وزير الزراعة: الرئيس السيسي وضع سيناء على أولويات الدولة نحو الجمهورية الجديدة
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
أكد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السيد القصير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع سيناء على قائمة أولويات الدولة المصرية نحو جمهورية جديدة شعارها "تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة"، تستهدف تحقيق الاستقرار لأهالينا في سيناء الطيبة والقضاء على مظاهر العشوائية مع زيادة فرص العمل والتشغيل وتحسين مستوى المعيشة.
جاء ذلك في كلمة لوزير الزراعة، ضمن احتفالية توزيع العقود المؤمنة للمنتفعين بالأراضي الزراعية في شبه جزيرة سيناء.
وقال وزير الزراعة - في كلمته - "دعونا نفخر جميعا بتواجدنا اليوم في هذا الحدث على أرض سيناء الطيبة قلب مصر وبوابة مصر الشرقية وبعدها الاستراتيجي لحماية سلام وأمن مصر القومي وننتهز هذه المناسبة لتوجيه تحية إعزاز وتقدير من هذا المكان وفي هذا الحدث الهام للقيادة السياسية على ما قدمته من جهود مضنية ومخلصة لتحقيق الأمن والأمان والقضاء على الإرهاب والذي تم بفضل الله ثم أيضا بفضل القوات المسلحة المصرية الباسلة والشرطة المصرية وأهل سيناء الأبطال وبفضل التضحيات والبطولات التي قدموها خلال الحرب على الإرهاب في السنوات العشر الماضية، والتي ستظل مصدر فخر وكبرياء لكل الأجيال القادمة".
وأضاف: "دعونا أيضا في هذا اليوم العظيم أن نقدم تحية تقدير وعرفان لأرواح شهداء مصر الخالدين الذين دفعوا ضريبة الدم فداء للوطن وأيضا تحية تقدير وإعزاز إلى كل المصابين الذين قدموا أجسادهم وصحتهم دفاعا عن هذا الوطن العظيم".
وأكد القصير أن سيناء لم تشهد في الفترة ما قبل العشر سنوات الأخيرة التنمية مثلما شهدته في هذه السنوات، وكان سببا رئيسيا في ذلك ارتفاع تكاليف التنمية، وأيضا لوجود الإرهاب الأسود والذي كان دائما يعوق التنمية ويعوق حياة الناس على أرض سيناء الطيبة.
وأشار إلى إقامة مجتمعات تنموية متكاملة تقدم كل الخدمات، بالإضافة إلى الإسراع بدمج أبناء سيناء وبما يزيد من دورهم في تنفيذ محور التنمية الشاملة المتكاملة الارتقاء ببناء قدرات أهالينا في سيناء ورفع مستوى قدراتهم الإنتاجية، مع ضمان حماية سيناء باعتبارها بوابة مصر الشرقية من أي مظاهر لعودة الإرهاب مرة أخرى باعتباره المعوق الرئيسي للتنمية.
وتابع "لقد تبنت القيادة السياسية محور القضاء على الإرهاب بكل أشكاله والذي كان من نتائجه تواجدنا جميعا هنا، وفي ذات الوقت وجهت القيادة السياسية أيضا الحكومة إلى أهمية صياغة مسار تنموي متطور يشمل كل ربوع سيناء، مع أهمية دعم المجتمع السيناوي وزيادة مساحة التطوير الحضاري مع إنهاء مظاهر العشوائية في إطار استراتيجية قومية لتعمير وتنمية سيناء والدفع بتعظيم استخدام الموارد الطبيعية الموجودة على هذه الأرض تحقيقا للتنمية الشاملة والارتقاء بأوضاع أهالينا في سيناء من خلال تهيئة البنية التحتية اللازمة والبيئة المناسبة لتحقيق التنمية المستهدفة".
ولفت الوزير إلى أن حجم مشروعات التنمية التي تتم على أرض سيناء في كل المجالات وعلى كل المحاور تفوق الوصف من شبكات طرق ومحطات كهربائية وبنية أساسية ومحطات معالجة مياه الصرف الزراعي لإيجاد مصادر لزراعة واستصلاح حوالي 500 ألف فدان، كما تشمل خطوطا لمد شبكات المياه ومحطات الرفع وتدعيم البنية التحتية المرتبطة بالتعليم والصحة والتوسع في مشروعات الحماية الاجتماعية لتدعيم الفئات الأولى بالرعاية، وغيرها من المشروعات في المحاور المختلفة، والتي كلفت الدولة مليارات الجنيهات، حيث أشارت التقارير والبيانات إلى أن الدولة المصرية أنفقت خلال فترة العشر سنوات الماضية ما يزيد عن 750 مليار جنيه على مشروعات التنمية في سيناء وهي أرقام ومشروعات يجب أن يقف أمامها الإنسان المتابع بكل تقدير واحترام واعتزاز.
وأضاف القصير أن ما تحقق من نهضة زراعية وما شهدته البلاد من تدعيم لملف الأمن الغذائي لم يسبق له مثيل في أي فترات مضت سواء فيما يخص مشروعات التوسع الأفقي واستصلاح الصحراء في وقت يفقد فيه العالم ملايين الهكتارات سنويا بسبب التصحر والتغيرات المناخية، إضافة لمحور تعظيم الاستفادة من كفاءة الموارد المائية من خلال إقامة محطات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعي وتبني محور التوسع الرأسي لزيادة الإنتاجية ومشروعات الصوب الزراعية لتضييق الفجوات وزيادة الإنتاجية من وحدة المساحة وتحقيق العديد من المنافع من جراء ذلك.
واستعرض وزير الزراعة بعض ما شهدته سيناء من المشروعات المرتبطة بالزراعة، على سبيل المثال مشروع تنمية شمال ووسط سيناء والذي يستهدف استصلاح واستزراع حوالي 500 ألف فدان، ما يسهم في زيادة الرقعة الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي من خلال إنشاء محطات التحلية والمعالجة لتعظيم الاستفادة من مياه الصرف الزراعي، حيث تم تنفيذ محطة تحلية مياه مصرف بحر البقر بقدرة حوالي 5.6 مليون متر مكعب معالج / يوم وقد تم تسجيلها بموسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكبر محطة معالجة في العالم، كما تم تنفيذ محطة المحسمة بقدرة 1.2 مليون م3 في اليوم وحصلت على جائزة أفضل مشروع في العالم لعام 2019، وأيضا مشروع إنشاء التجمعات الزراعية المتكاملة، بتكلفة تجاوزت 6 مليارات جنيه من خلال إنشاء 17 تجمعا زراعيا متكاملا منها 11 تجمعا بشمال سيناء، استهدفت توفير فرص عمل دائمة لأكثر من 6 آلاف فرصة عمل مباشرة للشباب وحوالي 20 ألف فرصة عمل غير مباشرة لخدمة أكثر من 2100 أسرة بهدف تحقيق الاستقرار المعيشي والسكني لأصحابها أيضا، وكذلك مشروع إنشاء 3 مراكز للخدمات الزراعية المتكاملة منها مركزان في شمال سيناء ( النثيلة - الديفيدف) ومركز في جنوب سيناء (سهل القاع) لخدمة مشروعات التجمعات الزراعية بسيناء بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 600 مليون جنيه.
وأوضح أن وزارة الزراعة تقدم أيضا الدعم في شكل مشروعات إنتاج حيواني وداجني ومحطات طاقة شمسية وأعلاف وميكنة زراعية ومشروعات أخرى مرتبطة بالإنتاج الزراعي لأهالي سيناء الأولى بالرعاية، وقد قمنا بالحضور في إحدى هذه الفعاليات بمشاركة محافظ شمال سيناء.
وقال السيد القصير إنه خلال العيد القومي لمحافظة شمال سيناء عام 2023 وأثناء افتتاح موسم الصيد ببحيرة البردويل بحضور محافظ شمال سيناء والقيادات التنفيذية بالمحافظة، تم إعادة تشغيل مزرعة أم الشيحان بمركز بئر العبد لاستخدامها كوحدة تفريخ واستزراع، وإعداد خطة لتدريب العاملين بها في مجال الاستزراع والتفريخ.
