في ظل التوترات التجارية.. ما أهمية سلاسل توريد المعادن النادرة للاقتصاد العالمي؟
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
توقع بنك QNB أن تصبح المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين أحد العوامل المؤثرة الرئيسية للاقتصاد العالمي في السنوات المقبلة.
وقال البنك في تقرير اقتصادي، إن الأسابيع الأخيرة كادت تشهد نزاعات حول ضوابط التصدير لسلاسل التوريد المرتبطة بالمعادن النادرة والتي تؤدي إلى تصعيد كبير في الصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين.
وأردف، أن المعادن النادرة ليست نادرة بشكل خاص في القشرة الأرضية، ويكمن التحدي في استخراجها وتكريرها، وهي عمليات معقدة من الناحية التكنولوجية، ولها تأثير كبير على البيئة، وتتطلب رؤوس أموال ضخمة، وتضم مجموعة المعادن النادرة 17 عنصراً مثل النيوديميوم، والديسبروسيوم، والتيربيوم، والسيريوم، واللانثانوم، والإيتريوم، ولكل منها خصائص مغناطيسية أو بصرية أو تحفيزية فريدة تجعلها أساسية للصناعة الحديثة.
وتلعب العديد من المعادن الهامة ذات الصلة، بما في ذلك الغاليوم والجرمانيوم والإنديوم والكوبالت والليثيوم، أدواراً مماثلة عبر سلاسل التوريد.
وتحظى هذه العناصر مجتمعة بأهمية واضحة في ثلاثة من أهم القطاعات سريعة التوسع حول العالم، في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، تُعد المعادن النادرة جزءاً لا يتجزأ من الآلات والعمليات التي تتيح صناعة الرقائق المتقدمة. ويُستخدم أكسيد السيريوم لتلميع رقائق السيليكون بدقة نانومترية، والإيتريوم هو مكون أساسي في أنظمة تنميش البلازما، وتعمل المغناطيسات القائمة على النيوديميوم على تشغيل أنظمة التبريد والمحركات عالية الكفاءة المستخدمة في مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
وفي الوقت نفسه، يتم استخدام العناصر ذات الصلة، مثل الغاليوم والجرمانيوم مباشرة في الرقائق عالية الأداء والاتصالات البصرية، وفي مجال الدفاع والطيران، تُعتبر المعادن النادرة الأخرى مدخلات رئيسية للمحركات النفاثة، وأنظمة الرادار، والأسلحة الموجهة بدقة.
وفي مجال تحول الطاقة، تُعد المعادن النادرة مثل النيوديميوم والباراسيوديوم ضرورية للمغناطيسات القوية التي تجعل السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح تعمل بكفاءة، بينما يلعب اللانثانوم والسيريوم أدواراً حاسمة في المحولات الحفازة وتقنيات تخزين الطاقة.
وأدى النمو الهائل في الطلب إلى تحويل المعادن النادرة والمعادن الهامة من سلع صناعية إلى أصول استراتيجية، كما أدت هذه الأهمية المتزايدة إلى خلق احتكاكات جيوسياسية جديدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تركز القدرة الإنتاجية والقدرة على المعالجة بشكل كبير في عدد قليل من البلدان، وخاصة الصين. ففي حين توجد مخزونات من المعادن النادرة على مستوى العالم، فإن الشركات الصينية تهيمن بشكل كبير على عمليات التكرير والفصل، التي تحول المواد الخام إلى مواد قابلة للاستخدام.
وكان صعود الصين في هذا المجال نتيجة لعقود من السياسة الصناعية المدروسة. فقد أدركت القيادة الصينية مبكراً النفوذ الذي توفره هذه الهيمنة.
وفي تصريح أصبح شهيراً الآن، قال الزعيم الصيني السابق دنغ شياو بينغ في عام 1987 أن «الشرق الأوسط لديه النفط، والصين لديها المعادن النادرة».
