وسط احتدام المعارك والقصف المدفعي والصاروخي والجوي العنيف بالعاصمة السودانية الخرطوم وإقليم دارفور، تشهد ولاية الجزيرة بوسط السودان، مأساة من نوع آخر إذ لا يكف المُقيمون هناك عن مُطاردة جُرعة ماء تروي ظمأهم في هجير الصيف الساخن، بينما تحَـوّلت المحروقات من وقود العربات وغاز الطهي إلى ما يشبه "الكبريت الأحمر" في الشح والنُّدرة.

أما أزمة الكهرباء فحدث ولا حرج، فانقطاع التيار الكهربائي يمتد إلى 18 ساعة، وأحياناً إلى يوم كامل.

السودان السودان الشَّفْشَافُون في الخرطوم.. إفراز جديد لحرب الجنرالين الوقود بعشرة أمثاله في السُّوق السَّوداء!

بدوره، قال محمد عمر أحد مواطني مدينة مدني لـ"العربية.نت"، إنّ الوقود تحـوّل إلى أزمة حقيقية بولاية الجزيرة عامة ومدينة مدني التي تعتبر مركز الولاية خاصّة. وذكر محمد عمر أن الأزمة قادت لإنعاش السوق السوداء هناك، حيث بلغ سعر غالون الوقود إلى عشرة أمثال سعره الرسمي، إذ يبلغ ثلاثة آلاف وثمانمئة جنيه، فيما يُبـاع بالسوق السوداء بمبلغ 35 ألف جنيه سوداني أي ما يعادل 60 دولاراً أميركياً تقريباً، وأضاف أنّ أزمة الوقود سرعان ما جرّت أخواتها، إذ تشهد المدينة أزمة حادة لوسائل النقل والمواصلات هناك، حيث يضطر أصحاب المركبات العامة والخاصة لقضاء عدة أيام بصفوف متراصة على مد البصر أمام محطات التزود بالوقود داخل المدينة وضواحيها.

مادة اعلانيةبلا كهرباء ليومٍ كامل!

أمَّا أزمة الكهرباء فحدث ولا حرج كما يقولون، فانقطاع التيار الكهربائي يمتد إلى 18 ساعة تقريباً وأحياناً إلى يوم كامل، ما جعل الحياة حجيماً لا يُطَـاق هناك، خاصّة في ظل ارتفاع درجات الحرارة لمعدلات قياسية. وشكا مواطنون تحدّثوا لـ"العربية.نت" أنّ الثلاجات تحوّلت إلى قطع ديكور مُهملة، إذ يضطرون لشراء الثلج لتبريد المياه. بينما قال مواطنون آخرون إنّهم يشترون قطعة الثلج بحجم قطعة الطوب الصغيرة بمبلغ خمسمئة جنيه، فيما يُباع لوح الثلج بثلاثة آلاف جنيه من المصنع ويباع بأكثر من ذلك لقاطني الأحياء البعيدة.

لفّ الأنسولين بالخيش!

ولا يقف قطع التيار الكهربائي عن الأحياء السكنية فحسب، بل يمتد إلى المستشفيات والمراكز الصحية ولعدة ساعات أحياناً، في المُقابل لا تستطيع المولدات الكهربائية تغطية العجز وإنارة العنابر بالكامل، فتضطر الإدارة للاكتفاء بتغذية غرفة العمليات فقط لتتبقى العنابر وداخلها المرضى بدون كهرباء وسط حَرٍ لافحٍ.

وقال أشرف نور الدائم أحد الذين عايشوا تلك التجربة المريرة داخل مستشفى مدني العام لـ"العربية.نت"، إن العنابر تتحوّل إلى قطع ملتهبة تحت هجير الحر اللافح ، أما الحمامات فتغدو جحيماً لا يستطيع المرضى أو الزوار الدخول إليها بسبب الظلام الدامس.

بدورهم، يشكو مرضى السكر من تلف الأنسولين بسبب انقطاع الكهرباء، حيث لجأوا لحفظها داخل حافظات ملفوفة بالخيش ورشها بالماء البارد لحين استخدامها.

جُـرعة ماء عز الصيف!

المواطنون المغلوبون على أمرهم، سردوا قصصاً إنسانية مؤثرة تبكي الحجر عن معاناتهم القاسية مع انقطاع المياه، وكيف أنّـهم اضطروا للبحث عن بدائل أخرى مثل انتشال المياه من الآبار الجوفية المهجورة، بينما لجأت فئة أخرى لجلب الماء من النيل بالعربات والدواب.

ويروي أحد مواطني حي الدباغة أحد أحياء مدينة ود مدني لـ"العربية.نت"، تفاصيل قاسية لمعاناته مع انقطاع المياه قائلاً: "نضطر لقطع مسافات بعيدة سيراً على الأقدام بحثاً عن جرعة ماء تروي ظمأ أفراد أسرتي. ومؤخراً لجأت مع جيراني لانتشال المياه من بئر جوفية مهجورة، والمياه المنتشلة تنبعث منها بعض الروائح الكريهة مع وجود طعم غريب، وغير مُستساغ كطعم المعادن الصدئة في الفم، إلّا أنّنا نقوم بغليها، لتجنب أي أمراض محتملة ولضمان قتل أي جراثيم استوطنت داخلها، وأحياناً نقوم بتلك العملية لمرات عديدة". ويضيف "أما في حالة المياه العكرة، فنضيف بعض المواد التقليدية المعروفة كالشب على سبيل المثال، لتنقية الماء من الرواسب الطينية أو الطحالب قبل استعماله الذي يقتصر على الضروريات كالشراب وإعداد الطعام فقط.

مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News السودان

المصدر: العربية

كلمات دلالية: السودان

إقرأ أيضاً:

4 قتلى ومئات المعتقلين في احتجاجات بأنغولا ضد رفع أسعار الوقود

شهدت العاصمة الأنغولية لواندا أول أمس الاثنين مظاهرات واسعة نظّمها سائقو سيارات الأجرة رفضا لقرار حكومي برفع أسعار الوقود، مما أدى إلى اندلاع أعمال عنف أسفرت عن مقتل 4 أشخاص، وفق ما أعلنته الشرطة مساء أمس الثلاثاء.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الشرطة أن قوات الأمن اعتقلت نحو 100 شخص خلال ساعات النهار، في حين تم توقيف أكثر من 400 آخرين ليلا، للاشتباه بتورطهم في أعمال شغب ونهب تزامنت مع اليوم الأول من الإضراب.

كما أفادت السلطات بتعرض أكثر من 45 محلا تجاريا للتخريب واحتراق 25 سيارة خاصة و20 حافلة للنقل العام.

في المقابل، أدانت جمعية سائقي التاكسي أعمال العنف التي رافقت الإضراب، مؤكدة أن الاحتجاج سيستمر 3 أيام كما تم الاتفاق عليه مسبقا، وشددت على التزامها بالطابع السلمي للمطالب.

أنغولا تشهد توترات مستمرة في الفترة الأخيرة (الفرنسية)أزمة الوقود تفاقم وضعا اقتصاديا هشا

ويأتي هذا التصعيد في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة، إذ رفعت الحكومة الأنغولية مطلع الشهر الجاري أسعار الوقود المدعوم من 300 إلى 400 كوانزا للتر الواحد، أي ما يعادل نحو 0.43 دولار.

ورغم كون أنغولا ثاني أكبر منتج للنفط في أفريقيا فإن تقارير دولية حذرت مرارا من اعتمادها شبه الكامل على الإيرادات النفطية، وسط غياب سياسات مرنة لمواجهة تقلبات السوق العالمية.

وبحسب تقرير صادر عن وزارة المالية الفرنسية، فإن الاقتصاد الأنغولي "لا يزال رهين نموذج شديد التبعية للنفط، ولا يمتلك أدوات كافية لاحتواء الصدمات الناتجة عن تذبذب الأسعار".

كما تشير بيانات البنك الدولي إلى أن أكثر من ثلث سكان أنغولا يعيشون تحت خط الفقر، في حين تبلغ نسبة البطالة الرسمية 32%، وترتفع إلى 58% في صفوف الشباب دون سن 25 عاما، مما يعكس هشاشة البنية الاجتماعية والاقتصادية في ظل إجراءات التقشف ورفع الدعم.

مقالات مشابهة

  • إزالة “741” مقذوفا من مخلفات الحرب بولاية في وسط السودان
  • عناوين الصحف السودانية الخميس 31 يوليو 2025
  • قيادة المنطقة العسكرية الثانية بحضرموت تحذر من اعتراض ناقلات وقود الكهرباء وتطالب العقلاء بضرورة التدخل العاجل
  • حدث استثنائي.. مدبولي يعتذر للمواطنين عن أزمة كهرباء جزيرة الذهب
  • 4 قتلى ومئات المعتقلين في احتجاجات بأنغولا ضد رفع أسعار الوقود
  • ربيع ياسين عن أزمة أحمد عبد القادر: ايه المشكلة أن يلعب للزمالك.. هناك زملكاوية يلعبون في الأهلي
  • عناوين الصحف السودانية اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025
  • بسبب سوء التغذية.. وفاة 13 طفلاً سودانياً في مخيم للنازحين بولاية دارفور
  • بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات.. بن حبريش يشدد على تفعيل الرقابة المجتمعية على ملف وقود كهرباء حضرموت
  • واشنطن تعرض 10 مليون دولار مقابل معلومات عن "العولقي" زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية