حكم الصلاة والوضوء بالنسبة لشخص مريض كبير في السن
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
اتفق الفقهاء على أنَّ القيام في الصلاة المفروضة في موضعه فرضٌ على المستطيع، وأنَّه متى أخلَّ المُصَلي بالقيام مع القدرة بطلت صلاته؛ استدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: 238]، وبحديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنِ الصَّلاةِ فَقَالَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» رواه البخاري وأبو داود.
كما اتَّفق الفقهاء على أنَّ مَن لم يستطع القيام في صلاة كان له أن يؤديها كما جاء في هذا الحديث.
ويسقط عنه الوقوف؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالشَّيْءِ فَخُذُوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ» "سنن النسائي" باب الحج (5/ 110، ط. مكتب المطبوعات الإسلامية-حلب).
ثانيًا: الأصل أنَّ الوضوءَ ينتقض بخروج أيّ شيء من القُبُل أو من الدبر؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [المائدة: 6]، وبالسنة المستفيضة، وبالإجماع، وبالقياس على الغائط.
أمَّا مَن به مرض ممَّا سمَّاه الفقهاء سلس البول أو سلس المذي، وهو نزول قطرات ماء من القُبُل في فترات متقطعة مع العجز عن التحكم في منع نزولها؛ فقد قال الفقهاء: إنَّ مَنْ هذا حاله حكمه حكم المرأة المستحاضة التي يسيل منها الدم مرضًا ونزيفًا لا حيضًا.
ذلك الحكم هو وجوب غسل محلّ النجاسة ثم حشو عضو التبول والربط عليه ربطًا مُحْكَمًا، ثم الوضوء، ويُصَلّي مَن هذا حاله بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها، ويتوضأ لفرض آخر بدخول وقته.
وعلى هذا وفي واقعة السؤال: فيجوز للمسؤول عنْ حالِه أن يغسلَ مكان النجاسة ويضع حاجزًا أو حشوًا معينًا ليتمكّن من عدم وصول النجاسة إلى ثيابه، ويتوضأ لكل صلاة، وبهذا لا تنجس ثيابه بما ينزل منه، وليعلم أنَّ عليه التطهّر للصلاة بقدر الاستطاعة وفي نطاق ما تقدّم؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وهو القائل في كتابه العزيز: ﴿فَاتَّقُوا ٱللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
هل الوضوء بالماء الدافئ في الشتاء أقل ثوابًا من استعمال الماء البارد؟.. الإفتاء تجيب
أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الوضوء باستخدام الماء البارد خلال فصل الشتاء يحمل أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً للمسلم، مستشهداً بما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط".
وبين الشيخ عثمان أن المقصود بإسباغ الوضوء على المكاره هو إتمام الوضوء بشكل كامل في أيام الشتاء على الرغم من مشقة برد الماء، مما يدل على كمال إيمان العبد ويرفع درجاته ويحط عن خطاياه.
كما أشار إلى ما ذكره الإمام ابن القيم من أن الوضوء بالماء البارد في شدة البرد يعتبر عبادة، لكن إذا توفر الماء الدافئ والبارد معاً، فيستحب استخدام الدافئ في الأجواء الباردة الشديدة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يختار أيسر الأمور ما لم يكن إثماً.
ولفت إلى أن الوضوء بالماء البارد يكون عبادة عند عدم وجود البديل الدافئ، مستدلاً بالحديث النبوي "إن خير دينكم أيسره"، ومؤكداً أن بعض الناس يخطئون في فهم حديث "أجرك على قدر نصبك"، حيث المقصود أن الأجر يكون على قدر المشقة عندما لا يمكن أداء العبادة إلا بها، وليس تعمد البحث عن المشقة، مع الاستشهاد بقوله تعالى: "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ".
وشدد على جواز تدفئة الماء للوضوء والاغتسال إذا كان البرد الشديد قد يعرض الشخص للهلاك، مستدلاً بقوله تعالى: "وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الرجل الذي أصابته جنابة وكان به جراح فأمره النبي بالاغتسال مع ترك موضع الجراح.