ووعد القصير خلال الفترة القادمة بتوجيه أجهزة وزارة الزراعة لتوفير كل الدعم لأهالينا في شمال سيناء، تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتقديم كل الدعم وتذليل أي عقبات تحول دون الإسراع بمعدلات التنمية ودمج أبناء سيناء.
كما استعرض المشروعات المستقبلية في سيناء منها' الإسراع في تنفيذ التوجيه للانتهاء من حصر التواجدات على مساحة الـ 109 آلاف فدان تمهيدا لتسريع إجراءات صرف التعويضات والدفع بقوافل ومنافذ السلع الغذائية والزراعية المتحركة اعتبارا من شهر سبتمبر الحالي.. مشيرا إلى أنه سيتم التنسيق مع محافظ شمال سيناء في التوقيت والمناطق التي سيتم تواجد القافلة بها، وكذلك الاهتمام بقوافل بيطرية شاملة كل التخصصات لتدعيم وحماية الثروة الحيوانية والداجنة لأهالينا في سيناء تدعيما لاستدامة هذه المشروعات، مع الاستمرار في تقديم الدعم في شكل مشروعات إنتاج حيواني وداجني وطاقة شمسية ومعدات زراعية وأعلاف على غرار ما سبق أن تم تقديمه للأسر التي تحتاج لهذا الدعم، وذلك بالتنسيق مع محافظ شمال سيناء، وأيضا استمرار تزويد المحافظة ب20 ألف شتلة زيتون وأي شتلات أخرى تحتاجها المحافظة وتناسب البيئة الزراعية بها وسيتم الترتيب بشأنها مع مديرية الزراعة بشمال سيناء والمحافظة.
وتابع أنه سيتم توجيه كل المراكز البحثية التابعة للوزارة ومديرية الزراعة بزيادة التواجد وتقديم كل الإرشاد لأصحاب المشروعات الزراعية في سيناء، مع التوسع في تنفيذ أنشطة تطبيقية بحثية لرفع مستوى الإنتاجية وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية، خاصة في مجال حصاد مياه الأمطار وتنمية وزراعة الوديان وانتخاب السلالات الحيوانية المناسبة للبيئة السيناوية والتوسع في زراعة النباتات الطبية والعطرية، وأيضا الاستمرار في تكثيف كل الجهود في تنفيذ التوجيه الرئاسي للانتهاء من كافة العقود وبالأسلوب المؤمن، تدعيما لمحور التنمية وزيادة الإنتاجية وفرص العمل، وبما يسهم في الإسراع بمعدلات التنمية.
وأوضح الوزير أنه سيتم توزيع العقود المؤمنة للمتواجدين بالأراضي في شبه جزيرة سيناء طبقا للتوجيهات الرئاسية.. لافتا إلى أنه تم الانتهاء من طباعة 1260 عقدا مؤمنا، وسوف يتم تسليم 300 عقد منها كمرحلة أولى في هذه الاحتفالية الكريمة، بخلاف ما سبق تسليمه (1037 عقدا)، وسوف يتم التركيز في الفترة القادمة للانتهاء من تسليم باقي العقود في أسرع وقت ممكن، ما يسهم في تمكين المنتفعين من أصحاب العقود بالاستفادة بالخدمات المتعددة، ومنها الحصول على كارت الفلاح لصرف الأسمدة والتقاوي وضمان وتسهيل التعاون مع البنوك وخاصة البنك الزراعي المصري، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات تكوين الجمعيات الزراعية بما تقدمه من دعم لأعضائها.
وفي ختام كلمته، أكد وزير الزراعة أن قطار التنمية مازال مستمرا في كل المجالات وفي كل ربوع الوطن.
اقرأ أيضاًوزير الزراعة يتابع تطوير منظومة كارت الفلاح وحوكمة الأسمدة
وزير الزراعة يبحث النهوض بقطاع النباتات الطبية والعطرية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: البنك الزراعي المصري التنمية الزراعية الرئيس السيسي الرئيس عبد الفتاح السيسي الموارد الطبيعية حصاد مياه الأمطار قطار التنمية محافظة شمال سيناء وزير الزراعة محافظ شمال سیناء وزیر الزراعة فی سیناء فی تنفیذ من خلال إلى أن
إقرأ أيضاً:
«النيل ملكية مشتركة».. نص كلمة الرئيس السيسي في افتتاح أسبوع القاهرة الثامن للمياه
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة مُسجلة، خلال الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة الثامن للمياه، الذي انطلق اليوم تحت شعار «الحلول المبتكرة، من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية، واستدامة الموارد المائية»، وذلك بمشاركة واسعة من وزراء، وصناع القرار، وخبراء دوليين، وممثلي المنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني.
وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس:
«بسم الله الرحمن الرحيم.. معالى السادة الوزراء.. السادة رؤساء الوفود.. السادة ممثلي الوفود والمنظمات.. السيدات والسادة، يسعدني أن أرحب بكم، فى أرض الكنانة «مصر».. هبة النيل، أرض النهر الخالد، شريان الحياة، الذى يربط ماضينا بحاضرنا وبمستقبل أجيالنا.. وذلك بمناسبة انعقاد الدورة الثامنة من "أسبوع القاهرة للمياه»، ذلك الحدث السنوي، الذى أصبح منارة فكرية، ومركزا عالميا للحوار والتعاون، حيث تتلاقى الرؤى وتتوحد الإرادات، من أجل قضية مصيرية، ألا وهي «حماية المياه»، لأنها سر الحياة وأصل الوجود.
ويعقد هذا الحدث، تحت شعار «الحلول المبتكرة، من أجل القدرة على الصمود أمام التغيرات المناخية، واستدامة الموارد المائية»، إيمانا منا بأن قضية المياه، لم تعد شأنا محليا أو إقليميا فحسب، بل قضية عالمية، تتطلب تكثيف التعاون الدولى، وتضافر الجهود لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، لهذا المورد الوجودي.
السيدات والسادة، إن العالم يواجه تحديات متعددة ومتشعبة، تتعلق بتزايد الطلب على المياه، وشح الموارد المائية، وعدم كفاية مشروعات تنقية المياه وتوفير المياه النظيفة، وسوء إدارة الموارد المائية، فضلا عن التداعيات الخطيرة لتغير المناخ، والحاجة الملحة إلى تعزيز التعاون العابر للحدود، في إدارة الموارد المشتركة.
ولا تعد قارتنا الإفريقية، بمنأي عن هذه التحديات، فهي ثاني أكثر قارات العالم جفافا، ويعانى أكثر من 300 مليون مواطن إفريقي، من صعوبة الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، وفقا لتقارير الأمم المتحدة، وهو ما يشكل أزمة وجودية، فى ظل التغيرات المناخية، وضعف الإمكانات، وغياب الحلول الفعالة، كما يعد عالمنا العربي، من أكثر مناطق العالم ندرة في الأمطار، ويعتمد فى أغلب موارده المائية، على مصادر خارج حدوده.
الحضور الكريم، إن مصر تواجه تحديات جسيمة في ملف المياه، حيث تعد المياه قضية وجودية، تمس حياة أكثر من مائة مليون مواطن، يعتمدون بنسبة تفوق 98%، على مصدر واحد، ينبع من خارج الحدود، هو نهر النيل، وتصنف مصر، ضمن الدول الأكثر ندرة في المياه، إذ لا يتجاوز معدل الأمطار السنوي، 1.3 مليار متر مكعب، ويبلغ نصيب الفرد نحو 500 متر مكعب سنويا، أي نصف خط الفقر المائي العالمي.
ومن هذا المنطلق، تحتل قضية توفير المياه النظيفة، مكانة متقدمة في أجندة العمل الوطني، خاصة فى ظل النمو السكاني المتسارع، وارتفاع الطلب على الموارد، وتهديدات التغير المناخي، على دلتا النيل وسواحلنا الشمالية.
وانطلاقا من هذه التحديات، جاء جيل جديد لمنظومة الري المصرية، ليجسد التحول نحو إدارة متكاملة ومستدامة للموارد المائية، وقد بدأ هذا الجيل، بمشروعات إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، من خلال إنشاء ثلاث محطات كبرى: هي بحر البقر والمحسمة والدلتا الجديدة، والتي تعد من أكبر مشروعات إعادة الاستخدام على مستوى العالم، وأسهمت فى توفير موارد مائية إضافية، لدعم خطط التوسع الزراعي واستصلاح الأراضي.
كما تضمنت الجهود، تأهيل شبكات الترع، لرفع كفاءة نقل وتوزيع المياه، والتوسع في تطبيق نظم الري الحديثة، إلى جانب تنفيذ مشروعات حماية السواحل، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
كما شملت الجهود، إدارة الموارد المائية بالاعتماد على أحدث التقنيات، التي تمثل نقلة نوعية فى الإدارة الذكية والمستدامة للموارد المائية، من خلال دمج التكنولوجيا والابتكار، فى جميع مراحل إدارة المياه.
السيدات والسادة، إن هذه الجهود الوطنية، لن تؤتى ثمارها دون تعاون دولي فعال، يضمن حق الإنسان في الحصول على مياه نظيفة، باعتباره أحد الحقوق الأساسية، وتجسيدا لأهداف التنمية المستدامة.
ومن هذا المنطلق، حرصت مصر على إدراج ملف المياه، ضمن أولويات المجتمع الدولي، فكان إدراج موضوعات المياه لأول مرة، في مؤتمرات المناخ العالمية، خلال استضافة مصر لقمة المناخ (COP27)، بشرم الشيخ في نوفمبر 2022.
وخلال القمة، أطلقت مصر «مبادرة التكيف والصمود في قطاع المياه»، بالتعاون مع اليونسكو والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بهدف تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، ودعم الدول النامية في مواجهة التحديات المائية والمناخية، عبر مشروعات واقعية تعكس تطلعات إفريقيا، وآمال الشعوب العربية، وطموحات دول الجنوب، وتكرس مبادئ العدالة والإنصاف في إدارة الموارد.
وإيمانًا بروح التضامن الإفريقي، مدت مصر يد العون لأشقائها في القارة، لاسيما دول حوض النيل، عبر تنفيذ مشروعات تنموية شملت: حفر آبار مياه جوفية تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء منشآت لحصاد مياه الأمطار، وتطوير مراكز للتنبؤ والإنذار المبكر، ونشر تقنيات الري الحديث. كما أولت اهتمامًا خاصًا ببناء القدرات، من خلال برامج تدريبية سنوية في "مركز التدريب الإفريقي للمياه والتكيف المناخي"، لتأهيل الكوادر الإفريقية.
وفي السياق ذاته، تدافع مصر عن مصالح أشقائها الأفارقة في المحافل الدولية، انطلاقًا من إيمانها بأن العدالة المناخية والمائية لن تتحقق إلا إذا كان للقارة الإفريقية صوت مسموع ومكانة مستحقة على مائدة القرار الدولي.
السيدات والسادة الكرام، إن مصر تؤمن إيمانًا لا يتزعزع، بأن الأنهار الدولية لم تُخلق لتكون خطوطًا تفصل بين الأوطان، بل شرايين حياة تنبض بالتكامل، وجسورًا من التعاون تربط الشعوب وتوحد المصائر. فالأمن المائي ليس ترفًا، والتنمية المستدامة ليست خيارًا، بل هما حقان أصيلان لا يُصانان إلا من خلال شراكة عادلة قائمة على مبادئ القانون الدولي، تجسد روح المنفعة المتبادلة، وتُعلي من شأن عدم الإضرار، وتُقر بأن الحق في الانتفاع يقترن دومًا بالواجب في احترام الحقوق.
ومن هذا المنطلق، تعلن مصر بكل وضوح وحزم، رفضها القاطع لأي إجراءات أحادية تُتخذ على نهر النيل، تتجاهل الأعراف والاتفاقات الدولية، وتهدد مصالح شعوب الحوض، وتقوض أسس العدالة والاستقرار. فالتنمية ليست امتيازًا لدولة بعينها، بل مسؤولية جماعية لكافة شعوب النهر، وحق يُصان بالتعاون، لا بالتفرد.
