شهدت الساحة السياسية داخل الاحتلال حالة من الغضب الشديد تجاه منظمة الثقافة والتربية والعلوم التابعة للأمم المتحدة- اليونسكو التي أضافت تل السلطان في مدينة أريحا إلى قائمة المواقع التراثية باعتباره موقعا أثريا فلسطينيا، وبينما اعتبر الفلسطينيون القرار الأممي إقرارا يحمل شهادة على أصالة هذا الموقع التاريخي، فإن خارجية الاحتلال زعمت بأنه "قرار ملتوي".



إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أن "القرار الأممي تم اتخاذه خلال اجتماع المنظمة الدولية في الرياض، وبحضور وفد إسرائيلي لأول مرة".

وقال في تقرير ترجمته "عربي21"، "أنه بالرغم من محاولات حكومة نتنياهو إحباط صدوره، لكن لجنة التراث التابعة لليونسكو أعلنت أن تل السلطان هو أحد مواقع التراث العالمي الجديدة، ويضاف إلى قائمتها، وقررت دولها الأعضاء الاعتراف بالتلّ باعتباره موقعا للتراث العالمي الفلسطيني، كما أوضح القرار أن قرب هذا الموقع توجد مواقع تراثية يهودية ومسيحية غير مدرجة في القائمة، لكن هناك قيمة في الحفاظ عليها".



وأضاف آيخنر، "أنها ليست المرة الأولى التي تصوت فيها منظمة اليونسكو لصالح الاعتراف بموقع التراث العالمي الفلسطيني، ففي عام 2017 قامت بتعريف مدينة الخليل القديمة على هذا النحو، أما تل السلطان، المعروف باسم تل أريحا، فهو التلة المركزية في المدينة، ترتفع عن محيطها 21 متراً، ومساحتها 40 دونماً، تضم العديد من الآثار، منها برج أريحا الدائري وقطره 8.50 متراً، وتم الحفاظ عليه بارتفاع 7.70 متراً".

وأشار، "إلى أن تاريخ أقدم تجمع إنساني في التل يعود إلى سنة 9500 قبل الميلاد، وقال أحد الدبلوماسيين إنه تم وضع الموقع على القائمة لترشيحه منذ ثلاث سنوات، ولم تعرب خلالها أي دولة عن معارضتها لإدراجه، حيث لا توجد بقايا يهودية أو مسيحية في الموقع، فيما ناشد عضو الكنيست دان إيلوز من حزب الليكود الأمين العام لليونسكو لمنع تصنيف أريحا القديمة كموقع للتراث العالمي الفلسطيني".

ونقل مراسل يديعوت أحرنوت، عن مسؤولين بوزارة خارجية الاحتلال قولهم، "إن قرار اليونسكو لا علاقة له بأي شكل من الأشكال بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما أنه ليس صائبا تقديمه بهذه الطريقة، مشيرين لرسالة الأمين العام للجنة التراث التابعة لليونسكو، والجهود العديدة التي بذلتها الأمينة العامة لليونسكو، (اليهودية) أودري أزولاي، لموازنة القرار".

وأوضح "أن وزارة الخارجية ترى أن القرار علامة أخرى على استخدام الفلسطينيين لليونسكو، وتسييسها، وستعمل إسرائيل مع أصدقائها الكثيرين في المنظمة لتغيير كل القرارات المشوهة التي اتخذت".



من جانبه وصف وزير التراث في حكومة الاحتلال عميحاي إلياهو قرار اليونسكو، بأنه "تشويه للتاريخ، متهما اليونسكو بالتصرف خلافا للحقيقة الموضوعية عندما تعترف بموقع أريحا القديمة كموقع فلسطيني، وتعطي الشرعية للفلسطينيين، بينما تقوم بإنكار ممنهج للتراث اليهودي، والإضرار به".

وزعم إلياهو، "أن اليونسكو تختار تحويل القضية المهمة المتمثلة بالحفاظ على التاريخ إلى أداة سياسية، وتحدي دولة الاحتلال".

وبينما يحتج الاحتلال على قرار أممي منصف للتراث الفلسطيني، فقد "كشفت الكثير من التقارير عن جهود خطيرة تبذلها لتحويل أضرحة لشخصيات إسلامية بارزة، وأماكن عبادة لمناطق مهجورة ومهملة، وتحويل بعضها لمناطق عسكرية، كما تظهر مراجعة تاريخية منذ بدء الاحتلال للضفة الغربية عام 1967، تمييزا في التعامل بين المقامات التراثية التوراتية والإسلامية، وعدم اعتراف بالأماكن الدينية للمسلمين، بل إهمالها.

وأكدت إيريت سيغولي الناشطة الحقوقية في تحقيق لموقع "محادثة محلية"، أن "الكثير من المواقع التاريخية والأثرية الإسلامية مسجونة اليوم في مستوطنات، ومحميات طبيعية، وحالتها المتهالكة تهدد وجودها، بما ينتهك القانون الدولي الذي يلزم المحتلين بحق إقامة الشعائر الدينية في أربعين من مواقعهم التراثية".

وأضافت في تحقيق ترجمته "عربي21"، "أن النموذج الصارخ يتمثل بمقام السيدة الزهراء عند قرية دير جرير، حيث يؤمّه المسلمون، ولكن في محيطه تم بناء نصب تذكاري لوزير السياحة رحبعام زئيفي، الذي قتلته المقاومة في 2001".

وأوضحت، "أنه مع مرور الوقت تم تدمير المقام بالكامل، بفعل جرافات الجيش والمستوطنين، وبات الوصول إليه مغلق أمام الفلسطينيين، ومدخله يمر عبر بوابة المستوطنة، فهناك مسجد سلمان الفارسي في قلب مستوطنة يتسهار، لكن وصول المسلمين إليه مغلق ببوابة وسياج الاستيطان، ووضعت سلطة المحميات الطبيعية لافتة كتبت عليها (ألوني يتسهار) مع إغفال متعمد للاسم الإسلامي".



وأشارت إلى "وجود مقام الشيخ بلال الذي أقيمت على أنقاضه مستوطنة إيلون موريه بمحمية طبيعية، تغطي 26 ألف دونما من الأراضي الفلسطينية، وعلى الحافة الشرقية للجبل الكبير يقف المقام، نسبة لأول مؤذن في الإسلام، وكان يأتيه مسلمون من قرى دير الحطب وسالم وعزموت وروجيب وعورتا، ومن مدينة نابلس عند سفح الجبل، لكنه اليوم تحت إدارة سلطة الطبيعة الإسرائيلية، وأصبح خرابا ومتشققا، والقذارة فيه مخزية".

وختمت بالقول أن "الاستيلاء الاسرائيلي على المواقع الأثرية الإسلامية، يترافق مع ازدراء وتدمير للتراث والمواقع الدينية الفلسطينية، ومنع الفلسطينيين من الوصول لمواقعهم التراثية، وتهويد المكان من خلال إنشاء مواقع تذكارية لمستوطنين وجنرالات إسرائيليين محتلين، وتتواصل الوفود الجماعية لليهود دون انقطاع، في الحرم الإبراهيمي بالخليل، وقبر راحيل ببيت لحم، وقبر يوسف بنابلس".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الاحتلال اليونسكو المواقع التاريخية المواقع الأثرية الاحتلال اليونسكو مواقع أثرية مواقع تاريخية صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

فخاخ الطحين.. حيث يصطاد الاحتلال جوع الفلسطيني

لم تكن ماريا شيخ العيد، ذات الأربعين عامًا، تملك ترف الاختيار بين الموت أو الانتظار. في فجر رمادي من يونيو، شدّت حجابها على رأسها وخرجت وحدها من خيمتها المتواضعة في مواصي خان يونس، تاركة خلفها سبعة أفواه صغيرة جائعة، وعدتهم بكيس دقيق وقليل من الزيت والسكر من مركز توزيع المساعدات غرب رفح، وقالت إنها لن تعود إلا به. لم تعلم أنها ستعود فعلًا، لكن لا محمّلة بالخير، بل محمولة في كيس أبيض كُتب عليه «هنا تنتهي القصة».

دماء على كيس الطحين

ماريا، هي شهيدة المساعدات الثانية في عائلتها، بعد أن فقدت زوجها بالطريقة ذاتها قبل نحو شهرين. فكانت لصغارها الأم والأب والمعيل في وقتٍ لم يعد فيه للغزيين إلا الأمل. كانت تحتمي بضعفها كامرأة، في يومٍ خُصص لتوزيع المساعدات للنساء فقط. زحفت وسط الزحام، تواسي قلبها المتعب بصورة أطفالها ينتظرونها عند مدخل البيت. لكنها لم تصل، فطلقة واحدة من قناصٍ إسرائيلي وضعت نهاية لصراعها مع الجوع، وأسقطتها أرضًا، جثةً تنزف في صحراء «المساعدات».

