رحيل محمد هاشم.. صوت النشر الحر صنع أجيالا وأضاء قلب القاهرة الثقافي
تاريخ النشر: 12th, December 2025 GMT
فقدت الساحة الثقافية المصرية اليوم واحدًا من أبرز رموزها وأكثرهم تأثيرًا خلال العقود الثلاثة الأخيرة، برحيل الناشر محمد هاشم، مؤسس دار ميريت وأحد أعمدة حركة النشر المستقل في مصر، ومع إعلان الخبر، عمّت موجة واسعة من الحزن بين الكتّاب والقراء والنشطاء الثقافيين، ممن عرفوا دوره الريادي وشهدوا أثره العميق في تشكيل مشهد أدبي أكثر حرية وجرأة.
أعلن الدكتور أحمد مجاهد، المدير التنفيذي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، خبر الوفاة عبر صفحته على “فيسبوك”، ناعيًا هاشم بكلمات مؤثرة قال فيها: “لا حول ولا قوة إلا بالله، وداعًا للصديق محمد هاشم أحد العلامات البارزة في مسيرة الثقافة والسياسة بمصر”، مضيفًا أنه نشر بالأمس فقط منشورًا يشكو فيه من إصابته بالإنفلونزا التي منعته من حضور خطوبة ابنته.
الخبر وقع كالصاعقة على الوسط الثقافي، فمحمد هاشم لم يكن مجرد ناشر، بل كان شخصية محورية ساهمت في صياغة موجة جديدة من الكتابة المصرية والعربية منذ أواخر التسعينيات.
وُلد محمد هاشم عام 1958 بمدينة طنطا، وبدأ مسيرته المهنية صحفيًا وكاتبًا، جذبته الكتابة منذ سنواته الأولى، لكنه وجد نفسه لاحقًا في موقع أكثر تأثيرًا: موقع الناشر الذي يفتح الباب للأصوات الجديدة ويمنح المساحة للنصوص الخارجة عن المألوف.
في عام 1998، أسس هاشم دار ميريت في وسط القاهرة، في زمن لم تكن فيه حركة النشر المستقل قد نشأت بعد. جاءت ميريت كحلمٍ متمرد، صغير في حجمه، كبير في أثره.
وقد أسسها هاشم بفلسفة واضحة: النشر يجب أن يكون حرًا، محرّرًا من الرقابة والخوف، ومفتوحًا للكتابة التي تُقلق السائد.
ومع السنوات، تحولت ميريت إلى منصة للأصوات الشابة التي كانت تبحث عن مساحة للتعبير، وقدمت كتّابًا صاروا لاحقًا من أبرز أسماء الأدب المصري المعاصر.
تميّز مشروع هاشم بأنه لم يكن تجاريًا بقدر ما كان ثقافيًا مقاومًا، ودار ميريت لم تكن مجرد دار نشر، بل بيتًا مفتوحًا للكتّاب والفنانين. مقرها في وسط البلد أصبح ملتقى أدبيًا يوميًا، تلتقي فيه الأجيال وتتقاطع فيه التيارات الفكرية، وتُصنع فيه – على طاولة صغيرة – التحولات الكبرى في الكتابة الجديدة.
احتضنت الدار نصوصًا جريئة، اجتماعية وسياسية وفنية، ونشرت أعمالًا أثارت نقاشات واسعة، ورفضت الاستسلام للرقابة، وقدّم هاشم عشرات الكتب التي خرجت من النطاق المحلي إلى الشهرة العربية، وكانت سببًا في إطلاق موجة من الأدب المعاصر المتحرر من القوالب التقليدية.
وبفضل روحه الداعمة، تحولت ميريت إلى مدرسة: مدرسة في الحرية، وفي احترام الكاتب، وفي الإيمان بأن الكلمة الصادقة قادرة على تغيير الوعي.
على المستوى الإنساني، كان محمد هاشم شخصية محبوبة، بسيطة، صريحة، لا يخشى قول رأيه، ولا يتردد في دعم موهبة يراها تستحق. كثير من الكتّاب يعتبرون أن بداياتهم الحقيقية كانت على يديه، وأنه كان “اليد الخفية” التي دفعتهم نحو الجرأة والثقة.
لم يسعَ يومًا إلى الأضواء، ولم يتعامل مع الكتابة كسلعة، بل كرسالة. وقد عرف عنه انحيازه الدائم للحريات، ومواقفه السياسية الواضحة دفاعًا عن العدالة وحقوق الإنسان.
برحيل محمد هاشم، تفقد الثقافة المصرية أحد أهم حراس الكلمة الحرة، وواحدًا من أكثر الفاعلين الذين أثّروا في شكل الكتابة ونقلوها إلى آفاق جديدة، لقد بنى ميراثًا ثقافيًا سيظل حاضرًا في الكتب التي نشرها، والكتّاب الذين آمن بهم، والجيل الذي فتح أمامه أبواب النشر الحرّ.
ستظل «ميريت» شاهدة على بصمته، ليس فقط كدار نشر، بل كفكرة… وموقف… ورجل أحب الثقافة بصدق، ودفع ثمن هذا الحب من عمره وصحته وراحته، اليوم يرحل محمد هاشم، لكن أثره باقٍ، صامتًا أحيانًا، مرتفعًا أحيانًا أخرى.. تمامًا كما أحب أن يكون.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الساحة الثقافية دار میریت محمد هاشم
إقرأ أيضاً:
رحيل صلاح المحتمل عن ليفربول… "تليجراف" البريطانية: لا وداع في الأنفيلد لحماية القيمة السوقية
تتواصل التطورات المتسارعة حول مستقبل النجم المصري محمد صلاح داخل نادي ليفربول، بعدما كشفت تقارير صحفية بريطانية أن النادي لن ينظم أي مراسم وداع للاعب خلال مباراة الفريق المقبلة أمام برايتون السبت على ملعب "الأنفيلد". ووفق صحيفة "تليجراف"، فإن الإدارة لا ترغب في منح أي إشارة قد تُفهم على أن صلاح سيغادر، خشية أن ينعكس ذلك سلبًا على قيمته المالية في السوق.
وأوضحت الصحيفة أن ليفربول متمسك بموقفه بأن عقد صلاح ممتد حتى عام 2027، وهو ما يمنح النادي قوة تفاوضية حال تلقّي أي عروض رسمية للتعاقد معه. وترى الإدارة أن ظهور اللاعب في الملعب ملوّحًا للجماهير في مشهد وداعي – كما فسّر البعض خلال المباراة الماضية – قد يُضعف موقف النادي في أي مفاوضات مستقبلية، لأن ذلك يُظهر أن النادي مستعد للتخلي عنه بأي سعر. ولذلك، شددت الإدارة على أنه لا توجد أي ترتيبات لوداع اللاعب، وأن الحديث عن رحيله لا يزال سابقًا لأوانه.
وتأتي هذه التطورات في وقت تؤكد فيه تقارير أخرى أن عدة أندية سعودية تستعد للتقدم بعروض خلال الشهر المقبل، لكن لم يصل ليفربول حتى الآن أي عرض رسمي. ورغم الجدل المتواصل، يتمسك النادي بمبدأ واحد: “إذا رحل محمد صلاح، فيجب أن يكون مقابل سعر يعكس قيمته الحقيقية كأحد أبرز نجوم العالم”.
وذكرت "تليجراف" أن الأندية السعودية مستعدة لـ"فعل كل ما يلزم" لضمان انتقال اللاعب، في ظل رغبتها في تعزيز حضورها العالمي بنجوم من الصف الأول. وفي المقابل، ترى إدارة ليفربول أن استمرار انتشار أخبار الرحيل دون عروض ملموسة لا يخدم النادي ولا اللاعب، خاصة في ظل حساسية المرحلة التي يعيشها الفريق.
أما فيما يخص مشاركته أمام برايتون، فلا يزال الغموض مسيطرًا. المدرب آرني سلوت لم يحسم موقفه بعد، خصوصًا بعد الأزمة الأخيرة المتعلقة بتصريحات اللاعب واستبعاده من مواجهة إنتر ميلان. مشاركة صلاح أو جلوسه على الدكة قد تحمل رسالة مهمة حول مستقبل العلاقة بين الطرفين.
ويغادر محمد صلاح عقب المباراة مباشرة إلى معسكر المنتخب المصري استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية بالمغرب، وهو ما يضيف مزيدًا من التعقيد إلى مشهد رحيله المحتمل، إذ قد تتأجل المفاوضات إلى ما بعد البطولة القارية.