كيف نستفاد من قرارات قمة العشرين ؟
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
انطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي واختتمت اعمالها على مدي يومين بغياب الرئيس الروسي والرئيس الصيني، وبمشاركة زعماء 28 دولة تشمل الاعضاء الاصليين للقمة اضافة الى زعماء الدول المدعوة من قبل الهند لحضور القمة.
وركز الزعماء المشاركون بقمة نيودلهي على العديد من الخطط والحلول الرامية إلى مجابهة الأزمات العالمية وفي مقدمتها التغيرات المناخية - التي هددت بتفاقم الفقر والمجاعات والأزمات الإنسانية ، وأثرت سلبا على خطط التنمية المستدامة في عدد كبير من الدول وخاصة النامية، كما ناقش جدول أعمال القمة العديد من القضايا الهامة من بينها سبل تعزيز التنمية الخضراء وتمويل خطط مواجهة تاثيرات التغيرات المناخية وبرنامج الاتحاد الأوروبي للبيئة والعمل المناخي، وتعزيز النمو الاقتصادي القوي والمستدام والتقدم الذي حدث في جهود تنفيذ خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والتحول التكنولوجي والبنية التحتية الرقمية، وجهود المؤسسات الدولية في تعزيز التنمية وتشكل اقتصاديات دول مجموعة العشرين نحو 85 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75 في المائة من حجم التجارة و60%من حجم سكان العالم .
ومن أبرز أهداف مجموعة العشرين تعزيز الاقتصاد العالمي وتطويره، بالإضافة إلى إصلاح المؤسسات المالية الدولية وتحسين النظام المالي، ودعم النمو الاقتصادي العالمي، وتطوير آليات فرص العمل، وتفعيل مبادرات التجارة الحرة.
ان الذي يهمنا في العراق مالذي يمكن ان يستفاد اقتصادنا من اهداف وقرارات القمة خصوصا والاقتصاد العراقي يعاني من مشكلات عديدة تتفاقم مع تأثرها بازمات وتحديات الاقتصاد العالمي الذي يعاني هو الاخر من توقعات في استمرار ازمة الغذاء والطاقة والمناخ ومشكلات الحرب الروسية الاوكرانية وصراع العملات لبعض الدول الاقتصادية الكبرى وروسيا والصين مع الدولار الامريكي للحد من هيمنته على التعاملات والتبادلات المالية بين الدول .
وبما ان الاصلاح الاقتصادي الناجز في العراق لايتحقق داخليا فقط وانما يتحقق بمقدار ماتستطيع ان تحققه الاجهزة الاقتصادية المختصة في العراق من بناء علاقات مالية وتجارية واقتصادية متنوعة مع دول العالم خصوصا دول قمة العشرين مع التركيز على العلاقات الثنائية مع الدول السبع الصناعية الكبرى والدول ذات الاقتصادات الناشئة الاعضاء في القمة والتي تشكل حاليا قطبا اقتصاديا مهما في مجالات الاستثمار والتنمية المستدامة وبناء علاقات مالية وبنكية مهمة بما ينظم السيطرة على السوق النقدي والتجاري في العراق وفعلا بدأ البنك المركزي بعقد اتفاقات مصرفية مع الهند ومع الصين وتبذل جهود حثيثة لعقد اتفاقات مع دول اوربية .
لذلك نرى ان القرارات التي اصدرتها قمة العشرين يجب اخذها بنظر الاعتبار ودراسة كيفية التعامل معها من خلال تحليلها ومناقشتها في المجلس الوزاري للاقتصاد واعداد تقرير تحليلي وتقييمي يرفع لمجلس الوزراء مع توصيات ووضع خطة زمنية للتحرك لتحقيق تفعيل وتعزيز الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية القائمة مع بعض دول مجموعة العشرين والبحث عن اتفاقيات جديدة مع الدول التي ليس لدينا علاقات معها في المجالات كافة، لان انتظامنا بالنظام الاقتصادي العالمي وبمعاييرة الدولية القياسية هو الحل الاساسي لمشكلاتنا الاقتصادية المركبة والمتراكمة.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار مجموعة العشرین فی العراق
إقرأ أيضاً:
في الذكرى العشرين لاحتراق طائرة قرنق: بين تحذير الغرب… ومصير سافيمبي!
استمعتُ إلى معلومة بالغة الأهمية، وردت في الحوار الذي أجراه الصديق العزيز الطاهر حسن التوم مع الدكتور أمين حسن عمر قبل أيام.
وخلال حديثه عن مفاوضات نيفاشا التي أفضت إلى انفصال الجنوب، ذكر الدكتور أمين معلومة غير مسبوقة:
أن جون قرنق كانت تربطه علاقة متوترة مع الغربيين، وكان أحيانًا يمنعهم من دخول قاعات التفاوض.
ووفقًا لما نقله د. أمين، فقد صرّح قرنق في أحد اللقاءات أن الغربيين ألمحوا له، بصورة تهديدية، بمصير الزعيم الأنغولي جوناس سافيمبي، الذي أُشيع لاحقًا أنه تم اغتياله عبر مؤامرة غربية بعد أن قرر العودة إلى العمل المسلح.
قبل عامين من احتراق طائرة قرنق، كنتُ قد كتبتُ مقالًا تناول هذه المقارنة بينه وبين سافيمبي، ضمن قراءة تحليلية لرمزية المسارات والنهايات في تجارب قادة من إفريقيا.
وفي هذه الذكرى العشرين، أعيد نشر المقال مع بعض التعديل والإضافة.
قرنق ورمزية علي عبد اللطيف ومانديلا… ونهاية سافيمبي؟!
هنالك ثلاث شخصيات في التاريخ الإفريقي المعاصر، سعت جهات موالية للحركة الشعبية وأخرى معادية لها إلى تشبيه الدكتور جون قرنق بإحداها.
المجموعات الشمالية المناصرة للحركة شبَّهته بـ علي عبد اللطيف، لذا ظهرت صورته في إعلانات “جمعة السلام” وهو يقف خلف عبد اللطيف.
أما الجنوبيون، فرأوا فيه مقابلاً سودانيًا للزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا.
وهناك من توقّع له مصيرًا شبيهًا بجوناس سافيمبي، زعيم حركة “يونيتا” الأنغولية، الذي قُتل في ظروف غامضة بعد أن انفضّ عنه الجميع.
فأيّهم كان الأقرب إليه: علي عبد اللطيف، أم مانديلا، أم سافيمبي؟
قرنق وعلي عبد اللطيف: تشابه محفوف بالمفارقة
في الإعلانات الورقية التي أطلقتها الحركة الشعبية لحشد أنصارها، ظهرت صورة قرنق يقف خلف علي عبد اللطيف، وكأنما يُراد تقديمه امتدادًا تاريخيًا لثورة 1924، من جمعية اللواء الأبيض إلى اتفاقية نيفاشا 2005.
الرسالة الضمنية كانت أن ما بين هذين التاريخين، لم يكن ذا جدوى أو اعتبار!
هذا التشبيه لم يكن جديدًا؛ فقد ظهر في مقالات وتصريحات متفرقة، وكان أبرزها إعلان تحالف عبد العزيز خالد انضمامه للحركة في 2002، مستحضرًا رمزية ثورة 1924 وأبطالها: علي عبد اللطيف، وعبيد حاج الأمين، وعبد الفضيل الماظ.
ياسر عرمان، الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية، كان من أكثر من روّج لهذا التشبيه، مؤكدًا أن اختيار علي عبد اللطيف زعيمًا لحركة اللواء الأبيض كان صفعة قوية للاستعمار البريطاني.
لكن هذا التشبيه لا يخلو من تعقيدات؛ فكثير من الجنوبيين لا يرون في عبد اللطيف رمزًا جامعًا.
