الخيال هو ذلك الحصان الأبيض الجامح الذى يحلق بأجنحة نورانية إلى سماوات فضية فسيحة تزخر بمفاتيح المعرفة وكنوز الإبداع، تتناثر حباتها كاللؤلؤ المكنون كل ما تحتاجه لتكون من أهل الحظوة أن تغمض عينيك ثم تفتح نوافذ ادراكك على مصراعيها حتى تستحضر قلبك ويتسلل النور إلى باطنك فتبصر ما لا يبصرون، لتبدأ خطوات تلك الرحلة الشيقة، لذلك يجب ربط الأحزمة، فهل أنت جاهز للإقلاع؟
تخيل أن روضة الرسول الكريم شرفت ونورت أرض الكنانة، فكيف بالله سيكون حال أهلها وهم المغرمون فى حالة البعد، وهم الذين يتحرقون شوقًا ويذوبون عشقًا فى زيارة الجانب الأعظم، فهل تعتقد أنهم سيتركون متسعًا لغيرهم فى حقهم المعلوم أم انهم لن يبرحوا المقام حتى يقضى الله أمراً كان مفعولًا؟
هذه العلاقة العجيبة فى حب النبى الأكمل بين المصريين جيلًا وراء جيل آية ربانية فى إخلاص المحبة الصافية من كدر الدنيا، تستدعى التأمل وتطرح سؤالًا جوهريًا كيف بدأت شرارة ذلك العشق السرمدى.
أعتقد أنها بدأت عندما اختلطت جينات الدم المصرى بأصل شجرة النبوة، فقد اختار الخليل ابراهيم أميرة مصرية هى أمنا هاجر التى أنجبت له إسماعيل جد سيد الخلق، إذن المصريون أخوال سيدنا وايضا أخوال آل البيت بعدما أنجب من ماريا المصرية ابنه إبراهيم وللاسم دلالة لا تخطئها العين، فلا عجب أن يقول المصطفى (سيفتح الله عليكم مصر وهى بلد يذكر فيها القيراط فإذا فتح الله عليكم مصر استوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم نسبا وصهرا) وفى رواية (استوصوا بقبط مصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما).
إذن كانت مصر فى فؤاد النبى قبل ان تفتح عمليًا لحكمة ربانية لا يعلمها الا الخبير، فعندما ضاقت الأرض بما رحبت على ال البيت بعد فجيعة كربلاء أوصى ابن عباس السيدة زينب بالذهاب الى مصر، فإن فيها قومًا يحبونكم لله ولقرابتكم لرسول الله فخرج لها أهل مصر عن بكرة أبيهم وحملوها على الهودج من بلبيس الى فم الخليج وأوسعوا لها فى الكرامة، فالمحروسة تحتضن أربعين من مراقد آل البيت بين جنباتها.
نعم تتعلق أرواحنا بنور السراج المنير الذى أضاء ظلمات الأكوان، وينعكس ذلك على تفاصيل حياتنا اليومية المرتبطة بدوام الصلاة والسلام على الرحمة المهداة فى البيع والشراء والأفراح وحتى فى الصلح بين المتخاصمين، فمن يحتفل بمولده الشريف مثلنا فنحن نقيم السرادقات التى يتفنن فى خُلقه ووصفه الشعراء والمداحون، ونصنع له صنوف الحلوى من كل لون بل ونفطم أطفالنا على حبه ونهديهم بالعروسة والحصان ولا نكترث بآراء المتنطعين التى تجافى الذوق والأدب.
لا شك أن الخصوصية المصرية عصية على التغيير مهما تبدلت مذاهب حكامنا، البعض إلا من رحم ربى يحب النبى حب الشريعة، أما نحن معشر المصريين فنحبه حب الحقيقة قبل أن تظهر المتصوفة بثلاثة قرون، فأنوار النبوة من نوره برزت وأنوارهم من نوره ظهرت وليس فى الأنوار نور أنور وأظهر وأقدم فى القدم سوى نور صاحب الكرم، همته سبقت الهمم ووجوده سبق العدم، واسمه سبق القلم لأنه كان قبل الأمم والشيم هو سيد أهل البرية الذى اسمه أحمد ونعته أوحد وأمره أوكد وذاته أجود وصفاته أمجد وهمته أفرد.