واستثمرت الصين بكثافة في المسوحات الجيولوجية والتعدين وتكنولوجيا التكرير، وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت الصين اللاعب المهيمن في كل مرحلة تقريباً من مراحل سلسلة التوريد.
وتمثل الصين اليوم نحو 65% من إنتاج المناجم العالمي، وأكثر من 85% من طاقة التكرير والمعالجة العالمية.
وتُنتج الصين غالبية المغناطيسات الدائمة وغيرها من المنتجات النهائية عالية القيمة التي تعتمد على هذه المواد، واستثمرت البلاد في توسيع حضورها في هذه الصناعات في الخارج، مسيطرة على أصول وموارد واحتياطيات كبيرة حتى خارج الصين.
وفي عام 2021، دمجت بكين العديد من الشركات المملوكة للدولة في مجموعة الصين للمعادن النادرة، مما عزز سيطرتها وتنظيمها لهذا القطاع.
هذا وفرضت الصين ضوابط على الصادرات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وأكد المسؤولون أن هذه الضوابط لا تمثل حظراً صريحاً، بل هي تدابير لضمان التداول للسلع ذات الاستخدام المزدوج.
مع ذلك، فقد عززت هذه الخطوات التصورات بأن الصين تعتبر السيطرة على المعادن الحيوية عنصراً مهماً في مجموعة أدواتها الجيوسياسية الأوسع.
ورداً على ذلك، تحركت دول أخرى لتنويع سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد والتبعية الاستراتيجية، وصنفت الولايات المتحدة المعادن النادرة على أنها بالغة الأهمية للأمن القومي، وهي تستثمر في التعدين والمعالجة المحلية من خلال قانون الإنتاج الدفاعي.
وأضافت أن تكرير المعادن النادرة عملية معقدة تنطوي على نفايات خطرة وتكاليف باهظة، ولن يكون من السهل إعادة بناء القدرات على نطاق واسع خارج الصين، نتيجة لذلك، من المرجح أن تظل الصين اللاعب الرئيسي في أسواق المعادن النادرة العالمية في المستقبل المنظور.
بشكل عام، كانت المعادن النادرة أساسية للثورة الإلكترونية والرقمية، وتزداد أهميتها مع ظهور صناعات وتقنيات جديدة. أصبح الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والدفاع والطيران، بالإضافة إلى الانتقال الطاقي، من أهم القطاعات الاستراتيجية في القرن الحادي والعشرين، وتتطلب نمواً هائلاً في إمدادات المعادن النادرة، وهذا الأمر يعزز هيمنة الصين على سلاسل التوريد هذه، وينشئ اختناقات ونقاط ضعف للولايات المتحدة والمنافسين الآخرين.
اقرأ أيضاًأكدها تقرير للبنك الدولي.. معلومات الوزراء: عوائق تحول دون الوصول للاقتصاد الرقمي في الدول النامية
اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 80 مليار جنيه
عائد شهري ثابت من بنك مصر.. تفاصيل شهادات الادخار الأكثر جاذبية لعام 2025
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الولايات المتحدة الصين الاقتصاد العالمي الرسوم الجمركية سلاسل التوريد المعادن النادرة سلاسل التورید
إقرأ أيضاً:
مرحبا بعصر الصين
وسط هذا الصراع العالمى المخيف من حروب واضطرابات داخلية كمنطقة الشرق الأوسط الملتهبة وحرب روسيا وأوكرانيا ودخول دول الاتحاد الأوروبى فى هذا الصراع وتدخل امريكا فى كافة الملفات الدولية بفرض الهيمنة والسيطرة وارادتها على مسار تلك الصراعات وتبقى الصين تعمل فى صمت، فبعد أن أصبحت مصنع العالم وفرضت سيطرتها الاقتصادية باعتبارها أكبر مصدر، حيث تشكل صادراتها أكثر من ٤ ترليون دولار لم تكتفى بهذا السبق وتلك الريادة ولكنها رسمت لنفسها سياسة استراتيجية ثابتة لتحقيق نجاح مستدام لتفوق لا تستطيع دولة من اللحوق بها ووضعت الخطط لتتربع على عرش العالم الاقتصادى دون منافس، وكان لمشروع شى جين بينج التحديث الصينى النمط الذى يحقق التوازن بين الحضارتين المادية والمعنوية ويحترم التنوع الحضارى ويكرس القيم المشتركة ويعزز التبادل والتعاون الإنسانى على المستوى الدولى ويعمل على انتعاش اقتصاد العالم، وكان من أولوياته التحديث المستمر مع الاستقلالية واستكشاف المستقبل، فتفوقت الصين فى كافة الصناعات من الإبرة إلى الفضاء الخارجى وكرست أبحاثها على المستقبل وتقنياته فأولت أهمية كبرى للطاقة النظيفة والمتجددة وأصبحت تنتج ٦٠% من السيارات الكهربائية المنتجة عالميا وعلوم الفضاء وسيطرة على ٩٠% من العناصر الأرضية النادرة التى هى عبارة عن ١٧ عنصرا كيميائيًا، وقد سميت نادرة ليس لقلة وجودها فى القشرة الأرضية فهى متوفرة نسبيًا بل لصعوبة العثور عليها بتراكيز عالية قابلة للاستخراج الاقتصادى ولتعقيد عملية فصلها ومعالجتها، وهى سلسلة اللانثانيدات الـ١٥ بالإضافة إلى عنصرى السكانديوم والإيتريوم، وتلك العناصر النادرة حيوية وضرورية فى العديد من التقنيات المتقدمة والصناعات الحديثة فى الإلكترونيات والتقنيات العالية كتصنيع الهواتف الذكية وشاشات العرض والأقراص الصلبة وتستخدم فى إنتاج المغناطيسات الدائمة عالية الأداء وتستخدم فى البطاريات والمغناطيسات لمحركات السيارات الكهربائية والهجينة وتستخدم لإنتاج المغناطيسات القوية فى توربينات الرياح والطاقة الكهرومائية، كما أنها من المكونات الأساسية لأنظمة الأسلحة الموجهة بدقة وأجهزة الرؤية الليلية ومعدات الاتصالات والـ «جى بى إس» ونظام تحديد المواقع العالمى وتستخدم فى المجال الطبى فى الأجهزة الدقيقة، فيستخدم الجادولينيوم كعامل تباين فى فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسى، كما يستخدم الايتريوم فى علاج بعض أنواع السرطان وفى صناعة الزجاج البصرى الخاص والمحولات الحفازة فى السيارات وسبائك المعادن المتقدمة، ولا شك أن الصين أدركت منذ سنوات ضرورة الاستحواذ على هذا القطاع المهم الذى يتحكم فى إنتاج صناعات استراتيجية وعسكرية وتكنولوجية متقدمة، وباتت تملك السيطرة على ٩٠% من إنتاج تلك العناصر ووضعت هذا العام قواعد وإجراءات حمائية لحظر تصدير تلك المواد النادرة وذلك يعزز الموقف الاقتصادى ويرسخ أقدامها فى عالم الغد القريب فى أن تكون هى القوة الاقتصادية الأولى المهيمنة على الاقتصاد العالمى لسنوات طويلة، ويكون هذا العصر هو انفراد تام للصين فى سيادة اقتصادية مفردة ولقد مهدت لذلك بطريق الحرير وسلاسل إمداد وبنية تحتية وشراكة اقتصادية مع دول الجنوب وأفريقيا ودول البريكس ودول منظمة شنجهاى بأكثر من ٩٠٠ ترليون دولار، وجدير بالذكر أن ما تم ذكره جزء يسير من منظومة شاملة تعمل بخطط مدروسة لمشروع التحديث الصينى النمط الذى سنعرض له فى مقال آخر.. وللحديث بقية.