أمريكا بعقلية القرن الماضي!
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
من سذاجة العمل السياسي استغباء الآخرين، ثم التوهُم بأن الآخرين قد انطلت عليهم الألعوبة أو الخديعة.
على هذا النحو تعمل أمريكا، بعقلية القرن الماضي، وعلى هذا النحو يتمثل اجتهادها في ما تسميه مبادرات سلام في اليمن، ويبرز ذلك في الاجتهاد والمساعي لتمرير إجراءات، لها في المحصلة هدف فرض رؤية أحادية لإحلال هذا السلام، وهكذا تظهر السذاجة في سلوك أمريكا السياسي.
تطرح أمريكا أحيانا المرتبات كمعضلة وأحيانا تخوض في مسألة إجراء مفاوضات يمنية يمنية، وتتوزع الأدوار مع السعودية والمبعوث الأممي، حينا آخر، كما وتفعّل من أبواقها الإعلامية لتسويق حالة حراك وحرص على السلام، ثم من موقف عابر تتكشف الخفايا.
هذا ما تتحدث عنه المواقف الأخيرة للسعودية عبر ذبابها الإلكتروني القريبة من مراكز السلطة، وأمريكا عبر مبعوثها الشؤم ليندركينج، فالرياض في آخر تحججاتها تزعم أن صنعاء تُعَقِد عملية صرف المرتبات لأنها تصرّ على أن يكون ذلك من عائدات النفط والغاز اليمني، كما عبر عن ذلك صراحة الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي عبدالعزيز العويشق، والذي نقلت عنه صحيفة عكاظ حديثه عن رفض السعودية صرف المرتبات من عائدات النفط والغاز، وإصرارها على صرفها من عائدات الجمارك في مناطق المجلس السياسي الأعلى.
لا أتصور في مثل هذه الجرأة أكثر من استفزاز، فهل كانت صنعاء مثلا تفاوض وتفاوض من أجل أخذ الإذن بصرف المرتبات من عائدات الجمارك؟
ثم كيف للسعودية أن ترفض صرف المرتبات من عائدات النفط والغاز؟!
مثل هذا السلوك إنما يقدم دليلا وحُجة أخرى تبرر إصرار صنعاء على التفاوض مع السعودية التي تنسى في لحظة ما مساعيها لتسويق نفسها كوسيط، ثم إذا بها تبرز كمحرك ومقرر متفرّد لما يمكن وما لا يمكن، في استخفاف مقزز لمن منحوها شرعية الحديث باسمهم في أمور مصيرية كهذه.
أما بالنسبة لمبعوث الشؤم الأمريكي، فلا يزال يلوك نفس العبارات وإن حاول الإيحاء أحيانا باختراق موانعه الواهية لصرف المرتبات، ليرسل في آخر تقوّلاته عبارات تنطوي على هدف يكشف مستوى المرض والحقد على اليمنيين، وهو ذاك الساعي منذ البداية إلى تبرئة ساحة السعودية من مسؤولية ارتكاب فعل العدوان ومن قيادة التحالف وتمويله بالمال والسلاح وتصديرها كوسيط، كما والغاية تنسحب على أمريكا التي تريد تقديم نفسها كوسيط آخر لسلام بين اليمنيين، لا بل وتريده سلاما وفق أجندتها، تبقى فيها اليمن رهينة بيت الطاعة لأمريكا.
بخُبث، تتحدث أمريكا عن ما بعد الحرب، وتؤكد صنعاء أن الملف الإنساني يحمل اشتراطات هدنة، أما استحقاقات ما بعد العدوان وتثبيت سلام دائم فإن مضامينها مختلفة، فالملف الإنساني يهدف إلى تمكين اليمنيين بصورة عاجلة من حقوقهم في ثروتهم وخروج الاحتلال وتحرير الموانئ والمطارات من حالة الحصار غير الأخلاقية، أما استحقاقات ما بعد الحرب فإنها بطبيعة الحال تقوم – إضافة إلى ما سبق – على تحميل قادة التحالف كامل المسؤولية في العدوان، وعلى الالتزام بإعادة الإعمار وجبر الضرر، كما ومعالجة كل التداعيات التي تسبب بها العدوان والحصار، وهذا أمر طبيعي وتكفله كافة المواثيق.
تدرك صنعاء أنها لم تخرج عن إطار الممكن، بل وحتى عن إطار المساحة التي تضمنها لها القوانين والأعراف الدولية المتفق عليها، وعلى هذا الأساس تتحرك، ولا يبدو أنها في وارد القبول – وهي التي تتحمل المسؤولية أمام اليمنيين – بأن تقع في موقع الضحية من ازدواج معايير الحكم على قضايا التوترات، ثم يتم تحميلها تباعات كل هذا الخراب والدمار وكل هذه الدماء التي سالت والحياة التي توقفت.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: من عائدات
إقرأ أيضاً:
مجددًا .. 298 حاجًا يغادرون عبر مطار صنعاء الدولي وسط ترتيبات فنية وخدماتية عالية
يمانيون | صنعاء
غادر مطار صنعاء الدولي، اليوم الإثنين، الفوج الثالث من حجاج بيت الله الحرام، والبالغ عددهم 298 حاجًا، متوجهين إلى الأراضي المقدسة عبر رحلتين جويتين للخطوط الجوية اليمنية، ليواصل اليمنيون أداء ركن الحج من مطار العاصمة، رغم الحصار والعدوان المتواصل منذ أكثر من تسع سنوات.
وتأتي هذه الدفعة الجديدة من الحجاج بعد أن تم خلال اليومين الماضيين تفويج 595 حاجًا، ليصل بذلك إجمالي الحجاج المغادرين من مطار صنعاء الدولي إلى 893 حاجًا، في مؤشر إيجابي على استمرار الجهود الخدمية والرعاية الرسمية التي توليها الجهات المعنية في صنعاء لتأمين موسم حج ناجح وآمن رغم التحديات اللوجستية والقيود المفروضة على المطار بفعل العدوان الأمريكي السعودي.
وقد تلقى الحجاج في هذا الفوج، كما في الأفواج السابقة، كافة الخدمات الأرضية والفنية اللازمة، وفقًا للمعايير الدولية المعتمدة لدى منظمة الطيران المدني الدولية “الإيكاو”، مما يعكس كفاءة مطار صنعاء الدولي وقدرته التشغيلية العالية، ويؤكد زيف مزاعم العدوان حول ما يسمى بـ”عدم جاهزية المطار”، والتي طالما اتخذها ذريعة لاستمرار إغلاقه في وجه ملايين اليمنيين.
ويُعد تفويج الحجاج من مطار صنعاء محطة رمزية مهمة تعكس إرادة الصمود الشعبي والديني والسيادي في وجه الحصار المفروض، كما تؤكد تمسّك الدولة اليمنية في صنعاء بمسؤوليتها الدينية والإنسانية تجاه المواطنين، وتوفير كافة التسهيلات الممكنة لأداء مناسك الركن الخامس من أركان الإسلام.
وفي ظل استمرار الحصار الجوي المفروض من قبل تحالف العدوان الأمريكي السعودي، يُمثل استمرار رحلات الحج إنجازًا وطنيًا وإنسانيًا يعكس صمود الشعب اليمني وكفاءة الطواقم الفنية والإدارية العاملة في قطاع الطيران المدني، كما يُعيد التأكيد على أهمية رفع الحصار بشكل كامل عن مطار صنعاء الدولي باعتباره حقًا إنسانيًا لكل اليمنيين، وليس منّة من أحد.