على الرغم من شعبيته.. هل يدعم العلم فوائد زيت إم سي تي؟
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
في عالم يُكرَس فيه انطباع عام بأن المكملات الغذائية تفعل كل شيء -من جودة النوم إلى تحسين الرؤية- تصاعد مؤخرا الترويج لزيت "إم سي تي" باعتباره يحتوي على العديد من الفوائد الصحية المهمة.
وزيت "إم سي تي" منتج معالج من زيت جوز الهند أو زيت النخيل يتم تناوله غالبا كمكمل غذائي سائل أو مسحوق "يضاف إلى القهوة أو العصائر أو صلصات السلطة أو حتى لترطيب البشرة الجافة"، وفقا لجيل وايزنبرجر اختصاصية التغذية المسجلة في فرجينيا.
لكن، على الرغم من انتشاره فإن خبراء تغذية قالوا لصحيفة "يو إس إيه توداي" الأميركية إن "بعض الفوائد الصحية لهذا الزيت تستند إلى دراسات صغيرة تحتاج لمزيد من البحث، أما البعض الآخر فغير مدعوم علميا على الإطلاق".
وفي أبريل/نيسان الماضي تناول موقع "هيلث لاين" سبع فوائد صحية لإضافة زيت "إم سي تي" إلى النظام الغذائي، وذكر أنه تم ربطه بانخفاض السعرات الحرارية وخسارة الوزن، لكنه أشار إلى أنه "لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث".
وأشار الموقع إلى أن زيت "إم سي تي" قد يزيد الطاقة، لكن الأدلة على ذلك متضاربة، كما أقر بأن هناك أدلة محدودة على أنه يساعد الأطفال المصابين بالتوحد، وهو نفس ما فعلته مجلة "فوربس" الأميركية عندما تحدثت عن خمس فوائد صحية لذلك الزيت، وعقبت على كل فائدة محتملة بأن الأبحاث بشأنها محدودة، وأن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث.
نمت شعبية هذا الزيت بفضل نظام الكيتو الغذائي، ويعد أحد الدهون الثلاثية متوسطة السلسلة، وهو موجود بشكل طبيعي في أطعمة، مثل زيت جوز الهند وزيت النخيل وبعض منتجات الألبان كالزبدة والجبن والزبادي وحليب البقر والماعز.
لكن "الزيت ذاته -كسائل شفاف- يستخرج من جوز الهند ونواة النخيل"، كما تقول كارولين سوزي اختصاصية التغذية المعتمدة والمتحدثة باسم أكاديمية التغذية الأميركية.
وأوضحت سوزي أن "جزيئات هذا الزيت -التي تعتبر أصغر من جزيئات العديد من الدهون الأخرى- هي التي تعطيه ميزة فريدة تجعله أسهل في الهضم"، حيث "ينتقل إلى الكبد مباشرة من خلال الدورة الدموية، ليتم تحويله إلى طاقة قابلة للاستخدام"، وفقا لاختصاصي التغذية المعتمد أنتوني ديمارينو.
ويؤيدها ديمارينو بقوله "إن النظريات التي صنعت هالة صحية حول زيت "إم سي تي" لا تزال تتطلب المزيد من البحث، حيث لم يتمكن الباحثون من تقديم أدلة ملموسة".
خفض الوزن: كثيرا ما يقال إنه "من المحتمل أن يكون زيت "إم سي تي" أداة فعالة في خسارة الوزن، لأنه مرتبط بالشعور بالشبع"، لكن وايزنبرجر تقول "إن الأدلة العلمية ليست قوية في دعم هذه النقطة، فقد أظهرت دراسات صغيرة فقط فوائد قليلة جدا لهذا الزيت لصالح خسارة الوزن".وتعلل ذلك بأن "الدهون الثلاثية متوسطة السلسلة لا تزال دهونا، وأن السعرات الحرارية في زيت "إم سي تي" مرتفعة جدا، حيث تحتوي ملعقة كبيرة على 120 سعرا حراريا".
كما حذرت اختصاصية التغذية المعتمدة جاكي نيوغنت عبر مجلة فوربس من أن "زيت إم سي تي لا يزال يوفر سعرات حرارية كبيرة، وقد يؤدي إلى زيادة الوزن إذا تمت إضافته بانتظام إلى النظام الغذائي"، مضيفة أنه "لا ينصح به للأشخاص الذين يعانون من نقص الأحماض الدهنية الأساسية".
وكانت دراسة نشرت عام 2015 أشارت إلى أن "هناك حاجة لمزيد من البحث لقياس تأثير هذا الزيت في ما يتعلق بفقدان الوزن".
زيادة القوة البدنية: أما عن زيادة القوة البدنية وتعزيز الطاقة -اللذين يعدان إحدى الفوائد التي تم ربطها بزيت "إم سي تي"- فتوضح كارولين سوزي أنه "ادعاء يحتاج إلى مزيد من الأبحاث".كما يحذر ديمارينو من المبالغة في الادعاء بأنه يمكن لزيت "إم سي تي" أن يوفر دفعة سريعة من الطاقة بعد استهلاكه، قائلا "إن عملية التمثيل الغذائي معقدة للغاية وليست بهذه البساطة".
وخلاصة ما قاله الخبراء لصحيفة "يو إس إيه توداي" إن "هناك القليل من الفوائد الصحية المزعومة المرتبطة بزيت "إم سي تي" تدعمها النتائج العلمية بالفعل"، وإن معظم ما يقدمه هو مجرد "وعود، وعود، وعود"، على حد وصف كليفلاند كلينك.
وعلى الرغم من أن ديمارينو يرى أن "تضمين زيت إم سي تي في النظام الغذائي بجرعات صغيرة يعتبر آمنا للأشخاص الأصحاء" فإنه في الوقت نفسه يحذر من أن "تناوله بجرعات كبيرة قد يتسبب في آلام بالبطن وغثيان وقيء وإسهال، كما قد يؤدي الاستخدام طويل الأمد منه إلى تراكم الدهون في الكبد".
وهو ما يؤكده دكتور فنسنت بيدري -الذي يملك ويدير مؤسسة للصحة التكاملية في مدينة نيويورك- بقوله لفوربس "إن التأثير الجانبي الرئيسي لتناول زيت "إم سي تي" هو الأعراض المصحوبة بالغازات أو الانتفاخ أو آلام أو تشنجات البطن".
أيضا، تقول وايزنبرجر "إن زيت أو مسحوق "إم سي تي" ليس مناسبا للجميع، ومن الأفضل تجنبه لمن يعاني من مرض القلب أو الكبد الدهني".
وتضيف أنه حتى بالنسبة للأشخاص الأصحاء الذين يفكرون في تناول زيت "إم سي تي" أو مكملاته "من الأفضل لهم التحدث مع الطبيب قبل البدء في ذلك".
وبالإضافة إلى ذلك، يقول الخبراء لمجلة فوربس إن "زيت إم سي تي قد لا يكون آمنا للحوامل أو المرضعات أو المصابين بداء السكري".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفوائد الصحیة إلى مزید من من الأبحاث هناک حاجة
إقرأ أيضاً:
حين يكتب الدّعاة بالدم.. قراءة في رسائل الشهادة من دعاة غزة إلى دعاة الأمّة
في غزة، حيث تتداخل الدّعوة بالمعركة، وتتقاطع الآيات مع أزيز الرصاص، لا يبقى للنظرية مساحة خالصة، ولا للحياد مكان آمن؛ فكلّ شيء هناك يُختبر على حوافّ النزف، ويُوزن في ميزان الفعل، ويُقرأ في كتاب الدم لا الورق.
ليلةٌ أخرى من ليالي غزة الحارّة، توغّلت فيها يد الاحتلال خلسة، تظنّ أنّ الليل ستار، وأنّ البارود أبلغ من الصوت، لكنّ الأرض نطقت، واليقظة انطلقت، وسُجّلت على الرمال دماءٌ لم تكن لمقاتلين فحسب، بل لدعاةٍ حملوا العلم والقرآن، وساروا به إلى مواقع الاشتباك.
لم تكن تلك اللحظة مجرّد عمليّة اغتيال في قصف جوي، أو في تسلل أمنيّ، بل كانت شهادة من نوع آخر، كتبتها أجساد تحمل في صدرها علما، وتختزن في روحها دعوة، وتؤمن أنَّ ما بين المنبر والمتراس شعرة، لا يفصلها إلا صدق النيّة وعلوّ الهمّة؛ إنّهم دعاة غزة الذين ما فتئوا يجودون بأرواحهم ليكتبوا سطور دعوتهم بالدم؛ وما أبلغ الداعية حين يكون دمُه لسانَه النّاطق.
الوجه الجديد للعالِم.. من الفتوى إلى الفداء
منذ عقود طويلة، استقرّ في أذهان كثيرين نموذجٌ نمطيّ للعالِم؛ رجلٌ وقور، محاطٌ بالمجلّدات، يُفتي من وراء حجاب، وينأى بنفسه عن ضجيج السياسة أو طين الواقع؛ غير أن غزة، في لحظاتها الصادقة، أعادت تشكيل هذا النموذج.
ما عادت ساحة العلم تقتصر على المساجد، ولا حلقات الدرس وحدها تخرّج العلماء؛ بل باتت خطوط التماس ميدانا جديدا يُنتج عالِما متقدّما لا يتوارى حين تشتدّ الكلفة، ولا يبرّر تخلّفه بلغة التوازنات أو الحياد الأكاديميّ
لقد قدّمت غزة للعالم صورة للعالم والداعية لا يفصل بين الحبر والدم، ولا بين الدرس والرصاصة؛ إنّه رجلٌ قرأ في الفقه، ثم كتبه بالدم، ولم يجعل من تخصّصه حجابا، بل جسرا، ولم يرَ في الشهادة نهاية الرحلة، بل تمام الموقف.
وما عادت ساحة العلم تقتصر على المساجد، ولا حلقات الدرس وحدها تخرّج العلماء؛ بل باتت خطوط التماس ميدانا جديدا يُنتج عالِما متقدّما لا يتوارى حين تشتدّ الكلفة، ولا يبرّر تخلّفه بلغة التوازنات أو الحياد الأكاديميّ.
هكذا، تكشف دماء دعاة غزة عن بُعدٍ ثالثٍ للعلم؛ بعد الحضور في الثغور، والانحياز العمليّ للحق، ورفض أن يتحوّل العالِم إلى مؤرّخ صامت على مجازر العصر.
بين منابر الغُرف المكيّفة وخنادق الدعوة الحيّة
لم تكن تلك الدماء مجرّد إدانةٍ للعدوّ المحتلّ، بل صفعة هادئة لتيارٍ دينيّ عريض، استمرأ البقاء على مسافة آمنة من المعركة.
كم من دعاةٍ اليوم تلبّسوا لبوس الشريعة، لكنهم حوّلوها إلى واجهة دعائيّة أو بضاعة قابلة للتسويق؟ كم من الخطباء ازدحموا على شاشات الفضائيّات، لكنّ حديثهم لم يكن إلا ترجمة لأهواء السلاطين أو نزوات السوق؟ كم من المتحدّثين باسم الإسلام يتوشّحون لغة الإصلاح وهم يقدّمون برامجهم بين إعلان لعطر فاخر وترويجٍ لمنتج منزليّ؟
إنّ صورة الداعية الذي يصعد من ساحات النار، مضرّجا بدمه، تفوق في أثرها آلاف الحلقات المنمّقة؛ إنها تعيد ضبط البوصلة، وتضع المتلقّي أمام المفارقة المؤلمة؛ من يمثّل الإسلام حقا؟ أهو من صعد على منصة، أم من سقط في الميدان؟
ولئن بقيت الدعايات تزيّن وجوه المترفّعين، فإن الوعي الشعبيّ لا يُخدَع طويلا؛ لحظة الشهادة تبقى لحظة تطهير؛ وكما أنّ الدماء لا تكذب، فإنها لا تسمح لغيرها بالكذب في حضرتها.
فلسطين في ميزان الدعوة.. أولويّة أم واجب مؤجَّل؟
لطالما صدّرت المؤسّسات الدعويّة خطابا يُجمّل فلسطين بعبارات الصدارة والقدسيّة، لكنّ السؤال الذي يُطرَح بإلحاح: أين تقع فلسطين فعليّا في أولويّات العالِم الإسلاميّ الدعويّة اليوم؟
البيانات المتكرّرة، والخطب الموسميّة، والدعوات العابرة، لا تكفي لأن تكون فلسطين قضيّة حيّة؛ إنّما تحيا القضايا حين تصبح جزءا من البرنامج اليوميّ للداعية، حين يُزرع الوعي بها في الدروس، ويُعاد تأطير الصراع معها في ذهن الجيل الجديد.
فإذا كان دعاة غزة يواجهون الاحتلال ببنادقهم ومصاحفهم، فإنّ سلاح الدعاة في العالم الإسلامي هو الكلمة، والخطاب، والتوجيه. ولا معنى لهذا السلاح إذا لم يُشهَر، ولا جدوى له إن بقي محفوظا في مجلّد أو مؤجَّلا إلى "ظرف أنسب".
العالم الذي لا يُعلن موقفه من قضيةٍ بهذه الجلاء، ولا يوجّه جمهوره نحوها بتخطيطٍ وتفعيلٍ ومناهج واضحة، يكون شريكا -بصمته- في خذلان القضية، حتى لو أنكر ذلك بألف بيان.
بين المعرفة والموقف.. مسؤولية لا تقبل التأجيل
العالِم الحقيقي لا يُقاس بمدى ما يملكه من معرفة، بل بمقدار ما تَصنع هذه المعرفة فيه من موقف.
العالِم الحقيقي لا يُقاس بمدى ما يملكه من معرفة، بل بمقدار ما تَصنع هذه المعرفة فيه من موقف
وهذا ما جعل دماء الدعاة في غزة لا تمرّ كحادثٍ عابر؛ بل جعلت من أجسادهم الممتدّة على الإسفلت الغزّي، وثائق أخلاقيّة حيّة، تُدين صمت الصامتين، وتربك من اعتادوا أن يعيشوا دور الناصح دون أن يدفعوا ثمن النصيحة.
في تلك اللحظات، لم تكن غاية الشهداء أن يصبحوا رمزا، بل كانوا يقومون بواجبٍ بسيطٍ في عيونهم، عظيمٍ في المعيار الربّاني؛ أن يثبتوا حيث ينبغي الثبات، أن يُتمّوا العلم بالفعل، أن يوقّعوا على صدق دعوتهم لا بالحبر، بل بالدم.
صدق لا تمحوه السنين
غزّة لا تكتب كثيرا، لكنّها حين تكتب تفعل ذلك بالدم؛ ومَن يكتب بالدمّ لا تُمحى كلماته، ولا تُنسى رسائله.
لقد قدّمت غزة إلى الأمّة نماذج نقيّة من الدعاة، ممن اختلط في وجدانهم العلم بالإيمان، والتفقّه بالبطولة، فصاروا شهداء بلا استعراض، وأعلاما بلا تكلّف.
وهؤلاء، وإن غابوا بأجسادهم، فإنّ أثرهم لا يندثر؛ لأنّهم قالوا للدين: "نحن معك حتى النهاية"، وللدعوة: "لسنا نداء، بل جسدا"، وللعلم: "نحنُ الترجمة".
أما البقيّة، فعليهم أن يجيبوا عن السؤال الصامت الذي تتركه صور الشهداء خلفها: ما قيمة علم لا يُصاحبه صدق؟ وما وزن دعوةٍ لا تبلغ الثغور؟
x.com/muhammadkhm