أوسلو فى الثلاثين حصاد الهشيم
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
مرت هذا الشهر الذكرى الثلاثون لاتفاقية أوسلو التى وقعها الزعيم الفلسطينى «ياسر عرفات» مع رئيس الوزراء الإسرائيلى «إسحاق رابين» داخل البيت الأبيض وبمشاركة من الرئيس الأمريكى «بيل كلينتون» فى الثالث عشر من سبتمبر عام 1993. فاجأ التوقيع على الاتفاق حلفاء «أبو عمار» وخصومه فى الساحتين الفلسطينية والعربية، والذى كان ثمرة لمفاوضات سرية بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى فى العاصمة النرويجية أوسلو، عقب مؤتمر مدريد الدولى للسلام فى العام 1991، الذى وصفه «إدوارد سعيد» بأنه كان الحديقة الخلفية لأوسلو.
خلال الثلاثين عاما من توقيع أوسلو جرت فى النهر مياه كثيرة، لكن المؤكد أنها لم تحقق السلام بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، وظلت كما سميت فى نصوصها «إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتى الانتقالى « يسمح بتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية ، وبمجلس تشريعى منتخب فى الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى يكون الهدف النهائى التالى الوصول إلى تسوية دائمة فى أعقاب فترة انتقالية لا تتجاوز خمسة أعوام، تستند إلى قرارى مجلس الأمن الدولى 242 و338. لكن الانتقال إلى تلك المرحلة لم ولن يحدث أبدا.
لم يكن الكاتب الإسرائيلى «عاموس عوز» مبالغا حين قال إن اتفاقات أوسلو تعد «ثانى أكبر نصر فى تاريخ الصهيونية» وطبعا النصر الأول الذى يقصده هو هزيمة العرب عام 1948 وإقامة الدولة الإسرائيلية، فقد فتحت أوسلو الباب واسعا أمام أكثر من خمسين دولة من دول العالم، لعودة العلاقات مع إسرائيل بينها الصين والهند وعدد من الدول الأفريقية والأسيوية، كانت فى السابق ترهن تلك العودة بمنح الشعب الفلسطينى حقه فى تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود يونيو 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم.
هيأ الغزو العراقى للكويت مناخا دوليا مواتيا، لكى تنجح إسرائيل عام 1991 فى حشد الدعم الدولى لإلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1975، باعتبار الصهيونية أيدولوجية عنصرية إمبرالية، وشكلا من أشكال العنصرية. وكان الاتحاد السوفيتى قد سقط، وبشر قادته الجدد أن حل قضية الشرق الأوسط وغيرها من القضايا الدولية، يقوم على مبدأ «توازن القوى» وليس على نظرية «توازن المصالح» وخلال ثلاثين عاما انتهت أوسلو كما أرادت إسرائيل تماما: حكم ذاتى هش، سلطة وطنية تزداد ضعفا كلما اشتد الحصار الإسرائيلى عليها، انقسام فى الساحة الفلسطينية غير مسبوق، إمارة إسلامية فى غزة بعد استيلاء حماس عليها عام 2007، توارى فكرة الدولة الفلسطينية، بعدما استولت إسرائيل بالاستيطان على معظم أراضى الضفة الغربية والقدس.
أما أكبر انتصار جنته إسرائيل من أوسلو، فهو وصفها الفلسطينيين فى أوسلو بالسكان، وقيام المنظمة بحظر العمل المقاوم للاحتلال والتسليم بأنه إرهاب، وغيرها من التنازلات التى تثبت الممارسات الواقعية لدولة إسرائيل أنه لافرق لديها بين المعتدلين والمتطرفين ولا بين المتدينين وغير المتدينين سوى فى مفردات اللغة، وأن المشروع الرئيسى لليكود والعمل كما قال المفكر «روجيه جارودى» هو مشروع استيطانى توسعى إمبريالى عدوانى، لبناء إسرائيل الكبرى خلف قناع الحقوق التاريخية المؤسسة على معتقدات توراتية، لم تثبت الدراسات فى تاريخ الأديان، أن لها سندا من الحقيقة.
وبجانب ذلك نجحت إسرائيل خلال تلك الحقبة فى تقبل المجتمع الدولى بخرافتين تكسبها مزيدا من التنازلات وإضاعة الوقت وجنى الانتصارات، وهما الدعوة للتفاوض من أجل التفاوض، ومبدأ السلام مقابل السلام، بدلا من الشعار العربى فى مبادرة السلام العربية :«الأرض مقابل السلام. وفى الذكرى الثلاثين لأوسلو التى لم تمنح الفلسطنيين أمنا أو سلاما، يجرى الحديث فى المحافل الدولية الداعمة لإسرائيل لأسلو ثانية!
وليس ببعيد عن ذلك الضغوط الغربية، الأمريكية والأوروبية التى تمارس على السعودية لإقامة علاقات مع إسرائيل، بزعم أن ذلك سيحسن شروط التسوية مع الفلسطينين. ولعل ولى العهد السعودى الأمير «محمد بن سلمان» بما يملكه من فطنة وذكاء وبصيرة، ومن قدرة على مواجهة الضغوط والإفلات من الفخاخ المنصوبة له، أن يدرك أن تطبيع العلاقات الخليجية مع إسرائيل، لم تحصد قضية التسوية منه أية ثمرة وكان محض تنازلات مجانية، وأن ورقة الضغط العربية الوحيدة الآن على إسرئيل، هى فى يده، لرهن تطبيع علاقات المملكة السعودية معها، بتسوية عادلة للقضية الفلسطنية، تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام، بضمانة هيئة الأمم المتحدة، وطبقا للمبادرة السعودية التى قبل بها العرب جمعيا بإنهاء الاحتلال ومبادلة الأرض مع إسرائيل فى مقابل التطبيع.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة رئيس الوزراء الاسرائيلي ياسر عرفات مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
نيوزيلندا: ندعم الدولتين للقضية الفلسطينية والحل العسكري لن يجلب السلام
أكدت ممثلة نيوزيلندا في كلمتها أمام مؤتمر "حل الدولتين" المنعقد في نيويورك، أن بلادها تساند بشكل كامل الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، مشددة على أن "الحل العسكري لم ولن يجلب السلام إلى المنطقة".
وقالت الممثلة النيوزيلندية خلال الجلسة العامة للمؤتمر: "نحن في نيوزيلندا نؤمن إيمانا راسخا بأن الحل الدائم والعادل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إقامة دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام، ضمن حدود معروفة ومعترف بها دوليا".
وجاءت هذه التصريحات في سياق توافق دولي لافت شهده المؤتمر، الذي ترأسه كل من السعودية وفرنسا، والذي شهد مشاركة رفيعة من عشرات الدول، بما فيها المملكة المتحدة التي أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل، إلى جانب تجديد فرنسا التزامها باتخاذ خطوة مماثلة في التوقيت ذاته.
وفي الوثيقة الختامية للمؤتمر، التي حملت عنوان "إعلان نيويورك"، تم التأكيد على أهمية "اتخاذ إجراءات جماعية وعملية لإنهاء الحرب في غزة، وإطلاق عملية سياسية تقود إلى تسوية نهائية للنزاع، عبر تنفيذ حل الدولتين".
وشددت الوثيقة على ضرورة إنشاء لجنة انتقالية لإدارة شؤون غزة فور وقف إطلاق النار، تحت مظلة السلطة الفلسطينية، والعمل على إنهاء سيطرة حماس على القطاع، وفقًا لمبدأ "دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، وسلاح واحد".
كما دعا الإعلان إسرائيل إلى إصدار التزام صريح بحل الدولتين، ووقف كل أشكال التحريض والعنف ضد الفلسطينيين، ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي، بما يشمل القدس الشرقية.
وقالت ممثلة نيوزيلندا في ختام كلمتها: "الوقت حان لتحويل الأقوال إلى أفعال. نحن ندعم إعلان نيويورك بكل بنوده، وندعو جميع الأطراف إلى الالتزام بخارطة طريق واقعية تقود إلى مستقبل يعمه السلام والعدالة".