الرقابة المالية: الالتزام بالمعايير الدولية هو أساس ثقة المستثمرين واستدامة الأسواق
تاريخ النشر: 23rd, November 2025 GMT
ألقى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، ورئيس لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC)، محاضرة افتراضية أمام المشاركين في البرنامج التدريبي الذي تنظمه كلية ديكسون بوون للقانون التابعة لكلية Kings College London، بصفته نائب رئيس المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، تناولت الدور العالمي للمنظمة في وضع المعايير المنظمة لأسواق الأوراق المالية، وأولويات عملها تجاه الأسواق النامية والناشئة.
ويقدّم برنامج Navigating International Financial Regulation and Compliance رؤية متكاملة للإطار المنظّم للأسواق المالية، من خلال توضيح القواعد الأساسية والمعايير الدولية الصادرة عن الهيئات العالمية، وعلى رأسها لجنة بازل للرقابة المصرفية (BCBS) ومجلس الاستقرار المالي (FSB) ومجموعة العمل المالي (FATF) والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، مع بيان كيفية انعكاس هذه المعايير على التشريعات.
كما يتناول البرنامج تحليلًا معمّقًا لأهم المنتجات المالية، مثل الأصول المشفّرة والأوراق المالية والسندات والأوراق المالية المدعومة بالأصول والمشتقات والقروض المشتركة، مستعرضًا تأثير المتطلبات الرقابية على هيكلتها وتداولها وإدارة مخاطرها في ضوء الدروس التي فرضتها الأزمة المالية العالمية، بما يعزّز قدرة المتخصصين على التعامل بكفاءة مع الأدوات المالية المعقدة ضمن بيئة تنظيمية متطورة.
واستهل الدكتور فريد محاضرته بالإعراب عن تقديره للمشاركة في البرنامج الذي تقدمه ضKings College London التي حصل منها على درجة ماجيستير القانون، ثم استعرض جانبًا من مسيرته المهنية في مجالات الرقابة المالية والأوساط الأكاديمية، موضحًا أن المحاضرة تأتي في إطار دعم الجهود العالمية لبناء قدرات الجهات الرقابية وتبادل الخبرات حول أفضل الممارسات التنظيمية. وأكد أن تعزيز استقرار الأسواق المالية يبدأ من الالتزام بمعايير دولية واضحة وشفافة، قائلًا: "لا يمكن للأسواق أن تحافظ على ثقة المستثمرين أو أن تتطور بصورة مستدامة دون الإفصاح الجيد والالتزام بالمعايير؛ فالإفصاح هو حجر الأساس للاستقرار المالي، والبوابة الأولى لجذب الاستثمارات".
وتناول الدكتور فريد الدور الذي تلعبه (IOSCO) منذ تأسيسها، بوصفها المظلة الدولية التي تضم جهات رقابية تشرف على أكثر من 95% من أسواق الأوراق المالية حول العالم.
وأوضح أن مبادئ المنظمة الـ 38 تُعد من أهم المعايير المُعترف بها عالميًا من جانب مجموعة العشرين ومجلس الاستقرار المالي وصندوق النقد الدولي والبنك الدوليين، مشيرًا إلى أن تأثير (IOSCO) يتعاظم بفضل قدرتها على بناء التوافق بين الجهات الرقابية رغم اختلاف الأطر التشريعية ومستويات التطور في الأسواق.
وأشار رئيس هيئة الرقابة المالية إلى أن المعايير التي تصدرها (IOSCO) تغطي كافة مكونات السوق، بداية من الجهات الرقابية، مرورًا بالمُصدِرين والمراجعين وشركات التصنيف الائتماني وصناديق الاستثمار والوسطاء، وصولًا إلى الأسواق الثانوية والمقاصة والتسوية.
وأكد أن هذه المعايير تُعد ركنًا أساسيًا في حماية المستثمرين وضمان عدالة وكفاءة الأسواق والحد من المخاطر النظامية.
وتناول الدكتور فريد آليات وضع هذه المعايير عبر اللجان السياسية الـ 8 داخل المنظمة، والتي تعتمد على التشاور الموسع بين الأعضاء وأصحاب المصلحة.
واستعرض أحدث أعمال المنظمة، بما يشمل التقارير حول الإفصاح في الأسواق الثانوية والمخاطر التشغيلية وتنظيم الأصول المشفرة والتحديات التي تواجه الأسواق الناشئة، مشددًا: "تكتسب المعايير قيمتها الحقيقية عند التنفيذ، ولهذا تركز (IOSCO) بشكل كبير على متابعة التطبيق ورصد التحديات ودعم الممارسات الجيدة بين الدول الأعضاء".
وفي هذا السياق، استعرض الدكتور فريد جهود لجنة التقييم وبرامج متابعة التنفيذ (ISIM)، موضحًا ما كشفت عنه من تفاوتات في تطبيق بعض المبادئ المتعلقة بالمخاطر النظامية وتبادل المعلومات، إضافة إلى نتائج المراجعات المشتركة بين (IOSCO) ومجلس الاستقرار المالي (FSB) حول الأصول والعملات المستقرة، والتي أبرزت الحاجة إلى تعزيز الاتساق العالمي والتعاون عبر الحدود وتطوير آليات الإنفاذ.
