لجريدة عمان:
2025-12-12@16:24:52 GMT

العقولُ الناشئة... مورد وطني يصنع المستقبل

تاريخ النشر: 12th, December 2025 GMT

العقولُ الناشئة... مورد وطني يصنع المستقبل

في ساحة نابضة بالحياة والمناقشات والتوجيهات التقنية وحروف ورموز البرمجة وصرير حركة الروبوتات في زوايا الأولمبياد الوطني للابتكارات العلمية والروبوت والذكاء الاصطناعي للعام الدراسي 2025/2026 المقام بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض.

بدا المشهد كمختبر وطني مفتوح تُختبر فيه أفكار ورؤى الطلبة، وتصاغ فيه معادلة المستقبل بأيادي جيل ناشئ يمتلك الجرأة على التفكير خارج الإطار المعتاد.

وأقولها من زاوية الزائر لا المحكم أو المقيم، بمجرد الوصول إلى ساحة الأولمبياد فأنت لا تحتاج كثيرًا من الوقت لتتيقن أن أمامك جيل غير مكتفٍ بالاستهلاك، فهو ممحص للتقنية ومطلع وارتقى بتطلعاته للإبداع والاختبار وصنع مسارات جديدة.

-جيل يخطو بثقة في فضاءات التقنيات الناشئة:

ما يكشفه الأولمبياد كعادته السنوية وإن كان هذا العام بمستوى أكثر وضوح أن الطلبة وموجهيهم مدركين بأن الذكاء الاصطناعي ليس أوسع من التقنيات الناشئة من الروبوتات إلى الأنظمة الذكية، إلى الحلول الرقمية المتقدمة والجدران السيبرانية وما بين ذلك من مجالات تتنامى بسرعة في العالم.

في الحقيقة سبق أن أكدنا - والآن نراه ماثلًا - أن التقنية ليست عنوانًا واحدًا يُختزل في الذكاء الاصطناعي وحده؛ بل هي طيف واسع يطغى فيه الآن الذكاء الاصطناعي، ولكنه لا يلغي ولا يطفئ بريق التقنيات الأخرى التي تشكل النسيج العام للتكنولوجيا. لذلك فإن انخراط الطلبة في هذه الطيفية الواسعة يعني أن وعيهم التقني ناضج ومتشكل بواقعية أكبر غير منساق وراء الموضة التقنية، بل تتعامل مع التقنية كمنظومة مترابطة تحل المشكلات وتفتح مسارات.

-الإبداع يطلب مساحة... والحقوق تطلب حماية:

المبادرات الطلابية التي حضرت تفاوتت في مراحل نضجها بين الناضج كفكرة والسائر إلى النضج تقنيًا وبين الناضج تقنيًا وغابت عنه الفكرة، وهذا يضعنا أمام حقيقة لا نستطيع تجاوزها بالإنكار: "العقول موجودة وراغبة، ولكنّ البيئة المثيرة أو الحاضنة تحتاج إلى توسعة. لماذا؟ ببساطة لأن المبتكر الناشئ لا يحتاج إلى الإشادة وحدها، إنما إلى منصة للظهور وتوجيه وإيصال ابتكاره وعصارة أفكاره إلى المسار الذي يليق به مع حفظ حقه الكامل بدأ من الفكرة إلى المنتج. ببساطة نقول إن تسجيل الأفكار والابتكارات بملكية فكرية لأصحابها وخاصة الناشئين، وتبني الجهات المختصة لمسارات تطويرها هو استثمار في العقل العُماني.

-منصة التحديات... بوابة مفتوحة نحو حلول واقعية:

لا يخفى على الجميع أننا في فترة تتسارع فيها التكنولوجيا أسيًا، وهذا يفرض أن يكون لدينا مركز ننطلق منه ونعود إليها ونعاير من خلاله تقدمنا، وهو ما يمكن أن يكون منصة وطنية للتحديات والمشكلات الحقيقية والأفكار تمثل احتياجات المؤسسات الحكومية والخاصة، وتعرضها بلغة يقرؤها المبتكرون، فيستلهمون منها الحلول، ويبتكرون نماذج ذات مرجع واقعي يجد طريقة نحو التطبيق والتبني أو تصحيح المسار، لا مجرد تصورات مدرسية مؤقتة تختفي باختفاء الحدث الذي ظهرت فيه.

قيمة المنصة التي نتحدث عن إمكانية وجودها وربطها بالمؤسسات تتلخص في أنها ستكون مركز لكشف المواهب واستقطابها وتوجيهها، وكخزان وطني للمشكلات والتحديات وللطاقة الإبداعية، ومهد لتأسيس شركات تقنية ناشئة تنطلق من المدارس والجامعات والمجتمع الذي هو خارج المؤسسات التعليمية نحو السوق بأفكار ومنتجات مستندة لواقع واحتياج حقيقي وتحيط بها أطر وأغطية تحميها تتمثل في ملكية فكرية تتكفل بها المؤسسات والجهات المسؤولة أو المستفيدة.

إن الاحتفاء بالعقول لا يغني إطلاقًا عن رعاية ودعم الابتكارات؛ وذلك لأن الابتكار امتداد لوعي صاحبه ومرآة لطموحه وصوت لطاقته، وكل ذلك ليس مجزأ أو منفصل عن بعضه والحفاظ على الابتكار هو حفاظ على العقل الذي وآتى به، وسيطوره ويحوله لميزه تنافسيه عن توافر البيئة. وعليه فإن رعاية ابتكارات الطلبة وتطويرها وحمايتها ودفعها إلى مراحل التطبيق والسير بها لتكون منتجا ثم ناشئة في مجالات الاقتصاد وغيرها هو جزء أصيل من رعاية الموهبة ذاتها وتحويلها لمورد بشريّ مستدام، تتجدد فيه القيمة وتسمو كلما استثمر فيه، وتتضاعف آثاره كلما وضعت له بيئة ينمو فيها.

-ختامًا... حين يصبح الطالب صانعا للمستقبل:

وزارة التربية والتعليم فتحت الطريق ونقبت في الميدان وهذا دورها ونؤكد أنه ليس الوحيد، وتبقى على المؤسسات الأخرى أن تلتفت إلى الحراك -الظاهر في الأولمبياد وغير الظاهر - التقني لدى الطلبة وتتلقف ما ينتج ويلامس احتياجاتها ولن يحدث ذلك دون المشاركة بعيون تتبع الابتكارات والمبتكرين وأفكارهم.

وما قيل في المقال ليس تقليلًا من الجهود وإنما دعوة لرفع السقف لمواكبة التسارع والحراك العالمي الذي ينشط فيه البحث عن المواهب والمبتكرين واستقطابهم للسعي نحو المستقبل. وما نشهده اليوم من إثارة تقنية لدى الطلبة في مدارسنا نحو الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى، هو دليل على أن مستقبلنا سيولد من داخل زوايا هذه القاعات ومن عقول اعتادت أن تسأل: كيف يمكن أن نُحسّن؟، قبل أن تسأل: ماذا سنحفظ؟ هؤلاء الطلبة ليسوا مشروع جيل قادم إنما الميزة التنافسية الحقيقية للدولة؛ وموردها الذي لا يمكن أن ينضب، وطاقتها المستدامة غير القابلة للاستنزاف عند الإيمان بها، واستثمار لا يعرف الخسارة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

جهاز تنمية المشروعات يشارك في القمة الوزارية الأفريقية للشركات الناشئة بالجزائر 2025

أكد باسل رحمي الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات أن الجهاز يعمل على فتح آفاق للتعاون العربي الأفريقي لتبادل الخبرات والمشاركة في تنفيذ برامج تنموية لتقديم كافة أوجه الدعم لرواد الأعمال وأصحاب الشركات الناشئة والابتكارية لتعزيز مساهمتهم في الاقتصاديات العربية والأفريقية وزيادة مشاركتهم في تقديم خدمات و منتجات جديدة ومبتكرة تلبي احتياجات الأسواق المحلية والعالمية وتتمتع بالقدرة علي ملاحقة التكنولوجيا العالمية والتحول الرقمي الذي أصبح من سمات اقتصاديات الدول المتقدمة مشيرا إلى أن الشباب المصري والعربي قادر على المساهمة بقوة في هذا القطاع بما لديه من أفكار ومشروعات يمكنها الوصول للعالمية مشيرا إلي الاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء ورئيس مجلس ادارة الجهاز لقطاع المشروعات الناشئة والابتكارية وتقديم كافة الخدمات المالية وغير المالية لدعم اصحاب هذه المشروعات و تسهيل إنشائهم لمشروعاتهم والعمل علي استمرارها ونجاحها. 