تركت ماريا 7 أطفال، أكبرهم (14 عامًا)، أيتامًا تمامًا، ينتحبون بكاءً من الفقد، وتصرخ أمعاؤهم من شدة الجوع، محاصرين بين وجع اليتم والهزال على بوابات مستشفى ناصر الطبي بخان يونس.

أسبوعان من الجوع كانوا كافيين ليحفروا في قلب ماريا رغبة بالحياة، أو ما تبقى منها. خرجت لترى المساعدات، فكان في انتظارها رصاص، وبدل كيس الدقيق، كيس موتى. هكذا يعود الفلسطيني من رحلة الخبز في زمن الحصار.

مصائد للذبح

في ظلال المجاعة الخانقة التي تضرب قطاع غزة، خرجت منظمة أُطلق عليها اسم «غزة الإنسانية» إلى العلن في 25 مايو الماضي، وهي مبادرة مشتركة أمريكية إسرائيلية، قيل إنها جاءت لتوزيع المساعدات الغذائية على المدنيين. لكن الأرض تشهد بما هو خلاف ذلك، فالمراكز التي خصصت لتوزيع الطعام أصبحت شراك موت، حيث يُقتل فيها الناس وهم يحملون بطاقات الانتظار بدلًا من البنادق، ويحملون الأطفال بدلًا من الأكياس.

هذه المنظمة، رغم صيغتها الوردية، لم تكن يومًا محل ثقة لدى الفلسطينيين، ولا حتى لدى منظمات الإغاثة الدولية. جميع التقارير الأممية أكدت أن هذه المراكز تحوّلت إلى «مصائد للذبح»، وأنها وُضعت لا لتخفيف المجاعة، بل لتجميل صورة الاحتلال الغاصب، وتبرير وحشيته أمام الرأي العام الغربي.

منذ مايو وحتى الآن، استُشهد أكثر من 1066 فلسطينيا أمام هذه المراكز. الرقم لا يعكس الحجم الكامل للفاجعة، لأن بين القتلى أطفالًا ونساءً وعجزة، لم تكن أيديهم قادرة على حمل السلاح، بل فقط أكياس بلاستيكية صغيرة أمِلوا أن يملؤوها بالقليل من الغذاء.

تزامنًا مع تفاقم المجاعة وإغلاق المعابر منذ الثاني من مارس، تحولت هذه المراكز إلى نقاط تجمع مرصودة ناريًّا، حيث تنتهي حياة الناس في اللحظة التي يصلون فيها إلى بوابة النجاة. لا حديث عن شحنات أو كميات، بل عن دقة القنّاص، وزاوية الرؤية، وسرعة الرصاصة في ملاحقة الحلم.

شاهدة نجت

في منطقة الشاكوش بمدينة رفح، وفي يوم قائظ لم يرحم الوجوه المتشققة ولا الأجساد الظامئة، سقطت نجاة شاهين مغشيًا عليها. كانت قد جاءت مشيًا على الأقدام من دير البلح، في محاولة منها لانتزاع بعض الطحين لأبنائها الذين غرقوا في الجوع. خمس وخمسون عامًا من العمر لم تكن ثقيلة عليها بقدر ما أثقلها الانتظار والخذلان.

حين اقترب منها بعض الشبان، رأوا في وجهها علامات جفاف لم يسبق لهم أن شاهدوها من قبل، قدموا لها شربة ماء في كيس بلاستيكي، فقد نفدت الأكواب، وتحوّلت الصحراء إلى مساحة لا مكان فيها لراحة ولا كرامة. ارتشفت الماء كله، ثم سكبته على وجهها المحترق من الشمس. لم تستطع الحديث، واكتفت بالبكاء، بينما غطت وجهها بحجابها وهمست: «رموا علينا قنابل.. رموا علينا رصاص».

أرادت فقط أن تطعم أبناءها، لكنها وجدت نفسها بين القنابل والدخان. قالت لهم إنهم كذبوا عليهم، إنهم وعدوهم بمساعدات فإذا بالجحيم ينتظر عند كل مفترق. مشهد نجاة لم يكن الوحيد، لكن دموعها كانت كافية لتلخص قهر أمهات غزة، اللواتي يتنقلن بين الجوع والقصف بحثًا عن شقفة خبز وجرعة ماء.

ساحة حرب

هناك في محيط مراكز توزيع المساعدات، لا شيء يشبه المساعدات ولا ما يحيط بها يشبه الحياة. في مشهد أشبه بساحة حرب، تتراكض الأجساد الهزيلة وتتعثر، بينما يصفر الرصاص فوق الرؤوس كأنّه يتعمّد إصابة الجائع في قلبه. العشرات يركضون حفاة، يتدافعون بعشوائية، ثمّ فجأة يسقط البعض أرضًا، فيما يصرخ آخرون: «هربنا.. هربنا»، كأنهم نفضوا أيديهم من كل شيء عدا الغريزة.

يعلو صراخ النساء، يركض الأطفال وهم يصرخون بلا اتجاه، يلتفون حول شاحنة ظنّوها تحمل الخلاص، فإذا بها تصير فخًا مكشوفًا، ونيشانًا ثابتًا لجنود الاحتلال المختبئين خلف أكوام الرمل. عندها لا يسع الناس سوى الارتماء على الأرض، والاحتماء ببعضهم، بأجسادهم، بأكياس الطحين الممزقة على الرمال.

الوجوه شاحبة، والأعين مذهولة، كأنهم يفيقون كل مرة على حقيقة أنهم مستهدفون حتى في لحظة بحثهم عن كسرة خبز. تلك اللحظة التي يفترض أن تكون استثناءً من الموت، تحوّلت هي ذاتها إلى مرمى نيران، إلى كمين حي، إلى لغم إنساني.

في هذا المشهد، لا ترى أعلامًا بيضاء، ولا ممرات آمنة، بل مجرد بشر يتسابقون مع الموت على رغيف. كل شيء يوحي بأنّ هناك من أراد للمساعدات أن تُلقى كطُعم، وأن يُختبر الفلسطينيون بين جوعهم وخوفهم. وللأسف، لا يخيّبون الظنّ: فهم يأتون رغم كل شيء، يتقاطرون من كل حي، حاملين أملًا ممزوجًا بالدم.

رصاص زكيم

في أقصى شمال القطاع، وتحديدًا في المنطقة المعروفة باسم زكيم، التي تحولت إلى ساحة موت شبه يومية، يخرج المواطنون من منازلهم التي استهلكها القصف والجوع على حد سواء، لا يحملون سوى قلوبهم، وأملًا بأن تأتي شاحنات المساعدات متأخرة، لكن غير مرصودة.

أحد هؤلاء، سعيد حمدان، في الأربعين من عمره، كان يركض وقد حمل على ظهره كيس دقيق ثقيل، لكنه بدا عليه وكأنه يحمل طفله الرضيع. كان يلهث، ويتلفت يمينًا ويسارًا، وعيناه تترقبان الموت في أي لحظة. صرخ: «كنت سأموت! كنت سأدفع روحي ثمنًا لكيس الطحين هذا!».

لم يكن يبالغ. القنابل كانت تتساقط على رؤوس الناس، بينما كانت شاحنات المساعدات تفرغ حمولتها بعيدًا، تحت حراسة الاحتلال. وُضعت الحواجز، ثم أطلقت الرصاصات، وراح الضحايا يتساقطون واحدًا تلو الآخر، كما لو أن كل كيس طحين كان يحتاج إلى تضحية إنسانية.

جحيم النابلسي

وفي محور «نتساريم» وسط القطاع، بدا المشهد أكثر قسوةً ودهشة. ليس فقط لأن عدد الضحايا كان أكبر، بل لأن الطرق المؤدية إلى شاحنات المساعدات كانت مفروشة بالجثث، والدماء تغسل الإسفلت. خرج الناس جائعين، وعادوا محمولين على الأكتاف، فالخبز هنا لا يأتي إلا مع الرصاص.

أحمد الأخرس، شاب ثلاثيني، كان يقود دراجته بسرعة خيالية. يحمل حقيبة صغيرة على ظهره، وقد علا وجهه البؤس والهلع، قال: «منذ أسبوع وأنا أذهب إلى مراكز توزيع المساعدات في النابلسي، وأرى الموت بعيني. أتعرض للذل كي أحصل على لقمة الطحين لإخوتي وللصغار من أهلي».

كل يوم يغامر بحياته، ولا يضمن العودة. أضاف خلال حديثه لـ«عُمان» أن المساعدات لا تصل إلى المستحقين، وأن من يموتون هناك لا يُعرفون بأسمائهم، بل يُحسبون أرقامًا. لا شفقة، لا إنقاذ، فقط قنابل ودموع، وجرعة ألم تُضاف إلى أرشيف لا ينتهي من المآسي.

رفح المحاصرة

أما مدينة رفح، التي باتت رمزًا للموت الصامت، فالقصة فيها تتكرر بصورة أكثر ظلمة. هناك، يقف الناس في طوابير طويلة، لا يطمحون بشيء أكثر من كرتونة طعام صغيرة، فيها القليل من الزيت وأرز وربما السكر إن حالفهم الحظ.

محمد الأشقر، رجل في الأربعينات، كان يحمل كرتونة خفيفة فوق كتفه كمن يحمل كنزًا. قال لـ«عُمان»: «قالوا إن هناك مساعدات، وذهبنا لجلبها، الحمد لله ربنا وفقنا في الحصول على هذه الكرتونة. لا نجد اللقمة. نحصل عليها بالموت والشقاء والتعب. من فم الحصار هذا».

كان جسده نحيفًا كجذع شجرة ضربتها النار، لكن عينيه تلمعان بوميض النصر الصغير، كمن انتصر على الجوع ولو مؤقتًا. لم يكن يعرف هل سيعود اليوم التالي حيًا أم لا، لكنه كان سعيدًا بتلك الوجبة التي سيشاركها مع أسرته المنهكة.

حرب بالتجويع

زاهر الوحيدي، رئيس وحدة المعلومات بوزارة الصحة في قطاع غزة، تحدث لـ«عُمان» قائلًا: «استُشهد أكثر من 1066 شخصًا من طالبي ومنتظري المساعدات أمام مراكز التوزيع التي تديرها ما يسمى منظمة غزة الإنسانية، والتي بدأت عملها في مايو الماضي». وأضاف أن قصة الجوع الشديد بدأت بعد الثاني من مارس 2025، حين أُغلقت المعابر وتوقفت التهدئة.

وأوضح الوحيدي، أن وزارة الصحة بدأت ترصد ارتفاعًا مروعًا في أعداد الوفيات الناتجة عن المجاعة وسوء التغذية، فبعد أن كانت الوفيات مقتصرة على الأطفال دون سن الخامسة، بدأت الأرقام تشمل كبار السن، ومرضى السرطان، وضغط الدم، والسكري، وهي فئات لم تعد تملك مقاومة الحرب بالتجويع.

وأكد أن هذه ليست مجاعة عادية، بل هي حرب معلنة من قبل الاحتلال عبر أدوات التجويع، بعدما فشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني بالقصف والصواريخ، فلجأ إلى أسوأ وسيلة عرفتها البشرية: الجوع.

واختتم الوحيدي تصريحه بالقول: «حتى الأمس، سجلنا 122 حالة وفاة نتيجة المجاعة، من بينهم 83 طفلًا. هذه الأرقام تتزايد بشكل يومي، وإن لم يتم فتح المعابر بشكل فوري، فإن الكارثة الإنسانية ستتفاقم إلى مستوى لم يشهده العالم من قبل».

مقالات مشابهة

  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة يعتمد قرارين لصالح فلسطين
  • اليونسكو تدرج 26 موقعا يمنيا على القائمة التمهيدية للتراث العالمي
  • لماذا تلوح بريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين.. وما تأثير ذلك على علاقتها بأمريكا؟
  • اليونسكو تدرج 26 موقعاً يمنياً جديداً على قائمتها التمهيدية للتراث العالمي
  • اليونسكو تدرج 26 موقع تراث ثقافي وطبيعي يمني على القائمة التمهيدية للتراث العالمي
  • قوات الاحتلال تعتقل مواطنين من أريحا
  • وفد معهد الشارقة للتراث يزور معالم تاريخية في «زنجبار»
  • الاحتلال يستدعي سفيرة هولندا احتجاجا على قرار منع بن غفير وسموتريتش
  • فخاخ الطحين.. حيث يصطاد الاحتلال جوع الفلسطيني
  • الاحتلال في القانون الدولي: بين الإرهاب والعنصرية وأزمة الضمير الدولي