مولد السيد البدوي.. حينما صار الدين أداة في يد السلطة
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
في مشهدٍ يبعث على الأسى أكثر مما يثير الدهشة، تحوّل مولد السيد البدوي في طنطا إلى عرضٍ فجّ من الممارسات والطقوس الغريبة التي لا تمت إلى الإسلام بصلة؛ مشاهد من التبرك بالقبور، والرقص، والتمايل، والنداءات التي تتجاوز حدود التوحيد، كلّها تتم تحت رعاية رسمية وبمباركة واضحة من رموز السلطة الدينية التابعة للنظام، وعلى رأسهم علي جمعة وأسامة الأزهري، اللذان يتصدران المشهد لتبرير هذه الممارسات وإضفاء طابع "الشرعية" عليها.
لكن الحقيقة الصارخة أن هذه الطقوس لم يأتِ بها الإسلام مطلقا، ولم تُستند إلى آية من القرآن أو حديث من السنة، بل جاءت من خليطٍ من الخرافة والموروث الشعبي الذي تسلّل إلى الوعي العام في غياب العلم والعقل والدين الصحيح.
منذ أن جاء عبد الفتاح السيسي إلى الحكم بعد انقلاب 2013، وهو يشن حملة منظمة لهدم الثوابت الدينية تحت شعار خادع اسمه "تجديد الخطاب الديني"؛ شعارٌ براّق يخفي خلفه مشروعا متكاملا لتفريغ الإسلام من مضمونه الحقيقي، إن ما جرى في مولد السيد البدوي ليس سوى نتيجة مباشرة لهذا المشروع السلطوي الخطير الذي يسعى لتشويه الإسلام باسم "الإصلاح"، وإحلال الطقوس الميتة محل الإيمان الحي، وتبديل الوعي الديني بالاستعراض الشعبي، وتغذية الجهل بدلا من العلموتحويله إلى إسلامٍ رسمي مطيع للسلطة، يُستخدم لتبرير القمع، وتغييب الوعي، وتجميل القبح السياسي والاجتماعي.
لقد فتح السيسي الأبواب على مصراعيها لأمثال سعد الدين الهلالي وعلي جمعة وأسامة الأزهري، ليحتلوا المنابر والإعلام، يقدّمون فتاوى مُعلّبة حسب مقاس السلطة، ويدعموا الانحرافات العقدية تحت مسمى "التسامح" و"الصوفية المعتدلة"، بينما تم إقصاء العلماء الحقيقيين، وإغلاق البرامج الإسلامية التي كانت تعلّم الناس دينهم الصحيح.
تحت مسمى "محاربة التطرف"، جرى تجريف الدين من مضمونه، وتم إقصاء القرآن والسنة من توجيه الوعي الجمعي. وفي المقابل، أُطلقت يد الأجهزة الأمنية لتختار من يتحدث باسم الدين، ومن يُمنع، ومن يُسجن، ومن يُلمّع في الإعلام.
إن ما جرى في مولد السيد البدوي ليس سوى نتيجة مباشرة لهذا المشروع السلطوي الخطير الذي يسعى لتشويه الإسلام باسم "الإصلاح"، وإحلال الطقوس الميتة محل الإيمان الحي، وتبديل الوعي الديني بالاستعراض الشعبي، وتغذية الجهل بدلا من العلم.
لقد تم تجهيل شريحة واسعة من الشعب المصري، واستغلال بساطتهم الدينية وارتباطهم العاطفي بالتراث، لتثبيت دعائم سلطةٍ تخشى وعي الناس، وتخاف أن يعود الدين إلى مكانه الطبيعي كقوة تحرر وعدل ومحاسبة.
الحق يُقال: ما يحدث اليوم ليس دينا، بل دين السلطة، بلا علم.. دينٌ يُصفّق فيه "العلماء الرسميون" أمام كاميرات التلفاز، بينما يدفن فيه وعي الأمة في أضرحة الأولياء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء الدينية السيسي الصوفية المصري مصر السيسي الدين صوفية مدونات مدونات قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مولد السید البدوی
إقرأ أيضاً:
السيد القائد.. حكمةٌ وصمودٌ يوقظ أُمَّـة من غيبوبتها
في أكثر المراحل خطورة على وجود الأُمَّــة ومصيرها، وفي اللحظة التي اقتربت فيها شعوب المنطقة من حافة الفناء، بزغ صوتٌ مختلف، صادقٌ، وممتلئٌ بالبصيرة؛ صوت قائد الثورة وسيد الصمود السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي “نصره الله”، الذي حمل راية الوعي قبل السلاح، وتقدّم من مترسه المتقدّم لأمةٍ تأخرت كَثيرًا عن مسؤولياتها ورسالتها.
من خطوط المواجهة الأولى، ومن خنادق المبدأ التي لم يتخلَّ عنها لحظة، برز السيد القائد مخاطبًا أُمَّـة رهنت سيفها وباعت بندقيتها وتنازلت عن قضيتها؛ فأعادها إلى أصل الطريق، إلى القرآن، إلى الهُوية الإيمانية، وإلى ما يعيد الحياة في أُمَّـة كادت أن تُدفن تحت ركام الهزائم.
ظهوره في كُـلّ اللحظات الفاصلة بمثابة إنذارٍ مبكر لسقوط السيناريوهات السوداء التي حيكت في الظلام؛ سيناريوهات مكشوفة اليوم، لم تعد تخفى على أحد، من مخطّطات التفتيت إلى مشاريع الإبادة التي أعدّ لها الطغاة لتدور رحاها على رقاب الشعوب دون تمييز.
ومن موقع الربَّانية والصدق، يدعو القائدُ الجميعَ إلى أن ينهضوا بداعي الله، أن يعودوا إلى ما يُحْييهم بعد مَواتٍ طويل، وأن يستعيدوا من تحت الرماد ذلك الإيمانَ الذي صُودر منهم لسنوات من التضليل والفشل.
وفي غمرة هذا الانزواء العربي، يتقدّم اليمن ليكون – رغم الجراح والحصار – رأس الحربة، في باب المندب كسر صنميةَ أمريكا، وفي البحر الأحمر هشَّمَ أساطيرَ الصهيونية، وفي البحر العربي زلزل عبوديةَ المتصهينين، ليعلن للعالم أن إرادَة الشعوب حين تتصل بالله أقوى من كُـلّ أساطيل الأرض.
واليوم، يواصل قائد الثورة ورُبّان الانتصار دعوتَه للشعب اليمني: دعوةً للنفير، للتعبئة، للإعداد، وللجهوزية، دعوةً لا تنطلقُ من فراغ، بل من بصيرةٍ ترى ما لا يراه الآخرون، وتدرك أن اللحظةَ التاريخية التي تمر بها الأُمَّــةُ لا تحتملُ التردُّدَ ولا الوقوف في المنتصف، إنها دعوة للمسؤولية والوعي.. دعوةٌ كي يبقى اليمن كما كان دومًا: السدَّ الأول في وجه الطغيان، والصوت الذي لا يخفت حين تصمت الأصوات.