أجدنى أردد أبيات الشريف أحمد شوقى رضى الله عنه وأرضاه:
أبا الزهراء قد جاوزت قدري*بمدحك بيد أن لى انتسابا
مدحتُ المالكين فزدتُ قدرا * وحين مدحتك اقتدت السحابا
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرسول الكريم
إقرأ أيضاً:
أمل عمار: برامج الحماية الاجتماعية تلعب دورا فى الحد من العنف والتمييز ضد المرأة
شاركت المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة ، في جلسة "الحماية الاجتماعية سبيلا إلى الحد من عدم المساواة" وذلك ضمن مشاركتها فى المنتدى العربي من أجل المساواة ،الذى يعقد بالشراكة بين وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) التابعة لهيئة الأمم المتحدة، ويستمر على مدار يومي ٢٤ و٢٥ يونيو الجاري.
واستعرضت المستشارة أمل عمار في مداخلتها ضمن الجلسة، الدور الذى تلعبه برامج الحماية الاجتماعية فى تسريع وتيرة التمكين فى مصر ، موضحة أنها لا تقتصر على تقديم الدعم النقدي بل تمثل أداة استراتيجية لتمكين المرأة وتسريع اندماجها فى التنمية، والتى تتضمن تحقيق التمكين الاقتصادى من خلال دعم النساء الريفيات والمطلقات و المعيلات بمنح أو قروض أو تدريب مهني، مما يساعد على كسر دائرة الاعتماد الاقتصادي، ورفع مستويات التعليم والصحة عبر البرامج المشروطة مثل "تكافل وكرامة" والتى تُشترط على الأسرة الالتزام بتعليم الأبناء والفحص الطبى، مما يعزز من فرص الجيل القادم من الفتيات فى الحصول على تعليم وصحة افضل، بالإضافة إلى تعزيز المشاركة المجتمعية والسياسية فالمرأة التي تشعر بالامان الاقتصادي والاجتماعي تكون اكثر قدرة على الانخراط فى العمل العام والمطالبة بحقوقها واتخاذ قرارات داخل اسرتها ومجتمعها.
وأضافت المستشارة أمل عمار أن برامج الحماية الاجتماعية تلعب دورا فى الحد من العنف والتمييز ضد المرأة عبر توفير مراكز استضافة للسيدات اللاتى تتعرض للعنف ، علاوة على تقديم الدعم النفسي والقانوني ، كما أن التمكين الاقتصادي يساعد المرأة على الخروج من دائرة الاساءة وبناء حياة مستقلة.
وأكدت رئيسة المجلس فى مداخلتها علي الدور المحوري الذى يقوم به المجلس باعتباره الآلية الوطنية المعنية بتمكين المرأة فى مصر ،حيث يعمل كمحرك للملفات التي تساهم في دعم وتمكين المرأة اجتماعيا، سياسيا ، اقتصاديا ، قانونيا ، وتطرقت إلي الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية ٢٠٣٠، التى أعدها المجلس واقرها رئيس الجمهورية، وعرضت محاورها ، وأشارت الى عام ٢٠١٧ الذى أقره رئيس الجمهورية عاما للمرأةالمصرية.
كما أشارت المستشارة أمل عمار إلى آلية عمل مشروع مجموعات الإدخار والإقراض الرقمي "تحويشة" الذى يهدف الى تحقيق الشمول المالي للمرأة الريفية من خلال دمجها فى النظام المصرفي مع نشر الثقافة المالية الرقمية، ويساهم فى تمكين المرأة اقتصاديا من خلال تشجيعها على الادخار وتوفير فرص تمويلية صغيرة داخل المجموعة وتعزيز ثقافة انشاء المشروعات المتناهية الصغر وبناء الثقة لدى السيدات وتعزيز قدراتهن على إدارة الأموال، وتكون آلية التنفيذ عبر استخدام التطبيق كبديل رقمي لصناديق الادخار التقليدية .