كما تطرقت المحاضرة إلى برنامج بناء القدرات (NEXTGEN) الذي أطلقته (IOSCO) في عام 2024، والذي يهدف إلى دعم الأسواق النامية من خلال برامج تدريبية متخصصة، وتقويم عالمي للبرامج التدريبية، ومجتمع معرفي رقمي، وقاعدة خبراء واسعة، بالتعاون مع مؤسسات دولية منها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومركز تورونتو، وغيرهم.
وأوضح أن البرنامج يمثل نقلة نوعية في جهود تطوير القدرات الرقابية، لا سيما في مجالات التكنولوجيا المالية وتطوير الأسواق والاستدامة.
وخصص الدكتور فريد جزءًا مهمًا من محاضرته لاستعراض آليات التعاون داخل (IOSCO)، بما يشمل مذكرات التفاهم متعددة الأطراف والمذكرة المعززة، فضلًا عن عمل اللجان الإقليمية (AMERC) و(APRC) و(ERC) و(IARC) و(GEMC)، التي تتيح تعاونا أقوى بين الجهات الرقابية. وأكد أن الأسواق الناشئة تمثل محورًا رئيسيًا في مستقبل المنظمة، وأن لجنة (GEMC) تعمل على تعزيز صوت هذه الأسواق في عملية إعداد المعايير الدولية.
وتناول الدكتور فريد المبادرات الرئيسية للجنة (GEMC)، وفي مقدمتها تقرير تطوير أسواق المال في الدول الناشئة الصادر لصالح مجموعة العشرين عام 2020، والذي تناول التحديات المتعلقة بالأطر القانونية والحوكمة والسيولة وضعف أسواق السندات، مقدمًا توصيات حول بناء القدرات وتسلسل الإصلاحات ودور التكنولوجيا المالية في دعم التطوير.
كما عرض جهود اللجنة بشأن ميسرات الابتكار، بما في ذلك المختبرات التنظيمية والمسرعات، والتوصيات الخاصة بتحقيق تنظيم متوازن يدعم الابتكار ويحد من المخاطر، إضافة إلى مبادرات الشمول المالي ودور التكنولوجيا المالية في تعزيز الوصول وخفض التكلفة ورفع الشفافية وبناء الشراكات.
كما استعرض الدكتور فريد شبكة (GEMC) لاعتماد معايير الإفصاحات المتعلقة بالاستدامة (ISSB)، التي أطلقتها اللجنة في ديسمبر 2024 لدعم الدول الناشئة في تبني هذه المعايير من خلال ورش تدريبية ومساعدات فنية وتبادل الخبرات.
واختتم الدكتور فريد محاضرته بالتأكيد على الدور المركزي الذي تقوم به (IOSCO) في تعزيز سلامة الأسواق المالية العالمية من خلال تطوير المعايير ومتابعة تنفيذها وبناء القدرات وتعزيز التعاون الدولي، مشيرًا إلى أن احتياجات الأسواق الناشئة تشكل ركيزة رئيسية في مستقبل التنظيم المالي العالمي.
وقال: "إن قوة الأسواق تكمن في قدرتها على التطور المستمر، والالتزام بالمعايير، وتبني الابتكار، والعمل المشترك عبر الحدود. ومن خلال (IOSCO) ولجانها المتخصصة، سنواصل العمل لضمان أسواق أكثر شفافية وكفاءة واستدامة بما يخدم المستثمرين والاقتصادات حول العالم".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الهيئة العامة للرقابة المالية لجنة الأسواق النامية والناشئة GEMC اخبار مصر مال واعمال الأسواق النامیة الجهات الرقابیة الرقابة المالیة الأوراق المالیة هذه المعاییر الدکتور فرید من خلال
إقرأ أيضاً:
مناقشة دور الرقابة الدستورية في تفعيل التوجيهات الإرشادية التي تتضمنها الدساتير
انطلق الاجتماع الأول لمركز البحوث والدراسات الدستورية للدول الإفريقية، المنعقدة بمقر المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة، بعقد حلقة نقاشية متخصصة حول موضوع «دور الرقابة الدستورية في تفعيل التوجيهات الإرشادية التي تتضمنها الدساتير»، في إطار الدور الريادي الذي تضطلع به المحكمة الدستورية العليا بجمهورية مصر العربية في دعم مسيرة القضاء الدستوري بالقارة الإفريقية، وعلى مدار يومين.
تأتي هذه الفعالية الافتتاحية بإشراف المستشار بولس فهمي إسكندر، رئيس المحكمة الدستورية العليا، وبحضور رئيس المجلس الدستوري البوركينى ورئيس المحكمة الدستورية المالي، ورئيس محكمة الدولة بالنيجر، وذلك تعزيزًا للشراكة الدستورية بين الدول الإفريقية، وترسيخًا لدور المركز كمنصة للتواصل العلمي وتبادل الرؤى حول كيفية تعامل القضاء الدستوري مع النصوص ذات الطابع التوجيهي، مثل مكافحة الفقر، ورعاية الشباب، ومحاربة الأمية.
شارك في الاجتماع المستشار الدكتور محمد عماد النجار، أمين عام المركز، ونواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، إلى جانب عميد كلية الحقوق جامعة المنصورة، أستاذ القانون العام بها، وعرضوا أهم التجارب المقارنة، وناقشوا الاتجاهات المختلفة في الرقابة على هذه الفئة من النصوص الدستورية.
واختتم الاجتماع أعماله بتأكيد رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية، لرؤساء الهيئات القضائية للساحل الأفريقي، على تقديم المحكمة كل أنواع الدعم القضائي لهذه الهيئات في انجاز ما يعرض عليهم من مشكلات دستورية.