وكيل قطاع المعاهد: التعليم وثقافة الوعي بالقدوة من القيم التعليمية في ثقافة إحترام النظام العام
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
أكد الأستاذ الدكتور أحمد الشرقاوي
رئيس الإدارة المركزية لشؤون التعليم بقطاع المعاهد الأزهرية و الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر.. فرق بين الأسوة والقدوة، فالقدوة اتباع الغير في بعض أعماله، ومجالها عمل الشخص دون ذاته، وقد تكون في الهدى وقد تكون في الضلال، فمن أمثله القدوة في الهدى قوله تعالي: ( فبهداهم اقتده)سورة الأنعام، الآية90، ومن أمثلتها في الضلال قوله تعالي: (.
وبناء عليه يكون الإقتداء ببعض العمل مفصولاً عن ذاتية الشخص القدوة، في كونه أسوة أو لا، إذن التأسي يكون بالشخص في جميع أعماله وأحواله، والإقتداء يكون ببعض أفعاله، وقيل: إن القدوة تكون بأفعال الأموات، والأسوة تكون بأحوال الأحياء، وقيل أيضا أن الأسوة والقدوة هما لفظان مترادفان بمعني واحد، فكل منهما يطلق على الآخر.
والقدوة المقصودة في هذا السياق إنما هي القدوة الطيبة الحسنة، التى هي في مجال العلم والهدى، والنقاء والتقى، والعفاف والغنى، والبر والخير، وعموم المنافع والمصالح، وهي قدوة نابعة من خلق عظيم وعمل كريم في دنيا الناس، وهي تعم الرجال والنساء على حد سواء، وهي نوع قَسَم من الأخلاق معلوم، لكل عبد من عباد الله حظه المقسوم منها، قال - صلى الله عليه وسلم-: ( إنَّ اللهَ قسَم بينكم أخلاقَكم، كما قسَم بينكم أرزاقَكم، وإنَّ اللهَ - عز وجل - يُعطي الدُّنيا مَن يُحِبُّ ومَن لا يُحِبُّ، ولا يُعطي الدِّينَ إلَّا لمَن أحَبَّ، فمَن أعطاه اللهُ الدِّينَ فقد أحَبَّهُ، والذي نفسي بيدِهِ، لا يُسلِمُ عبدٌ حتى يَسْلَمَ قلبُهُ ولسانُهُ، ولا يُؤمِنُ حتى يأمَنَ جارُهُ بوائقَهُ، قالوا: وما بوائقُهُ يانبي الله؟ قال: غَشْمُهُ وظُلْمُهُ، ولا يَكسِبُ عبدٌ مالًا من حرامٍ فينفقَ منه، فيباركَ له فيه، ولا يتصدقُ به فيقبلَ منهُ، ولا يترُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كان زادَهُ إلى النارِ، إنَّ اللهَ - عز وجل-لا يمحو السيِّئَ بالسيِّئِ، ولكن يمحو السيِّئَ بالحسَنِ، إنَّ الخبيثَ لا يمحو الخبيثَ(." أخرجه أحمد في مسنده ".
هذا، وإن تعظيم ثقافة الوعي بالقدوة يعد في ذاته قيمة تعليمية تسهم في احترام النظام العام في المجتمع، وذلك تأكيدًا على أداء االمؤسسات التعليمية لرسالتها الأصيلة في احترام أهل القدوة الحسنة من الناس، وتقدير دورهم الفعال في الواقع المعاش، ترسيخًا لقيم المجتمع النبيلة، وصونًا لآدابه العامة من الصغار والهوان، ومن ثم فإن المؤسسات التعليمية تحتاج إلى عمق توجه نحو تنمية نفوس المعنيين بالعملية التعليمية، لتحصيل مصادر القدوة الحسنة وتذكية أهلها ونشر قيمها بين الناس، توقيرًا لأصحابها، وإذكاءً لقلوب المستهدفين بثقافة الوعي بالقدوة، لذا، نرى أن من يتجاوز في حق صاحب القدوة يجب أن يكون محلًا للمحاسبة والمساءلة، فالتجاوز مع أهل القدوة يعد في ذاته إهانة للعلم، ونيلًا وتنقيصًا من وقار وهيبة العلماء، فضلا عن كونه تعديًا على قيم المجتمع المعتبرة، وقديمًا قالوا: " ليس الفقير من فَقَدَ الذهب إنما الفقير من فقد الأخلاق والأدب "، فالأدب ركن أساس في صلاح الأمر كله، فصلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقَوِّم النفس بالأخلاق تَسْتَقِم، يقول سيدنا علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه-:
كُن اِبنَ مَن شِئتَ واِكتَسِب أَدَبًا يُغنيكَ مَحمُودُهُ عَنِ النَسَبِ
فَلَيسَ يُغني الحَسيبُ نِسبَتَهُ بِــلا لـِــسانٍ لَـــهُ وَلـا أَدَبِ
فما جلس القدوة - رجلا كان أو إمرأة- إلا والتف الناس حوله، وتكاثرت الوفود عليه، لتأنس بالجلوس معه، والتحدث إليه، والنقل عنه، والإصغاء له، والاستفادة منه، وإحراز علمه، والتحلي بأدبه، والانتفاع بخبرته وتمرسه وتجاربه، فضلًا عن أحداث دهره وأحوال نوائبه، والتأسي بطيب سيرته وحسن مسيرته.
وهنا يجب أن نأخذ بسلطان القانون على أيدي العابثين بآداب القدوة في المجتمع والعَادِين على أهلها، صيانة لآداب المجتمع، وحفظًا لنظامه وقِيَمه المعتبرة، ومبادئه الرئيسة وتقاليده الأصيلة، لذا، كانت القدوة قيمة تعليمية عظيمة يجب نشرها في الأوساط المعنية بالعملية التعليمة كلها، ليسهم ذلك بفاعلية في صيانة الآداب العامة في المجتمع، فضلًا عن خلق بيئة تعليمية صحيحة وسليمة، تسهم في تعظيم دور المؤسسات التعليمية في أداء رسالتها الأصيلة، تذكية لقيم المجتمع الرئيسة فى أمر الدَّين والدنيا معًا، فعظمة الإنسان في علمه وأمنه، ورقيه في تحضره وخُلقه، إعمالًا لقول أهل العلم بأن مقاصد الحق من الخلق مجموعة في الدِّين والدنيا معًا، فلا نظام للدِّين إلا بنظام الدنيا، ولا استقامة لأمر الدِّين إلا باستقامة أمر الدنيا.. .فتأمل!؟.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تعليم الأزهرية وكيل قطاع المعاهد
إقرأ أيضاً:
أريد أن تكون في حياتي من جديد وأعدها بالحب الأكيد
ضرب من المستحيل أن تعود إليّ بعد أن طلقتها
أريد أن تكون في حياتي من جديد وأعدها بالحب الأكيد
بعد التحية والسلام، تقبلي مني سيدتي فائق عبارات الاحترام، لكل الطاقم القائم على هذه المنبر. منبر قلوب حائرة على موقع النهار اونلاين وأيضا لكل القراء الكرام المتفاعلين والأوفياء لما تقدمينه.
سيدتي يحدث للإنسان أن يعيش العمر كله على ذكرى جميلة مرت بحياته، أو بمعنى أدق على شخص يسلب تفكيرك، ويصبح المحور الذي يحرك كل تصرفاتك، أجل وهذا ما حصل معي بالضبط، فانا رجل عشت شبابي في طيش لا حدود له، إلى أن تعرفت على فتاة استطاعت بفضل أخلاقها وطيبة قلبها أن تغيرني من النقيض إلى النقيض، فانا الذي كنت يوميا أتعرف على فتاة جديدة قررت حين التقيت بها أن أستقر وأتزوجها، بالفعل كانت من نصيبي، وارتبطت بها، لم يتجاوز عمرها أنذاك ستة عشرة سنة، فيما كنت أنا في الرابعة والعشرين من عمري، بعد سنة من الزواج أنجبت لي ابني الأول، لكن في نفس الوقت بدأت بعض المشاكل تطفو على السطح، وكلها بسببي، أنجبت لي بعدها بنتين ما شاء الله، تحملت إلى جانبي مر الحياة، لأنني حينها أقدمت على تجارة وأفلست وخسرت كل ما عندي، إلا صبرها وحبها، اللذان لم أقدرهما، تعقدت الحياة بيننا، وصارت شبه مستحيلة، فطلبت الطلاق، وتخلت عن حضانة الأولاد، في الأول كابرت عن نفسي قليلا، لكن مع الوقت عرفت كم كانت خسارتي عظيمة، لكن بالرغم من ذلك لم أفكر أبدا في امرأة غيرها، وتفرغت لتربية أولادي وساعدني في ذلك أهلي، وكبروا الحمد لله، في نفس الوقت وفقني ربي في عمل آخر، وصارت أموري المادية مستقرة بفضل الله، الآن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات أتمنى الرجوع إليها، لكن حين أفكر أنها قبلت أن ترتبط بغيري أصاب بغصة وأبتعد عن الفكرة، لكنها لم ترتبط، كانت مجرد خطبة وفسختها لأسباب يعلمها الله، ورغم كل هذا لازلت مكانتها في قلبي محفوظة، فما الحل من فضلك، ساعديني فأنا أريد النصيحة؟
أخوكم م.نسيب من الغرب الجزائري.
الــــــــــــــــــــــــــــــــــرد:
سلام الله عليك أخي الكريم، ومرحبا بك، أسعدتنا كثيرا بتواصلك مع منبرنا، و قد حملت رسالتك بين طياتها معاني الوفاء، والاعتراف بالجميل للفتاة التي جعلتك تتخلى عن طيشك وتفكر في التحليق على بساط الحلال لحياة كلها تناغم واستقرار، لكن حصل ما حصل، وفرض الطلاق نفسه بينكما، ولو أنني أعتقد أن صغر سنكما هو السبب في ذلك، فربما لم تجدا الناصح لما فيه الخير، لكن بالرغم من ذلك بقيت تكن لها فقط المشاعر الطيبة، والدليل أنك بقيت بلا زواج طيلة مدة طلاقكما.
سيدي، واضح جدا من خلال كلمات ورسالتك أنك ترغب حقا في العودة إلى أم أولادك، لذا أرى أن تستخير الله تعالى، وأن تقوم بالخطوة في القريب العاجل وقبل فوات الأوان إن كان في ذلك خيرا، ولا تفكر في خطوبتها التي فسختها وهذا ما جاء في رسالتك، فهي حتى ولو خُطبت فربما كانت مضغوطة أو مجبرة على القبول، فلا تصاب بالغصة لخطبة لم تتم، وهذا ما جعلني أقول أنك يجب أن تبادر أن بخطوة لمراجعتها بعد هذا العمر، فاذهب لأهلها، وتحدث إليهم وإليها، وقل لهم قولا لينا عسا أن تحرك قلبها من جديد، فغلا أنت ارتبط ولا هي ارتبط، فربما القدر يريدكما أن تشيخا معا وتلملما جراح بعضكما، ويفرح بذلك الأولاد، وتشرق شمس السعادة التي كانت غائبة عنكم، وإن حصل خيرا واجتمعتما تحت سقف واحد مرة أخرى حولا أن لا تجترا الماضي الأليم والذكريات السيئة، واستمتعا فيما هو آت، وبالتوفيق إن شاء الله.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور