بغداد- بينما أكد العراق التزامه بالاتفاق المبرم مع إيران بخصوص نزع سلاح المعارضة الإيرانية التي تتخذ من إقليم كردستان العراق مقرا لها، شددت طهران على ضرورة تنفيذ العراق كامل الاتفاق القاضي بنزع سلاح تلك الجماعات التي وصفتها "بالإرهابية والانفصالية".

وقال مراقبون إن الاتفاق لم يُنفذ بالكامل حتى الآن، وإن ما تم تنفيذه هو الجزء المتعلق بإبعاد هذه الجماعات عن الشريط الحدودي بين البلدين.

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية العراقية تأمين كامل الحدود مع إيران وإبعاد الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة عن الشريط الحدودي بين البلدين شمالي العراق.

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف للجزيرة نت، إن الحكومة العراقية بدأت بتنفيذ الإجراءات الخاصة بتأمين الحدود المشتركة مع إيران بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق.


واضح المعالم

وأضاف الصحاف أن ذلك تم بموجب الاتفاق المبرم بين الطرفين "واضح المعالم"، وبموجب التزام العراق بدستوره الذي يؤكد أن "لا تُستخدم الأراضي العراقية مقرا أو ممرا لإلحاق الضرر والأذى بأي من دول الجوار".

وفي نهاية أغسطس/آب الماضي، أعلنت كل من بغداد وطهران توقيع اتفاقية أمنية لتفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان على الحدود مع إيران.

وتقضي الاتفاقية بإيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل البلدات الحدودية العراقية، مقابل تفكيك بغداد تجمعات تلك المعارضة وإبعادها عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين منهم.

وبموجب الاتفاق، تطالب طهران حكومة بغداد بنزع سلاح التنظيمات المعارضة والنشطة شمالي العراق حتى 19 سبتمبر/أيلول الجاري.

وبحسب اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق وإيران، تم إخلاء جميع مقرات المعارضة الإيرانية الموجودة على الحدود الفاصلة بين البلدين.

كما أُبعدت عناصر المعارضة التي كانت متمركزة في تلك المقرات بعد نزع أسلحتها، ومُنح أفرادها صفة لاجئين، وحلت مكانها قواتُ حرس الحدود العراقية.

العراق أكد أن أمن الحدود مسؤولية مشتركة مع إيران (رويترز-أرشيف) فِرَق للتحقق

وفي تصريحات للتلفزيون الإيراني، الجمعة الماضي، قال قائد الأركان الإيراني محمد باقري، إن ما سمّاها بالجماعات الإرهابية والانفصالية في العراق ابتعدت عن الحدود مع بلاده، وإن الاتفاق الأمني بين البلدين، والذي تقرر إنهاء تنفيذه حتى الثلاثاء الماضي، ينص على نزع سلاح تلك الجماعات بالكامل.

وطالب باقري بتنفيذ ما جاء في الاتفاق -الذي وقّعه أمينا مجلسي الأمن القومي الإيراني والعراقي قبل نحو 6 أشهر- بشكل كامل، وشدد على ضرورة نزع أسلحتها بالكامل وطردها من العراق.

وأعلن أن القوات المسلحة الإيرانية "ستنتظر بعض الوقت وسترسل فرقا للتحقق من نزع سلاح تلك الجماعات ثم ستقرر بشأن ما ستتخذه من إجراءات".


صمت المعارضة

من جهته، أفاد رئيس حزب سربستي كردستان المعارض عارف باوة جاني، بأن المعارضة قررت "السكوت حاليا حفاظا على أمن العراق وإقليم كردستان العراق، ولا نريد أن نكون جزءا من المشكلة، وسنتحدث في وقت لاحق".

وأكد جاني، للجزيرة نت، أن جميع الأحزاب السياسية الإيرانية المعارضة "تحررية وليست أحزابا أو حركات طائفية أو دينية، وهي من قومية واحدة كردية".

وقال إن تاريخ وجودها يعود إلى عشرات السنين، "وهي ليست جديدة أو ناشئة كما تدعي السلطات الإيرانية"، وفق تعبيره.

من جانبه، يرى الخبير الأمني العراقي فاضل أبو رغيف، أن نزع سلاح الجماعات المسلحة الإيرانية المعارضة قد يكون "جزئيا، وفي مناطق جغرافية محددة، وفق التجربة العراقية التركية فيما يتعلق بحزب العمال الكردستاني التركي، فضلا عن قيام العراق بنقل تلك الجماعات إلى مناطق أخرى وبجرد أسلحتها وإصدار أحكام مشددة حول استخدام السلاح".

ويقول أبو رغيف للجزيرة نت، إن عملية تنظيم تلك الجماعات ستكون أكثر أهمية من نزع أسلحتها، "وقد تكون هناك ردود فعل عنيفة من الجانب الإيراني في حال عدم تنفيذ الاتفاق من قِبَل تلك الجماعات خاصة حزبي "كوملة" و"الحياة الحرة الكردستاني المعارض". واعتبر أن الاتفاق "سيمر بطريقة سلسة لكن ليس بهدوء".

بدوره، يبين الكاتب والمحلل السياسي الكردي سامان نوح، أن الاتفاق الأمني تضمن تفكيك معسكرات المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان ونزع سلاح مقاتليها، وإبعاد مراكز تجمع تلك المعارضة عن الحدود مع إيران، وتسليمها المطلوبين، مقابل إيقاف طهران عملياتها العسكرية داخل الإقليم.

ويضيف نوح للجزيرة نت، أنه تم تنفيذ النقطة الأولى بتفكيك المعسكرات، ونزع بعض أسلحتها وإبعاد عناصرها المقاتلة عن الحدود، فيما ما تزال النقطة المتعلقة بإنشاء مخيمات جديدة لهم في مناطق بعيدة عن الحدود وربما حتى خارج الإقليم، محل نقاش.

قوات كردية إيرانية تغير مواقعها بعد قصف إيراني سابق (غيتي) تسوية محددة

ويرى المحلل السياسي إمكانية للوصول إلى "تسوية محددة بشأن توزيع اللاجئين"، معتبرا أن النقطة الأصعب هي ما يرتبط بتسليم المطلوبين، "فهؤلاء لاجئون في العراق وفق القوانين، ومن المستحيل تسليمهم لإيران، خاصة أنهم سيواجهون حينها أحكاما بالإعدام كونهم معارضين مسلحين".

ويرى أن كل تلك الضغوط "إعلامية ترويجية ليُقال إن النظام حقق انتصارا في هذا الملف، وسط ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وفي ظل خطر تجدد التظاهرات الشعبية".

وبحسب المحلل السياسي، فتوجد "حقيقة يحاول الكل إخفاءها وهي أن قوى المعارضة تلك لم تقم طوال أكثر من عقدين بأي عمليات داخل إيران، ولم يشكل مقاتلوها تهديدا بالتسلل عبر الحدود وشن هجمات، وأن أعدادهم قليلة وتسليحهم في غالبه خفيف، وبالتالي لا تأثير ولا تهديد عسكريا لهم في الداخل الإيراني".

ويؤكد أن الحزب الوحيد الذي يقاتل إيران ويشن أحيانا عمليات داخلها "هو حزب الحياة الحرة (بيجاك) الموالي لحزب العمال الكردستاني، وهؤلاء يوجدون في مناطق لا تخضع لسلطة إقليم كردستان، وبالتالي لا يشملهم الاتفاق سواء فيما يتعلق بتسليم الأسلحة أو الإبعاد عن الحدود لمناطق أخرى".

يُذكر أن الأحزاب الإيرانية المعارضة الموجودة في كردستان العراق والتي تتهمها طهران بتنفيذ عمليات مسلحة داخل أراضيها، تنتمي إلى مناطق كردستان إيران مثل محافظة كردستان، وكرمانشاه ومحافظة إيلام.

وهاجر المعارضون الكرد الإيرانيون إلى العراق لتشكيل معارضة على الحدود بين البلدين، وهم على الرغم من انتمائهم إلى قومية واحدة، يمتلكون خلفيات سياسية متعددة، وكثير من تلك الأحزاب يحمل أفكارا يسارية.

ومن أبرز تلك الأحزاب، الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) والحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وجماعة الدعوة والإصلاح، وحزب الحرية الكردستاني (باك)، فضلا عن حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك)، وحزبي "خبات" و"كوملة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإیرانیة المعارضة الحدود مع إیران کردستان العراق إقلیم کردستان بین البلدین للجزیرة نت عن الحدود نزع سلاح

إقرأ أيضاً:

أبرزها نشاط الإغتيالات.. قراءة للتصريحات النارية لمرشحة السفارة الامريكية في العراق-عاجل

بغداد اليوم- بغداد

قدم المحلل السياسي عدنان التميمي، اليوم الثلاثاء، (18 حزيران 2024)، قراءة حول تصريحات المرشحة لمنصب السفيرة الامريكية الجديدة لدى العراق.

وقال التميمي لـ "بغداد اليوم"، ان "تصريحات السفيرة الامريكية الجديدة في بغداد (تريسي جاكوبسون) تعكس رؤية حكومة الرئيس بايدن في العراق وهي تحمل دلالات مفهوم صقور البيت الأبيض الذي يذهب الى التطرف في علاقاته الخارجية بكل الوسائل لتحقيق أجندته" حسب قوله.

وأضاف، ان "تصريحات جاكوبسون رغم انها تعكس تدخلا واضحا في الشؤون الداخلية للدولة العراقية لكنها تحمل 4 رسائل مهمة تتعلق بالشأن الاقتصادي ومصير قوات بلادها  ونظرتها للعلاقات العراقية – الايرانية، لكن الأخطر هي التصدي للفصائل المسلحة وهي ايذان بأن المرحلة القادمة لن تخلو من الاغتيالات وهذا الأمر قد يقود الى توترات تكسر حالة الهدوء المستمرة منذ أشهر في العراق".

وأشار التميمي الى، ان "امريكا وبقدراتها العالية لكنها فشلت في احباط عشرات الهجمات التي استهدفت قواعدها في الأنبار وأربيل رغم انها اغتالت بعض قيادات الفصائل لكن واشنطن تعرف ان فتح جبهة معها له ثمن باهض".

وتابع، ان "السفيرة الامريكية القادمة ستكون وفق ما صرحت به من مواقف واجندة بانها أشبه بمن يضرم النيران وقد لا تمتلك أدوات اطفائها" لافتا الى ان" التصعيد خطير ولكن في كل الأحوال الكرة في ملعب الحكومة في رسم خطوط ثابتة في التعامل مع السفيرة الجديدة وفق مواقف لاتخدم سياستها التي اهم مبادئها رفض التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد".

وكانت "تريسي جاكوبسون"، مرشحة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمنصب سفيرة الولايات المتحدة في العراق، قدمت قبل أيام كلمتها الافتتاحية أمام لجنة مجلس الشيوخ للعلاقات الخارجية، وأشارت خلالها إلى أن وجود التنمية الاقتصادية، وحكومة قادرة على تقديم الخدمات لشعبها، يقلل من جذب الإرهاب ويقلل أيضاً من نفوذ الميليشيات المتحالفة مع إيران والتي تشكل خطراً كبيراً على مستقبل البلاد" حسب قوله.

وقالت إن "إيران ممثل خبيث في ‎العراق ومزعزع لاستقرار المنطقة وندرك أن التهديد الرئيس للعراق هو الميليشيات المتحالفة مع إيران".

كما أكدت جاكوبسون أنها ستستمر بدعم اجراءات الخزانة لتحديث النظام المصرفي العراقي"، وشددت أنها لن "تسمح لايران باستخدام " الغاز" المورد لتشغيل المحطات كسلاح ضد العراق.

من جهة أخرى، حذرت جاكوبسون من "نوايا إيران الشريرة ودورها المستمر في تعكير الأوضاع الأمنية في المنطقة"، مؤكدة أن "الميليشيات المدعومة من إيران تشكل خطرًا كبيرًا على استقرار العراق، وأنها ستعمل بكل الوسائل السياسية المتاحة للتصدي لهذا التهديد وتحجيم النفوذ الإيراني" حسب تعبيرها.

وفي أول رد رسمي عراقي، اعتبر المستشار الأمني لرئيس مجلس العراقي محمد شياع السوداني، الأحد الماضي حديث السفيرة المرشحة لتمثيل واشنطن لدى بغداد بأنه "لا يتناسب ومهامها الدبلوماسية".

وقال المستشار خالد اليعقوبي في تغريدة "استمعنا لحديث المرشحة لموقع سفيرة الولايات المتحدة في العراق وما فيها من عدم فهم واضح للعراق الجديد المتعافي وتدخلا في شؤونه الداخلية والإساءة إلى جيرانه".

واضاف اليعقوبي؛ أن "على المرشحة أن تعي حقيقة واضحة أن جملة مما تحدثت به لا يتناسب ومهام عملها الجديد وان مهمتها المرتقبة محددة بالاتفاقات والمعاهدات الدولية الواضحة".

مقالات مشابهة

  • خطوة غير حكيمة... طهران تدين إدراج كندا الحرس الثوري على قائمة الإرهاب
  • طهران تدين إدراج كندا الحرس الثوري على قائمة الإرهاب
  • طهران: قرار كندا تصنيف الحرس الثوري “منظمة إرهابية” خطوة عدائية
  • طهران: إيران تنفذ جميع التزاماتها في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية
  • أبرزها نشاط الإغتيالات.. قراءة للتصريحات النارية لمرشحة السفارة الامريكية في العراق
  • أبرزها نشاط الإغتيالات.. قراءة للتصريحات النارية لمرشحة السفارة الامريكية في العراق-عاجل
  • 15 وفاة و20 مفقودًا من الاقليم.. لماذا تتركز خسائر حجاج العراق بمناطق كردستان؟
  • صحيفة اسرائيلية تصف وضع انصار الله الاوفياء بقائمة الارهاب بـالأمر المهم.. لماذا؟
  • الديمقراطي ينأى بنفسه عن التوغل التركي في كردستان: بغداد مسؤولة عن حفظ الأمن والسيادة
  • الديمقراطي ينأى بنفسه عن التوغل التركي في كردستان: بغداد مسؤولة عن حفظ الأمن والسيادة - عاجل