الرحلات المدرسية ترفيهية ام تعليمية؟

كانت المدارس بمراحلها المختلفة تنظم برامج رحلات علمية وثقافية لطلابها،كانت هذه الرحلات تستهدف مؤسسات ثقافية وأكاديمية واقتصادية، مثل جامعة الخرطوم ومعهد الكليات التكنولوجية(جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا)مصانع البيبسي والصابون والحلويات وتتزامن هذه الرحلات مع الاسابيع الثقافية التي تنظمها روابط الخريجين الطلاب،مع عمادة الكليات وتهدف لتحفيز طلاب المدارس وتهيئتهم للالتحاق بالجامعات.

كنت أفضل الرحلات التي تذهب الى الاذاعة السودانية والتلفزيون وكلية الفنون الجميلة والمسرح القومي وأستمتع بها ايما استمتاع ولا أحب برامج التي ينظمها طلاب كليات العلمية كالطب والهندسة والعلوم بجامعة الخرطوم والسودان وأعتقد ادارة المدرسة كانت توازن بين اهتمامات الطلاب العلمية والادبية، الثقافية.
كنت أرغب فى دراسة الفنون الجميلة ولعدم وجود معلم لها بالمدرسة واعتراض الاسرة بشدة ،صرفت النظر عن دراستها
ولم اصرف اهتمامي بمناشطها وكنت كثيرا ما اتابع معارض كلية الفنون الجميلة،وفى احدة من الزيارات الى معرض الرسم والتلوين وقفت كثيرا أمام لوحةٍ طغى عليها اللون الاسود، فوقفت طويلا متاملا تلك اللوحة ،لم افهم مغزاها او دلالها لكن تسمّرت أمامها،وعندما طال تاملي جاء شاب يبدو أنه رسامها وللصدفة كان يرتدي قميصا اسودا:-سالنى: أراك وقفت كثيرا أمام اللوحة ؟قلت :نعم !! قال:-جميل، نسعد عندما نجد شخصا مهتما أو متذوقا وهذا جزء من مهمة معارض الفنون أن تخلق حوارا بين الزائرين لرفع الذائقة التشكيلية والوعي بالفنون الجميلة.
سالته: إنجذبت لهذه اللوحة ولم افهم منها شيئا..هل اللوحة تفهم ام تتذوق ؟قال :يبدو لك إهتمام بالفنون بالتشكيلية؟
قلت:كنت اتمنى دراستها لكن لم نؤسس فى المدارس لعدم وجود مدرس للفنون،صرفت نظر عن الموضوع.
بدأ متاسفا لذلك :طالما سالت عن الفهم أوالتذوق فى اللوحة
هذا يعني لديك وعي بالفنون التشكيلية؟
قلت:لست وعيا انما احساس جذبني اليه اللون الاسود.
قال:هذا يعود لدلالات الالوان،لكل لون دلالة تذوقية او معرفية حسب الوظيفة الي يوديها.
لم افهم حديثه وسالته:كيف للالوان دلالة تذوقية؟
قال:تنقسم الالوان الي الوان دافئة تتضمن الألوان البرتقالي، الأصفر والاحمر حيث تُعطي هذه الألوان شعورًا بالدفء نظرًا لكونها ألوان فاتحة بشكل عام،وتمنح أيضًا إحساسًا بالتفاؤل والحماس والشغف وهناك الالوان الباردة وتضمّ الألوان الأخضر،الأزرق،والبنفسجي ودرجاته وهذه الألوان الباردة تعرف بأثرها المهدّئ للنفس وباعثة على الاسترخاء والشعور بالراحة النفسية.وهناك الالوان المحايدة وتضمّ الألوان البنيّ، الأبيض، والأسود والرمادي.
يرتبط اللون الاسود فى ذاكرتي بالحزن والحداد والاحظ ذلك عند المصريين يرتدون فى الوفيات اللون الاسود والمراة عندنا فى السودان تلبس الثوب الابيض عند حزنها على زوجها،هل هناك دلالة ثقافية بين دلالات الالوان والموروثات الثقافية ؟
وبعد التحاقي بمعهد الموسيقي والمسرح وعملي فى التلفزيون بدات ابحث فى دلالات الالوان وأعود بالذاكرة الى اللوحة التي رايتها فى كلية الفنون بلونها الاسود ،فاللون الأسود يمثّل من جهة القوّة والفخامة والتعقيد،ومن جهة أخرى فهو رمز للشرّ والموت والغموض.وتتباين دلالاته من الرسمية والقوة إلى الحزن والحِداد،فالاسود لون قويّ لا مزاح معه.
ومن يومها ادركت أن هذه الالوان تؤدي أدوار مهمة فى حياتنا
زرت مرة احد الاصدقاء فى بيته، وعرف عنه أنه صاحب ذوق وطريقة حياته مغايرة للسائد والمالوف،وجدته يطلي جدران غرفته الخاصة بعدة الوان،كل جنبة من جنبات الغرفة بلونين مختلفين او أكثر فتجد الاحمر والازرق والاصفر والاخضر و الابيض والوردي سالته:ما الفكرة من ذلك ؟
قال:لكل لون وظيفة يؤديهاوالحالة النفسية لاي انسان هي مزيج من الرومانسية والثقة والشباب،الإبداع،وروح المغامرة والنقاء،البساطة، البراءة.التفاؤل،السعادة، والمرح والحيوية والأناقة،الشغف، الإثارة والطاقة.،لذلك طليت غرفة بالوان متعددة ..
كانت المدارس يومذاك تعد الطلاب للنجاح والابداع فى الحياة من خلال برامجها المصاحبة للمناهج الدراسية،فلم تكن المدرسة مجرد مؤسسة للتلقين وإجترار المعلومات،انما كانت تعمل على توظيف المعلومات وربطها بالواقع المعاش،فكانت حصة الجغرافيا المحلية التي تهدف للتعرف على الاماكن داخل القرية او الحي،من أمتع الحصص فى المدرسة بالاضافة للهدايا التي يقدمها صاحب المتجر او الطاحونة للطلاب.

[email protected]
/////////////////////  

المصدر: سودانايل