جهاز تنمية المشروعات يستعرض تفاصيل النسخة المصغرة من معرض تراثنابرلماني: مشاركة جهاز تنمية المشروعات في قمة المعرفة خطوة مهمة لدعم ريادة أعمال الشباب

جاءت تصريحات رحمي بمناسبة مشاركة الجهاز في أعمال القمة الوزارية الإفريقية للشركات الناشئة ممثلا للوفد المصري في القمة التي استضافتها الجزائر خلال الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر وجاءت هذه المشاركة لتعكس جهود مصر المستمرة في التعاون مع مختلف الدول بالقارة الأفريقية لبناء منظومة قوية لريادة الأعمال ودعم الشركات الناشئة.

تعزيز اقتصاد الشركات الناشئة

وقد ترأس الوفد المصري محمد مدحت نائب الرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات نيابة عن باسل رحمى الرئيس التنفيذي للجهاز حيث أكد خلال الكلمة التي ألقاها نيابة عنه رؤية مصر لتعزيز اقتصاد الشركات الناشئة، مؤكدًا المكانة المحورية للجهاز كأحد أهم مؤسسات الدولة الداعمة لهذا القطاع ودوره في تعزيز منظومة الابتكار والشركات الناشئة وريادة الأعمال واستعداد جهاز تنمية المشروعات للتعاون مع مختلف الدول الإفريقية في تطوير السياسات المشتركة والعمل على توفير بيئة محفزة للنمو والتوسع مشيرا إلى تجربة الجهاز الناجحة في تنفيذ برنامج رأس المال المخاطر بالتعاون مع البنك الدولي.

وقد شهدت فاعليات القمة انتخاب مصر ممثلة في جهاز تنمية المشروعات لقيادة لجنة إنشاء صندوق الصناديق الإفريقي لدعم الشركات الناشئة بمشاركة ممثلي 44 دولة إفريقية مما يؤكد على قدرة الجهاز على صياغة سياسات تمويلية وإقليمية متقدمة خاصة في مجال الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر.  

وقد تم خلال القمة عقد لقاءات رفيعة المستوى لزيادة التعاون المصري–الإفريقي ومنها الاجتماع مع وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة بالجزائر الدكتور نور الدين واضح، حيث شدد الجانبان على تقديرهما المتبادل الذي يقوم به كل طرف في دعم منظومة الشركات الناشئة حيث أشاد نور الدين واضح بالخبرة المصرية في تحويل سياسات الابتكار إلى برامج تنفيذية فعّالة، بينما أعرب محمد مدحت عن تقديره لجهود الجزائر في تطوير اقتصاد المعرفة، مؤكدين أهمية تعزيز التعاون بين البلدين لخدمة نمو الشركات الناشئة في إفريقيا.

 وعقد محمد مدحت لقاء ثنائيا مع السفير المصري بالجزائر –  عبد اللطيف اللايح، تم خلاله مناقشة التعاون في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإمكانية تنظيم معرض تراثنا، تنشيط مشاركة العارضين، وتعزيز حركة منتجات المشروعات الصغيرة بين البلدين.

طباعة شارك الشركات الناشئة جهاز تنمية المشروعات الاقتصاديات العربية مصر أفريقيا

مقالات مشابهة

  • سايمون شيمانسكي رئيس قسم النمو في شركة إكس تي بي العالمية: الذكاء الاصطناعي شريك ومساعد في الرحلة المالية وعملية الاستثمار
  • المجلس الأعلى للأمناء: منهج البرمجة والذكاء الاصطناعي يجهز "جيل المستقبل"
  • جريمة طفل المنشار.. النيابة: تركنا أبناءنا أسرى لشاشات تملأ العيون وتفرغ العقول
  • حكماء المسلمين في إندونيسيا ينظِّم ندوة وطنيَّة لمناقشة سبل تعزيز الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي
  • معركة العقول: كيف تسيطر إسرائيل على السردية العالمية؟
  • سالمون يصنع التاريخ مع أرسنال في دوري أبطال أوروبا
  • قيادة المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي
  • جهاز تنمية المشروعات يشارك في القمة الوزارية الأفريقية للشركات الناشئة بالجزائر 2025
  • مصر تستضيف أول برنامج تسريع للشركات الناشئة في التنقل الكهربائي