فوبيا طنطاوي ومسرحية الانتخابات الرئاسية في مصر
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
مبكرا كنت ممن رأوا أن الانتخابات الرئاسية المصرية المقررة بنهاية هذا العام أي بعد 3 شهور تقريبا هي مسرحية هزلية جديدة على غرار ما حدث في 2014 و2018، وربما يكون الجديد فيها هو تغيير شكلي في الإخراج بحيث لا يحصل السيسي على نسبة 98 في المئة كما حدث من قبل، وإنما يكتفي بنسبة 70 أو 75 في المئة مع توزيع النسبة الباقية على باقي المرشحين، الذين يفترض أنهم يقبلون مسبقا القيام بدور الكومبارس، ويرضون بتلك النسب التي لا يحلمون بتحقيقها في ظل انتخابات نزيهة!! والتي ترفع قيمتهم السياسية داخل أحزابهم أو تياراتهم، وتمنحهم لقب مرشح رئاسي سابق!!
لكن ما لفت انتباهي كما لفت انتباه آخرين حالة الهياج الإعلامي الرافض لترشح النائب السابق أحمد طنطاوي، ظهر ذلك في برامج القنوات المملوكة لشركة المخابرات (المتحدة للخدمات الإعلامية، والتي تمتلك غالبية القنوات التلفزيونية الخاصة والصحف والمواقع الإخبارية، وشركات الإنتاج التلفزيوني والسينمائي.
الهياج الإعلامي أو "فوبيا طنطاوي" التي سيطرت على وسائل الإعلام المحلية تكشف خوفا حقيقيا لمعسكر النظام من مرشح جاء من خارج ترتيبات الإخراج المسرحي، وطرح خطابا سياسيا مختلفا عما يريده المخرج، تمسك بتطبيق الدستور على الجميع بدءا من رئيس الدولة وحتى أصغر مواطن، وتعهد بالإفراج عن سجناء الرأي دون تمييز، وطالب بضمانات لنزاهة الانتخابات، ورفض سياسة العزل العنصري ضد ملايين المصريين
هذا الهياج الإعلامي أو "فوبيا طنطاوي" التي سيطرت على وسائل الإعلام المحلية تكشف خوفا حقيقيا لمعسكر النظام من مرشح جاء من خارج ترتيبات الإخراج المسرحي، وطرح خطابا سياسيا مختلفا عما يريده المخرج، تمسك بتطبيق الدستور على الجميع بدءا من رئيس الدولة وحتى أصغر مواطن، وتعهد بالإفراج عن سجناء الرأي دون تمييز، وطالب بضمانات لنزاهة الانتخابات، ورفض سياسة العزل العنصري ضد ملايين المصريين بدعوى انتسابهم للإخوان، مؤكدا أن الفيصل في التعامل مع أي شخص هو الدستور والقانون، والقضاء الطبيعي، وهو ما استنفر الأذرع الإعلامية، فراحت توجه الاتهامات له بأنه يخطط لإعادة الإخوان إلى المشهد، وهو ما يرفضونه بشدة لخطورته على مصالحهم.
لست من حزب طنطاوي، ولا تياره، ولكن هذه الهوجة الإعلامية ضده دفعتني وغيري للتفكير في مدى خطورة هذا المرشح الشاب، وأقصد الخطورة على النظام الحالي وليس على الأمن القومي كما تدعي الأذرع الإعلامية، ورغم قناعتي التامة بأن فوز طنطاوي أو أي مرشح غيره هو من سابع المستحيلات في ظل نظام يدرك أن غيابه عن السلطة يعني نهايته، ومحاكمته، إلا أن تحركات طنطاوي وخطابه، واستمراره في هذه التحركات وهذا الخطاب حتى فتح باب الترشح على الأقل، يمثل ضربات موجعة لنظام هش لا يقوى على مواجهة هذا الخطاب، وقد بذل الغالي والرخيص خلال السنوات الماضية حتى تمكن من تكميم الأفواه، وفرض سياسة الصوت الواحد عبر احتكاره لغالبية وسائل الإعلام، وعبر سنه للمزيد من التشريعات المقيدة لحرية التعبير، والتي بلغت حد المحاسبة على ما ينشر على صفحات فيسبوك.