لقد انتهجت مصر على مدار أربعة عشر عامًا، من التفاوض المضني مع الجانب الإثيوبي، مسارًا دبلوماسيًا نزيهًا اتسم بالحكمة والرصانة، وسعت فيه بكل جدية إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن السد الإثيوبي، يراعي مصالح الجميع، ويحقق التوازن بين الحقوق والواجبات. وقدمت مصر خلال هذه السنوات العديد من البدائل الفنية الرصينة التي تلبي الأهداف المعلنة لإثيوبيا، كما تحفظ مصالح دولتي المصب، إلا أن هذه الجهود قُوبلت بتعنت لا يُفسَّر إلا بغياب الإرادة السياسية، وسعي لفرض الأمر الواقع، مدفوعة باعتبارات سياسية ضيقة بعيدة عن احتياجات التنمية الفعلية، فضلًا عن مزاعم باطلة بالسيادة المنفردة على نهر النيل، بينما الحقيقة الثابتة أن النيل ملكية مشتركة لكافة دوله المتشاطئة، ومورد جماعي لا يُحتكَر.
ومرت أيام قليلة على بدء تدشين السد الإثيوبي، وثبت بالدليل الفعلي صحة مطالبتنا بضرورة وجود اتفاق قانوني ومُلزِم لأطرافه، لتنظيم تشغيل هذا السد.ففي الأيام القليلة الماضية، تسببت إثيوبيا، من خلال إدارتها غير المنضبطة للسد، في إحداث أضرار بدولتي المصب، نتيجة التدفقات غير المنتظمة، والتي صُرِّفت دون أي إخطار أو تنسيق مع دولتي المصب، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي بصفة عامة، والقارة الإفريقية بصفة خاصة، مواجهة مثل هذه التصرفات المتهورة من الإدارة الإثيوبية، وضمان تنظيم تصريف المياه من السد، في حالتي الجفاف والفيضان، في إطار الاتفاق الذي تنشده دولتا المصب، وهو السبيل الوحيد لتحقيق التوازن بين التنمية الحقيقية لدول المنبع، وعدم الإضرار بدولتي المصب.
السادة الأفاضل، وإذ اختارت مصر طريق الدبلوماسية ولجأت إلى المؤسسات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، فإنها تؤكد أن هذا الخيار لم يكن يومًا ضعفًا أو تراجعًا، بل تعبيرًا عن قوة الموقف، ونضج الرؤية، وإيمان عميق بأن الحوار هو السبيل الأمثل، والتعاون هو الطريق الأجدى، لتحقيق مصالح جميع دول حوض النيل، دون تعريض أي منها للخطر، إلا أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي أمام النهج غير المسؤول الذي تتبعه إثيوبيا، وستتخذ كافة التدابير لحماية مصالحها وأمنها المائي.
الحضور الكريم، إن مستقبل الأمن المائي مرهون بالتعاون الدولي الفعال القائم على الالتزام بقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، علاوة على الاعتماد على التطوير والابتكار والبحث العلمي، فلنكن جميعًا شركاء في تحويل الرؤى إلى واقع، والأفكار إلى مشروعات، والتوصيات إلى مبادرات ملموسة، لنحافظ على الماء، هذا المورد الوجودي، وليكن «أسبوع القاهرة للمياه» نقطة انطلاق حقيقية نحو عالم يكون فيه الماء جسرًا للتعاون، لا ساحة للصراع، ومصدرًا للأمل، لا سببًا للنزاع.
وختامًا، فإنني أدعوكم إلى نقاش جاد وحوار فعال خلال فعاليات هذا الأسبوع، من أجل التوصل إلى حلول مبتكرة تواجه التحديات المتزايدة التي تعصف بمواردنا المائية، والعمل على توفير الأمن المائي لشعوبنا والتنمية لبلادنا.
وفقكم الله، وكلَّل جهودكم بالنجاح والتوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
اقرأ أيضاًتحت رعاية الرئيس السيسي.. انطلاق أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الثامنة
الرئيس السيسي يهنئ ملك إسبانيا بذكرى العيد القومي
عاجل | الرئيس السيسي وترامب يترأسان قمة شرم الشيخ للسلام بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة