صدى البلد:
2025-12-13@05:39:12 GMT

د.هبة عيد تكتب: لا تعاتب الأقدار فكل منع هو حماية

تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT

هناك لحظة يصل إليها الإنسان بعد كثير من السير والتجربة والصمت، يفهم فيها ما لم يكن يفهمه من قبل. يكتشف أن ما ظنه خسارة لم يكن إلا حماية خفية، وما اعتبره ألمًا كان تمهيدًا لطريق جديد، وأن الأقدار وإن بدت غامضة في لحظتها فهي منسوجة بدقة لا تخطئ. لا شيء يحدث عبثًا، ولا تفلت من يد الله تفاصيل العمر مهما ظننا أننا نتحكم بها.

نحن فقط نسير بين ما كان وما سيكون، نحمل من الماضي درسًا، ومن الحاضر اختبارًا، ومن المستقبل يقينًا يتشكل ببطء.

الماضي لا يرحل تمامًا، بل يبقى فينا بقدر ما نتعلم منه. تعود ذكرياته بين الحين والآخر لا لتؤلمنا فقط، بل لتذكّرنا بالطريق الذي قطعناه. في علم النفس تُسمى هذه العودة بالعقل العاطفي، حيث تعود الذكريات مصحوبة بمشاعر أكثر من كونها أحداثًا. ليس الهدف أن نهرب من الماضي أو نمحوه، فذلك غير ممكن، بل أن نفهمه حتى لا يعيد نفسه بأشكال أخرى. فمن تصالح مع ماضيه تحرر، ومن دفنه حيًا عاد إليه في صورة قيد داخلي لا يراه إلا حين يتعثر في خطوات الحاضر.

أما الحاضر فهو اللحظة التي نملكها فعلًا، لكنه أكثر زمن نهمله عندما ننشغل بالبكاء على ما مضى أو الخوف مما سيأتي، فنعبر أيامًا كاملة دون أن نعيشها حقًا. ولكن الحقيقة أن الرضا بالحاضر ليس انسحابًا من السعي ولا تبرير للعجز، بل هو وعي عميق بأن ما نملكه الآن هو ما يناسب مرحلة تكويننا الحالية. علينا أن نؤمن بأن لو كان الخير في غير ما نحن عليه الآن، لكان تغيّر منذ زمن. فالرضا لا يعني قبول الألم، بل تقبله حتى نفهم رسالته. والعمل على تغييره إن كان تغييره ممكنًا. فهو شجاعة صامتة لا ضجيج فيها، وهو الباب الأول إلى سلام النفس وطمأنينتها، لأن من رضي بأقدار الله لم يعد يخاف الغد، ولم يعد يحمل همًّا إلا أن يكون في موضع يحبه الله منه.

وعندما  نرفع أعيننا نحو المستقبل،  الذي نحمله كثيراً فوق طاقته من توقعات. ننسى أن المستقبل ليس وعدًا ينتظرنا، بل نتيجة نصنعها من قرارات اليوم. لا أحد يصل إلى ما يتمنى دون طريق، ولا أحد يحصد دون أن يزرع، ولا أحد يخلق مصيره وهو جالس في مكانه. لكن مع ذلك، علينا أن نترك لله مساحة التشكيل؛ فالأماني وحدها لا تكفي، والأسباب وحدها لا تكفي، وإنما يتحقق الخير حين يتلاقى السعي مع القَدَر في نقطة اسمها “الوقت المناسب”.

وحين نتأمل ما نمر به من منع وتأخير وفقد، ندرك أنه لم يكن حرمانًا دائمًا، بل حماية مؤقتة. تأخرت أشياء كنا نظن أن سعادتنا فيها، ولو جاءت في وقتها لكسرتنا. ابتعد أشخاص تخيلنا أننا لا نقدر على العيش بدونهم، فاكتشفنا أن الله أزالهم ليحمينا من ألم أكبر. أُغلقت أبواب بأيدينا عليها دموع، ثم شكرنا الله بعدها لأن تلك الأبواب كانت تؤدي إلى طرق مظلمة. الزمن يكشف، والأقدار ترشد، والقلب حين يهدأ يفهم.

نحن لا نخسر حين نرضى، بل نخسر حين نُقاوم ما لا نستطيع تغييره. من يؤمن بأن كل ما كتبه الله خير، فإنه يعيش مطمئنًا حتى في قلب العاصفة. ليس لأنه لا يشعر بالألم، بل لأنه يعرف أن وراء الألم معنى، ووراء التأخير ترتيب، ووراء كل قدر يد الله. لذلك لا تعاتب الأقدار، فهي ليست ضدك، بل تعمل من أجلك حتى إن لم تفهم الآن. خذ بالأسباب، وامشِ بثبات، واسعَ بصدق، واترك النتيجة لمن يعلم خفايا القلوب.

فالرضا بأقدار الله دواء القلوب المتعبة، والدعاء هو اليد التي تطرق باب السماء لتفتح الأقدار، فلا يمنع القدر إلا الدعاء، ولا يبدّل الحال إلا يقين المؤمن بأن ما عند الله خير دائمًا، وإن تأخر.

طباعة شارك الإنسان السير والتجربة والصمت خسارة حماية العقل العاطفي

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإنسان خسارة حماية

إقرأ أيضاً:

جوارديولا: لو كنت مدرباً لريال مدريد لأقالوني الموسم الماضي

مدريد (د ب أ)
دعم الإسباني بيب جوارديولا مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، مواطنه تشابي ألونسو، المدير الفني لريال مدريد من أجل تصحيح الأوضاع في الفريق، رغم اعترافه بأن سجله مع مانشستر سيتي الموسم الماضي كان سيجعله يتعرض للإقالة في العاصمة الإسبانية.
وتولى ألونسو تدريب ريال مدريد الصيف الماضي فقط، لكنه تحت ضغط كبير في النادي الإسباني.
وأثيرت تكهنات بشأن إمكانية إقالة ألونسوالذي كان لاعباً في خط وسط ليفربول سابقاً، حال قيادته لريال مدريد للخسارة أمام مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا.
وقال جوارديولا الذي سبق أن درب ألونسو في بايرن ميونيخ: «بالتأكيد أشعر بالتعاطف، لأننا كنا معاً لعام ونصف عام، أو عامين».
وأضاف: «لقد كانت تجربة رائعة أن أكون معه، ليس فقط كمدرب، لكننا تشاركنا أموراً أخرى، وكعائلات أيضاً». وتابع في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا): لكن برشلونة وريال مدريد هما أصعب منافسين، أصعب ناديين يمكن تدريبهما، فهم أصعب من حيث الضغط والبيئة المحيطة».
وواصل: «بالنسبة لما حققته الموسم الماضي، كانت ستتم إقالتي قبل 6 أشهر من نهاية الموسم، إنه مكان صعب».
وتابع:«لكنه يعرف ذلك، لقد كان هنا ويعرف هذه الحقيقة، إنها مسألة الفوز بالمباريات».
وحقق ريال مدريد بداية واعدة تحت قيادة ألونسو، لكن بدأ في التعثر منذ الخسارة من ليفربول الشهر الماضي، وسط شائعات حول خلافات في غرفة خلع الملابس تتزايد.
وفاز ريال مدريد في مباراتين فقط من 6 منذ هزيمة أنفيلد، من بينها خسارة يوم الأحد الماضي على ملعبه ضد سيلتا فيجو صفر/ 2.
وسئل جوارديولا عما إذا كان يرى الريال لقمة صائغة، وذلك في مؤتمر صحفي قبل مباراة الأربعاء، ليرد جوارديولا:«لا أتفق مع ذلك». وأضاف:«أعرف أن لديهم العديد من الغيابات، وأعلم ما يحدث عندما تحاول بناء شيء»، وقال أيضاً:«تشابي يعرف تماماً ما يتعين عليه فعله، وأنا أعرف كيف سيكون شكل الغريم الذي سنواجهه اليوم».

أخبار ذات صلة أولمبياكوس يسجل انتصاره الأول في دوري أبطال أوروبا مدرب ريال مدريد: نركز على مواجهة سيتي وقادرون على الفوز

مقالات مشابهة

  • اسماء عبدالعظيم تكتب: «حين سبقنا التطوير.. ونسينا الإنسان»
  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • ياسمين عبد العزيز تعاتب منى الشاذلي: "عايزة أتكلم براحتي
  • د. إيمان شاهين تكتب: اتيكيت التعامل بين الأزواج في الإسلام
  • الدفاع المدني بغزة يُنفذ 270 مهمة خلال الأسبوع الماضي
  • الفنون تكتب مقاومة جديدة للعنف الإلكتروني ضد المرأة
  • شروط نتنياهو تكتب الفشل للمرحلة الثانية في غزة
  • هند صبري تكتب تاريخًا جديدًا للسينما العربية.. وتتوج بجائزة “عمر الشريف” في شراكة عالمية تجمع الجولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر
  • جوارديولا: لو كنت مدرباً لريال مدريد لأقالوني الموسم الماضي
  • د. منال إمام تكتب: الإنسان المصري.. حالة فريدة عبر الزمن