فبعد أن نجح النظام في سياسة تكميم الأفواه تلك إذ به يواجه مرشحا رئاسيا يتحدث من داخل الدولة وليس من خارجها، كما أنه لا يمكن تصنيفه من أهل الشر، لأنه كان ولا يزال جزءا من معسكر 30 يونيو، وليس من المعسكر المضاد الذي يوصف بأهل الشر، وإذ بهذا المرشح يكسر التابوهات التي فرضها النظام خلال العشرية السوداء، وبالتالي لم تستطع أذرعه الإعلامية الرد على ما يطرحه فلجأت إلى أسلوب الطعن والتخوين، والمطالبة بضبطه وحبسه فورا لخطورته الشديدة، وهي اتهامات تستوجب محاكمة هؤلاء الإعلاميين و"اليوتيوبرز" الذين أطلقوها، لكن أنّى لذلك أن يحدث في ظل سلطة هي التي أطلقت تلك الأبواق وتعهدت بحمايتها.
في مقابل هذا الهياج الإعلامي ضد طنطاوي فإن هناك صمتا بل رضا وترحيبا بباقي المرشحين المعلنين أو المحتملين، لأن هؤلاء المرشحين مطلوبون وفقا للمسرحية، ولكل منهم أدوار مرسوم، وقد يكون أحد تلك الأدوار هو الاشتباك مع طنطاوي أو غيره من المرشحين، ليقدموا مادة دسمة للأذرع الإعلامية، وإبراز الأمر باعتباره تراشق بين مرشحين أو معارضين سياسيين ضد بعضهم، وليس للسيسي أو سلطته علاقة بالأمر كما حدث في أزمة حبس الناشر هشام قاسم
في مقابل هذا الهياج الإعلامي ضد طنطاوي فإن هناك صمتا بل رضا وترحيبا بباقي المرشحين المعلنين أو المحتملين، لأن هؤلاء المرشحين مطلوبون وفقا للمسرحية، ولكل منهم أدوار مرسوم، وقد يكون أحد تلك الأدوار هو الاشتباك مع طنطاوي أو غيره من المرشحين، ليقدموا مادة دسمة للأذرع الإعلامية، وإبراز الأمر باعتباره تراشق بين مرشحين أو معارضين سياسيين ضد بعضهم، وليس للسيسي أو سلطته علاقة بالأمر كما حدث في أزمة حبس الناشر هشام قاسم التي تصورها تلك الأذرع باعتبارها خناقة بين قطبين معارضين أحدهما ناصري والآخر ليبرالي، وأن النيابة قامت فقط بدورها تجاه بلاغ مقدم إليها، رغم أن النيابة ذاتها بكل فروعها تتجاهل مئات بل آلاف البلاغات الأخرى رغم أهميتها البالغة، ورغم أن الكثير منها يمكن أن ينقذ حياة بشر، أو ينقذ مقدرات وثروات الوطن.
في ظل هذا الهياج الإعلامي ضد طنطاوي لنا أن نتوقع كيف ستتعامل السلطة معه في قادم الأيام إذا استمر مرشحا منفردا من خارج الصندوق الرسمي (هناك توقعات بحدوث مفاجآت خلال الشهور الثلاثة المقبلة)، وستكون محطة الاختبار الأولى هي جمع التوكيلات المطلوبة للترشح، والتي يجري جمعها خلال مدة زمنية قصيرة ستحددها اللجنة العليا للانتخابات، رغم أن حملة طنطاوي تنشر أعداد متطوعيها في كل المحافظات لإيصال رسالة عملية بقدرتها على جمع تلك التوكيلات المطلوبة (25 ألف توكيل، من 15 محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف توكيل للمحافظة الواحدة). والمتوقع أن تصدر السلطة توجيهات غير مكتوبة لمكاتب التوثيق إما بتعطيل عمل تلك التوكيلات بحجج مختلفة، أو بإبلاغ السلطات الأمنية عن أصحاب تلك التوكيلات لتهديدهم أو تلفيق قضايا لهم، كما يحتمل أن تدس السلطة توكيلات مزورة ضمن التوكيلات الممنوحة لطنطاوي بهدف استخدامها لاحقا ضده، وإذا نجح طنطاوي في معركة التوكيلات فسوف ندخل مستوى جديدا للمعركة سيتابعه العالم أجمع.
twitter.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الانتخابات المصرية السيسي المرشحين أحمد طنطاوي مصر السيسي انتخابات مرشحين أحمد طنطاوي مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة صحة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما حدث حدث فی
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة توقع اتفاقية تحالف الجامعة الريادية ضمن المبادرة الرئاسية تحالف وتنمية
شهدت العاصمة الجديدة الإعلان الرسمي لنتائج المبادرة الرئاسية "تحالف وتنمية" وتوقيع اتفاقيات التحالفات الفائزة، وذلك ضمن فعاليات مؤتمر IRC EXPO 25 للبحث العلمي والابتكار، يأتي ذلك برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وبتشريف دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
وخلال الاحتفالية أعلن الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي اختيار تسعة تحالفات من أصل 104 تحالف، في خطوة تعكس التوجه الوطني نحو تمكين الجامعات بأفكارها الرائدة وتعزيز دور البحث العلمي والابتكار في دعم الاقتصاد والتنمية المستدامة.
وجاء من بين التحالفات الفائزة تحالف "الجامعة الريادية" بقيادة جامعة القاهرة، في شراكة واسعة تضم المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ورأس مال المخاطر، بهدف بناء نموذج جامعي حديث يسهم في تقليل الفجوة بين التعليم وسوق العمل عبر تطوير منصات ذكية قادرة على قياس المهارات ومواءمتها مع احتياجات السوق، إلى جانب تعزيز حضور رواد الأعمال والشركات الناشئة داخل الحرم الجامعي، بما يدعم التحول المؤسسي نحو الابتكار والاقتصاد القائم على المعرفة.
وقد قام الدكتور محمد سامي عبدالصادق رئيس جامعة القاهرة بتوقيع الاتفاقية ممثلاً عن الجامعة، في حضور دولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وبمشاركة كاملة من جميع أعضاء التحالف الذين حرصوا على التواجد تأكيدًا لالتزامهم المشترك بنجاح هذا التحالف الوطني الطموح.
ويأتي توقيع اتفاقية تحالف "الجامعة الريادية" إيذانًا ببدء مرحلة جديدة تعمل فيها جامعة القاهرة مع شركائها على تطوير بيئة جامعية أكثر تفاعلاً مع احتياجات سوق العمل، وأكثر قدرة على تحويل المعرفة والأبحاث إلى تطبيقات تكنولوجية توفر قيمة مضافة للاقتصاد المصري.
ويضم التحالف شركاء بارزين في منظومة التوظيف والتشغيل الذكي والتوجيه المهني وريادة الأعمال والابتكار، وتشمل مركز مصر للابتكار وريادة الاعمال التابع لمعهد الحوكمة والتنمية المستدامة، وجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر MSMEDA، وشركة EdVentures، وشركة Endure Capital، إلى جانب مجموعة BasharSoft المالكة لمنصات WUZZUF وForasna وشركة iCareer، بما يعكس تكامل الجهود بين الجامعة والقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية لتعزيز ثقافة ريادة الأعمال داخل المجتمع الجامعي.
وعقب التوقيع، وجه الدكتور محمد سامي عبدالصادق الشكر والتقدير لشركاء النجاح الذين أسهموا في إعداد هذا التحالف ورسم رؤيته، وفي مقدمتهم الدكتورة غادة عبد الباري، والدكتورة هبة زكي, والدكتور محمد فريد, والمهندس أمير شريف, والأستاذ عبد الرحمن الحديدي, والسيد عمرو عباسي, والسيد أكرم مروان, والمهندسة دينا خضر، والدكتور عمرو سليمان، وذلك تقديرًا لدورهم الكبير في مراحل الإعداد والتحضير لملف التحالف، مؤكدا تطلع جامعة القاهرة إلى أن يكون هذا التحالف نموذجًا وطنيًا رائدًا يُعاد تطبيقه في الجامعات المصرية، بما يحقق رؤية الدولة في بناء منظومة تعليمية متطورة تُخرّج أجيالًا قادرة على المنافسة والابتكار والمساهمة الفاعلة في الاقتصاد القائم على المعرفة، لافتًا إلى ان الجامعة، من خلال هذا التحالف، ستعمل على تطوير برامج تدريبية ومنصات رقمية متقدمة تساعد الطلاب وحديثي التخرج على اكتساب المهارات المطلوبة لسوق العمل، إلى جانب توسيع نطاق التعاون مع المستثمرين ورأس المال المخاطر لتمكين الأفكار الواعدة وتحويلها إلى مشروعات حقيقية ذات أثر اقتصادي ومجتمعي ملموس.