليوم يأتي بعد أن تسلم إدارة المستشفى خلفاً للعميد المعاش نور عبدالرحمن رمضان، وأنهم “أكثر حاجة لمشاركة الجميع ووقفتهم مع هذه الشريحة”.
وشكر شركاءهم في وزارة المالية وديوان الزكاة على المجهودات التي تدعمهم، معرباً عن أمله في “الله ثم في مجهودات الجميع لتخطي هذه العقبات”.
هكذا تحول احتفال اليوم العالمي للصحة النفسية في كسلا من مناسبة للفرح إلى منصة لكشف الأزمات ونداء استغاثة عاجل، في مشهد يعكس حجم المعاناة التي يعيشها مرضى الصحة النفسية في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد.

التيار

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • واقعة المنشار الكهربائي.. استشاري نفسي: جريمة الإسماعيلية جرس إنذار خطير يكشف تأثير المحتوى العنيف على سلوك الأطفال
  • مفاجأة .. استشاري تغذية: هرمون جديد يؤخذ بالحقن هيرجعك شباب تاني | فيديو
  • بعد واقعة طفل الإسماعيلية| طبيب نفسي يوضح الأسباب النفسية وراء ارتكاب الأطفال للجرائم
  • مستشفى الأمراض النفسية بكسلا يطلق صيحة غاضبة في يومه العالمي
  • OpenAI تؤسس مجلسًا استشاريًا للصحة النفسية لحماية المستخدمين
  • إبراهيم عيسى يهاجم "نفاق" المتعاطفين مع حماس ويتساءل: كم مريض نفسي في غزة؟ (فيديو)
  • خبير نفسي يكشف الجاني الحقيقي في واقعة الطفل الذي مزّق زميله بمنشار كهربائي
  • مخاطر الحالة النفسية والذهنية للبرهان..!
  • نادي الأسير: قضية جثامين الشهداء المحتجزة شاهد على الجرائم التي مارسها الاحتلال بعد حرب الإبادة