سليانة: الوشم الأمازيغي.. بين تاريخ ثقافي ومعتقدات أجيال سابقة (فيديو)
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
تعد معتمدية كسرى من ولاية سليانة شمال غرب تونس، من أشهر قرى الأمازيغ في البلاد وأقدمها ،وحتى اليوم لازالت ملامح سكانها الأصليين بارزة على الجسم والوجه تعبر عن ثقافة وتقاليد عريقة عبر رموز حفرت على الجلد بالإبر .
نصر العماري كاتب ومربي وباحث في الحقل الثقافي أصيل ولاية سليانة قال في تصريح إن الوشم هو فن قديم يمارسه البشر منذ العصور القديمة للتعبير عن هويتهم وثقافتهم وتاريخهم، والثقافة الأمازيغية واحدة من الثقافات التي تمتلك تراثًا غنيًا من الأوشام يعبر عن تاريخهم وهويتهم الثقافية.
ولفت إلى أن الوشوم الأمازيغية تشمل رموزًا وأنماطًا فريدة تعكس قيم ومعتقدات الأمازيغ، وكانت تُستخدم لأغراض متنوعة، على سبيل المثال استخدمت الوشوم لتحديد الهوية القبلية أو المكانة الاجتماعية للشخص ( كوشم النخيل والطيور في علاقة بالرفعة والمكانة الاجتماعية )، وتستخدم أيضًا للحماية من الأمراض أو لزيادة الجاذبية الجنسية او الحماية من الظواهر الطبيعية، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك الوشوم الأمازيغية قيمة رمزية كبيرة تصل حد القداسة، حيث يمكن أن تحمل الوشوم رسائل تاريخية ذات طابع روحاني (كعلامة القاطع والمقطوع على الجبين والذقن خاصة لدى النسوة ) .
لطالما اختلفت الدلائل والمعاني للوشم الأمازيغي بين من يعتبره تراثا ثقافيا يحاكي تاريخ القبائل ومعتقداتهم وصولا لحياتهم اليومية توثق على الجلد، وبين اخر اعتبرها ضربا من ضروب التحصين والحماية من الأرواح الشريرة، وفق روايات أغلبها خرافية.
ويبقى الوشم الأمازيغي جزءًا مهمًا من تراث الأمازيغ والثقافات الأفريقية القديمة الأخرى، إذ يعكس تنوع وثراء هذه الثقافة ويسهم في الحفاظ على الهوية الأمازيغية والتراث الثقافي الغني لهذا الشعب.
نبيهة الصادق
المصدر: موزاييك أف.أم
إقرأ أيضاً:
مجلة "تراث" تستعرض صورة النخلة ومكانتها في الثقافة الإماراتية
عن هيئة أبوظبي للتراث، صدر بالإمارات العدد الجديد رقم 308 لشهر يونيو الجاري، من مجلة تراث التي تهتم بالتراث وقضاياه.
وتصدر العدد ملف بعنوان "النخلة في اللسان الإماراتي.. مفردات ومعان"، واحتى على أحد عشر مشاركة تنوّعت ما بين الدراسة والمقال، وكتبتها أقلام إماراتية وعربية.
وفي افتتاحية العدد الجديد من المجلة، أكدت رئيسة التحرير شمسة الظاهري، على أن شجرة النخيل تمثل رمزًا جوهريًا في الوجدان الإماراتي عبر العصور.
واعتبرت أن النخلة تجاوزت بعدها المادي الملموس لتتحوّل إلى بُعد ثقافي ورمزي وروحي عميق، حيث تسللت إلى اللغة اليومية وترسخ حضورها في الذاكرة الشفهية والعادات والتقاليد.
وأوضحت "الظاهري" أن المفردات الإماراتية المتصلة بالنخلة تُعد "امتدادًا للتراث الشفهي المتوارث جيلًا بعد جيل، حيث حملتها الألسن في الأحاديث والأمثال والقصائد.وذكرت أمثلة مثل "الكرب" و"الدعن" و"العذوق"، مؤكدةً أن هذه المفردات "تكشف عن حس لغوي دقيق وتفاعل مُباشر مع تفاصيل البيئة، وكل منها يحمل دلالة تشهد على عمق العلاقة بين البيئة واللسان، وتؤكد أن النخلة لم تكن مجرد شجرة في نظر الإماراتي بل رمزًا للكرم والثبات والعطاء المستمر.
ولفتت إلى "هذه المفردات بدأت تتأكل من الذاكرة اليومية" متأثرةً بالتحوّل الحضري والتكنولوجي وهيمنة اللغات الأجنبية. إلا أنها شددت على أن "تراجع الاستخدام لا يعني زوال المعنى"، ونوّهت إلى الجهود الحثيثة المبذولة للحفاظ على هذا الموروث اللفظي. وفي هذا السياق أشارت إلى المبادرات التوثيقية في المعاجم التراثية، وتضمين بعض هذه المفردات في المناهج الدراسية، وتسليط الضوء عليها في الفعاليات والمهرجانات التراثية، مثل "مهرجان الإمارات الدولي للنخيل والتمر - أبوظبي"، و"مهرجان العين للتمور"، و"مهرجان ليوا للرطب". كما بيّنت إسهامات المنصات الإعلامية والمجلات المتخصصة في التراث "في إبقاء هذا الموروث حيًا في ذاكرة المجتمع".
وفي ختام كلمتها، أكدت شمسة الظاهري على أن "إحياء اللغة المرتبطة بالنخلة مسؤولية ثقافية ووطنية لا تقع على عاتق المؤسسات وحدها، بل تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المدرسة، وتروى بأقلام الكتاب والباحثين حتى تصل إلى الطفل".
ودعت إلى تربية الأجيال الجديدة على أن كلمات مثل "الخصف" و"الدريشة" و"الصوغة" ليست كلمات من الماضي، بل "نوافذ على هوية ما زالت تنبض بالحياة".
النخلة في الأمثال الشعبية
وقد افتتح ملف العدد، بمقال لخالد صالح ملكاوي حمل عنوان "النخلة.. الخالدة في اللسان خلودها في الذاكرة"، سلّط خلاله الضوء على العلاقة المتجذرة بين النخلة والهوية الإماراتية. وتعمق عادل نيل في الجانب الشعري من خلال مشاركة بعنوان "أنسنة النخلة في القصيدة الإماراتية: من الانزياح اللغوي إلى التعبير عن الذات".
وقدّم محمد نجيب قدورة رؤيته حول النخلة وحضورها في اللغة والتراث بمقال جاء بعنوان "النخلة لب استدامة الهوية في اللفظ والمعنى"، بينما استعرضت نجلاء الزعابي "دلالات النخيل: قراءة في الأمثال الشعبية الإماراتية". وسلّط محمد فاتح صالح زغل الضوء على "تجليات النخلة في فكر الشيخ زايد باعتبارها سيرة حياة ثقافية".
وفي الملف أيضاً: حاورت أماني محمد ناصر الباحث الإماراتي علي العبدان حول "مفردات النخيل في اللهجة الإماراتية"، أما الأمير كمال فرج فقدم "قراءة في تشكلات الصورة وجماليات التعبير: النخلة في الشعر: سيميائية الرمز وتعددية الدلالة".
وفي إطار إبراز المجلة لجهود إحياء التراث، كتبت أماني إبراهيم ياسين عن "مسابقات إماراتية تجدد الشعر: 'النخلة بألسنة الشعراء' إحياء سيرة الشجرة المباركة"، وواصل محمد فاتح صالح زغل كتابة سلسلة مقالاته: "بيدار اللهجة الإماراتية فيما طابق الفصيح.. ألفاظ النخيل وحقولها المتنوعة"، وشارك علي تهامي بموضوع عن "النخلة في الذاكرة الإماراتية: قراءة في الأمثال الشعبية مع عتيج القبيسي". واتخختمت المجلة ملف العدد بمقال "ذاكرة النخيل" بقلم لولوة المنصوري.
الناقة والشعر
وفي موضوعات العدد: واصل عبد الفتاح صبري حديثه عن "الباب: سيرة للقيم الإنسانية". وطار بنا ضياء الدين الحفناوي إلى العاصمة اليابانية طوكيو، حيث حدثنا عن تراث الساموراي إلى عالم الحداثة، ورصد من خلاله التحولات التاريخية للعاصمة اليابانية. فيما قدمت لنا نايلة الأحبابي، قصيدة "وداع الله" للشاعر سلطان بن سبيع المنصوري، وتناول محمد عبد العزيز السقا في مقاله "نسج الحكايا" تفاصيل رحلة منسا موسى إلى الحج عام 1324م، بينما أثرى الدكتور شهاب غانم صفحات المجلة بمشاركة الشعرية "ثلاثيات روحانية".
وفي موضوعات العدد أيضاً: كشف الدكتور منّي بونعامة في تحقيقه"سور الشارقة" عن جوانب من التاريخ المعماري للإمارة، وأضاءت نجلاء الزعابي على تقاليد "استقبال الحجيج في الإمارات" كمظهر من مظاهر الكرم الأصيل. وتتبّعت نورة صابر المزروعي "تحولات الأداء الحركي في العصر الرقمي"، وقدم حمزة قناوي رؤية نقدية حول "صناعة السينما" ودورها في توثيق تاريخ المجتمعات. ورصد محمد محمد عيسى المكانة الثقافية لـ"الناقة من حيوان صحراوي إلى كيان شعري"، بينما حلّل شريف مصطفى محمد إشكالية صراع القيم والتوازن الهش في المجتمعات المعاصرة". وجال بنا علي تهامي بين فصول وصفحات كتاب "الطعام والكلام" الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب، ووثّق خالد صالح ملكاوي إسهامات "شعراء الإمارات في رحاب البيت العتيق". واستعرضت مريم النقبي سيرة "الشاعر سعيد بن أحمد العتيبة (1916-2024)"، واختتمت عائشة علي الغيص موضوعات العدد بـ"حكاية "المربيات في كل وادي".
يُذكر أن مجلة "تراث" هي مجلة تراثية ثقافية منوعة، تصدر عن هيئة أبوظبي للتراث، وترأس تحريرها شمسة حمد العبد الظاهري، والإشراف العام لفاطمة مسعود المنصوري، وموزة عويص وعلي الدرعي. والتصميم والتنفيذ لغادة حجاج، وشؤون الكتاب لسهى فرج خير، والتصوير لمصطفى شعبان.
وتُعد المجلة منصة إعلامية تختص بإبراز جماليات التراث الإماراتي والعربي الإسلامي، في إطار سعيها لأن تكون نزهة بصرية وفكرية، تلتقط من حدائق التراث الغنّاء ما يليق بمصافحة عيون القراء.