يسعى الرئيس الأميركي، جو بايدن، لتأمين الدعم الدولي لتوسيع قدرة الإقراض للبنك الدولي، حيث تتعرض واشنطن لضغوط شديدة لتمويل مكافحة تغير المناخ وتقديم بديل قابل للتطبيق لمواجهة النفوذ الاقتصادي للصين، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" اللندنية.

وقد وضع الرئيس الأميركي وكبار المسؤولين في إدارته، الجهود الرامية إلى تعزيز القوة المالية للمقرض متعدد الأطراف، على رأس جدول أعمال قمة قادة مجموعة العشرين التي بدأت أعمالها في نيودلهي.

وقال مسؤولون في البيت الأبيض، إن "الخطة الأميركية ستزيد من قدرة البنك الدولي على الإقراض للدول متوسطة ومنخفضة الدخل، بمقدار 25 مليار دولار".

ويمكن أن يرتفع هذا الرقم بشكل حاد، إلى أكثر من 100 مليار دولار، "إذا قدمت دول أخرى تعهدات مماثلة"، إذ قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، للصحفيين هذا الأسبوع: "إننا نعمل على التأكد من أن الشركاء الآخرين يحذون حذونا".

وفي حين أن دعم الدول الأخرى – والكونغرس الأميركي – ليس مضمونًا على الإطلاق، فإن حاجة إدارة بايدن لمواجهة جهود بكين لتوسيع تحالفاتها الاقتصادية حول العالم، أصبحت أكثر إلحاحًا.

وأدت قمة البريكس الأخيرة في جنوب أفريقيا، فضلاً عن وجود تصورات في بعض البلدان بأن "أميركا تساعد أوكرانيا بشكل غير متناسب على حساب الدول المحتاجة الأخرى"، إلى وضوع مسألة تمويل التنمية في البلدان النامية، في "مرتبة أعلى" على جدول أعمال الولايات المتحدة، وفق الصحيفة.

وفي هذا الوقت، تكافح الاقتصادات الناشئة للتعامل مع ارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع أسعار الطاقة، والتكاليف المتزايدة المرتبطة بتغير المناخ، مما جعلهم يطالبون بالتمويل بشروط أفضل.

وأوضحت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الجمعة، في نيودلهي: "أن الأمر لا يتعلق فقط بالرد على الصين. إنها مسألة معالجة التحديات العالمية طويلة الأمد".

وأضافت: "نأمل أن تنضم إلينا دول أخرى، اعتمادًا على قدرتها المالية، ويمكننا توسيع نطاق ذلك".

وأصر سوليفان على أن "خطة رفد خزائن البنك الدولي بالمزيد من الأموال ليست موجهة ضد الصين"، لكنه أكد أنه من "المهم" أن يكون لدى الدول النامية بدائل لمبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها بكين، والتي قدمت قروضًا للعديد من الأقطار "بشروط غامضة".

وقال البيت الأبيض إن دولا مثل كولومبيا وبيرو والأردن والهند وإندونيسيا والمغرب ونيجيريا وكينيا وفيتنام، قد تستفيد جميعها من المزيد من الإقراض من البنك الدولي.

وقد تبنت الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين هذه الخطة، وفي هذا الصدد قال كبير المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء الهندي، أنانثا ناجيسواران: "ما فعلته الهند هو جلب اهتمامات وأولويات الجنوب العالمي إلى طاولة الاجتماعات، ومحاولة نقلها إلى ما هو أبعد من الأساليب النمطية في معالجة القضايا الحقيقية".

وشرح أن "جزءا من مهمة الهند في مفاوضات المسار المالي، هو تعزيز بنوك التنمية متعددة الجنسيات، من خلال مواجهة القضايا الأساسية، وليس التملص منها".

ومن المقرر أن تنعكس الخطة في البيان الختامي، وفقا لمسودة اطلعت عليها صحيفة فايننشال تايمز.

وتنص الوثيقة، المقرر صدورها  الأحد، على أن المجموعة "تعمل على تقديم بنوك تنمية متعددة الأطراف بشكل أفضل وأكثر فعالية مع زيادة القدرة على الإقراض".

لكن ليس من المؤكد عدد التعهدات المحددة، إن وجدت، التي ستؤمنها إدارة بايدن إلى جانب تعهداتها، سواء في مجموعة العشرين أو في الاجتماعات السنوية المقبلة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي في المغرب الشهر المقبل.

فبالإضافة إلى ذلك، ستحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة الكونغرس على حصتها الخاصة من التمويل الإضافي للبنك الدولي، وهو ما قد يكون من الصعب حصوله في ظل سيطرة الجمهوريين على الكونغرس.

وبالإضافة إلى الضغط من أجل المزيد من قروض البنك الدولي، طلب بايدن أيضًا من الكونغرس تعزيز "الصندوق التفضيلي" لصندوق النقد الدولي لمساعدة البلدان منخفضة الدخل، حتى يتمكن من توسيع إقراضه بمقدار 21 مليار دولار.

ومن المتوقع أيضًا أن يطلب بايدن من دول مجموعة العشرين تقديم "تخفيف حقيقي لأعباء الديون" للاقتصادات المتعثرة من الآن وحتى اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لكن ذلك يتطلب تعاون الصين، التي تعتبر الدولة الدائنة الثنائية الأكبر، للعديد من الدول المتعثرة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: البنک الدولی

إقرأ أيضاً:

البنك الأفريقي للتنمية بقيادة موريتانية.. هذه أبرز تحدياته بعد انسحاب أميركا

انتُخب الاقتصادي الموريتاني سيدي ولد التاه رئيسًا للبنك الأفريقي للتنمية، خلفًا للرئيس السابق النيجيري أكينومي أديسينا، ليصبح بذلك الرئيس التاسع لهذه المؤسسة المالية القارية، التي تواجه تحديات جسيمة في ظل الظرفية الاقتصادية العالمية الراهنة، وتوجه الولايات المتحدة نحو سحب مساهمتها من رأسمال البنك.

فاز ولد التاه بالمنصب في الجولة الثالثة من الاقتراع، الذي جرى يوم الخميس بمقر البنك في مدينة أبيدجان بكوت ديفوار، متقدمًا على 4 مرشحين هم: السنغالي أمادو هوت، ومرشحة جنوب أفريقيا سوازي تشابالالا، والزامبي صامويل ميمبو، والتشادي محمد عباس تولي.

وحصل على 76.18% من الأصوات، متقدمًا على المرشح الزامبي الذي نال 20.26%، بينما حصل السنغالي على 3.55%. وتم إقصاء مرشحي جنوب أفريقيا وتشاد في الجولة الأولى من الانتخابات.

بدأ ولد التاه (60 عامًا) حملته الانتخابية متأخرًا نسبيًا عن باقي المرشحين، لكنه استطاع، بفضل خبرته في القطاع المصرفي الإقليمي ومقترحاته لتطوير البنك، إقناع غالبية الأعضاء المساهمين، وعددهم 81 عضوًا، يمثلون 54 دولة أفريقية و27 دولة من خارج القارة، من بينها الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، والإمارات.

إعلان

ويتطلب الفوز برئاسة البنك الحصول على أغلبية مزدوجة: من الدول الأفريقية ومن إجمالي الأعضاء، إذ يُحتسب التصويت وفقًا لمساهمة كل دولة في رأسمال البنك، مما يبرز أهمية التحالفات السياسية والدبلوماسية والمصالح الاقتصادية في حسم السباق.

وجاء التصويت بعد نحو عام ونصف من حملات التواصل العلنية والسرية لكسب تأييد الدول المساهمة، في عملية طويلة ومعقدة، إذ يُعد كل مرشح ممثلًا لبلاده التي تسخّر إمكاناتها الدبلوماسية وتحالفاتها لدعمه.

دخل ولد التاه السباق مسلحًا بتجربة طويلة في القطاع المصرفي في العالم العربي وأفريقيا، وبالخبرات التي راكمها في إدارة الشأن المالي والاقتصادي في بلاده، من خلال توليه عدة مناصب وزارية في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز (2009–2019).

وخلال حملته، قدّم نفسه كحلقة وصل بين العالم العربي والقارة الأفريقية، مستندًا إلى تجربته خلال العقد الماضي على رأس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا، المموَّل من دول جامعة الدول العربية، والذي كان مقره في الخرطوم قبل اندلاع الحرب الأهلية في السودان.

ويُرجَّح أن تكون السعودية، المساهم الرئيسي في المصرف العربي، قد لعبت دورًا بارزًا في دعم ترشحه، عبر حشد أصوات الدول العربية، لا سيما مصر (6.33%) والجزائر (5.33%)، إضافة إلى الولايات المتحدة، ثالث أكبر مساهم في البنك الأفريقي بنسبة 6.09%.

كما حظي بدعم فرنسا (3.71%)، وبلجيكا، وإسبانيا، وعدد من الدول الأفريقية، مستفيدًا من الوزن الدبلوماسي المتصاعد لموريتانيا في السنوات الأخيرة، خاصة بعد ترؤس الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للاتحاد الأفريقي عام 2024.

مقر البنك الأفريقي للتنمية بأبيدجان، كوت ديوار (رويترز) تحديات كبيرة

مع تسلمه مهامه رسميًا في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، سيواجه سيدي ولد التاه تحديات كبيرة، خلفًا لأكينومي أديسينا، الذي قاد البنك منذ عام 2015 وترك وراءه حصيلة تنموية متباينة التقييم، رغم أن الأرقام تشير إلى أن المؤسسة في وضع جيد.

إعلان

فالبنك يتمتع حاليًا بتصنيف ائتماني (AAA)، يتيح له الوصول إلى أسواق رأس المال بشروط ميسرة، كما شهد رأسماله أكبر زيادة في تاريخه، من 93 مليار دولار عام 2015 إلى 318 مليار دولار حاليًا.

من أبرز التحديات المنتظرة احتمال انسحاب الولايات المتحدة من رأسمال البنك، بمساهمة تُقدَّر بنحو 555 مليون دولار، في ظل توجهات الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، التي تركّز على الشأن الداخلي، وقد عبّرت عن ذلك بإغلاق الوكالة الأميركية للتعاون الدولي، التي كانت تدعم مشاريع تنموية واجتماعية في أفريقيا.

وقد أبدى ولد التاه وعيًا بهذا التحدي، مؤكدًا في أكثر من مناسبة أن زمن الاعتماد على الغرب في تمويل التنمية الأفريقية قد ولّى، وأن على القارة الأفريقية البحث عن مصادر تمويل بديلة.

أما من حيث البرامج، فسيجد أمامه خطة إستراتيجية جاهزة تغطي الفترة من 2024 إلى 2033، تم اعتمادها في الاجتماع السنوي للبنك في كينيا العام الماضي، وتركز على 5 أهداف: الأمن الغذائي، الطاقة، الإدماج، التصنيع، وتحسين مستوى حياة الأفارقة.

وتستبق رؤيته هذه التحديات، إذ ترتكز على 4 ركائز أساسية: إصلاح البنية المالية لأفريقيا، تحويل العامل الديموغرافي إلى قوة اقتصادية، دعم التصنيع وتنمية الموارد الطبيعية، وتعبئة رأس المال على نطاق واسع.

وفي هذا السياق، يرى سيرج إيكوي، رئيس بنك التنمية لغرب أفريقيا، في تصريح لمجلة جون أفريك، أن بإمكان ولد التاه أن يراهن على الدول العربية لتعزيز مالية البنك، مستفيدًا من معرفته وقربه من تلك الدول التي تملك مئات المليارات المخصصة للاستثمار.

وبذلك يصبح سيدي ولد التاه رابع شخصية عربية تتولى رئاسة البنك، بعد السوداني مأمون بحيري (1964–1970)، والتونسي عبد الواحد العبيدي (1970–1976)، والمغربي عمر القباج (1995–2005).

وعن أدائه المرتقب، تساءل المصرفي سيرج إيكوي "هل سينجح سيدي ولد التاه، من موقعه على رأس البنك الأفريقي للتنمية، في تكرار النجاح الذي حققه خلال العقد الماضي على رأس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا؟"

مقالات مشابهة

  • ماكرون يدعو إلى تحالف آسيوي أوروبي جديد في ظل التنافس الأمريكي الصيني
  • حوار شانغريلا.. وزير الدفاع الأمريكي يدعو الآسيويين لزيادة الإنفاق العسكري
  • البنك الأفريقي للتنمية بقيادة موريتانية.. هذه أبرز تحدياته بعد انسحاب أميركا
  • مساعٍ إماراتية لتحويل سقطرى إلى نقطة تجسس متقدمة لصالح الكيان
  • الجهاز المركزي للرقابة المالية يبحث مع وفد من البنك الدولي التعاون في إصلاح الإدارة المالية العامة
  • تونس تتلقى 125 مليون دولار من البنك الدولي لتعزيز قطاعها الصحي
  • محكمة أميركية توقف رسوم ترامب الجمركية: الرئيس تجاوز سلطاته
  • المغامس: ورش القانون الدولي تسهم في بناء قدرات العاملين بالمجال الإنساني
  • البنك الدولي يتجه لإنشاء صندوق خاص لـالمانحين لإعادة إعمار لبنان
  • تشكيل البنك الأهلى لمواجهة بتروجيت فى الدورى