هذا ما حدث فعلا في لقاء بايدن ونتانياهو
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
في الأسابيع الأخيرة دار الكثير من النقاش حول سن جو بايدن. وهو شيخ كبير. ولكن أتعرفون ما الذي يصاحب التقدم في العمر، فضلا عن المشية البطيئة ونسيان الكلمات؟ إنها الحكمة، وعلى وجه التحديد، كيفية التعامل مع مواجهة دبلوماسية خطيرة الشأن دونما تفجير لكل شيء (أو تفجير كل شيء قبل الموعد الذي تريد لها الانفجار فيه).
وذلك هو ما أعتقد أنني رأيته في اللقاء الثنائي بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يوم الأربعاء الماضي في نيويورك.
أحبط ذلك اللقاء كثيرين من الصحفيين والناس في إسرائيل ممن أعرفهم شخصيا؛ لأن نتانياهو خرج من اللقاء ليحكي للجميع عن مدى الدفء والود الذي وسم اللقاء. وتكلم بايدن عن الروابط الأبدية بين أمريكا والدولة اليهودية. وكثير من الإسرائيليين يمقتون نتانياهو إلى حد أنهم ودوا لو وبخه بايدن على الملأ بسبب الانقلاب القضائي الذي قام به، فلما لم يحدث ذلك ظنوا أن اللقاء كان فرصة هائلة أهدرت.
قلت لهم، أفهمكم، أفهمكم. لكن ألم تروا؟ ألم تروا؟
فقالوا، نرى أي شيء؟
في حين كان بايدن يضع ذراعه اليمنى علنا على كتف نتانياهو ـ وذلك تحديدا لكي يمنع أي هجمات من الجمهوريين بسبب الإفراط في الشدة على الإسرائيليين ـ سمعت الرئيس وكأنه يستعمل يده اليسرى في أن يدس الواجب سرا في جيب بيبي. كان ذلك أشبه بعمل الساحر الذي ينبغي عليك أن تعثر على إعادة له بالعرض البطيء لكي تراه.
أتعرفون ما التكليفات الواردة في ذلك الواجب؟ من واقع خبرتي الصحفية أرى أن التكليفات تمضي بصورة عامة وفق الاتجاهات التالية:
«بيبي، إنك تريد هذه الاتفاقية التي من شأنها أن تطبع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وأنا الآخر أريدها. ولكن من أجل تحقيق هذه الصفقة عليَّ أن أقوم بعمل شيء بالغ الصعوبة حقا، وهو أن أصوغ معاهدة دفاع مشترك مع المملكة العربية السعودية وربما الموافقة على نوع ما من البرامج النووية السلمية للمملكة في ظل قيود صارمة. وسوف يكون لزاما على القائد السعودي ولي العهد محمد بن سلمان أن يفعل شيئا بالغ الصعوبة، وهو تطبيع العلاقات بين وطن أقدس موقعين في الإسلام وهما مكة والمدينة وبين الدولة اليهودية. وأنت الآخر سوف يكون لزاما عليك أن تفعل شيئا بالغ الصعوبة».
«سوف يكون لزاما عليك أن توافق على شروط التطبيع مع المملكة العربية السعودية التي سوف تقتضي منك أن تحجم على نحو يمكن التحقق منه المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وأن تحسِّن ظروف المعيشة والسفر للفلسطينيين هناك، وأن تعزز الإدارة الفلسطينية في المزيد من المناطق المأهولة بالسكان بما يتفق مع أوسلو، وأن توافق بشكل عام على خطوات ملموسة تحافظ على خيار حل الدولتين، على الرغم من أن اتفاق ائتلافك يدعو إلى ضم الأرض.
والآن يا بيبي، فإنني، وأنا صديقك العزيز الشيخ القريب الودود، لا يمكن أن أملي عليك طريقة إدارتك لسياساتك، ناهيك بأن أطلب منك أن تدمر ائتلافك الجنوني بالموافقة على شروط لا يمكن أن يبلعها من في ائتلافك الحكومي من يهود يمينيين متطرفين مؤمنين بالتفوق اليهودي. لا، لا يمكن أن أفعل ذلك. فمن شأن هذا أن يكون تدخلا في شؤونك السياسية. وسيكون هذا خطأ. إنما أكتفي بأن أقول لك إن هذا هو الواجب الذي عليك أن تحله يا صديقي العزيز القديم القريب الودود. وموعد حل الواجب هو الأسابيع القليلة القادمة».
لقد كان درسا رفيعا في كيفية وضع رئيس للولايات المتحدة مسؤولية قرار مصيري على كاهل قائد إسرائيلي، وهو قرار يمثل لذلك القائد الإسرائيلي أعنت تحدٍّ في مسيرته المهنية السياسية كلها. بمعنى: إما أن تفجر مجلسك الوزاري المتطرف الذي أقمته لتحول دون دخولك السجن ـ وتستبدل به ائتلافا وحدويا طبيعيا ـ أو تدمر فرصة إقامة السلام مع المملكة العربية السعودية الذي قد يمهد الطريق لقبول إسرائيل في العالم الإسلامي كله.
وفعل بايدن ذلك كله بأن بدا على ما هو عليه حقا، أي صديقا حقيقيا لإسرائيل على الدوام، ينزع فتيل أي هجمة سياسية معاكسة قد تقع في أمريكا.
ولذلك فإنني لا أخوض في الجدال الدائر حول ما إذا كان بايدن أسنّ من أن يخوض الانتخابات الرئاسية القادمة. إنما يكفيني أن أقول لكم إنه في ما يتعلق بالدبلوماسية فإن العمر والخبرة هما أعظم ذخائر ذلك الرجل.
وبالمناسبة، أنا أيضا كبير السن بعض الشيء ـ فقد بلغت للتو السبعين من العمر. لكن قدرتي على الإبصار لم تزل ممتازة. والأمر الطيب في الشيخوخة ـ حين تكون مصحوبة بحدة البصر ـ هو عدم الاحتياج إلى إعادة عرض بالتصوير البطيء لرؤية ساحر دبلوماسي يعمل.
توماس فريدمان كاتب مقال رأي في الشأن الخارجي في نيويورك تايمز
«خدمة نيويورك تايمز»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العربیة السعودیة علیک أن
إقرأ أيضاً:
لقاء مرتقب بين ترامب والشرع في السعودية.. و"تنازلات محتملة"
كشفت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، الإثنين، أنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنظيره السوري أحمد الشرع، خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية.
وأوضحت الصحيفة أنه من المقرر أن يلتقي الشرع بترامب ضمن مجموعة تضم الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اللبناني جوزيف عون.
وتابعت أن اللقاء سيكون فرصة ليضغط الرئيس السوري من أجل رفع العقوبات الأميركية المفروضة على بلاده.
وأبرزت أن هذا الضغط قد يقابله تقديم "عدة تنازلات، بما في ذلك إتاحة الفرصة للشركات الأميركية لاستغلال الموارد الطبيعية في صفقة معادن على غرار ما حدث في أوكرانيا".
وتكافح سوريا لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاما.
وفي إشارة إلى تحول محتمل في سياسة واشنطن، قال ترامب، الإثنين، إنه قد يخفف العقوبات الأميركية.
وأضاف ترامب للصحفيين: "سيتعين علينا اتخاذ قرار بشأن العقوبات.. قد نرفعها عن سوريا، لأننا نريد أن نمنحها بداية جديدة".
وأفادت "ذا تايمز"، نقلا عن مصادر أمنية، بأن الشرع قد يعرض أيضا "إجراء محادثات بشأن الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية".
وأكملت: "قد يكون (الشرع) مستعدا لإنشاء منطقة منزوعة السلاح أو السماح لإسرائيل بالاحتفاظ بوجود أمني في جنوب غرب سوريا، حيث أنشأت القوات الإسرائيلية منطقة عازلة بجوار مرتفعات الجولان، وهي منطقة احتلتها عام 1967".
ومع ذلك، يبدو أن هناك انقساما بين كبار مستشاري ترامب حول جدوى اللقاء مع الشرع.
وتُعتبر مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، من بين أولئك الذين يُفهم أنهم ما زالوا حذرين بشأن اللقاء، وقد يحاولون منعه، حسب المصدر ذاته.
في المقابل، يُعتقد أن آخرين، بمن فيهم المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، أكثر تأييدا لعقد هذا اللقاء، لأنهم يدركون مدى استعداد ترامب للاستغناء عن البروتوكول والتقاليد لإبرام الصفقات، وفق "ذا تايمز".