فصورته لديهم إما لشخص مستلب الهوية، أو لبطل تم استغلاله من قبل النخبة العربية، ثم تُرك لمصيره في مستشفى العباسية، حيث تُوفي دون ضجيج في 29 أكتوبر 1948.
كما أن حصر رمزية قرنق في امتداد لعلي عبد اللطيف قد يُقيّده بقالب تاريخي ضيّق، ويحول دون تحوله إلى قائد قومي جامع، متجاوز للحدود الجهوية والعرقية.
قرنق ومانديلا: حلم لم يكتمل
كان الجنوبيون أكثر ميلًا لتشبيه قرنق بمانديلا، وهو ما بدا أقرب إلى وجدانه هو نفسه، نظرًا لارتباطه الرمزي بكبار الاشتراكيين الأفارقة: لوممبا، نيريري، ومانديلا.
الحركة الشعبية حاولت تقديم الصراع في السودان كصورة مكررة من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ولذلك استعارت كثيرًا من أدبيات تلك التجربة.
لكن الواقع السوداني مختلف.
فمانديلا بدأ بنضال سلمي، ثم انتقل إلى الكفاح المسلح بعد سنوات طويلة.
أما قرنق، فدخل الحلبة السياسية من بوابة البندقية، وظل يحتفظ بجيشه حتى بعد توقيع اتفاق السلام، تحسّبًا لأي انتكاسة.
قال مانديلا: “كنت أعرف ضد ماذا أقاتل أكثر من معرفتي بما أقاتل لأجله.”
بينما ظل قرنق يرى أن الخيار العسكري يظل قائمًا إذا ما اقتضت الظروف.
ويبقى السؤال:
هل كان قرنق سينجح في التحول من ثائر إلى رجل دولة، قادر على بناء السلام، وتسليم السلطة طواعية؟
أم كان سينضم إلى قافلة الزعماء الذين يختزلون الأوطان في كراسيهم؟
قرنق وسافيمبي: المصير الذي كان يخشاه
أما المقارنة التي تُثير أقسى الهواجس، فهي مع جوناس سافيمبي، زعيم حركة “يونيتا” في أنغولا، التي خاضت حربًا منذ 1966 ضد الحكومة، بدعم أمريكي، مستفيدة من تجارة الماس، والسيطرة على نحو 30% من البلاد.
في 1994، وقّعت “يونيتا” اتفاق سلام بضغط أمريكي، لكن سافيمبي عاد إلى العمل المسلح بعد رفض نتائج الانتخابات.
وفي 2002، اغتيل في ظروف غامضة، وتُركت جثته بلا غطاء… من قبل الحلفاء أنفسهم الذين رافقوه طويلًا!
قرنق كان يدرك هذا المصير جيدًا،
ويبدو أنه كان يتحسب له، كما نقل د. أمين حسن عمر، عندما قال إن الغربيين لوّحوا له به، إنذارًا مبطنًا:
“إياك أن تكون سافيمبي آخر!”
وقد بذل قرنق جهدًا للحفاظ على تماسك جيشه، وعدم السماح باستقطاب قادته أو تفكيك قواته.
لكنه لم يحرص بما يكفي على عدم التورط في أي سلوك قد يجعل الغرب ينقلب عليه… كما انقلب على سافيمبي.
خاتمة
هل كان قرنق يرى نفسه في مرآة عبد اللطيف، ويتطلع لأن يُقارن بمانديلا، بينما يخشى أن يُكتب له مصير سافيمبي؟
ربما كانت هذه الأسئلة تملأ ذهنه… قبل أن تسقط طائرته في جبال الأماتونج، في 30 يوليو 2005.
واليوم، بعد مرور عشرين عامًا على تلك اللحظة المفصلية، لا يزال اسمه حاضرًا بقوة.
والنقاش حول مصيره: هل كان بيد الأقدار والصدف، أم بفعل فاعل؟… لم ينتهِ بعد.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب